العجب من بدع رجب


 

الحمدُ لله ربِّ العالمين ، والصَّلاةُ والسَّلام على نبيِّنا محمَّد ، وآله وصحبه وسلِّم … أمَّا بعد :

فقد أهلَّ علينا شهرُ رجب ، وهو أحد الأشهر الأربعة التي حرَّمها اللهُ في كتابه فقالَ تعالى : { إنَّ عِدَّة الشُّهور عند الله اثنا عشر شهرًا في كتاب الله يوم خلق السَّماوات والأرض منها أربعةٌ حُرُم ذلك الدِّينُ القيِّمُ فلا تَظلموا فيهنَّ أنفسَكم }

🔹 قال ابن كثيرٍ رحمه الله : { فلا تظلموا فيهنَّ أنفسكم } أي في هذه الأشهر المحرَّمة ؛ لأنَّها آكدُ ، وأبلغُ في الإثم من غيرها .
[ تفسير ابن كثير (4/130) ]

🔹 وقال القرطبيُّ رحمه الله : خَصَّ اللهُ تعالى الأربعةَ الأشهرَ الحُرُم بالذِّكر ، ونهى عن الظُّلم فيها : تشريفًا لها ؛ وإن كان مَنهيًّا عنه في كلِّ الزَّمان .
[ تفسير القرطبي (8/135) ]

وإنَّ مِن ظُلم العِباد أنفسَهم في هذا الشَّهر : ما أحدثوه من عبادات مخصوصة فيه ، لم يأمر بها اللهُ ، ولا رسولُه ﷺ !

وقد أفرد الحافظ ابن حجر رحمه الله رسالةً في هذا الباب ، وأسماها : تبيين العجَب بما ورد في فضل رجب وكان مما قال فيها :

🔹 لم يَرِدْ في فضل شهر رجب ، ولا في صيامه ، ولا في صيام شيء منه معيَّنٍ ، ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه ، حديثٌ صحيح يَصلُح للحجَّة.

وقد سبقني إلى الجزم بذلك : الإمام أبو إسماعيل الهروي الحافظ ، رويناه عنه بإسناد صحيح ، وكذلك رويناه عن غيره .
[ تبيين العجَب (11) ]

🔹 وقال الحافظ العراقيُّ رحمه الله : لا يصحُّ في فضل رجب حديثٌ .
[ فيض القدير (4/18) ]

1) فأما الصلاة المحدَثة ؛ المعروفة باسم : “صلاة الرغائب” ( وهي : ثنتا عشرة ركعة ، تُصلى بين المغرب والعشاء ، ليلة أول جمعة في رجب ) :

🔹 فقد قال عنها الحافظُ النُّوويُّ رحمه الله : هي بدعةٌ قبيحةٌ ، منكَرةٌ أشدَّ إنكار ، مشتملةٌ على منكراتٍ ؛ فيتعيَّنُ تركُها والإعراض عنها ؛ وإنكارها على فاعلها .
[ فتاوى النووي (57) ]

🔹 وقال عنها ابن النَّحاس رحمه الله : هي بدعةٌ ، والحديثُ الوارد فيها موضوعٌ باتِّفاق المحدِّثين .
[ تنبيه الغافلين (496) ]

2) وأما صوم شهر رجب ( أو بعضه ) صومًا مخصوصًا :

🔹 فقد قال شيخ الإسلام رحمه الله : وأمَّا صوم رجبٍ بخصوصه ؛ فأحاديثه كلُّها ضعيفةٌ ؛ بل موضوعةٌ ، لا يَعتمدُ أهل العلم على شيء منها ؛ وليستْ من الضَّعيف الذي يُروى في الفضائل ؛ بل عامَّتها من الموضوعات المكذوبات !
[ الفتاوى (25/290) ]

🔹 وقال ابن القيِّم رحمه الله : كلُّ حديثٍ في ذِكر صيام رجب ، وصلاة بعض اللَّيالي فيه ؛ فهو كذبٌ مُفترى .
[ المنار المنيف (96) ]

3) وأما العمرة المخترعة باسم : العمرة الرَّجبية :

🔹 فقد قالت أمُّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النَّبيَّ ﷺ : ما اعتمر في رجب قطُّ.
[ صحيح البخاري (1776) ]

🔹 قال ابن العطار ( أجلُّ تلاميذ النَّووي رحمهما الله) : وممَّا بلغني عن أهل مكَّة – زادها اللهُ تشريفا – اعتيادُهم كثرةَ الاعتمار في رجب ؛ وهذا ممَّا لا أعلم له أصلًا .
[ المساجلة بين العز بن عبد السلام وابن الصلاح (56) ]

💡 فحريٌّ على مَن عَرف ذلك أن يلزم هديَ رسوله ﷺ ، ويدَعَ ما أحدثه المُحدِثون ، مع علمه بيقين أنَّ العبادةَ لا تكون مقبولةً ، حتَّى تكون
١) خالصةً لله تعالى .
٢) مُوافقًة للسُّنَّة .

والاقتصاد في السُّنَّة خير من الاجتهاد في البدعة .

🔹 قال حسان بن عطية رحمه الله : ما ابتدعَ قومٌ بدعةً في دِينهم ؛ إلَّا نَزعَ اللهُ من سُنَّتهم مثلها ، ولا يُعيدُها إليهم إلى يوم القيامة .
[ الحلية (6/73) ]

🔹 وقال أيوب السِّختياني رحمه الله : ما ازدادَ صاحبُ بدعةٍ اجتهادًا ؛ إلَّا زادَ من اللهِ بُعدًا .
[ الحلية (3/9) ]

☝🏻 أسألُ اللهَ العليَّ الأعلى أن يَجعلنا ممَّن فقُه في دِينه ، والتزمَ سُنَّةَ رسولِهِ ﷺ ؛ فإنَّه لا خيرَ ولا هُدًى فيما دونَ ذلك .. والحمدُ لله ربِّ العالَمين .

فراس الرفاعي
1 رجب 1437


شارك المحتوى:
1