الْخُطْبَةُ الْأُولَى:
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَ كَلَامَ بَعْضِهِ عَلَى بَعْضٍ فَجَعَلَ بَعْضَ كَلَامِهِ أَفْضَلَ مِنْ بَعْضٍ.
وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الَّذِي بَيَّنَ لَنَا الْقُرْآنَ وَفَسَّرَهُ.
وَأَشْهَدُ أَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}
أَمَّا بَعْدُ:
فإِنَّ أَفْضَلَ سُوَرِ الْقُرْآنِ سُورَةُ الْفَاتِحَةِ كَمَا أَنَّ أَفْضَلَ آيَاتِ الْقُرْآنِ آيَةُ الْكُرْسِيِّ
أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:” لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ السُّوَرِ فِي الْقُرْآنِ، قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ”. ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ، قُلْتُ لَهُ: أَلَمْ تَقُلْ لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ، قَالَ: ” {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} “. وذكرَ الفاتحةَ.
وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “يَا أَبَا الْمُنْذِرِ، أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَعَكَ أَعْظَمُ؟” قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: “يَا أَبَا الْمُنْذِرِ أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَعَكَ أَعْظَمُ؟” قَالَ: قُلْتُ: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} . قَالَ: فَضَرَبَ فِي صَدْرِي، وَقَالَ: ” وَاللَّهِ لِيَهْنِكَ الْعِلْمُ أَبَا الْمُنْذِرِ “
وَهَذِهِ السُّورَةُ وَهِيَ سُورَةُ الْفَاتِحَةِ قَدْ دَلَّ عَلَى فَضَائِلِهَا وَرَفِيعِ دَرَجَتِهَا أَدِلَّةٌ شَرْعِيَّةٌ كَثِيرَةٌ، أَذْكُرُ دَلِيلَيْنِ.
الدَّلِيلُ الْأَوَّلُ: أَخْرَجَ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:” قُسِمَتِ الصَّلَاةُ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: حَمِدَنِي عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}، قَالَ: مَجَّدَنِي عَبْدِي فَإِذَا قَالَ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} قَالَ: هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، فَإِذَا قَالَ: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} قَالَ: هَذَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ “
أيَّها المؤمنونَ: إِنَّ هَذَا يَحدثُ لَنَا فِي كُلِّ صَلَاةٍ نُصَلِّيهَا، فَلْتَكُنْ قُلُوبُنَا خَاشِعَةً حَاضِرَةً مستشعرةً لعظيمِ هذا الأمرِ عندَ َقِرَاءَتِنَا لِسُورَةِ الْفَاتِحَةِ
فَكُلَّمَا قَرَأْنَا الْفَاتِحَةَ فِي صَلَاتِنَا وَقَالَ أَحَدُنَا فِي صَلَاتِهِ وَهُوَ الْعَبْدُ الضَّعِيفُ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} قَالَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ جَبَّارُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ: ” حَمِدَنِي عَبْدِي “
وَإِذَا قَالَ {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} قَالَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ :” أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي ” …
وَإِنَّ مِنْ عَظِيمِ فَضْلِ هَذِهِ السُّورَةِ: أَنَّ الصَّلَاةَ الَّتِي هِيَ الصَّلَاةُ، وَالَّتِي هِيَ عَمُودُ الْإِسْلَامِ لَا تُقْبَلُ إِلَّا بِقِرَاءَةِ سُورَةِ الْفَاتِحَةِ
ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ “
فَلَوْ لَمْ تَكُنْ لِلْفَاتِحَةِ الدَّرَجَةُ الْعَالِيَةُ لَمَا كَانَتْ رُكْنًا مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ.
وَسُورَةُ الْفَاتِحَةِ سَبْعُ آيَاتٍ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْعِلْمِ، كَمَا حَكَى ذَلِكَ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ، وَاللَّهُ سَمَّاهَا بِـ (السَّبْعِ الْمَثَانِي ) أَيْ هِيَ السَّبْعُ الْآيَاتُ.
وَعَلَى أَصَحِّ أَقْوَالِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ سُورَةَ الْفَاتِحَةِ تَبْتَدِئُ بِقِرَاءَةِ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} لَا بِقِرَاءَةِ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) وَتَبْتَدِئُ الْآيَةُ السَّابِعَةُ بِقَوْلِهِ { غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}
أَمَّا قَوْلُ (آمِينَ ) فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مِنَ الْفَاتِحَةِ؛ لِذَا مِمَّا يُخْطِئُ فِيهِ بَعْضُ الْمُعَلِّمِينَ أَنَّهُ إِذَا عَلَّمَ الصِّبْيَانَ قِرَاءَةَ سُورَةِ الْفَاتِحَةِ عَلَّمَهُمْ قَوْلَ (آمِينَ)، فيَظُنُّ الصَّبِيُّ أَنَّ (آمِينَ ) مِنْ سُورَةِ الْفَاتِحَةِ، وَهِيَ لَيْسَتْ مِنْ سُورَةِ الْفَاتِحَةِ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْعِلْمِ، بَلْ هِيَ دُعَاءٌ بِمَعْنَى (اللَّهُمَّ اسْتَجِبْ).
وَإِنَّ لِقَوْلِ ( آمِينَ) لُغَتَيْنِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ ذَكَرَهُمَا النَّوَوِيُّ وغيرُهُ:
اللُّغَةُ الْأُولَى: أَنْ نَقُولَ (آمِينَ) بِالْمَدِّ مَعَ تَخْفِيفِ الْمِيمِ. اللُّغَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ نَقُولَ (أَمِينَ) بِالْقَصْرِ مَعَ تَخْفِيفِ الْمِيمِ
وَبَعْضُ النَّاسِ يَقُولُ ( آمِّينَ) يُشَدِّدُ الْمِيمَ، وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَخْطَأَ؛ لِأَنَّ مَعْنَى (آمِّينَ) قَاصِدِونَ. وَالْمُطلوبُ: أَنْ يَقُولَ (آمِينَ) بمعنى اللَّهُمَّ اسْتَجِبْ.
أيِّها المسلمونَ: إِذَا تَفَكَّرْنَا فِي هَذِهِ السُّورَةِ وَمَا الَّذِي جَعَلَهَا أَفْضَلَ سُوَرِ الْقُرْآنِ هُوَ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْمَعَانِي الْجَلِيلَةِ وَالْقَوَاعِدِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي تَرْجِعُ إِلَيْهَا الشَّرِيعَةُ كُلُّهَا.
قَالَ الْإِمَامُ ابْنُ الْقَيِّمِ – رَحِمَهُ اللَّهُ -: إِنَّ الْقُرْآنَ كُلَّهُ يَرْجِعُ إِلَى سُورَةِ الْفَاتِحَةِ، وَإِنَّ الْفَاتِحَةَ كُلَّهَا تَرْجِعُ إِلَى قَوْلِهِ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}
وأَلَّفَ الْإِمَامُ ابْنُ الْقَيِّمِ – رَحِمَهُ اللَّهُ – كِتَابَهُ (مَدَارِجَ السَّالِكِينَ) وَهُوَ ثَلَاثَةُ مُجَلَّدَاتٍ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}
وَإِذَا تَأَمَّلْتَ هَذِهِ السُّورَةَ وَجَدْتَ أَوَّلَ السُّورَةِ مُفْتَتَحًا بِأَنْوَاعِ التَّوْحِيدِ الثَّلَاثَةِ؛ بِتَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ، وَتَوْحِيدِ الْأُلُوهِيَّةِ، وَتَوْحِيدِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ.
فَيَقُولُ سُبْحَانَهُ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} {الْحَمْدُ لِلَّهِ} رَاجِعٌ إِلَى تَوْحِيدِ الْإِلَهِيَّةِ ، { رَبِّ الْعَالَمِينَ} رَاجِعٌ إِلَى تَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ، {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} رَاجِعٌ إِلَى تَوْحِيدِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} رَاجِعٌ إِلَى تَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ، {إِيَّاكَ نَعْبُدُ } رَاجِعٌ إِلَى تَوْحِيدِ الْإِلَهِيَّةِ، {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} رَاجِعٌ إِلَى تَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ.
وَأنواعُ التوحيدِ التي افْتُتِحَتْ بها سورةُ الفاتحةِ هي التي اختتمتْ بها آخِرُ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} هذا توحيدُ الرُّبُوبِيَّةِ { مَلِكِ النَّاسِ} توحيدُ الأسماءِ والصفاتِ { إِلَهِ النَّاسِ } توحيدُ الألوهيِةِ.
فَيَا سُبْحَانَ اللَّهِ كَيْفَ تَوَافَقَتْ أَوَّلُ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ مَعَ آخِرِ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ.
ثُمَّ إِذَا تَأَمَّلْتَ هَذِهِ السُّورَةَ الْعَظِيمَةَ وَجَدْتَ شَرْطَيْ قَبُولِ الْعِبَادَةِ مَذْكُورَينِ فِيهَا:
الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: الْإِخْلَاصُ لِلَّهِ.
الشَّرْطُ الثَّانِي: الْمُتَابَعَةُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَهَذَانِ الشَّرْطَانِ مَذْكُورَانِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى { إِيَّاكَ نَعْبُدُ } فهَذَا شَرْطُ الْإِخْلَاصِ وَقَوْلِهِ {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ } هَذَاَ شَرْطُ الْمُتَابَعَةِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَفي هَذِهِ السُّورَةِ ذكرُ مُحَرِّكَاتِ الْقُلُوبِ الثَّلَاثَةِ؛ وَهِيَ مَحَبَّةُ اللَّهِ وَرَجَاؤُهُ وَخَوْفُهُ ؛ فَفِي أَوَّلِ السُّورَةِ قولُ { الْحَمْدُ لِلَّهِ } وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى مَحَبَّةِ اللَّهِ، { الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى رَجَاءِ اللَّهِ، { مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ } فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى الْخَوْفِ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ.
يَقُولُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ : إِنَّ مُحَرِّكَاتِ الْقُلُوبِ ثَلَاثَةٌ : حُبُّ اللَّهِ وهُوَ الَّذِي يَجْعَلُ الْعَبْدَ يُقْبِلُ عَلَى اللَّهِ، وَيَسِيرُ إِلَيْهِ، ويَنْشُدُ رِضَاهُ، والْخَوْفُ من اللهِ يَمنعُ الْعَبْدَ من الخروجِ عَنِ الطَّرِيقِ، ورَجَاءُ اللَّهِ هُوَ الْقَائِدُ.
وَهَذِهِ الْمُحَرِّكَاتُ لِلْقُلُوبِ مَذكورةٌ فِي أَوَائِلِ سُورَةِ الْفَاتِحَةِ.
وفي هَذِهِ السُّورَةِ قَوْلَهُ تَعَالَى {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} أَيْ لَا نَعْبُدُ إِلَّا أَنْتَ. وهَذَا هُوَ تَوْحِيدُ الْإِلَهِيَّةِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ رُفِعَتِ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ، وَبُسِطَتِ الْأَرَضُونَ السَّبْعُ، وَحُقَّتِ الْحَاقَّةُ، وَقُرَعَتِ الْقَارِعَةُ، وَزُلْزِلَتِ الزِّلْزَالَةُ، وَنُصِبَ الصِّرَاطُ، وَتَطَايَرَتِ الصُّحُفُ، فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَأْخُذُ كِتَابَهُ بِالْيَمِينِ – أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنَا مِنْهُمْ- ، وَمِنَهم مَنْ يَأْخُذُ كِتَابَهُ بِالشِّمَالِ . وكُلُّ هَذَا لِأَجْلِ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ } أفلَا نَعْبُدُ إِلَّا اللَّهُ، وَلَا نَسْتَغِيثُ إِلَّا بِاللَّهِ، وَلَا نَلْتَجِئُ إِلَّا إِلَى اللَّهِ، وَلَا نَفْزَعُ إِلَّا إِلَى اللَّهِ، وَلَا نَدْعُو إِلَّا هُوَ، وَلَا نَذْبَحُ إِلَّا لَهُ، وَلَا نَطْلُبُ الْمَدَدَ إِلَّا مِنَ اللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ.
وَمَعَ وُضُوحِ الْقُرْآنِ فِي تَأْكِيدِ هَذَا وَبَيَانِهِ إِلَّا أَنَّ كَثِيرًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَدْ خَالَفُوا ذَلِكَ بِالْوُقُوعِ فِي الشِّرْكِ -عَافَانِيَ اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ -.
وقَالَ الْإِمَامُ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ مَدَارِجُ السَّالِكِينَ : إِنَّ النَّاسَ مَعَ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} أَصْنَافٌ أَرْبَعَةٌ:
الصِّنْفُ الْأَوَّلُ: وَهَذَا أَفْضَلُ النَّاسِ هُوَ مَنْ يَجْمَعُ بَيْنَ الْعِبَادَةِ وَالِاسْتِعَانَةِ بِاللَّهِ فإِذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ يَسْتَعِينُ بِاللَّهِ على فعلِها ويجتهدُ أن تكونَ صَلَاتُهُ لِلَّهِ وحدَهُ.
الصِّنْفُ الثَّانِي: وهو الَّذِي لَيْسَتْ عِنْدَهُ عِبَادَةٌ وَلَا اسْتِعَانَةٌ بِاللَّهِ.
الصِّنْفُ الثَّالِثُ: وَهُوَ مَنْ عِنْدَهُ عِبَادَةٌ وَلَكِنَّهُ لَا يَسْتَعِينُ بِاللَّهِ فِي عباداتِهِ؛ فيُصَلِّي الْفَجْرَ دونَ استعانةٍ بِاللَّهِ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ.
الصِّنْفُ الرَّابِعُ: عِنْدَهُ اسْتِعَانَةٌ بِاللَّهِ دونَ العبادةِ فيستعينُ باللهِ عَلَى الْمُحَرَّمَاتِ.
ثُمَّ فِي آخِرِ هَذِهِ السُّورَةِ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ }، وَالَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ذَكَرَهُمُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ {فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ}
أَسْأَلُ اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ أَنْ يَجْعَلَنِي وَإِيَّاكُمْ مِنَ الصِّدِّيقِينَ إِنَّهُ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ.
وَالصِّرَاطُ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ وَاحِدٌ لَا يَتَعَدَّدُ، فَالْحَقُّ وَاحِدٌ لَا اثْنَانِ
وَمِنَ الْحَقِّ أَنْ نُعَادِيَ وَنُوَالِيَ عَلَيْهِ فَكُلُّ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ أَهْلَ السُّنَّةِ فِي التَّوْحِيدِ، وَلَا يُوَافِقْنَهُمْ عَلَى التَّوْحِيدِ كَالْأَشَاعِرَةِ، أَوْ الْإِخْوَانِ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ جَمَاعَةِ التَّبْلِيغِ الَّذِينَ يُسَمَّوْنَ بِالْأَحِبَّابِ فَإِنَّهُمْ يُبْغَضُونَ وَيُعَادُونَ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا عَلَى اعْتِقَادِ أَهْلِ السُّنَّةِ.
لَكِنْ مِنَ الْمسائلِ مَا يَسُوغُ الْخِلَافُ فِيهِ كَالْمَسَائِلِ الَّتِي اخْتَلَفَ فِيهَا سَلَفُ هَذِهِ الْأُمَّةِ كَكَثِيرٍ مِنْ مَسَائِلِ الْفِقْهِ . فَفِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ الْفِقْهِيَّةِ لَا يُعَادِي بَعْضُنَا بَعْضًا فَقَدْ تَخْتَارُ فِي مَسْأَلَةٍ قولًا بناءً على مَا ظَهَرَ لَكَ مِنْ دَلِيلٍ أَوْ تَقْلِيدٍ مَنْ تَثِقُ بِهِ وغيرُكَ يخالفكَ فلا تعاديهِ وتبغضه، وَنَبْقَى أَحِبَّةً فَنَحْنُ مَا بَيْنَ أَجْرٍ أَوْ أَجْرَيْنِ ، أَمَّا مَسَائِلُ الِاعْتِقَادِ فَمَنْ خَالَفَ اعْتِقَادَ أَهْلِ السُّنَّةِ فَإِنَّا نُبْغِضُهُ وَلَا نُحِبُّهُ، لِأَنَّ الْحُبَّ وَالْبُغْضَ فِي اللَّهِ وَقَدْ ثَبَتَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُدَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – عن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قالً:” إِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً – يَعْنِي: الْأَهْوَاءَ -، كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا وَاحِدَةً، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ”
وَهَذِهِ الْفِرَقُ كُلُّهَا مُسْلِمَةٌ وَلَكِنَّهَا عَلَى ضَلَالَةٍ مُسْتَحِقَّةٍ لِلنَّارِ إِلَّا فِرْقَةً وَاحِدَةً وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ عَلَى مَا عَلَيْهِ النَّبِيُّ وَصَحَابَتُهُ وَالتَّابِعُونَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ فِي أُمُورِ الدِّينِ وَمِنْ أَهَمِّ ذَلِكَ الِاعْتِقَادُ وهم الطائفةُ الباقيةُ المنصورةُ
روى الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ وَمُعَاوِيَةُ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ أَنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:” لَا يَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ، حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ”
أَسْأَلُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أَنْ يَجْعَلَنَا أجمعينَ مِنْ هَذِهِ الطَّائِفَةِ الْمَنْصُورَةِ وَالْفِرْقَةِ النَّاجِيَةِ إِنَّهُ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ.
ثُمَّ بَعْدَ ذلكَ ذكرَ فِرْقَتَيْنِ ضَالتينِ وَسَبَبُ ضَلَالِهِمْ سَبَبٌ رَئِيسٌ فِي ضَلَالِ كُلِّ مَنْ ضَلَّ
الْفِرْقَةُ الْأُولَى قَوْلُ { غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ } الْمُرَادُ بِهِمُ الْيَهُودُ ، قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِهِ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ مَعْنَى غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمِ الْيَهُودُ ، وَأَنَّ مَعْنَى الضَّالِّينَ النَّصَارَى.
وَسَبَبُ ضَلَالِ الْيَهُودِ أَنَّهُمْ كَانُوا أَصْحَابَ عِلْمٍ وَلَمْ يَعْمَلُوا بِعِلْمِهِمْ، أَمَّا النَّصَارَى فَسَبَبُ ضَلَالِهِمْ أَنَّهُمْ تَعَبَّدُوا اللَّهَ بِجَهْلٍ، فَسَبَبُ ضَلَالِ بَنِي آدَمَ إِمَّا الْجَهْلُ أَوْ تَرْكُ الْعِلْمِ بِقَصْدٍ؛ لِذَا قَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْأَحْزَابِ فِي ذِكْرِ حَالِ بَنِي آدَمَ {إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا}
والظَّلُومُ الَّذِي لَمْ يَعْمَلْ بِمَا تَعَلَّمَ مِنَ الْعِلْمِ، وَالْجَهُولُ الَّذِي تَعَبَّدَ اللَّهُ بِغَيْرِ عِلْمٍ؛ قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَغَيْرُهُ مِنَ السَّلَفِ: مَنْ ضَلَّ مِنْ عُلَمَائِنَا فَفِيهِ شَبَهٌ بِالْيَهُودِ وَمَنْ ضَلَّ مِنْ عِبَادِنَا فَفِيهِ شَبَهٌ بِالنَّصَارَى.
فَأُوصِيكُمْ أَنْ تَتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ الْمَصِيرُ، وَأَلَّا تَتَعَبَّدُوا بِجَهْلٍ وَبِالْعَادَاتِ وَالْأَعْرَافِ وَبِالِاسْتِحْسَانَاتِ وَبِالْأَذْوَاقِ، وَبِمَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ بَلْ تَعَبَّدُوا اللَّهَ بِدَلِيلٍ.
وَأُوصِيكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا بِمَا تَعَلَّمْتُمْ مِنَ الْعِلْمِ، فَإِنَّ الْعِلْمَ وَسِيلَةٌ لِأَنْ يُعْبَدَ اللَّهُ بِمَا يُرِيدُهُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ.
وقدْ شرعَ اللهُ أن نُؤمنَ على هذا الدعاءِ العظيمِ وهو قولُ {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} في كلِ صلواتِنا.
أَسْأَلُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أَنْ يُفَقِّهَنَا فِي دِينِهِ وَأَنْ يُحْيِيَنَا جَمِيعًا عَلَى التَّوْحِيدِ وَالسُّنَّةِ وَأَنْ يَمُنَّ عَلَيْنَا بِالْعِلْمِ النَّافِعِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ وكفى وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ المجتبى ، أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنَّهُ مَعَ كَوْنِ سُورَةِ الْفَاتِحَةِ أَفْضَلَ سُوَرِ الْقُرْآنِ إِلَّا أَنَّ بَعْضَ الْمُسْلِمِينَ يُخْطِئُ فِي قِرَاءَةِ ألفاظٍ تُغيرُ مَعْنَى هَذِهِ السُّورَةِ:
يقرأُ بَعْضُ النَّاسِ (إِيَاكَ) بِلَا تَشْدِيدٍ وَمَعْنَى (إِيَاكَ) بِلَا تَشْدِيدٍ ضوءُ الشَّمْسِ، فَكَأَنَّهُ يَقُولُ ضوءَ الشَّمْسِ أَعْبُدُ وَضوءَ الشَّمْسِ أَسْتَعِينُ ، وَالْمَشْرُوعُ قراءةُ ( إِيَّاكَ) بِتَشَدُّدِ الْيَاءِ.
وَبَعْضُهم يَكْسِرُ الْبَاءَ فِي (نَعْبِدُ) وَهي مَضْمُومَةٌ لا مكسورةٌ.
فَاللَّهَ اللَّهَ أَنْ تَعْلَمَ هَذِهِ السُّورَةَ فَإِنَّ حِفْظَهَا فَرْضُ عَيْنٍ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا تصحُ إِلَّا بِهَا، فيجبُ تَعَلُّمُ قراءتِها وَأَلَا نَقَعَ فِي أَخْطَاءٍ عندَ تِلَاوَتِهَا، وَطريقُ الْعِلْمِ التَّعَلُّمُ، عن مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنهُ قالَ:” مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ “أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ
وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :” مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ “
أيها المصلونَ: تعلموا تَفْسِيرَ هَذِهِ السُّورَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ سُوَرِ الْقُرْآنِ؛ فَإِنَّ مِنَ الْحِكَمِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا أُنْزِلَ الْقُرْآنُ أَنْ نَتَدَبَّرَهُ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ نَتَدَبَّرَ الْقُرْآنَ إِلَّا بِفَهْمِهِ قَالَ تَعَالَى {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ}
وَ احرصُوا على الرجوعِ إِلَى التَّفَاسِيرِ الْمَوْثُوقَةِ الَّتِي عَلَى اعْتِقَادِ سَلَفِ هَذِهِ الْأُمَّةِ لَا عَلَى اعْتِقَادِ الْمُعْتَزِلَةِ، وَلَا عَلَى اعْتِقَادِ الْأَشَاعِرَةِ، وَلَا اعْتِقَادِ الْقُبُورِيِّينَ وَلَا غَيْرِهِمْ
وَمِنْ أَنْفَعِ التَّفَاسِيرِ وَأَخْصَرِهَا تَفْسِيرُ العلامةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِيٍّ – رَحِمَهُ اللَّهُ –
اللَّهُمَّ يَا مَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ اللَّهُ يَا رَحْمَنُ يَا رَحِيمُ اللَّهُمَّ يَا مَنْ إِلَيْكَ الْمَصِيرُ وَالْمَعَادُ اللَّهُمَّ يَا كَرِيمُ اللَّهُمَّ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ أَصْلِحْنَا وَأَدْخِلْنَا فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ اللَّهُمَّ أَصْلِحْنَا وَأَدْخِلْنَا فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ اللَّهُمَّ أَصْلِحْنَا وَأَدْخِلْنَا فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ.
اللَّهُمَّ أَحْيِنَا عَلَى التَّوْحِيدِ وَالسُّنَّةِ وَأَمِتْنَا عَلَى التَّوْحِيدِ وَالسُّنَّةِ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا نُلْقَاكَ وَأَنْتَ رَاضٍ عَنَّا، اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ عَلِّمِ الْمُسْلِمِينَ دِينَهُمْ اللَّهُمَّ فَقِّهِ الْمُسْلِمِينَ فِي دِينِهِمْ اللَّهُمَّ مُنَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَقُومُوا بِتَوْحِيدِكَ وَاتِّبَاعِ نَبِيِّكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَقُومُوا إِلَى صَلَاتِكُمْ يَرْحَمْكُمُ اللَّهُ
د. عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رِيسِ الرِّيسِ
—