جراحات المسلمين وضعف الإسلام


بسم الله الرحمن الرحيم

إن ضعف أمتنا وتغلب الأعداء علينا مصيبة عظيمة وبلاء جسيم يجب علينا أن نسعى في إزالته ، وهذا لا يتحقق غاية التحقيق إلا بحسن تشخيصه، وألا يخلط في تشخيصه بين المرض والعرض، وما أكثر المخلطين بين الأمراض والأعراض؛ لذا خلطوا فيما ظنوه علاجاً ودواء.

فظنت طائفة أن المرض هو: مكر الأعداء، وتغلبهم. فعليه ظنت الدواء: إشغال المسلمين بالعدو، ومخططاته، وأقواله، وتصريحاته.

وظنت طائفة أخرى أن المرض: تسلط الحكام الظلمة في بعض الدول الإسلامية. فعليه ظنت الدواء: إسقاط هؤلاء الحكام، وشحن نفوس الناس تجاههم.

وظنت طائفة ثالثة أن المرض: تفرق المسلمين في الأبدان . فعليه ظنت الدواء: جمعهم، وتوحيدهم ؛ ليكثروا .

وكل هؤلاء مخطئون في تشخيص الداء بصريح القرآن والسنة فضلاً عما ظنوه دواء ،

ووجه خطأ الطائفة الأولى أننا إذا اتقينا الله لا يضرنا كيد الأعداء قال تعالى : ( وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً) .

ووجه خطأ الطائفة الثانية أن الحكام الظلمة عقوبة يسلطهم الله على الظالمين، بسبب ذنوب المحكومين قال تعالى: ( وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) فليس الحكام الظلمة – إذاً- الداء، بل الداء المحكومون أنفسهم .

ووجه خطأ الطائفة الثالثة أن الكثرة وتوحيد الصفوف مع الذنوب لا تنفع كما قال تعالى : )وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً( ، ألم تر كيف أن ذنب العجب بدد هذه الكثرة فهزم الصحابة يوم حنين .

ومن الذنوب توحيد الصفوف مع المبتدعة من الصوفية والأشاعرة والمعتزلة؛ لأن الواجب تجاههم الإنكار عليهم، وأقل أحوال الإنكار القلبي مفارقتهم لا مجالستهم، قال تعالى:(إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ) .

ومن هنا تعلم خطأ المقولة التي يرددها المؤسس الأول لجماعة الإخوان المسلمين حسن البنا : نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه . وهي من الأسس التي قامت عليها هذه الجماعة؛ لذا ترى حسناً البنا وأتباعه طبقوها عملياً مع الرافضة والصوفية وغيرهما.

وبعد هذا كله ، لقائل أن ينادي: قد أبنت الأخطاء في تشخيص داء أمتنا، فما التشخيص الصحيح المبني على كتاب ربنا وصحيح سنة نبينا صلى الله عليه وسلم؟

فيقال: تواترت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية في أن المصائب التي تنزل بالعباد بسبب ذنوبهم ، قال تعالى : (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)

وإن من أعظم المصائب والبلايا تغلب الأعداء وضعف المسلمين، فمن هذا يظهر جلياً ما يلي:

أن الداء والمرض هو : تقصير المسلمين في دينهم، ومخالفتهم لشريعة نبيهم .

والدواء والشفاء هو: إرجاعهم إلى دينهم الحق.

وأعراض هذا الداء هو: غلبة الكفار، وتسلطهم، وتسليط الحكام الظلمة على بعض دول المسلمين. ألا ترى إلى الشرك كيف ضربت أطنابه، ورفعت راياته في أكثر العالم الإسلامي؟ وألا ترى إلى التوحيد كيف يحارب في أكثر العالم الإسلامي .

فإذا كان هذا حال العالم الإسلامي مع أعظم ذنب يعصى الله به ( الشرك الأكبر ) ، فكيف نريد نصراً وعزاً .

ناهيك عن المعاصي الشبهاتية الأخرى والشهوانية فهي السائدة الظاهرة في أكثر العالم الإسلامي . فإذا كنا صادقين، ولأمتنا راحمين، فلا نشتغل بالعرض عن علاج الداء، وهو إرجاعهم إلى دينهم .

أسأل الله أن يهدينا جميعاً لصراطه المستقيم، ويقر أعيينا بعز الإسلام والمسلمين .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عبدالعزيز بن ريس الريس

صفر / 1429هـ


شارك المحتوى: