يقول السائل: هل يجوز أن يقال: إن الإخوانيين يضحّون بأشياء غالية وأرواح بشرية كثيرة، بل حتى يعرِّضوا أنفسهم على السجون، وغير ذلك من مخاطر لأجل حُبِّ الرئاسة، والحصول على الكرسي من حيث الحكم العام، يُمتهن الرجل بعينيه، فهل هذا يعد طعنًا في النيات؟


يقول السائل: هل يجوز أن يقال: إن الإخوانيين يضحّون بأشياء غالية وأرواح بشرية كثيرة، بل حتى يعرِّضوا أنفسهم على السجون، وغير ذلك من مخاطر لأجل حُبِّ الرئاسة، والحصول على الكرسي من حيث الحكم العام، يُمتهن الرجل بعينيه، فهل هذا يعد طعنًا في النيات؟

 

يقال إجابةً على هذا السؤال: إن الإخوان المسلمين أخطئوا أخطاء كبيرة، ومن أخطائهم الكبيرة أنهم ظنوا أن الإصلاح يكون من جهة تغيير القِمَم، فصار شغلهم الشاغل مناطحة الحكومات، وإيغار صدور الناس عليهم لأجل إسقاطهم؛ لأنهم يظنون أنهم إذا تولوا الحكم استطاعوا أن يُصْلِحوا الناس، وهذا واضح في كلامهم وتطبيقاتهم حتى مما اعترف به التلمساني عند الكلام على حسن البنا، أنه كان يخطِّط لإسقاط الملك فاروق، مع أن حسن البنا كان يثني عليه الملك فاروق أمامه، ويمجّده، وكتب مقالات في ذلك.

فهم قائمون على هذا الأصل، وهو أن الإصلاح يكون بتغيير القمم والرؤوس والحكّام، ولأجل هذا تساهلوا في كل وسيلة.

وعندهم أصل يمشون عليه، ويصرّحون به، أن الغاية تبرّر الوسيلة؛ فلأجل الإصلاح المزعوم، ومحاولة الوصول إلى منصة الحكم، ارتكبوا موبقات كثيرة -عافاني الله وإياكم-، فلأجل ما زعموه وظنّوه إصلاحًا تحمّلوا المشاق في ذلك، وتسببوا في إيقاع أنفسهم في مشاقٍّ كثيرة، منها: أنهم سجنوا. …إلى غير ذلك، كل هذا لأجل الوصول للحكم.

ثم قول القائل: هل هذا يعد طعنًا في النيات؟

يقال: أولًا: أنهم صرحوا بهذا في مواضع كثيرة.

ثم ثانيًا: ينبغي أن نعلم قاعدة مهمة: “أن الظاهر دليل على الباطن”، والناس اليوم بالغوا في مسألة الطعن في النيات ما بين سلبٍ وإيجابٍ، بعضهم أغلق هذا الباب بالكلية، وبعضهم توسع فيه، وينبغي أن نكون وسطاً على ما دل عليه كتابُ الله، وسنةُ نبيه صلى الله عليه وسلم، وما مشى عليه سلفُ هذه الأمة، وهو أن الظاهر إذا دل على الباطن فإنه يحكم بالباطن بدلالة الظاهر، وهذه عقيدة مقررة، وقد أجمع عليها أهل السنة، وذكرها أهل السنة في كتب الاعتقاد كالآجري وغيره من أئمة السنة، وقرّر هذا كثيرًا شيخ الإسلام ابن تيمية، وقد فعل هذا السلف عمليًا فيما نحن بصدده.

فقد روى عبد الله في كتاب “السنة” عن حماد بن زيد أنه لما ذكر قول الجهمية في قولهم أن القرآن كلام الله غير مخلوق… إلى آخره، قال: ((يريدون أن يقولوا: إنه ليس في السماء شيء)).

إذن حاكمهم بلازم قولهم، ولا يُعدُّ هذا طعنًا في النيات كما يظن بعض العاطفيين والحماسيين، فينبغي أن يُفَصَّل في هذا، وألا يفتح هذا الباب ولا يغلق، وإنما يحكم على الباطن إذا ثبت أن الظاهر دالٌ عليه؛ لأن الظاهر دليلٌ على الباطن، ولأن الظاهر والباطن متلازمان.

أسأل الله أن يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى، جزاكم الله خيرًا.

dsadsdsdsdsads

شارك المحتوى: