قرون الليبرالية تتكسر على صخرة ابن تيمية


الحمدلله
قرونَ الليبرالية
تتكسر على
صخرة ابن تيمية

من المُسَلّمات العقلية أنّك لا تهاجم شخصا أو تيارا أو دينا…الخ إلا لأنه هاجم شيئ يعز عليك وتحيطه باهتمامك و يُشكّل أصلا من أصولك.
و منذ زمن بعيد ونحن نرى الأشعري يقع في شيخ الإسلام ابن تيمية و يثلب فيه، وهذا شيئ طبيعي لأن ابن تيمية رحمه الله رد على الأشاعرة و نقض مذهبهم وكذلك ترى الصوفي يقع في ابن تيمية وهذا أمر لايستغرب لأنه رد عليهم وهدم اساساتهم ونجد الخارجي سواء كان إباظي أو غيره يتكلم في ابن تيمية ويرميه بالنقائص وكذلك الشيعي الرافضي وغيرهم، وذلك لأن ابن تيمية رحمه الله أتى على أصولهم فأبطلها،
فجميع من تكلم فيهم ابن تيمية ورد عليهم ونقض أصولهم قد تكلموا فيه.
و نجد هذه الأيام ممن ينتمي إلى الاتجاه الفردي وخصوصا الاتجاه الليبرالي الاخلاقي الكانطي يقع في ابن تيمية بعد أن كان وقبل أكثر من أربعين سنة لايتعرض له بهذه الكثافة المستغربة لدى البعض لأنّه أي الاتجاه الفردي الليبرالي كان في تلك الفترة يرد الدين الإسلامي كُليّا جملة وتفصيلا دون تفريق ويرفضه.
إذاً ما السبب في تكثيف مهاجمة الليبراليين لابن تيمية رحمه الله هذه الأيام، فلابد أنّه قد هاجم شيئاً يعز عليهم و يُحيطونه باهتمام و يعدّونه أصلا من أصولهم و إن كان قبل ذلك لايعد أصلا عندهم هذا الشيئ الذي هاجمه ابن تيمية ولكن لا يريدون إظهار هذا التحوّل علانية وخصوصا ليبراليّو الخليج بجميع أطيافهم،
فما هو ياترى! ولماذا في هذا التوقيت و خصوصا بعد الربيع(الخريف)العربي بشكل واضح فاضح!؟.

••إنّ الذي يسبر فكر هؤلاء الفرديين الليبراليين عموما وتلونهم وتخادم أطيافهم وقرونهم يجد أنّهم رجعوا وتبنوا الدين لكن بصفته مُكَوّن أخلاقي لا تشريعي وهذه النقطة هي التي التقى وتحول فيها الليبرالي النتشوي إلى ليبرالي أخلاقي و أعلن في هذه النقطة الاخواني عن حقيقته الليبرالية الكانطية و أعلن الليبرالي الكانطي اعتماده الإسلام كمكوّن اجتماعي اخلاقي فقط ومن هذه النقطة أعلنت الأطراف التي صارت طرفا واحدا بخلفيات و أطياف متباينة عدائهم لكل ماهو وسطي سلفي أصيل ولاشك أنّ شيخ الإسلام ابن تيمية و الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمهما الله سيكونون من رموز هذه الوسطية السلفية الأصيلة، ولكن الاخواني السروري والذي يعد طيفا من أطياف الليبرالية وقرنا من وقرونها لا يستطيع أن يعلن عدائه لإبن تيمية ومحمد ابن عبدالوهاب لأنّه كان يتخذ مايقوله ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب بعد أدلجته وتحريفه و تزويره سِلالاً يجمع فيها أتباعه فإذا أعلن الإخواني نبذه لما يقوله ابن تيمية ومحمد بن عبدالوهاب انفضت عنهم جماهيرهم فهنا أُوكلت المهمة تلقائيا إلى فئة الليبرالي النتشوي سابقا الليبرالي الأخلاقي حاليا كتركي-الحمد و لفئة من هو إخوانيٌ معلن لليبراليته ولكنه ليس بذي حضوة جماهيرية كالبليهي و الحمود و غيرهم كثير، فهنا يحدث التوازن في نظرهم الأعور من الحفاظ على الجماهير وتقرير ما يريدون من عقائد وهي عقيدة المجتمع المدني أو دولة المؤسسات المدنية أو الدولة الليبرالية سمّها ماشئت، و التي تخالف في فلسفتها أي تفسيرها عقيدة أهل السنة والجماعة في مصادر التلقي و إلزاميتها التشريعية وتتعارض كذلك مع أصل الولاية العامة، وهنا يحدث الاصطدام بما قرره ابن تيمية في كتابه السياسة الشرعية و جميع مُتُونه ومؤلفاته العقدية؛ ولأن ابن تيمية دقيق في كلامه وسبب دقته أنّه وجد في عصر تكاثرت في الشبه و اجتمعت و تكدّست على مر قرون عده فكان كعادة السلف يضع أمام كل شبهة قيد على الأصل يسميه قاعدة فيصعب أن يحتمل كلامه التأويل وحتى لو تأوّله المخالف في مكان عجز عن تأويل كلامه الاخر، فإما أن يُخفي كلام ابن تيمية الآخر في طرحه و عن تلاميذه وهذا ما فعله كثير من الاخوانيين وخصوصا مشايخ الصحوه السروريون و إمّا أن يرفضه ورفضك لقاعدة واحدة يقضي ويلزم بنقض ورفض باقي القواعد في ذات الأصل والموضوع،
فلابد هنا من تقرير قواعد وقيود جديدة، وهنا نقطة الافتراق بينهم وبين ابن تيمية ومحمد بن عبدالوهاب وعندها ستغادر مع ابن تيمية و محمد بن عبدالوهاب جملة كبيرة من جماهير الاخوان السروريين خصوصا في السعودية والخليج،
و في هذا الموضع كان لابد لهذا التيار الليبرالي المتحد من اتخاذ اجرائين اثنين ضد ابن تيمية رحمه الله ومن معه كردة فعل طبيعية في مسألة صراع التيارات والعقائد
••فالإجراء الأول هو القيام بتشويه صورة المعادي وهو هنا ابن تيمية ومحمد بن عبدالوهاب و إظهارهما في خانة الضعف بوصمهما بالتخلف وهذه مهمة الصريحين من الليبراليين الذين لايمتلكون الجماهير،
••و أمّا الإجراء الثاني وهو الأخطر فهو محاولة الظهور  بمظهر المدافع عن هذا الشخص الذي أوهموا الناس أنّه في موضع الضعيف و القيام بتبرير ضعفه وتخلفه الذي أوهموا الناس به،
و أنّ سدّ النقص هنا يكون بما أتوا به من الأسلمة لبعض الأنظمة، أو بعبارة أُخرى فإنّهم إن مدحوا فهو في معرض الذم أو بما يؤدي للذم، و إن دافعوا فدفاعهم يكون عما قرروه هم ونسبوه إلى ابن تيمية كذبا وزورا أو أنّهم يدافعون دفاعا تبريريا يظهرون و يضعون من يدافعون عنه في موقف ضعيف و ذلك عند ذكر القواعد التي يريدون نسفها عند ابن تيمية ومحمد بن عبدالوهاب رحمهما الله .

••وهذين الإجرائين دائما يحدثان في الصراعات الثقافية والعقائدية الانتقالية خصوصا التي حدثت فيما بعد عهد السلف وصراع السلفيين مع المُتَأوّلة وتبرير المُتَأوّلة لعقيدة السلف للفلاسفة والظهور أمام أتباع السلف بمظهر المسالم فقال المتأولة من الأشاعرة ومن شابههم للفلاسفة طريقة السلف أسلم وطريقتنا أعلم و أحكم وقالوا هذا في حق السلف لكي لا يخسروا عامة الأمة وجمهورهم كما حدث ذلك للفلاسفة  وحتى لا ينقضوا كذلك مصدر أدلتهم أمام الفلاسفة وهو القران والسنة التي أوّلوها وخالفوا في تفسيرها السلف الصالح.
لأنّ الفلاسفة في عمومهم وغاية معتقدهم لايعترفون بالسلف ولا بالقرآن ولا بالسنة، ولكن لوجود القواسم المشتركة بين الفلاسفة والمتأولة المتكلمين من المعتزلة والاشاعرة وغيرهم تَزَيّن المتأوّلة أمام الفلاسفة لوجود القاسم المشترك فقالوا نحن معكم في مبدأ و طريقة التأويل والتفسير الفردي وهو أعلم و أحكم و دافعوا في نفس الوقت عن السلف دفاعا ضعيفا تبريريا صوّر السلف في صورة الضعف و العجز في نظر الجهلة و أنصاف المتعلمين مع تحريفهم لكثير من كلام السلف فلا هم للفلاسفة كسروا ولا لأهل السنة نصروا كما قال ذلك ابن تيمية رحمه الله.
••وتأكيدا لما سبق و خصوصا في كشف صورة من صور  الإجراء الثاني ألا وهو كشف تلاعب التيار السروري بكلام ابن تيمية ومدلولاته وأدلجتها وتجييرها لصالح هذا التيّار بعد تحريفها وتزويرها حتى لا يضطر إلى مهاجمته مما ينتج عنه خسارته لجماهيره، فإني أسوق لك هذه الجريمة التي قامت بها إحدى المؤسسات العلمية التي عنيت بشروح ابن عثيمين رحمه الله و التي يقوم عليها جملة من السروريين الاخوانيين عندما أتت على شرح ابن عثيمين لكتاب السياسة الشرعية لإبن تيمية قامت بتحريف شرح ابن عثيمين وتزويره والأمر مُوَثّقٌ و معروف،
والسبب في تحريفهم شرح ابن عثيمين رحمه الله لكلام ابن تيمية أنّه يعارض وينقض بعض أساسيات إقامة الدولة المدنية الليبرالية، و بطبيعة و مادام أنّ السرورية من أطياف الليبرالية الأخلاقية ولايمكن أن تهاجم ابن تيمية أو ابن عثيمين فتفقد شعبيتها وجماهيرها فتوجهوا إلى تحريف كلامهما ولي عنقه لكي يتوافق مع اتجاههم الليبرالي لإقامة المجتمع المدني مع إشادتهم أنّ ابن تيمية و ابن عثيمين من أعلام أهل السنة فعجبا من هذا التلوّن البغيض السمج.
••و لقد حدثت مثل هذه اللوحة من الصراع أيضا في أوروبا في وقت ما يُسمى بالعصر الحديث أو بداية عصر ضياع الهوية،
ويحدث الآن مثل هذا الصراع والمدافعة في ساحة المذاهب الفردية مقابل ابن تيمية؛ فأطياف مناصرو مايسمى بدولة المؤسسات المدنية، أظهر طيف منهم العداء الصريح لمنهج السلف وخصوصا لإبن تيمية ومحمد بن عبدالوهاب فقام الطيف الآخر من بعض الاخوانيون السروريون الذين أشرنا لهم قبل قليل بالدفاع عن ابن تيمية ومحمد بن عبدالوهاب دفاعا ضعيفا تبريريا حتى لا يفقدوا شعبيتهم. و كون الدفاع ضعيفا فإن هذا لا يعني أن ينسفوا تقريراتهم المغلوطة والمُلَتبسة في أصل الولاية العامة التي تنزع الى إفساد هذا الأصل باعتماد مقدمات مذهب الخوارج من غلو في التكفير والكيل بمكيالين ونسبة هذا كذبا إلى ابن تيمية ومحمد بن عبدالوهاب لأخذ الشرعية في ذلك و لتمريرها داخل المجتمعات بل يبقونها لتبرير الأعمال الثورية اليسارية،
لذلك يأتي الطيف الليبرالي السروري فيظهر بمظهر المدافع عن ابن تيمية ومحمد بن عبدالوهاب في التقريرات والنتائج التي أوهم الناس كذبا وزورا أنّها من نتاج هذين الإمامين وهي في حقيقة الأمر من تلبيس السروريبن ومغالطاتهم على ما قرره ابن تيمية ومحمد بن عبدالوهاب رحمهما الله
وما فعل تلك المؤسسة العلمية التي عنيت بشروحات ابن عثيمين رحمه الله عنّا ببعيد و ما تأصيلهم للأجنحة العسكرية الإخوانية عنّا ببعيد؛
فكلا الفريقين من انصار دولة المؤسسات من سروريين ونتشويين متحولين لايأتي بتقريرات ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب السلفية في منع الغلو في التكفير  والتفصيل فيه و إقرار أصل البيعة وما يتبعه من السمع والطاعة لولي الأمر وتحريم الخروج على الحكام ولو كانوا ظلمة، ولا يأتون بتقرير ابن تيمية وكشفه عن أحكام البيعة و أحكام اهل الشوكة وطبيعتهم و هم الذين لا تتم طاعة الإمام إلّا بطاعتهم والتي بالكشف عنها نسف ابن تيمية و دمّر مبدأ دولة المؤسسات المدنية الذي اعتمد الليبراليون اخوانيهم ونتشويهم عليه لتحريف أصل الولاية العامة والسمع والطاعة و تعويمه.
••فحال السروريين مع باقي الليبراليين كحال الأشاعرة مع الفلاسفة لا يؤيدون ولا يكشفون عن القواعد السلفية التي تنسف القواسم والقواعد المشتركة التي بينهم.
فكما استغرب السابقون من تذبذب المتأولة وخصوصا الأشاعرة بين المتفلسفة وبين الإسلام الصحيح الصافي وذلك لوجود القواسم المشتركة بين الأشاعرة والمتفلسفة من جهه وحتى لا يفقدوا نسبتهم إلى الإسلام من جهة أُخرى فيفقدوا بذلك جمهور الأمة وتقريراتهم السراب التي لم يكسروا بها أهل الأوثان ولم ينصروا بها أهل الإسلام وذلك لأنّ المشترك بينهم وبين الفلاسفة و أهل الأهواء أعزُ عليهم من الإسلام الصافي و أهله،
وكذلك يتكرر الأمر في عصرنا فيستغرب كثير منا تذبذب الإخوان وخصوصا السرورية بين المذهب الليبرالي من جهة وبين الاسلام الصحيح  من جهة أُخرى وذلك لوجود القواسم بين الإخوانية بما فيهم السرورية بإعتبارهم من أطياف الليبرالية وبين باقي أطياف الليبرالية من جهة وحتى لا يفقدوا نسبتهم إلى الإسلام من جهة أُخرى فيفقدوا بذلك جمهور الأمة وتقريراتهم السراب التي لم يكسروا بها أهل الأوثان ولم ينصروا بها أهل الإسلام.

••إنّ السبب الرئيس في الحملة على ابن تيمية بمحوريها الهدم الصريح والهدم المبطّن،
هو في حقيقته ضربه لهذا التحول الثقافي الذي احدث هذا الإتحاد بين أطياف الليبرالية و قرونها و أساسه اعتبار و اعتماد الدين الإسلامي كينونة أخلاقية ليس إلّا الذي يشكل أساس إقامة المجتمع المدني(الليبرالي) أو دولة المؤسسات المدنية.
••إنّنا نجد ابن تيمية قد أتى على بنيان أهل دولة المؤسسات المدنية من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم، وذلك في تقعيداته وكشفه لقواعد الدين التي يحاول أهل الأهواء إما طمسها أو تأويلها فابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب بين عدوين لَدُودَين،
الأول يرفض طرحهما بالكلية كما كان يرفض الإسلام بالكلية قديما،
والثاني يؤول كلامهما ويحمله على غير محمله ويضعه في غير موضعه بل ويخفي بعضه كما أخفت اليهود اية الرجم عن رسول الله ﷺ وهذا الصنف اخطر من الأول وهم السرورية المتأسلفين ممن اقروا وتبنوا مبدأ اقامة المجتمع المدني و منهم قوم يعتذرون لمن تبنى فكرة المجتمع المدني (الليبرالي).

•••فهجوم ابن تيمية على القاعدة المشتركة بين أطياف الليبرالية وقرونها من نتشويين متحولين إلى كانطيين قبلوا أن يكون الدين مكونا أخلاقيا وبين اخوانيين شرعنوا وسوغوا أن يكون الدين مكونا أخلاقيا فقط تحقيقا و إقامةً لدولة المؤسسات المدنية،
هو الذي أثار حفيظتهم ضد هذا الإمام، وكان هجوم ابن تيمية عليهم رحمه الله على محورين.
••الاول المحور العلمي و ردّه ونقضه لأساس المذهب الفردي وهو التفسير الفردي للنص مثل رده في بغية المرتاد على ابن سبعين و ابن عربي والذي يعد من أساطين المذهب الفردي لدى الغرب وكذلك رده على الحلاج.
••والثاني المحور العلمي أو الحركي إن صح التعبير وهو
نقضه لأُسس الفكر الديمقراطي و خصوصا لثلاثة من أساساته،
•الأوّل الثورة و من ذلك قوله في منهاج السنة (و قلّ من خرج على إمام ذي سلطان الا كان ما تولد على فعله من الشر أعظم مما تولد من الخير).
•والأساس الثاني كشفه عن طبيعة أهل الشوكة أو أهل الحل و العقد و أنّه لا تنعقد إمامة ولي الأمر إلّا عن طريقهم فنقض بذلك عنصر استخدام الشعب كأداة للوصول الى الحكم في الثورة وفي الانتخاب و نقض هذين الأمرين يعد معضلة في الفكر الديمقراطي الهش وهذه بخصوصها هي التي أثارت حفيظة المسمى بعبدالله الحامد ضد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله؛
و أذكر كلمة سمعتها لهذا الهالك عبدالله الحامد يذم فيها ابن تيمية ويقول( هذه المكينة السلفية المُجَيّمه مكينة ابن تيمية والله لافككها لكم) وتفكك المسكين فكره و حزبه ولم يستطع أن يفككها وهيهات ثم هيهات أن يفعل،
كناطح صخرة يوما ليُوهِنَها
فلم يُضِرها و أوهى قرنه الوَعِلُ.

•وأمّا الثالث فهو تأصيله رحمه الله لإبطال مايسمى بالمعارضة السياسية وهي في حقيقتها الخروج على ولي الأمر فكتاباه السياسة الشرعية و منهاج السنة وضع فيه حدا للفكر الديمقراطي الذي يتصف بخطورته على الأمة لهشاشته وسهولة اختراقة من أي تيار أو كتلة أو عارض خارجي.
•••عندها بلغ السيل الزبى فاتجه الليبراليون إلى رمي ابن تيمية بأنّه مستحل للدماء ويكفر المسلمين وغير ذلك من الاتهامات الباطلة؛
والذي يفضح هؤلاء الليبراليين في كذب وبطلان اتهاماتهم هذه  أنّه لايوجد ولا يُذكر أنّ أحد في زمن ابن تيمية ممن عادوه أنّهم اتهموه بهذا الاتهامات بل اتهموه و أبغضوه  لأنّه نقض أساسهم و مذهبهم الباطني الذي يعتمد عليه الآن الفكر الليبرالي بجميع أطيافه و قرونه ألا وهو مبدأ
(حرية قراءة النص) كما قرر ذلك زعماء الباطنية كابن عربي و الحلاج و الحسن الصباح صاحب قلعة آلَمُوت والذي هو المثل الأعلى بعد زرادشت لإمام الليبراليين فريدرك نتشه، لكن الليبراليون بجميع أطيافهم سواء اخوانية أو غيرهم لايريدون الكشف عن وجههم الحقيقي القبيح فلجأوا إلى مثل هذه الاتهامات على ابن تيمية أسوة باتهاماتهم التي صبّوها على الإمام محمد بن عبدالوهاب والدولة السعودية الأولى بقيادة الامام محمد بن سعود رحمه الله و لم يقم السروريون بالدفاع عن ابن تيمية في هذه الإتهامات لأنهم هم من ابتدعها على ابن تيمية ومحمد بن عبدالوهاب و نسبوها لهما بشكل ماكر خبيث وههما بريئان منها.
ومن المفارقات أنّك لا تجد الليبرالي النتشوي المتحول يتكلم في سيد قطب و إن تكلم فليس بنفس الوتيرة والحماس في الكلام ضد ابن تيمية،
وتجدالسروري إذا تكلم أحد في سيد قطب ثار و رد على من تكلم فيه بقوة وشراسة تعجب لها بينما إذا وقع أحد في ابن تيمية فإنّك لاتجد نفس ردت الفعل وهذا ملاحظ، فلماذا!؟.

•••لقد قطع ابن تيمية على الليبراليين الكانطيين و أوّلهم الاخوانيين الطريق بجعلهم الإسلام مجرد منظومة أخلاق ليس لها نظام تشريعي إلزامي فتكون كتعاليم بوذا وغيره مجرّد أخلاقيات لا أساس لكثير منها إلّا الذوق و الوجد.
فاليهودي الذي كلم الصحابي الجليل سلمان الفارسي رضي الله عنه بالمنطق العقلي فقال له قَدْ عَلَّمَكُمْ نَبِيُّكُمْ كُلَّ شَيْءٍ، حَتَّى الْخِرَاءَةَ. قَالَ، فَقَالَ: أَجَلْ. لَقَدْ نَهَانَا أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ لِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ، أوَ أَنْ نَسْتَنْجِي …الخ رواه مسلم.
فإذا كان النبي يُشَرّعُ لهم أمورا في آداب قضاء الحاجة، فهل يجدر به أن يترك ماهو أعظم منها شأناً كأمور العقيدة و أصول الدين ومنها أصل الحكم (الولاية العامة) والأنظمة الأُخرى كالاقتصاد هذا لايعقل أبدا ولا يستوي عند العقلاء.
أمّا عند الذين يريدون أن يجعلوا القرآن  عِضِيِن فلا ِريب أنّه ممكن بل لابد منه. لكن ابن تيمية كان لهم بالمرصاد في كتابه السياسة الشرعية وغيره.
•••وأخيرا لنعلم أنّ من سنن الله أنّ لكل دولة أساس معنوي تلتزم به و تتمحور حوله و أساس الدولة المسلمة كالسعودية هو التوحيد و الإسلام و هذا ما لايتوافق مع إقامة دولة المؤسسات المدنية بل يناقضه ويرفضه اذا في الفكر الليبرالي لابد من إسقاط أي دولة هذا أساسها ولكي تسقط لابد من إسقاط هذه الرموز كابن تيمية و الإمام محمد بن عبدالوهاب و الإمام محمد بن سعود  وتقريراتهم العلمية و إنجازاتهم العملية إمّا بالعداء المباشر أو بتحريف تقريراتهم و قواعدهم و التهوين من إنجازاتهم؛ فالمسألة هنا تبادل أدوار بين أطياف متفقة على العداء لهذا الكيان، فالعداء لهذا الكيان والمشروع السلفي الناجح مسألة مصير بالنسبة لنا و لأعدائنا في ضده فإمّا أن نكوُن أو لا نكوُن لذلك قال الإمام ابن باز رحمه الله العداء لهذه الدولة عداء للتوحيد.ا.هـ

•••نخلص مما سبق إلى جملة أمور أهمها ثلاثة نقاط.

••أوّلا/ أنّ الإتحاد بين أطياف الليبرالية المخادعة خلص على أن يكون الإسلام مجرد منظومة أخلاقية تتطابق في كثير من جزئياتها مع تعاليم و آداب البوذية والطاوية والديانات والمذاهب الصوفية الباطنية وهذا الإتفاق وهذا الجسر قد ضربه سلفا ابن تيمية ونسفه علميا وضربه الإمام محمد بن عبدالوهاب عمليا وعلميا وهذا سر الهجوم على الإمامين ابن تيمية و محمد بن عبدالوهاب رحمهما الله.

••ثانيا/ إنّ الإخوانية خصوصا السرورية بعد ما يسمى بالربيع العربي اتخذت موقفا سلبيا في مجمله من ابن تيمية ومحمد بن عبدالوهاب كموقف الأشاعرة من السلف ومذهبهم،
فإن مدحوا فهو في معرض الذم أو بما يؤدي للذم، و إن دافعوا فدفاعا عما قرروه هم ونسبوه إلى ابن تيمية كذبا وزورا أو أنّه دفاع تبريري يظهرون من يدافعون عنه في موقف ضعيف
و يأتي هذا النوع من الدفاع في معرض القواعد التي يريدون نسفها عند ابن تيمية ومحمد بن عبدالوهاب رحمهما الله والتي تضر بإقامة المجتمع المدني لب الليبرالية.

••ثالثا/ أنّ المشروع السياسي الناجح للسلفية في العصر الحديث وهي الدولة السعودية بجميع أدوارها هو هدف لهذه الأطياف الليبرالية فهم يريدون ضرب ابن تيمية والإمام محمد بن عبد الوهاب رحمهما الله لا لشخصيهما بل لأنّهم جزء من هذا المشروع السياسي الناجح والصرح الحضاري الكبير ألا وهو #السعودية_العظمى.ا.هـ

كتبه أخوكم
عبدالله بن محمد الشبانات
في يوم الثلاثاء الموافق

                ١٤٤١/١٠/١٠هـ

Tags: , ,

شارك المحتوى: