خطبة عن الاعتداء الإرهابي في منطقة القصيم


إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا،

من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمدا عبده ورسوله :

يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلاّ وأنتم مسلمون

يا أيها النّاس اتقوا ربّكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها، وبث منها رجالا كثيرا ونساء، واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام، إنّ الله كان عليكم رقيبا .

يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا، يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما أما بعد :

فإن الله سبحانه وتعالى بعث نبيه ﷺ هدى ورحمة للعالمين ، فأمر بكل خير ، ونهى عن كل شر .

وإن مما أمر الله به ورسوله : حفظَ حقوق المسلمين ، من الأموال والأعراض والدماء، ونهى الله ورسوله عن أذية المسلم بأي وسيلة ،

سواء إيذاؤه باللسان أو بالضرب أو بالقتل ونحو ذلك .

ومما يبين عِظم حرمة الدماء ماجاء من التشديد في النهي عن الإشارة بالسلاح حتى لو كان من باب المزاح،

قال ﷺ : لا يشير أحدكم على أخيه بالسلاح؛ فإنه لا يدري لعل الشيطان ينزغ في يده، فيقع في حفرة من حفر النار. متفق عليه.

وقال ﷺ : من أشار إلى أخيه بحديدة؛ فإن الملائكة تلعنه حتى يدعه، وإن كان أخاه لأبيه وأمه. رواه مسلم .

بل إن قتل المؤمن أعظم من زوال الدنيا كلها ، قال ﷺ : والذي نفسي بيده لقتل مؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا. رواه النسائي

فسبحان الله ما أعظم شأنَ الدماء وما أشدَ حرمتها.

عباد الله : ما حدث قبل أيام من الخوارج المارقين في منطقة القصيم من عمل إجرامي شنيع قُتل فيه وأصيب رجال أمن ومدنيون؛ هو عملٌ لايقره شرع ولاعقل ولامروءة.

وقد جاء من الوعيد على مثل فعلهم عدة عقوبات في شرع الله:

العقوبة الأولى : عذاب جهنم خالدين فيها . الثانية: غضب الله عليهم . الثالثة: لعنهم الله. الرابعة: أعد الله لهم عذاباً عظيماً .

وهذه العقوبات الأربع وردت في قول الله تعالى: ﴿ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما﴾ .

العقوبة الخامسة المترتبة على فعلهم الشنيع : براءة النبيﷺ منهم، قال ﷺ : (من حمل علينا السلاح فليس منا). رواه البخاري .

العقوبة السادسة: أنهم خرجوا من الفسحة في دينهم إلى الضيق والحرج، قال ﷺ: (لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يُصب دماً حراماً). رواه البخاري.

سابع تلك العقوبات : أن مات من هؤلاء الخوارج على هذا الجرم مات ميتة أهل الجاهلية،

فعن ابن عباس-رضي الله عنهما- عن النبي ﷺ، قال: « فإنه من فارق الجماعة شبرا فمات، إلا مات ميتة جاهلية» رواه البخاري ومسلم .

العقوبة الثامنة : أنهم يلقون الله – عزوجل- لا حجة لهم ،

فعن ابن عمر –رضي الله عنهما- قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول: «من خلع يدا من طاعة، لقي الله يوم القيامة لا حجة له » رواه مسلم .

وهؤلاء الخوارج خرجوا عن طاعة ولي أمرهم وفارقوا الجماعة، فعرضوا أنفسهم لهذا الوعيد العظيم .

العقوبة التاسعة : أن الغادر يُرفع له لواء يوم القيامة تشهيرا له وعقوبة على هذا الفعل الشنيع، وهؤلاء الخوارج غدروا بالمسلمين الآمنين.

عن أبي سعيد -رضي الله عنه- قال: قال رسول اللهr: «لكل غادر لواء يوم القيامة، يرفع له بقدر غدره » رواه مسلم.

العقوبة العاشرة : أن هؤلاء الخوارج ما فعلوا ذلك إلا بعد تكفير المسلمين، وتكفيرهم راجع عليهم.

فعن ابن عمر –رضي الله عنهما- قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول: ” أيما امرئ قال لأخيه: يا كافر، فقد باء بها أحدهما، إن كان كما قال، وإلا رجعت عليه ” متفق عليه.

أيها المؤمنون : هذه بعض العقوبات التي وردت في الشرع المطهر، والتي عرّض الإرهابيون الخوارج أنفسهم لها، فهؤلاء وقعوا في سفك الدم الحرام !

وفي الغدر الذي تقدم ذكر الوعيد العظيم عليه ! وفي شق عصا المسلمين ، والخروج على ولي أمرهم ! وكلها موبقات بعضها أعظم من بعض .

عباد الله: إن رجال الأمن الذين قُتلوا في مثل هذه العمليات تُرجى لهم الشهادة، فهم سخّروا أنفسهم لحماية المسلمين، ولحماية بلاد الحرمين وقبلة المسلمين،

وقد جاء عن النبي ﷺ في ذكر الخوارج أنهم : (شر الخلق والخليقة، طوبى لمن قتلهم وقتلوه) رواه أحمد وأبو داود وصححه الحاكم.

فالخوارج موعودون بالنار، ومن قتلوه موعود بالجنة، فاللهم اجعل رجال أمننا في أعلى جنان الخلد .

أقول ماتسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولوالدينا والمسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم ………….

الخطبة الثانية:

الحمد لله الرحمن الرحيم ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . أما بعد:

فإن الخوارج قوم سوء حذرنا النبي ﷺ منهم، وذكر أن من أوصافهم أنهم (يَقْتُلُونَ أَهْلَ الإِسْلاَمِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الأَوْثَانِ) متفق عليه .

ولشدة ضررهم على أهل الإسلام قال ﷺ بعد أن ذكرهم : « يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد» متفق عليه.

و قال ﷺ: «لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل ثمود» متفق عليه . وما قال ﷺ ذلك إلا لعظيم جرمهم وشدة ضررهم على الإسلام والمسلمين .

عباد الله : إن من الخوارج المعاصرين ما نشأ في الأزمنة المتأخرة من الفِرق الغالية في التكفير كداعش والنصرة والقاعدة وتنظيم الإخوان المسلمين والسرورية وغيرهم،

والتي ما عادت على المسلمين إلا بالشر والصد عن سبيل الله ، وفي التحريش بينهم، والعمل على إحداث الفتن والقلاقل،

فهم يفسدون في الأرض بالإخلال بالأمن وسفك الدماء المعصومة ، وهم يصدون غير المسلمين عن دين الإسلام إذا رأوا فعالهم.

فواجب علينا التحذير منهم ومن شرهم، وواجب علينا تحذير النشأ والأجيال القادمة منهم، والصراحة في فضح فكرهم، حماية لنا ولمقدساتنا وبلادنا وذرياتنا والأجيال القادمة .

أيها المؤمنون :

إن الدفاع عن قبلة الإسلام والمسلمين المملكة العربية السعودية واجب شرعي على كل مسلم،

سواء كان من أهلها أو من غيرها، فهي بلد الإسلام ومهوى أفئدة المسلمين، وقبلتهم، وهي بلد التوحيد والسنة .

فالواجب علينا المسارعة في حماية أمنها بكل ما نستطيع، واحتساب الأجر عند الله عز وجل ، والعمل على كل ما يقوي اللحمة والائتلاف بين المسلمين في هذه البلاد وغيرها .

اللهم احفظ الإسلام والمسلمين في كل مكان ، اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح ووفق ولاة أمورنا، واحفظ بلادنا المملكة العربية السعودية وبلاد المسلمين من كل سوء ومكروه .

اللهم احفظ رجال أمننا، وتقبل من مات منهم في الشهداء، وانصرهم على عدوك وعدوهم يا قوي يا عزيز .

اللهم انصر جنودنا المرابطين على الحدود وفي الثغور، وفي الداخل والخارج واجزهم عنا خير الجزاء.

اللهم وفق ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين وولي عهده لكل خير، وانصر بهم الإسلام وأهله، وسائر ولاة أمور المسلمين .

اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، ودنيانا التي فيها معاشنا، وآخرتنا التي إليها معادنا . اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار .

كتبه

د. ماهر بن عبدالرحيم خوجة

عضو هيئة التدريس في كلية أصول الدين

جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

@maher_khujah


شارك المحتوى: