ما حكم متابعة الأبراج لمعرفة المستقبل؟


يقول السائل: يوجد من يتابع الأبراج كبرج الثور أو الجوزاء وغيرهما ليعرف مستقبله، فهل هذا جائز؟

الجواب:
ما ذكره السائل واقع وهو واقع مؤلم أن هناك أناسًا كثيرين يتابعون هذه الأبراج عبر المجلات أو مواقع الانترنت أو مقاطع في اليوتيوب أو غير ذلك، فيظنون أن من وُلد في برج الأسد أو برج الثور أو الجوزاء أو غير ذلك فإنه يكون من أهل السعادة أو أن صفاته تكون كذا وكذا …إلخ.

وهذا انتشر مؤخرًا مع التواصل الاجتماعي لاسيما في اليوتيوب وغير ذلك، واستغله الكهنة والمشعوذون والسحرة والعرافون ومن أراد الشهرة، وكل هذا خطأ في الشرع ولا يجوز بل هو محرم، بل هو شرك وسحر والعياذ بالله.

ينبغي أن تُعلم هذه المقدمة المهمة، وينبغي لأهل الإسلام أجمعين أن يعلموا هذا، وهو أن النجوم ليست سببًا لفلاح ولا لربح ولا لخسارة ولا لنجاة ولا لهلاك ولا لصفة كذا أو صفة كذا، فإن الله خلق النجوم لأمور، علق البخاري عن قتادة -رضي الله عنه- أنه قال: خلق الله هذه النجوم لثلاث، جعلها زينة للسماء، ورجومًا للشياطين، وعلامات يُهتدى بها، فمن تأوَّل فيها بغير ذلك أخطأ وأضاع نصيبه وتكلف ما لا علم له به.

إذن لم يخلق الله النجوم مُؤثرة ولا الكواكب مؤثرة، فينبغي أن يتقي الله أهل الإسلام والمريدون لله والدار الآخرة، إن أمثال هذه الأفعال سحر وشرك وكذب ودجل، فإن من القواعد المتقررة شرعًا أن جعل الشيء سببًا ولم تثبت سببيته بالشرع ولا بالطرق المعروفة ولا بالطرق المعتبرة، فإنه يكون شركًا، فاتقوا الله يا أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-.

اتقوا الله من أمثال هذه الأمور فإن فيها الهلاك والمهلكة، فينبغي للمسلم أن يتقي الله وألا يقع في مثل هذا، ومن رأى مثل هذا فليُحذِّر المسلمين منه لشدة جرمه وعظيم أثره على أهل الإسلام.

وقد ثبت عند أبي داود عن ابن عباس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر، زاد ما زاد». هذا الحديث كافٍ في عدم الالتفات إلى هذه الأبراج، وعدم تصديقها، فإن تصديقها كفر لأنه ما بين أمرين:
الأمر الأول: أن يظن أنها مؤثرة، وقد تقدم أن النجوم ليست كذلك.

الأمر الثاني: أن يظن أن هذا من علم الغيب، وعلم الغيب خاص بالله، فمن نسبه لغير الله فقد وقع في الشرك الأكبر، كما قال تعالى: ﴿ عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً (26) إِلاَّ مَنْ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ ﴾ [الجن: 26-27] وقال: ﴿ قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ ﴾ [النمل: 65].

فإذن لا يجوز أن يُعتقد أن هذه النجوم مُؤثرة، وأنها سبب لخير أو شر، فإن هذا محرم شرعًا ومن ادعى ذلك من السحرة والمنجمين والكهان فلا يُلتفت إليهم، واعلموا أن مجرد سؤالهم محرم في الشريعة، فقد ثبت عند الإمام أحمد وغيره عن أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «من أتى عرافًا أو كاهنًا فسأله عن شيء، فقد كفر بما أنزل على محمد -صلى الله عليه وسلم-». وثبت عند أبي يعلى نحوه عن ابن مسعود -رضي الله عنه- من قوله.

فإذن من وقع في مثل هذا فقد وقع في سوء، فمجرد قراءتها بلا تصديق محرم، ثبت عند مسلم من حديث معاوية بن الحكم السلمي قال: يا رسول الله، إن منا أناسًا يتكهّنون، قال: «فلا تأتوهم».

فإذن من يُطالع هذه الأبراج أحد صنفين:
الأول: يصدقها، وهذا كفر والعياذ بالله؛ لأنه ما بين أن يظن أنها مؤثرة أو عن طريقها يُعلم الغيب، وعلم الغيب خاص بالله.
الحال الثاني: أن يُطالع هذه الأبراج من باب الفضول، وهذا محرم كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لما قال معاوية: إن منا أناسًا يتكهّنون، قال: «فلا تأتوهم».

فينبغي لنا أجمعين أن نُحذر أبناءنا ونساءنا والمسلمين أجمعين وأن ينتشر في وسائل التواصل في خطب الجمعة وغير ذلك من وسائل الإعلام وغيرها تحذير الناس من أمثال هذا؛ لأنها انتشرت للغاية.

أسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا، وجزاكم الله خيرًا.

977_1


شارك المحتوى: