ثناء ابن تيمية على سلطان زمانه


(ثناء ابن تيمية على سلطان زمانه)
بسم الله الرحمن الرحيم
يردد بعض الحزبيين، والمميعة المتأثرون بالحزبيين أنه لا يصح الثناء على السلطان، وأن هذا خلاف طريقة أهل العلم وغير ذلك، حتى إن لأحد المعاصرين كلاما يردده كثير من هؤلاء ما بين حين وآخر أنه ليس من منهج السلف الثناء على السلطان، وما إن مرت الأيام حتى أُجري معه لقاء بعد سنين وأثنى ثناءً كبيرًا على سلطانه وحاكمه وولي أمره، -وهذا خير؛ فإن في الثناء على السلطان بحق مصالح كثيرة-.

وممن سلك هذه الطريقة شيخُ الإسلام ابن تيمية، وأشاد بمن فعلها، قال -رحمه الله تعالى-: “من أحمد بن تيمية ‌إلى ‌المولى السيِّد ‌السلطانِ الملكِ المؤيَّد، أيده الله بتكميل القوتينِ النظريةِ والعلميةِ … “.

إلى أن قال: “والسلطانُ -أيَّدَه الله وسَدَّدَه- هو مِن أحقِّ مَن تَجبُ معاونتُه على مصالح الدنيا والآخرة، لِمَا جَمَعَ الله فيه من الفضائلَ والمناقب.
وكان من أسباب هذه التحية أنَّ فلانًا قَدِمَ، ولكثرةِ شكرِه للسلطانِ وثنائِه عليه ودُعاَئِه له حتى في الأسحارِ وغيرِها يُكثِرُ المفاوضةَ في محاسنِ السلطان، ويُجَدِّدُ بحضورِه للسلطانِ من الثناءِ والدعاءِ ما هو مِن بُشْرَى المؤمن، كما قالوا: يا رسول الله! الرجلُ يَعملُ العملَ لنفسِه فيَحْمَدُه الناسُ عليه، فقال: “تلكَ عَاجِلُ بُشْرَى المؤمنِ”.

فالسلطانُ جَعلَ اللهُ فيه مِن الاشتمالِ على أهلِ الاستحقاقِ ما يَأجُرُه الله عليه. وفلانٌ هذا من خِيارِ الناس وأصدقِهم وأنفعِهم، ومن بيت معروف، وقد جعلَ الله فيه من المحبَّةِ والثناء على السلطان ما هو من نِعَم الله عليه، وهو من أهل الخيرِ والدين معروف، فجَمعَ الله بسببه للسلطان قلوبًا تُحِب السلطانَ وتَدعُو له. واللهُ تعالَى يَجمع له خير الدنيا والآخرة “.

انتهى من: جامع المسائل (5 / 283، 292).

فتأمل كيف أن ابن تيمية أشاد بهذا الرجل وذكر من محاسنه ما يجمع قلوب الناس على السلطان، إلى غير ذلك مما تقدم ذكره.

فأين هذا من السروريين والمتميعين المتأثرين بالسروريين؟ والمتقلبين في هذه المسائل بحسب مصالحهم، تارة يجعلون من يثني على السلطان غلاة في الطاعة أو منبطحين، وتارة يجعلونه حكمةً وعقلًا وغير ذلك، فصاروا يتلاعبون بالمعاني بحسب مصالحهم وأهوائهم.

كتبه/ د. عبد العزيز بن ريس الريس
1446هـ


شارك المحتوى:
1