وقفة مختصرة مع تفسير الدكتور العريفي لحديث: “تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك”


وقفة مختصرة مع تفسير الدكتور العريفي لحديث: “تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك”

بسم الله الرحمن الرحيم

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد:

فقد تحدث العريفي في برنامج بإحدى القنوات الفضائية عن حديث حذيفة[تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك]، وادعى بما انقدح في ذهنه وقت عرض السؤال أن المقصود بذلك الحالات الفردية، وقد رد عليه وخطّأه سماحة المفتي: http://m.youtube.com/watch?v=1Hi-HaRP2QI

والعلامة صالح الفوزان، بل وصفه بأنه صاحب هوى: http://m.youtube.com/watch?v=zgQt8cdfEU4

ثم إن العريفي زار العلامة الفوزان، ونشرت صحيفة تواصل ما نصه: [علمت (تواصل) من مصادرها، أن فضيلة الشيخ محمد العريفي قام بزيارة فضيلة الشيخ العلامة صالح الفوزان، لتوضيح رأيه حول تفسيره لحديث نبوي، وما استند إليه في شرحه، وذلك بعد أن تناقلت مواقع إليكترونية كلمة للشيخ العلامة الفوزان يصف فيها الشيخ العريفي بأنه صاحب هوى في تفسيره للحديث النبوي:(اسمع وأطع وإن ضرب ظهرك). وأكدت المصادر أن الشيخ العريفي برر زيارته بأنها لدرء الفتنة والوقيعة بين أهل العلم، مؤكدا أنه ذهب بنفسه إلى العلامة الفوزان ليبين له أنه كان مستندا في تفسير الحديث إلى شرح الإمام النووي، ولم يكن من هواه. وأوضح العلامة الفوزان أنه ما قصد وصف الشيخ العريفي بأنه صاحب هوى على العموم، بل كان الوصف متعلقا بتفسيره لهذا الحديث فقط، مبينا له بعض المسائل العلمية في شرح هذا الحديث الشريف، كما شكر العلامة الفوزان للشيخ العريفي مبادرته ودعا له].

وذكر الشيخ العلامة الفوزان أن العريفي تراجع لما بين له الشيخ خطأه، فدونكه مسجلاً بصوت الشيخ حفظه الله

https://t.co/jxdrnwL0

ولي مع هذا الخبر بملابساته وقفات عدة وهي كما يأتي باختصار:

أولاً: هذا الحديث أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، ومعناه ثابت في صحاح الأحاديث والآثار، وما كان هذا بابه فالأئمة لا يشددون فيه، وفي الصحيحين لذلك أمثلة، وقد ثبت عن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب مثله كما أخرجه الآجري في الشريعة وغيره، فليس في الحديث معنى جديد فيشدد فيه كما تقدم، فدندنة بعضهم حول ضعفه للتوصل إلى تضعيف دلالته باطل لا معنى له، ومتبنوه طلاب سراب لا حقيقة له، وأما البحث الإسنادي فأمره هين، ولا يُعرف أحد من الأئمة ممن صحح الزيادة أو ضعفها يخالف في دلالتها، فأربعوا على أنفسكم معشر المتعجلين.

وتوارد جماعة من أهل الأهواء على تضعيف هذه الزيادة وعلى رأسهم القرضاوي إنما هو لظنهم أن منهاجهم الحركي سيستقيم مع تضعيفها، وأنى لهم ذلك، ولكن إذا دخل في علمٍ ما من هو أجنبي عنه أتى بالمصائب، ومن تكلم في غير فنه جاء بالعجائب.

ثانياً: برّر العريفي زيارته بأنها لدرء الفتنة والوقيعة بين أهل العلم، وهذا والله من العجب، فأي فتنة في بيان الحق، ورد الباطل وتحريف النصوص؟ وهل حراسة الشريعة من عادية أهل الهوى من الوقيعة بين أهل العلم؟

إن من يقرأ هذا الكلام يظن أن العلامة الفوزان رد على مقالة مكذوبة على العريفي أو أن من رد أساء فهمها، والكلام موجود بالصوت والصورة، وقد سمعه العلامة الفوزان بنفسه كما صرح به.

ثالثاً: ذكر العريفي أنه استند في تفريقه المحدَث إلى شرح النووي، والقارئ لهذا يظن أن العريفي فعلاً مسبوق إلى هذا التفريق الباطل الذي لم ينطق به أحد قبل العريفي في مجلسه ذاك، ولا أظن النووي يتصور أحداً يقول بهذا، فضلاً عن أن يتبناه.

وذلك أنه مع كونه خالياً من الدليل، بل الأدلة على خلافه، فهو أيضاً مناقض لأصول أهل السنة، فأين قرأ العريفي أو سمع أن ولي الأمر إن ضرب رعيته أو أخذ مالهم فلا سمع ولا طاعة؟

وأين ذهب حديث ابن مسعود وأسيد:[إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض]متفق عليه؟

وما أخرجه مسلم في صحيحه أن سلمة بن يزيد الجعفي سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا نبي الله أرأيت إن قامت علينا أمراء يسألونا حقهم ويمنعونا حقنا فما تأمرنا؟ فأعرض عنه ثم سأله فأعرض عنه ثم سأله في الثانية أو في الثالثة فجذبه الأشعث بن قيس، فقال رسول الله صلى الله عليه:(اسمعوا وأطيعوا، فإنما عليهم ما حملوا، وعليكم ما حملتم)؟

وأحاديث أخرى كثيرة جداً.

وهل تخفى سيرة الحجاج على أحد؟ وكان الصحابة يصلون خلفه، ويدينون بالسمع والطاعة له، مع أنه لم يأخذ المال ويضرب الظهر فحسب، بل أزهق الأرواح،

وفي الجامع للترمذي عن هشام بن حسان قال: [أحصوا ما قتل الحجاج صبرًا فبلغ مائة ألف وعشرين ألف قتيل].

ثم هذا التفريق غير منضبط، فلو ضرب الحاكم وأخذ مال واحد فيسمع له ويطاع، واثنين؟ وثلاثة؟ وعشرة؟ ومئة؟ وهكذا. وهل يكون هذا بالضرب وأخذ المال معاً؟ أو بأحدهما؟ ومن تسلط على رعيته سوى أفراد منهم، فهل لمن لم يصبه شيء من ذلك ألا يسمع له ويطيع؟ إن هذا لشيء عجيب، وتخليط غريب، في وقت مريب، والله المستعان.

رابعاً: العريفي أراد أن يبين للعلامة الفوزان أن تفسيره لم يكن من هواه، ومع ذلك أكد الفوزان بأنه صاحب هوى في تفسيره لهذا الحديث، فهل الفوزان لم يقنع بكلام النووي؟ أو لم يسمعه أصلاً في ذلك اللقاء؟ أو أن النووي شخص آخر غير الذي نعرفه؟؟

وقد قال النووي في شرح مسلم: [وفي حديث حذيفة هذا لزوم جماعة المسلمين وإمامهم ووجوب طاعته وإن فسق وعمل المعاصي من أخذ الأموال وغير ذلك فتجب طاعته في غير معصية]…

فإن قيل: إن ما نقلته الصحيفة ليس بصحيح، فيقال: لمَ لم يكذب ذلك العريفي وينفيه؟

مع أنه لو نفاه، لكان نقل العلامة الفوزان كافياً في حصول أصل اللقاء بغض النظر عن تفاصيله.

وبعد أن كتبت هذه الأحرف قرأت في صفحة الدكتور العريفي بموقع التويتر تغريدة قال فيها: [(..وإن جلد ظهرك وأخذ مالك) زيادة ضعيفة.. وعلى فرض صحتها معناها: إن تولى خليفة عادل وتسلط على شخص معين فليصبر درءاً للفتنة(قاله ابن حجر والنووي)]..

فلما قرأت هذه الدعاوى العريضة علمت أن الدكتور العريفي أتي إما من جهله، وإما من سيره على خطى دعاة الحركية الذين آلمتهم الصواعق المرسلة من أهل السنة السلفيين، وعلى رأسهم العلماء الأكابر كالشيخ العلامة صالح الفوزان، فراح يبحث أو يأمر من يبحث له، ليخرجه من تلك البلية التي وقع فيها، فقال ما قرأتم، وقد سبق الجواب عن هذه الزيادة التي يدندن أولئك المساكين حولها، ولو كان الحكم الذي دلت عليه يحتاج إلى بيان لفصلت الكلام حوله، لكنه من الظهور بمكان بحيث يجزم صغار طلبة العلم ممن قرأ مختصرات كتب الاعتقاد أن ما يدعيه أولئك باطل ظاهر البطلان.

ولربما كان حال بعض أولئك ما ذكره الإمام ابن القيم في الرسالة التبوكية حين قال: [فسبحان الله، كم من حزازة في نفوس كثير من الناس من كثير من النصوص وبودهم أن لو لم ترد؟ وكم من حرارة في أكبادهم منها؟ وكم من شجى في حلوقهم منها ومن موردها؟ ستبدو لهم تلك السرائر بالذي يسوء ويخزي يوم تبلى السرائر].

ثم قال العريفي ولبئس ما قال: “وعلى فرض صحتها معناها: إن تولى خليفة عادل وتسلط على شخص معين فليصبر درءاً للفتنة، قاله ابن حجر والنووي”.

سبحان الله: كيف يتجرأ العريفي على مثل هذه العبارات التي تنادي على صاحبها بالجهل بالنصوص ومنهج السلف؟ من أين أتى العريفي بتخصيص الخليفة العادل بالحكم؟ والنصوص الصحيحة الصريحة متواردة على أنه لا فرق بين العادل والظالم؟ والتقي والفاجر؟ (إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم فيه من الله برهان)، وأهل السنة على هذا متفقون، كما حكاه النووي وغيره.

ولا أدري هل غفل العريفي أو تغافل عما قاله النبي عليه الصلاة والسلام قبل هذه الجملة حين قال:[يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي ولا يستنون بسنتي، وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس]، فقال حذيفة: كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك؟ قال:[تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع]؟ لاحظ قوله عليه الصلاة والسلام: [لا يهتدون بهداي ولا يستنون بسنتي]. فمن أين له الصلاح وحاله كذلك؟ وأنى له العدل وهو يضرب الظهور ويأخذ الأموال؟

قال الإمام ابن تيمية في منهاج السنة: [وقد تقدم قوله صلى الله عليه وسلم لما ذكر أنهم لا يهتدون بهديه ولا يستنون بسنته، قال حذيفة: كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك؟ قال: تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع، فهذا أمر بالطاعة مع ظلم الأمير، وتقدم قوله صلى الله عليه وسلم: من ولي عليه وال فرآه يأتي شيئا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن يداً عن طاعة، وهذا نهي عن الخروج عن السلطان وإن عصى وتقدم حديث عبادة: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله، قال: إلا إن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان، وفي رواية: وأن نقول أو نقوم بالحق حيث ما كنا لا نخاف في الله لومة لائم، فهذا أمر بالطاعة مع استئثار ولي الأمر، وذلك ظلم منه، ونهى عن منازعة الأمر أهله وذلك نهي عن الخروج عليه؛ لأن أهله هم أولو الأمر الذين أمر بطاعتهم، وهم الذين لهم سلطان يأمرون به، وليس المراد من يستحق أن يولى ولا سلطان له، ولا المتولي العادل؛ لأنه قد ذكر أنهم يستأثرون، فدل على أنه نهى عن منازعة ولي الأمر وإن كان مستأثراً، وهذا باب واسع].

ويا سبحان الله، من الذي سبق العريفي إلى تقييده بالشخص المعين؟ ومن سلفه في ذلك؟ والإمام أحمد يقول:[إياك أن تتكلم في مسألة ليس لك فيها إمام].

أما نسبته للنووي وابن حجر فهو مطالب بإثباته من كتبهما، وهي متوفرة بين يديه فليفدنا بنقل عنهما أو عن أحدهما يؤيد فهمه، ولا أراه واجداً، وحينها فلا مناص من كونه كاذباً عليهما، فليتب إلى الله وليبين الحق قبل أن يتمنى فعل ذاك ولا يجد له سبيلاً.

وقد تقدم نقل كلام النووي، أما الحافظ ابن حجر فقد قال في فتح الباري: [وإلى ذلك الإشارة بقوله: الزم جماعة المسلمين وإمامهم يعني ولو جار ويوضح ذلك رواية أبي الأسود: ولو ضرب ظهرك وأخذ مالك، وكان مثل ذلك كثيرًا في إمارة الحجاج ونحوه].

ووالله وبالله وتالله لو قال ذلك النووي وابن حجر لما شك عارف بالسنة ومنهاج السلف بأن قولهما مجانب للصواب، فلو سلمنا وجوده عنهما لما شككنا في بطلانه؛ لمخالفته الظاهرة للأدلة وسبيل السابقين الأولين.

(وإنما المتبع في إثبات أحكام الله: كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وسبيل السابقين أو الأولين، لا يجوز إثبات حكم شرعي بدون هذه الأصول الثلاثة، نصاً واستنباطاً بحال) كما قال الإمام ابن تيمية في الاقتضاء.

وهنا أمر مهم يحسن التنبه له، وهو أني أحب أن أسأل من يتحمس لتضعيف الحديث: تصور أن هذه الزيادة غير موجودة، فسألك سائل عن حاكم متسلط على رعيته يضرب أبشارهم ويأخذ أموالهم، فهل يسمع له ويطاع في غير معصية الله؟؟ يا ترى هل سيجد العريفي أو غيره دليلاً أو نقلاً عن إمام معتبر من سلف الأمة يؤيد التفريق الذي أحدثه؟ بل لن يرى إلا النصوص المتكاثرة الصحاح في وجوب السمع والطاعة واعتقاد البيعة، وكذا في نصوص أئمة السنة وعقائدهم مهما جار الحاكم وظلم، ولعله لا يجد بغيته إلا في مدونات الخوارج، ودساتير المعتزلة، ومن لفّ لفّهم، أو تأثر بهم.

قال الإمام ابن تيمية في المنهاج: [وهو صلى الله عليه وسلم قد أخبر أنه بعد ذلك يقوم أئمة لا يهتدون بهديه، ولا يستنون بسنته، وبقيام رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان الإنس، وأمر مع هذا بالسمع والطاعة للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك، فتبين أن الإمام الذي يطاع هو من كان له سلطان سواء كان عادلاً أو ظالمًا].

وقال الشوكاني في نيل الأوطار: [قوله: وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع، فيه دليل على وجوب طاعة الأمراء وإن بلغوا في العسف والجور إلى ضرب الرعية وأخذ أموالهم، فيكون هذا مخصصًا لعموم قوله تعالى(من اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم)، وقوله(وجزاء سيئة سيئة مثلها]

وقال الإمام البربهاري في شرح السنة: [واعلم أن جور السلطان لا ينقص فريضة من فرائض الله التي افترضها على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم، جوره على نفسه وتطوعك وبرك معه تام إن شاء الله تعالى… فأمرنا أن ندعو لهم بالصلاح ولم نؤمر أن ندعو عليهم، وإن جاروا وظلموا؛ لأن جورهم وظلمهم على أنفسهم وصلاحهم لأنفسهم وللمسلمين]

وقال الطحاوي في عقيدته: [ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا، وإن جاروا ، ولا ندعو عليهم ، ولا ننزع يدا من طاعتهم ، ونرى طاعتهم من طاعة الله عز وجل فريضة ، ما لم يأمروا بمعصية ، وندعوا لهم بالصلاح والمعافاة]

وليعلم أن:[هذا الحديث من أبلغ الأحاديث التي جاءت في هذا الباب؛ إذ قد وصف النبي – صلى الله عليه وسلم – هؤلاء الأئمة بأنهم لا يهتدون بهديه، ولا يستنون بسنته، وذلك غاية الضلال والفساد، ونهاية الزيغ والعناد، فهم لا يهتدون بالهدي النبوي في أنفسهم، ولا في أهليهم، ولا في رعاياهم … ومع ذلك فقد أمر النبي – صلى الله عليه وسلم – بطاعتهم – في غير معصية الله – كما جاء مقيداً في حديث آخر – حتى لو بلغ الأمر إلى ضربك وأخذ مالك، فلا يحملنك ذلك على ترك طاعتهم وعدم سماع أوامرهم، فإن هذا الجرم عليهم وسيحاسبون ويجازون به يوم القيامة.

فإن قادك الهوى إلى مخالفة هذا الأمر الحكيم والشرع المستقيم، فلم تسمع ولم تطع لأميرك لحقك الإثم ووقعت في المحظور.

وهذا الأمر النبوي من تمام العدل الذي جاء به الإسلام، فإن هذا المضروب إن لم يسمع ويطع، وذاك المضروب إذا لم يسمع ويطع… أفضى ذلك إلى تعطيل المصالح الدينية والدنيوية، فيقع الظلم على جميع الرعية أو أكثرهم، وبذلك يرتفع العدل عن البلاد فتتحقق المفسدة وتلحق بالجميع.

بينما لو ظلم هذا فصبر واحتسب، وسأل الله الفرج، وسمع وأطاع لقامت المصالح ولم تتعطل، ولم يضع حقه عند الله – تعالى -، فربما عوضه خيراً منه وربما ادخره له في الآخرة. وهذا من محاسن الشريعة، فإنها لم ترتب السمع والطاعة على عدل الأئمة، ولو كان الأمر كذلك، لكانت الدنيا كلها هرجاً ومرجاً، فالحمد لله على لطفه بعباده]. “معاملة الحكام 93-94”.

وختاماً: فإني أدعو الدكتور محمد العريفي أن يتقي الله ويراجع نفسه في هذه المسألة وغيرها مما جانب فيه الصواب، فالعمر قصير، والموت قريب، وباب التوبة مفتوح، وليعلم أن من يصفق ويطبل له سيخونونه أحوج ما يكون إليهم، وليحذر الاغترار بالجماهير فإنهم لن يغنوا عنه من الله شيئاً، وقد نقلت جملة من آثار السلف في الباب في مقال مختصر بعنوان: الدكتور العريفي والمليون متابع:

http://islamancient.com/play.php?catsmktba=101669

وفي الترمذي موقوفاً ومرفوعاً: كتب معاوية إلى عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أن اكتبي إلي كتابا توصيني فيه ولا تكثري علي فكتبت عائشة رضي الله عنها إلى معاوية: [سلام عليك، أما بعد: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس، والسلام عليك].

وفي كتاب عمر لأبي موسى عند الدارقطني والبيهقي، قال عمر:[لا يمنعك قضاء قضيته بالأمس راجعت فيه نفسك وهديت فيه لرشدك أن تراجع الحق؛ فإن الحق قديم، وإن الحق لا يبطله شيء، ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل].

أسأل الله أن يهدي الدكتور محمد العريفي للتي هي أقوم، وأن يوفق الجميع لما يحب ويرضى، وأن يعصمنا وإياكم من الفتن، ويثبتنا على الإسلام والسنة حتى الممات، ويحسن خاتمتنا، ويجمعنا في الفردوس برحمته، إن ربي لسميع الدعاء.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته …

أخوكم: حسام بن عبدالله الحسين

20/6/1433هـ


شارك المحتوى: