الآثار المروية عن السلف الصالح في تقصد او استحسان العمرة في شهر رجب


الآثارُ المَروِيَّةُ عن السَّلف الصَّالح في تقصُّد أو استحسان العُمرةِ في شَهرِ رجَب

الحمد لله الكريم المنَّان، والصلاة والسلام على عبده ورسوله المصطفى مِن بني عدنان، وعلى آله وأصحابه والتابعين، ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدِّين.

أمَّا بعد، أيَّها القارئ الحَصِيف ـ سدَّدك الله وزادك فقهًا بدينه وشرعه ـ:

فهذا جزء صغير المَحْمل، عزيز المَخْبر، نفيس المضمون، تحمِل سُطور ورقاته جُملة مِن الآثار الطيِّبة الثابتة عن السَّلف الصالح ـ رضي الله عنهم ورحمهم ـ مِن الصحابة النَّبلاء، والتابعين الأجِلَّاء، حول:

” تَقَصُّد العُمرة والاعتمار في شهر رجب “.

وجَلَّلتُه أيضًا بكلام بعض أهل العلم والفقه حول ذلك، لِيَزدان أكثر.

وأسأل الله ـ جلَّ وعلا ـ أنْ يكون زيادة عِلم وفِقه للكاتب والقارئ والناشر، إنه سميع مجيب.

وسوف يكون الكلام عن هذا الموضوع في وقفات ثلاث، تيسيرًا للتَّفقُه، وتمكينًا للحفظ، وتوسيعًا للفهم.

فأقول مستعينًا بالله الكريم ربِّي وربِّكم:

الوقفة الأولى / عن الآثار المَروِيَّة عن الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ في العُمرة في شهر رجب.

ومِن هذه الآثار:

أولًا: أثَر عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان ــ رضي الله عنهما ــ.

إذ قال ابن أبي شيبة ــ رحمه الله ــ في “مصنفه” (13334 – تحت باب: “في عُمرة رجب، مَن كان يُحبُّها ويعتمِرُها”):

حدثنا يزيد بن هارون، عن حماد بن سلمة، عن هشام بن عُروة، عن أبيه، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، عن أبيه، قال:

(( اعْتَمَرْتُ مَعَ عُمَرَ وَعُثْمَانَ فِي رَجَبٍ )).

وإسناده صحيح.

وقال أيضًا (13331):

حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، عن حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن عروة، قال: سمعت يحيى بن عبد الرحمن يحدث عن أبيه:

(( أَنَّهُ اعْتَمَرَ مَعَ عُثْمَانَ فِي رَجَبٍ )).

وإسناده صحيح.

وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي البغدادي ــ رحمه الله ــ في كتابه  “لطائف المعارف” (ص:176-177):

واسْتَحَبَّ الاعتمار في رجب عمر بن الخطاب، وغيره.اهـ

ثانيًا: أثَر عبد الله بن عمر بن الخطاب ــ رضي الله عنهما ــ.

إذ قال أبو محمد الحسن بن محمد بن الحسن الخلال ــ رحمه الله ــ في جزء له بعنوان “فضائل شهر رجب” (9):

حدثنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القَطِيعي، ثنا إبراهيم بن عبد الله بن مُسلم، ثنا عبد الرحمن بن حماد، ثنا كَهْمَس بن الحسن، عن سالم بن عبد الله بن عمر، قال:

(( كَانَ ابْنُ عُمَر يُعْجِبُهُ أَنْ يَعْتَمِرَ فِي رَجَبٍ، شَهْرٍ حَرَامٍ بَيْنَ ظَهْرَانَيِ السَّنَةِ )).

وإسناده حسن أو صحيح.

وقال عبد الله بن وهب ــ رحمه الله ــ في “جامعه” (148):

أخبرني عبد الله بن عمر وأسامة بن زيد، عن نافع، عن عبد الله بن عمر ــ رضي الله عنهما ــ:

(( كَانَ يَعْتَمِرُ فِي رَجَبٍ وَيَهْدِي ))، قال نافع: «وَلَيْسَ الْهَدْيُ بِوَاجِبٍ، إِنَّمَا كَانَ مِنْهُ تَطَوُّعًا».اهـ

وهذا أثر حسن.

عبد الله بن عمر وأسامة بن زيد فيهما ضعف يسير، لكن يُقوِّي أحدهما الآخر، فيثبت الأثر.

وقال ابن سعد ــ رحمه الله ــ في كتابه “الطبقات الكبرى” (4/ 122 أو 162):

أخبرنا خالد بن مَخلد، قال: حدثنا عبد الله بن عمر، عن نافع، قال:

(( كَانَ ابْنُ عُمَرَ لا يَدَعُ عُمْرَةَ رَجَبَ )).

وفي إسناده، عبد الله بن عمر، وفيه ضعف يسير، ولكن أثَره هذا يتقوى بما قبله.

وقال ابن أبي شيبة ــ رحمه الله ــ في “مصنفه” (13328 – تحت باب: “في عُمرة رجب، مَن كان يُحِبُّها ويعتمِرُها”):

حدثنا يحيى بن سعيد، عن عُبيد الله بن عمر، عن نافع عن ابن عمر ــ رضي الله عهما ــ:

(( أَنَّهُ اعْتَمَرَ الْقِتَالَ فِي شَوَّالٍ وَرَجَبٍ )).

ثالثًا: أثَر أمِّ المؤمنين عائشة ــ رضي الله عنها ــ.

إذ قال ابن أبي شيبة ــ رحمه الله ــ في “مصنفه” (13329):

حدثنا عَبدة بن سليمان، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المُسيِّب، قال:

(( كَانَتْ عَائِشَةُ تَعْتَمِرُ فِي آخِرِ ذِي الْحِجَّةِ، وَتَعْتَمِرُ مِنَ الْمَدِينَةِ فِي رَجَبٍ، تُهِلُّ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ )).

وإسناده صحيح.

وفي “جامع ابن وهب” (146) ــ رحمه الله ــ:

أخبرني يحيى بن أيوب وابن سَمعان، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المُسيِّب:

(( أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَعْتَمِرُ فِي آخِرِ ذِي الْحَجَّةِ مِنَ الْجُحْفَةِ، وَتَعْتَمِرُ فِي رَجَبٍ مِنَ الْمَدِينَةِ، وَتُهِلُّ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ )).

وإسناده حسن.

وأخرجه البيهقي ــ رحمه الله ــ في “سننه” (4/ 344) مِن طريق ابن وهب، عن يحيى بن أيوب وغيره، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، بنحوه.

وقال ابن وهب ــ رحمه الله ــ في “جامعه” (145):

أخبرني عبد الله بن عمر، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة:

(( أَنَّهَا كَانَتْ تَعْتَمِرُ فِي رَجَبٍ )).

وفي إسناده عبد الله بن عمر العُمري، وفيه ضعف يسير، لكن أثَره هذا يتقوى بما قبله.

الوقفة الثانية / عن الآثار المَروِيَّة عن التابعين ـ رحمهم الله ـ في العُمرة في شهر رجب.

ومِن هذه الآثار:

أولًا: أثَر الأسود بن يزيد ــ رحمه الله ــ.

إذ قال ابن أبي شيبة ــ رحمه الله ــ في ” مصنفه” (13330):

حدثنا أبو خالد، عن محمد بن سُوقَة، قال:

(( كَانَ الْأَسْوَدُ يَعْتَمِرُ فِي رَجَبٍ ثُمَّ يَرْجِعُ )).

وإسناده حسن.

ثانيًا: أثَر أصحاب عبد الله بن مسعود ــ رضي الله عنه ورحمهم ــ.

إذ قال ابن أبي شيبة ــ رحمه الله ــ في “مصنفه” (13332):

حدثنا يحيى بن آدم، عن يَعلى بن الحارث، قال: سمعنا أبا إسحاق، وسُئِل: عن عُمرة رمضان؟ فقال:

(( أَدْرَكْتُ أَصْحَابَ عَبْدِ اللَّهِ لَا يَعْدِلُونَ بِعُمْرَةِ رَجَبٍ، ثُمَّ يَسْتَقْبِلُونَ الْحَجَّ )).

وإسناده صحيح.

ثالثًا: أثَر القاسم بن محمد ــ رحمه الله ــ.

إذ قال ابن أبي شيبة ــ رحمه الله ــ في “مصنفه” (13333):

حدثنا أبو عامر العَقَدي، عن أفلَح، قال:

(( كَانَ الْقَاسِمُ يَعْتَمِرُ فِي رَجَبٍ )).

وإسناده حسن.

رابعًا: أثَر أيوب السِّخْتِياني ــ رحمه الله ــ.

إذ قال يعقوب الفسوي ـ رحمه الله ـ في “المعرفة والتاريخ” (2/ 304):

حدثنا سعيد بن أسَد، حدثنا ضَمْرة، عن ابن شَوذَب، قال:

(( كان أيوبٌ إذا سُئِلَ عن الشيِّء ليسَ عندَه فيه شيءٌ قال: سِلْ أهلَ العِلم )).

قال: وحدثنا ضَمْرة، عن ابن شَوذَب، قال:

(( كانَ أيوبٌ يَعتمِر في رجَبٍ ثم يرجعُ يحُجُّ مِن عامِ، قال: وكان يَعتمِرُ مِن الجعرانة )).

وإسناده حسن.

سعيد بن أسَد قال عنه ابن معين: “لا بأس به، فتى صِدق، صَدوق”، وذكره ابن حبان في كتابه “الثقات”.

خامسًا: أثَر محمد بن سِيرين عن السَّلف الصَّالح ــ رحمه الله ورحمهم ــ.

إذ قال الحافظ ابن رجب الحنبلي البغدادي ــ رحمه الله ــ في كتابه “لطائف المعارف” (ص:177):

واسْتَحَبَّ الاعتمار في رجب:

عمر بن الخطاب، وغيره، وكانت عائشة تفعله، وابن عمر أيضًا، ونَقَل ابن سيرين عن السَّلف:

(( أنَّهُم كانُوا يَفْعِلونَه )).اهـ

ولم أقِف على أثر ابن سِيرين هذا مُسندًا في ما بين يدي مِن مراجع.

فعسى الله أنْ يُيسِّر اطِّلاعِي عليه عن قريب، أو يُفيدني به طالب عِلم فاضل نَجيب.

الوقفة الثالثة / عن بعض كلام أهل العلم ـ رحمهم الله وغفر لهم ـ حول العمرة في شهر رجب.

ومِن كلامهم:

أولًا: جاءت الآثار السابقة عن السَّلف الصَّالح مِن الصحابة والتابعين ــ رضي الله عنهم ــ في “مصنف ابن أبي شيبة” ــ رحمه الله ــ تحت هذا التَّبوِيب:

” في عُمرة رجب، مَن كان يُحبُّها ويَعتمِرُها “.

وقد دَلَّ هذا التَّبوِيب مِن الإمام أبي بكر بن أبي شيبة ــ رحمه الله ــ على:

أنَّه فهِم وفقِه مِن هذه الآثار عن السَّلف الصَّالح استحبابهم أو محبَّتهم للعُمرة في شهر رجب.

ثانيًا: قال الحافظ ابن رجب الحنبلي البغدادي ــ رحمه الله ــ في كتابه “لطائف المعارف” (ص:176-177):

واسْتَحَبَّ الاعتمار في رجب:

عمر بن الخطاب، وغيره، وكانت عائشة تفعله، وابن عمر أيضًا، ونَقل ابن سيرين عن السَّلف:

(( أنَّهُم كانُوا يَفْعِلونَه )).اهـ

ثالثًا: قال الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز ــ رحمه الله ــ كما في “مجموع فتاويه” (11/ 489 أو 429) وفي “مجلَّة الدَّعوة” (العدد:1566ـ1417):

أمَّا العُمرة فلا بأس بها في رجب، لِما ثبت في “الصحيحين” عن ابن عمر ــ رضي الله عنهما ــ أن النبي صلى الله عليه وسلم:

(( اعْتَمَرَ فِي رَجَبٍ )).

وكان السَّلف يعتمِرون في رجب، كما ذكر ذلك الحافظ ابن رجب ــ رحمه الله ــ في كتابه “اللطائف” عن عمر، وابنه، وعائشة ــ رضي الله عنهم ــ، ونَقل عن ابن سيرين أنَّ السَّلف كانوا يفعلون ذلك.اهـ

وقال أيضًا كما في “فتاوى نور على الدرب” (17/ 167 ــ رقم:115) إجابة على سُؤال نصُّه:

“هل العمرة في شهر رجب لها مِيزة عن بقيَّة الشهور”؟:

[ كان السَّلف يفعلونها، ولا حرج فيها، وثبت عن عمر أنَّه كان يعتمر في رجب، وابن عمر، وذكر ابن سيرين أنَّ السَّلف كانوا يفعلونها، كما قال ابن رجب ــ رحمه الله ــ في كتابه “اللطائف”، وثبت عن ابن عمر أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر في رجب، ولكن المشهور عند أهل العلم أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم اعتمر في ذي القَعدة، كل عُمراته في ذي القَعدة، هذا المعروف عند أهل العلم، أنَّ عُمَرَ النبي صلى الله عليه وسلم في ذي القَعدة لا في رجب، لكن فعلها عمر ــ رضي الله عنه ــ وبعض الصحابة، وفعلها كثير مِن السَّلف، ولا بأس مِن ذلك.اهـ ]

وقال ـ رحمه الله ـ في شرحه على  كتاب “الجامع” مِن كتاب “بلوغ المرام مِن أدلة الأحكام” (الشريط الثاني ــ الوجه الثاني ــ السِّيدي رقم:7 ــ الدقيقة:16 ــ قبل حديث: (( إنِّي حرَّمت الظلم على نفسي )) مِن باب: “التَّرهِيب مِن مساوئ الأخلاق” حين جرَت بينه وبين بعض الحاضرين لدرسه هذه المناقشة:

[ السائل: أحسن الله إليكم يا شيخ هل ورد في السُّنَّة مِيزة للعُمرة في رجب؟.

الشيخ: ثبت مِن حديث ابن عمر أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر في رجب، كان السَّلف يعتمرون في رجب، لا بأس، ذكره ابن رجب في كتابه “اللطائف”.

سائل: هل يجوز قصدها يا شيخ للعمرة؟.

الشيخ: لا بأس.

سائل: اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم في رجب؟.

الشيخ: ثبت مِن حديث ابن عمر، وعائشة وجماعة خالفوا ابن عمر، وقالوا: ما اعتمر في رجب.

سائل: مَن يقول ببدعيتها؟.

الشيخ: لا؛ لا؛ مُو صحيح، حديث ابن عمر ثابت، ومعروف، ابن رجب ذكرها عن السَّلف، عن عمر، وغيره.اهـ

وفي كتاب “مسائل الإمام ابن باز” (1/ 133 – سؤال رقم:381- ــ لابن مانع):

سؤال: الاعتمار في رجب هل يُنكر على مَن فَعله قصدًا؟

الجواب: لا؛ فعمدتهم حديث ابن عمر.اهـ ]

رابعًا: قال الشيخ الفقيه عبد الله بن عبد العزيز ابن عقيل ـ رحمه الله ـ في “فتاويه” (2/ 456 ــ رقم:451):

وأمَّا الاعتمار في شهر رجب:

فكان السَّلف يعتمرون فيه، ويقولون: إنَّ العُمرة مُستَحبَّة في رجب، ومنهم: عمر، وابنه، وعائشة، وغيرهم.اهـ

خامسًا: قال الفقيه الحطَّاب الرُّعَيني المالكي ــ رحمه الله ــ في “مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل” (4/ 40):

وفي “مختصر الواضحة” ونقله ابن فرحون:

أفضل شهور العمرة رجب ورمضان، انتهى… وقد استمر عمل الناس اليوم على الإكثار منها في رجب وشعبان ورمضان وبعد أيام مِن آخِر الحَجَّة.اهـ

سادسًا: قال ابن عابدين الحنفي ــ رحمه الله ــ في “رد المحتار على الدُّر المختار شرح تنوير الأبصار” (3/ 477):

نَقل بعضهم عن المُلَّا علي في رسالته المسماة “الأدب في رجب”:

أنَّ كون العُمرة في رجب سُّنَّة بأنْ فعلَها ــ عليه الصلاة والسلام ــ أو أمَر بها لم يثبت، نعم؛ رُوي أنَّ ابن الزُّبير لمَّا فرَغ مِن تجديد بناء الكعبة قُبيل سبعة وعشرين مِن رجب نَحَر إبلًا وذبح قرابين وأمَر أهل مكة أنْ يعتمروا حينئذ شكرًا لله تعالى على ذلك، ولا شكَّ أنَّ فِعل الصحابة حُجَّة، وما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن، فهذا وجه تخصيص أهل مكة العُمرة بشهر رجب.اهـ مُلخَّصًا.انتهى.

وكلام الفقيه مُلَّا علي قارئ الحنفي ــ رحمه الله ــ موجود في كتابه “الأدب في رجب” (ص:49-52).

سابعًا: قال الفقيه ابن العطار الشافعي الدِّمشقي ــ رحمه الله ــ في كتابٍ له طُبِع بعنوان “حكم صوم رجب وشعبان” (ص:46):

ومِمَّا بلغني عن أهل مكة ـ زادها الله شرفًا ـ:

اعتياد كثرَة الاعتمار في رجب، وهذا مما لا أعلم له أصلًا.اهـ

قلت:

أمَّا كَثْرَة الاعتمار، وتَعدُّد العُمَر، فنَعم.

وأمَّا تقصُّد العمرة في شهر رجب، واستحسان فِعلها فيه، فأصله وسبب اشتهاره بين الناس في الأمصار منذ قرون طويلة هو ما تقدَّم مِن آثار ثابتة عن السَّلف الصَّالح مِن الصحابة والتابعين فمَن بعدهم.

وقد تقدَّم ذِكر بعض ما وقفْت عليه منها مُسنَدًا، ومُخَرَّجًا، ومحكُومًا على إسناده بذكر درجته مِن حُسْن أو صِحَّة، ولله الحمد، ومِنه الفضل.

وفي ختام هذا الجزء أقول:

قد قُمت منذ سِنين عديدة ببحث ودراسة ما يتعلق بتقصُّد العُمرة في شهر رجب، وعاودته في مرَّات متعدِّدة، وفترات مختلفة، ولا زِلت كذلك، فلم يَمُرّ بِي نَقلٌ عن أحد مِن السَّلف الصَّالح أو أئمة أهل السُّنَّة والحديث المشهورين مِن أهل القرون المُفضَّلة وما بعدها أو مُتَقدِّمِي الفقهاء يقول فيه عن هذا التَّقصُّد:

” إنِه بِدعة “.

وزِدت فذاكرت بعض إخواني مِن طلبة العلم، وطلبت مِن بعضهم التفتيش والبحث فلم نُفلح.

وإنْ وُجِد مَن يُعين ويُرشد إلى نَقل ثابت صريح في ذلك فيفيد به، فجزاه الله خيرًا كثيرًا في دنياه وأخراه، ورفع قدرَه وأعلاه، وشَكر له، وبارك في علمه.

وإنما وجدْت القول بالبدعية عن بعض أهل العلم المتأخرين مِن المعاصرين – رحم الله ميِّتهم، وأمتع ونفع بالحيِّ مِنهم -.

أعدَّه وجمَعه:

عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن الجنيد.


شارك المحتوى:
0