هل الحكومة السعودية خير أو الحكومة التركية ؟


هل الحكومة السعودية خير أو الحكومة التركية ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ، وبعد فبعثني على كتابة هذه الخاطرة تمجيد بعض الدعاة للحكومة التركية الحالية ، بعد فوز رئيس وزرائها في الانتخابات ، وما سبق ذلك من تمجيد لمواقف سياسية ، هدفها خطف الأضواء لتحقيق مكاسب انتخابية .

وفي المقابل اجتهد بعض الإسلاميين والليبراليين بالعكوف على بيان المآخذ على الدولة السعودية مشاركين الغرب في محاولة منه لهدم مأرز الإيمان البلاد السعودية – حرسها الله – وإنما هي شهوة الحكم والسلطة التي غلفت بغلاف الإصلاح ( والله يعلم المفسد من المصلح )، ولهذا تجدهم يغضون الطرف في هذه المرحلة عن بواقع في الدين تمارسها الثورات !! فالاشتراكيون مصلحون ، والشيوعيون مصلحون ، والديمقراطيون مصلحون ، ومفرقو الأمة بالحركات الإسلامية مصلحون .

بينما يحاولون تأليب الشعب السعودي على ولاة أمره بكل خطأ ولو كان غير مقصود، يكبرون الصغير وينفخون في شرر الفتنة لتكون ناراً، يكذبون ويكذبون ليُصدقوا ، ولكن الشعب السعودي أعقل مدرك لمكرهم الكبار وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال ، لاسيما وأنه يرى من حوله في غياهب الفوضى غارقين !وهو في رغد من العيش وأمن على الأهل والمال- أدامه الله عليهم- وإيمانه بأن لزوم الكتاب والسنة خير له وأبقى قبل ذلك .

وعودا على الاستفهام السابق أقول : لا يجوز لمن له بصيرة وعقل أن يقول : إن دولة الترك خير من الدولة السعودية ، بل السعودية خير بقاع الأرض ، والشرع والعقل وأهل الفِطر السليمة يشهدون بهذا ، ومن كابر فهو ملحق بركب السفسطائية .وبإجراء مقارنة يسيرة جداً يعرف القارئ المنصف صدق ما أقول ، وكذب ما يشاع .

1ـ تركيا بنص دستورها دولة علمانية ، والسعودية بنص نظامها دولة إسلامية ! فالمادة السابعة من نظام الحكم السعودي نصها:

(يستمد الحكم في المملكة العربية السعودية سلطته من كتاب الله تعالى وسنة رسوله وهما الحاكمان على هذا النظام وجميع أنظمة الدولة)

2ـ السعودية جعلت الشرع هو الحاكم ، فتحاكمها ومحاكمها شرعية ، وتركيا حكمها ومحاكمها قوانين وضعية ( والحكم بغير ما أنزل الله كفر وظلم وفسق بنص القرآن العظيم ) .

3ـ في السعودية : شعائر الإسلام ظاهرة ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر له رئاسة مستقلة تمارس عملها على أرض الواقع ، فالمحال التجارية والأعمال تغلق وتوقف أوقات الصلوات، في نمط إسلامي فريد لا تشاهده ولو بلغت المشرقين إلا في البلاد السعودية – حرسها الله- ، والزكاة لها جباة على الوجه المشروع ، والأكل والشرب في نهار رمضان محظور في الطرقات والأماكن العامة سواء من المسلمين أو غيرهم ، والخمر يمنع دخوله إلى المملكة فضلا عن بيعه , والخلوة المحرمة ممنوعة ، والمراقص والكارخانات والبارات محظورة ، وبيع ما يسيء إلى الأخلاق ويتنافى مع الشرع محظور ….. فلله الحمد والمنة.وأعظم من ذلك كله إقامة التوحيد وإماتة البدع ، فلا قبور ولا أضرحة تعبد وتدعى وترجى ويستغاث بأهلها ، ولا مشيخة للصوفية سدنة القبور الآكلين أموال الناس بالباطل ، ولا بدع يجاهر بها ، ومن زار السعودية شهد بذلك وسأل الله أن يحفظ هذه البلاد رعاة ورعية ذخراً للإسلام والمسلمين.

وأما تركيا فهي أم القبورية والكبائر ، فالغالب على مساجدها وخصوصاً الكبيرة منها وجود الأضرحة بها التي يستغاث بها ويتمسح بعتباتها، فترى الحِنث العظيم ، والكارخانات وصالات الخمور والزنا منظم من الدولة لا يسمح لأحد بأن يمسه بشيء، أما العُرِي في الأماكن العامة فحدث ولا حرج ، وفتح المحلات أوقات الصلوات والمجاهرة بالإفطار علانية … تشاهده بأم عينيك إلى آخره من القواصم المهلكات كثيرة جداً ، بل إنها تميزت وتفوقت على بعض دول الغرب في مجال الفساد والانحلال الخلقي -عافاها الله منه-، وهي على تعبير ساسة أمريكا الذي يدعون إليه، ويريدونه أن يكون هو الإسلام القدوة للدول الإسلامية ( إسلام تركش Turkish Islam) دروشة وتصوف وقبور وبدع ومجاهرة بالفسق؛ وتعطيل للشرع وحكم بالطاغوت ، فما الفرق بين الحكومة الفرنسية والحكومة التركية ، والحكومة الألمانية والحكومة التركية ، والحكومة الروسية والحكومة التركية ؟!

4ـ في السعودية : القصاص بالقتل فما دونه ، وإقامة الحد على السارق بقطع يده ، وشارب الخمر بجلده ، والزاني بجلده إن لم يكن محصناً أو برجمه إن كان محصناً ، وقتل وصلب قاطع الطريق ينفذ في المجرمين ، كل هذا وغيره من الحدود والتعزيرات الشرعية تقام على مرأى من الناس ومسمع ، والسعودية تنفذه بكل يقين أن هذا خير ، وأما الحكومة التركية فتحارب هذا محاربة لا هوادة فيها ، وترى أن هذا هو الرجعية على تأسيس عدو الله ورسوله الطاغوت الهالك أتاتورك -لا أعاد الله أيامه-، الذي تسير الحكومات التركية في ركابه، وتترسم خطاه، ولا تخرج عنه قيد أنملة ، ومنها الحكومة التركية الحالية .

5 ـ في السعودية نشر الدعوة إلى الله في الداخل والخارج ، وتعليم القرآن ، وطباعة عشرات الملايين منه سنويا مع تفاسيرها ، ولذلك وزارة مستقلة فضلاً عن المؤسسات المساندة ، وإذاعة للقرآن الكريم تبث كلام الله يتلى ليلا ونهارا ، وقناتان فضائيتان للقرآن والسنة ترى في المشرق والمغرب، ومسابقات للقرآن والحديث ، وجوائز للبحوث العلمية الإسلامية ، إلى آخره مما لا يخفى ، مع الوقوف بكل عقل مع قضايا المسلمين في كل مكان ،وليس لتركيا معشار معشاره.

6 ـ يكفيك أيها القارئ أن تعلم أن السعودية تفخر بكونها دولة إسلامية على طريقة السلف وتعتز بذلك ، وتسعى لتوحيد المسلمين ، وتركيا تسعى للانسلاخ من المسلمين اسماً كما انسلخت من تحقيق شعائر الدين ، ولهذا هي تبذل النفس والنفيس منذ سنوات للانضمام للاتحاد الأوربي ، ولم يقبلها حتى الساعة ، وقد أرغمها وأذلها ( ومن يهن الله فما لهم من مكرم ) ..

7 ـ قد يقول قائل : قد عرفنا هذا ، ثم ماذا بعده ؟

أقول لهذا القائل بعد هذا اقرأ مليئا الأسطر التالية :

ـ الحكومة السعودية ليست معصومة شأنها شأن غيرها ، ولكن خطؤها مغمور بجانب فضلها وصوابها، والماء إذا كان قلتين لم يحمل الخبث.

ـ ثبات المملكة على المنهج الإسلامي ، مع الضغوطات العالمية بشأن المرأة والحدود والقصاص والكنائس ، منقبة عظيمة لهذه الدولة ، وإذا أردت معرفة ذلك فانظر إلى جماعة الإخوان المسلمين التي تنادي بشعارات الإسلام هو الحل، فلما توهمت قربها من الحكم صار الحكم للشعب لا للرب ، فاستوى الإسلامي والعلماني والاشتراكي ! ثم أخذت في مغازلة الغرب وأذنابهم فما كانت تقاتل عليه بالأمس أصبح اليوم حلالا مباركا هنيئا مرئياً، حتى سمعت من منظريها وقادتها من يقول لن نمنع الخمور والملابس الخليعة إذا وصلنا للسلطة، وسمعنا من يدافع عنه ويقول: إنه السياسة الشرعية والمصلحة تقضي هذا ليت شعري هل يرى الناس ما أرى ويسمعون ما أسمع !! .

ـ الواجب إعانة الدولة السعودية وليس إعانة الليبراليين والغرب على هذه الدولة المسلمة راعية الحرمين ، بالنصيحة السرية ، والإشارة بالعمل الصالح ، والإعانة على الخير، والدعاء بالتوفيق والصلاح، شأن علمائنا ومواطنينا في السابق ، والموفق منهم في الحاضر.

وأما نشر العيوب أو الكلام فيما لا يحسنه المتكلم ولا يتصوره حق التصور ، أو إلقاء الكلام على عواهنه ، أو الحط من قدر ولي الأمر والتثريب عليه، فهذا لن يعود على البلد إلا بالفتن والشر المستطير، والمستفيد هم أعداء الدين بلا ريب ، وما هؤلاء الذين يزعمون أنهم إصلاحيون إلا يداً خفية وإن لم يشعروا، لهدم الدين بالقضاء على بلاد التوحيد وراعية الخير المملكة العربية السعودية حرسها الله.

كتبه: الدكتور فهد بن سعد بن إبراهيم المقرن

الأستاذ المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية


شارك المحتوى: