ما حكم قراءة الكتب المحررة في الرد على الملاحدة لكن عند مؤلفها أخطاء عقدية ؟


يقول السائل: ما حكم قراءة الكتب المحررة تحريرًا كبيرًا في الرد على الملاحدة وبيان براهين صحة الإسلام، إذا كان مؤلفها من مناصري الثورات على الحكام وعقيدته سليمة، إلا في باب التعامل مع الحكام؟

الجواب:
ينبغي أن يُعلم ما يلي:
– الأمر الأول: أن محاربة الباطل بجميع صوره واجب شرعًا وهو فرض كفاية على هذه الأمة، ومن ذلك محاربة الإلحاد والرد على شبهات الملحدين، إلى غير ذلك.
– الأمر الثاني: أنه يُرد على الباطل بالحق، ولا يُرد على الباطل بالباطل، فالأصل أنه لا يجوز أن يُرد على الباطل بالباطل، وقد بيَّن هذا ابن تيمية -رحمه الله تعالى- في شرح العقيدة الأصفهانية وغيره، وبيَّن أن السلف كانوا على ذلك، فما كانوا يردون على الباطل بالباطل، ومما يُلحظ أن بعض من اشتغل بمناقشة الملحدين والرد عليهم أنه سلك مسلك المتكلمين بحجة أن أولئك قرأوا كتب الفلاسفة إلى غير ذلك، وهذا خطأ شرعًا ولا يجوز إلا عند الضرورة، وذلك أن يكون أولئك الملحدون معتمدين على هذه الكتب، فلا تنجلي شبهتهم إلا بأن يُناقشوا بعلم الكلام، فهذا يجوز في حالة ضيقة وألا يكون علانية لأن الناس -ولله الحمد- في عافية من علم الكلام، مع أن كثيرًا من الملحدين أي ممن كان مسلمًا فألحد، بل حتى من الملحدين ابتداءً بأن قلد أبويه في الإلحاد أو كان نصرانيًا فألحد، وكذا كثير من المسلمين الذين عندهم شبهات الملحدين، كثير من هؤلاء الذين تقدم ذكرهم لا يعرفون علم الكلام، ومما يُشتكى له ويجب أن يُنتبه إليه أنه قد خرج فئام يُناقشونهم بعلم الكلام وهم لا يعرفون علم الكلام، ومن ذلك أن أحدهم قابل شابًا عنده شبهات من شبهات الملحدين وإن لم يكن الشاب ملحدًا، فأراد هذا الرجل في مناظرة معلنة أن يكسر هذا الشاب فأخذ يناقشه باصطلاحات المتكلمين، وذاك الشاب لا يعرفها، وشبهاته التي عنده شبهات سهلة تُعالج بطرق كثيرة، وطريقة علم الكلام مفسدتها كبيرة، فقد يُحيى علم الكلام بعد أن قد سلمنا منه ولله الحمد، بحيث إن من يسمع هذه المناظرة يذهب ويدرس علم الكلام، إما أن يدرسه لأجل الرد على الملحدين بحيث إنه يرى هذا المُناظر قد بنى مناظرته على علم الكلام، أو أنه يدرس علم الكلام ليُثبت إلحاده أو شبهاته في الإلحاد، فهذا خطأ كبير ويجب أن يتقي الله من يسلك هذا المسلك وألا يحيي علم الكلام وقد اندثر ولله الحمد.

بعد هذين الأمرين: إن قراءة الكتب في الرد على الملاحدة كغيرها من الكتب تُقرأ بشرط أن يكون الرجل موثوقًا وأن يكون كلامه مبنيًا على علم شرعي وبرهان عقلي صحيح، وما ذكر السائل في أمثال هؤلاء فإن كثيرًا منهم ليس على اعتقاد سلفي ولا صحيح، كما ذكر عن هذا الرجل بأن عنده فكر الثورة وعنده خلل في باب التعامل مع الحكام، ومن كان كذلك فهو مبتدع، وغالبًا ما يكون هذا الأمر عند السروريين.

لذا أحذر إخواني بأن يقرأوا لأمثال هؤلاء، وإن في كلام علمائنا وكلام أهل السنة ما يكفي للغاية في الرد على شبهات الملحدين ولسنا في حاجة وأيم الله ثلاثًا إلى أمثال هذه الكتب، فكونوا حذرين ولا تلتفتوا إليهم، ولا يدخلن عليكم الحزبيون والإخوانيون والسروريون والمتأثرون بهم والبسطاء ممن هم مغترون بهؤلاء من هذا الباب، فمنهج أهل السنة ومنهج علمائنا وطريقتهم وآثارهم ومؤلفاتهم هم وطلاب العلم كافٍ للغاية في هذا.

فلذا ينبغي الحذر من مثل هذا وألا يُدخل علينا من هذا الباب.

أسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا، وجزاكم الله خيرًا.

937_1


شارك المحتوى: