وقفات مع الدكتور العواجي


وقفات مع الدكتور العواجي

مقطع محسن العواجي:

https://youtu.be/dTlN7BtVyug

الحمد لله رب العالمين، وبعد:

فهذه وقفات مع رسالة الدكتور محسن العواجي والتي وجهها إلى تركيا، وزعم أنها تسير على وفق منهاج النبوة.

مقدمة:

قبل أن أعلق على كلام الدكتور محسن العواجي، أقول له ولغيره:

الذي أعتقده أن تركيا دولة إسلامية يسرنا ما يسرها، ويسوؤنا ما يسوؤها، وندعو الله عز وجل أن يحفظها من كل سوء، ويوفقها ويوفق ولاة أمورها لكل خير.

وأما عن قول الدكتور محسن العواجي: (أن الخط الذي سارت عليه تركيا في إصلاحها وصلاح مجتمعها هو مطابق للمنهج النبوي الذي بدأ به الأنبياء بالتدرج… فكان التأسيس الذي يحصل في مكة هو الذي قامت عليه الدولة )

قلت: ولي على هذا الكلام عدة وقفات .

الوقفة الأولى:

يبدو أن الدكتور محسن العواجي -وفقه الله لكل خير- لم يدرك ولم يحط بمنهاج النبوة علماً إلا ما كان من اسمها، أو الذي حمله على هذه الفرية هي الحزبية والتعصب والغلو، ولكن بعد السؤال عن تخصص دراسته للدكتوراه تبين لي أنه متخصص بالزراعة، ولذلك قيل: من تكلم في غير فنه أتى بالعجائب.

والناظر إلى تركيا ومنهاج النبوة يجد البون الشاسع بينهما، فتركيا لما حكمها اتاتورك بعد سقوط الدولة العثمانية، أصبحت كقيادة -وليس كشعب- علمانية صرفة ضيقة، تحارب الإسلام وشعائره، وظلت المساجد موجودة يصلي فيها المسلمون، وترك بعض نساء المسلمين المدارس والجامعات لأجل التمسك بالحجاب، وبعضهن طردن، وصبر أكثر المسلمين على فتنة العلمانية.

ولما جاء حزب العدالة والتنمية بالعلمانية الجديدة وبثوبها الفضفاض سمحت بالحرية غير المنضبطة بضوابط الشرع، حالها كحال أي دولة تحكم بالعلمانية، ويحصل فيها تغير إلى الأحسن لشعبها.

ولما نجح حزب العدالة والتنمية لم يدعُ الناس إلى الإسلام الصحيح والتوحيد الخالص ومحاربة الشرك بأنواعه ومحاربة الرذيلة؛ بل ترك الناس على ما هم عليه من صوفية منحرفة ومذاهب شتى، ناهيك عن الخمور والمنكرات المعلنة، وإنما جل اهتمامهم هو دفع عجلة الاقتصاد والتنمية، ولهم في السلطة ستة عشر عاما.

وإليك أيها القارئ دعوة النبي -صلى الله عليه وسلم- في بداية دعوته في مكة؛ لكي يتبين لك هذه الأكذوبة والفرية:

( قال جعفر للنجاشي: أيها الملك؛ كنا أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش وقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنة، وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئًا، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام- وعدد عليه أمور الإسلام- )

فهل هذا ما قام وقامت عليه تركيا الحديثة؟!!

الوقفة الثانية:

للنظر إلى التدرج الذي أشار إليه الدكتور محسن العواجي، وأن الخط الذي سارت عليه تركيا في إصلاحها وصلاح مجتمعها هو مطابق للمنهج النبوي الذي بدأ به الأنبياء بالتدرج.

وإليك ما قام به الإخوة (حزب العدالة والتنمية) في تركيا:

أولًا: الإعدام للقاتل كان موجودًا ثم ألغيت عقوبة الإعدام عام ٢٠٠٤ (في ظل حكم أردوغان) للوفاء بالمعايير اللازمة للانضمام للإتحاد الاوربي، وبعد الانقلاب الفاشل يقول إذا وافق: البرلمان على عقوبة الإعدام سأصادق عليها.

ثانيًا: ‎صادق البرلمان التركي على إصلاحات قانون العقوبات، وفي مقدمتها إلغاء تجريم الزنا، مما يزيل (عقبة) كبيرة من أمام مساعي أنقرة لبدء محادثات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

ثالثًا: قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان: إن الدولة يجب أن تقف على مسافة واحدة من كل العقائد الدينية، وذلك بعد دعوة رئيس البرلمان التركي لسن دستور جديد لإلغاء الإشارة إلى العلمانية.

http://ara.reuters.com/article/worldNews/idARAKCN0XN2JH

رابعًا: يقول رئيس الوزراء في حينه داود اوغلو: العلمانية باقية في الدستور. ردًا على رئيس البرلمان (من حزبهم) الذي اقترح إقرار دستور ديني، وأن العلمانية لا يجب أن تكون جزءًا منه.

خامسًا: بعد سقوط حسني مبارك نصح أردوغان الشعب المصري بالعلمانية، وقال: أقول للشعب المصري أن لا يكون قلقًا من العلمانية، وأظن أنه سيفهما بشكل مختلف بعد تصريحي هذا.

سادسًا: التطبيع مع إسرائيل وإيران وروسيا.

الوقفة الثالثة:

أصبح الدكتور العواجي تركيًّا أكثر من الأتراك أنفسهم!! فحاول جاهدًا وبكل ما عنده من ألفاظ أن يكسو تركيا أحسن الألفاظ، ويلتمس لها وما فيها من المنكرات الأعذار؛ لكي لا يسخط عليها أحد ولا يعيب عليها مسلم، وياليت دولة التوحيد السعودية ودول الخليج حظت بشي من هذه الأعذار من العواجي وغيره ولو بقليل!!

فقال الدكتور العواجي: (هذا التأسيس كان موجودًا وكان يقوم به -صلى الله عليه وسلم- والأصنام في بيت الله الحرام أعظم ذنب يرتكب في أقدس بقعة أعظم ذنب على وجه الأرض الذي هو الشرك الأكبر، يرتكب في أقدس بقعة على وجه الأرض وهو بيت الله الحرام، مع ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- لم ينشغل بهذا بل ركز على البنية التحتية الفكرية) .

قلت: سبحان الله!! كيف لم ينشغل بهذا وأنه ركز على البنية التحتية الفكرية؟!

سبحان الله!! ما هذا الجهل المركب؟! أي فكر تدعي!! {كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا {

بل ركز -صلى الله عليه وسلم- على التوحيد ومحاربة الشرك، وبيّن -صلى الله عليه وسلم- خطورته، وما من نبيّ إلا ودعا قومه إلى التوحيد وعبادة الله وحذر من الشرك، قال تعالى: {ولقد بعثنا في كل أمة رسولًا أنِ اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت{

الوقفة الرابعة:

ذكر العواجي قول الله تعالى: {ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم}، وذكر وجود الأصنام وانتشار الشرك في أقدس بقعة، وقال العواجي: مع ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- لم ينشغل بهذا بل ركز على البنية التحتية الفكرية!!!! )

سبحان الله!! إن تعجب فعجب له!! هل يريد العواجي السكوت وعدم الإنكار؟!! وأنه أراد من ذكر وجود الأصنام وانتشار الشرك؛ يريد أن يقنع الناس أن وجود المنكرات في تركيا يستلزم علينا السكوت؟!!

ولا ريب أن هذا طعن بالنبي -صلى الله عليه وسلم- من غير لا يشعر، والدافع منه -والعياذ بالله- إلى هذا القول الباطل هو في سبيل أن يُظهر تركيا في أحسن مظهر، وأن هذه المنكرات حالها كحال النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي لم ينشغل بها كما زعم .

سبحان الله!! لا يختلف اثنان عاقلان متجردان عن الحزبيات أو الغلو؛ أن الآية تنهى عن سب وشتم آلهة المشركين وأوثانهم وصلبانهم، وليس المراد ترك الإنكار على الشرك والسكوت عن المنكر والإعراض عن الدعوة، ((كلا))؛ بل الرسول -صلى الله عليه وسلم- مأمور بالتبليغ والدعوة إلى الله بالتي هي أحسن، ونشر التوحيد ومحاربة الشرك والمنكر.

وهل حزب العدالة والتنمية دعوا الناس إلى ما دعا إليه الرسول -صلى الله عليه وسلم- من نشر التوحيد ومحاربة الشرك وأنواعه؟!!

الوقفة الخامسة:

قال العواجي: (أعظم ذنب يرتكب في أقدس بقعة أعظم ذنب على وجه الأرض الذي هو الشرك الأكبر يرتكب في أقدس بقعة على وجه الأرض وهو بيت الله الحرام، مع ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- لم ينشغل بهذا؛ بل ركز على البنية التحتية الفكرية)، وقال أيضًا: (لأنه تدرج بالبناء وقدم الأولويات على الهامشيات، حتى في نهاية الأمر عمل البُنية التحتية) .

قلت: سبحان الله!! ما هذا التخبط؟! ما هذا التدليس؟! وما هذا الحب الأعمى للتركيا؟! حتى أوجب عليك أن تجعلها على منهاج النبوي!! أو تجعل جوانب من منكرات الأديان والأخلاق هامشيات!!

ولكن كما قيل:

وعين الرضا عن كل عيب كليلة

‎ ولكن عين السخط تبدي المساويا

ويا حبذا لو ذكر لنا الدكتور الأولويات وما هي الهامشيات؟! وما هي البُنية التحتية الفكرية؟!

الوقفة السادسة:

لو قال هذا القول -الذي قال به محسن العواجي- غيره من السلفيين، أو قال ببعض قوله للسعودية؛ لاتهم بأنه جامي المذهب يدافع عن السلطان لأجل منصب أو حفنة من المال!!! والله المستعان.

الوقفة السابعة:

العواجي لا يمانع من أن ينتقد الصحابة، ولكن تركيا جعلها تسير على منهاج النبوة والأنبياء!!!

https://youtu.be/1T8iaEKGsHo

هذا ما أحببت التنبيه عليه باختصار؛ راجياً من الله أن ينتفع به الدكتور العواجي، وكل مَن وقع في قلبه شيئ من هذه الشبه التي تلبس لباس الحق.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

كتبه/ أبو محمد فيحان بن سرور الجرمان


شارك المحتوى: