حال المؤمن مع الذنوب


إن من قارف المعاصي ولازمها تولد في قلبه الاستئناس بها وقبولها، ولا يزال كذلك حتى يذهب عنه استقباحها، ثم يبدأ بالمجاهرة بها وإعلانها وغالب هؤلاء لا يعافون، فعن أبي هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم (كل أمتي معافى إلا المجاهرون، وإن من المجاهرة أن يعمل العبد بالليل عملاً ثم يصبح قد ستره ربه، فيقول: يا فلان، قد عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، فيصبح يكشف ستر الله عليه)) رواه مسلم.

وقد كان السلف الصالح يتعاملون مع المعصية بحذر شديد، فعن عبد الله بن مسعود قال: إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه فقال به هكذا – أي بيده – فذبه عنه.

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (إنكم تعملون أعمالاً هي أدق في أعينكم من الشعر،وإن كنا لنعدها على زمن رسول الله من الموبقات. فكانوا يعلمون علم اليقين شؤم المعصية على القلب والبدن..

لذلك كان الواحد منهم إذا نزل بهم بلاء أو شكوى رجع إلي نفسه وعاد باللائمة عليها، وقال لابد أني قد أذنبت ذنبا، ولابد أني قصرت في حق الله تعالى، انتهكت حرمة من حرمات الله تعالى فسرعان ما يرجع إلي ربه، ويقرع باب التوبة مستغفرا يقول ما قاله أبونا آدم وأمنا حواء حينما أخرجا من الجنة قالي تعالى: ﴿ قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) فاتقوا الله عباد الله واحذروا المعاصي صغيرها وكبيرها، وعليكم بملازمة الاستغفار والتوبة ففي صحيح مسلم (عَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: « إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا ».وتذكروا أن الموت يهجم فجأة واليوم عمل بلا حساب وغدًا حساب بل عمل .

فإذا دفعتك نفسك للذنوب فتذكر دائما أن ‏ﷲ يراك ويعلم بحالك ويراقب تحركاتك ونظراتك وسمعك وقلبك قال سبحانه﴿ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ ﴾

فالله أسأل أن يجعلنا ممن إذا خافه أطاعه ووحده وابتعد عن معاصيه واجتنب الإشراك به وموالات أعدائه وبالله التوفيق


شارك المحتوى: