الرد على شبهات ابراهيم البحراني ( 2 )


الرد على شبهات ابراهيم البحراني

( الشبهة الثانية )

قالوا : إن عمر الخليفة الثاني : إتهم أباهريرة وهدده إذا تحدث بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن ينفيه إلى أرض دوس وذلك لقول عمر لأبي هريرة: لَتَتْرُكَنَّ الْحَدِيثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ لَأُلْحِقَنَّكَ بِأَرْضِ دوس ، وَقَالَ لِكَعْبٍ : لَتَتْرُكَنَّ الْحَدِيثَ أو لَأُلْحِقَنَّكَ بِأَرْضِ الْقردةِ .

ولي على هذا الأثرِ عدة وقفات .

الوقفة الأولى :
هذا الأثر عن عمر رضي الله عنه قال عنه المعلمي في كتابه الأنوار الكاشفة أن هذا الأثر لا يصح عن عمر وذكر الأدلة على تضعيفه فراجعه ، وأما قوله عن كعب الأحبار: الذي كان يهوديا فأسلم في خلافة أبي بكر أو عمر وهو ليس بصحابي، قال ابن حجر : والراجح أن إسلامه كان في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد حسن إسلامُه .فعمر رضي الله عنه قال له (لتتركن الحديث، أو لألحقنك بأرض القردة) والصحيح أن أصلَ متنِ الروايةِ لتتركن الحديث عن الأول فكلمة (الأول قد تكون حذفت أوسقطت سهوا من بعض الكتب)فيكون المراد من قول عمر لكعب الأحبار لَتَتْرُكَنَّ الْحَدِيثَ عن الأول أو لَأُلْحِقَنَّكَ بِأَرْضِ الْقردةِ _ والمقصودُ بالأول بني إسرائيل وحينئذ لا إشكال في ذلك وراجع البداية والنهاية لابن كثير، فعمر خاف أن يخلِط الناس بين حديث رسول الله وحديث بني إسرائيل لأن السنة والأحاديث كانت تنتقل مشافهة فخاف عمر أن يتسرب إليها خطأ أو ما ليس منها .

الوقفة الثانية :
على فرْض صحةِ هذه الروايةِ عن أبي هريرة وثبوتِها عن عمر فإنه يُحمَلُ قولُه على أحسن المحامِلِ وهذا هو الظنُ الحسنُ من المؤمن للمؤمن ولا يجوز أن نحْمِلَ قولَ عمر أنه يتهمُ أبا هريرة بالكذب أو أنه لا يريدُ حديث رسول الله أن ينتشر بين الناس، ولا يقولُ هذا القولَ أحدٌ إلا من كان في قلبه مرض وزيغ ، فالواجب على المسلم أن يحسن الظّنّ بكلام أخيه المسلمِ، وأن يُحَمِّلَ كلامَه وعبارتَه مَحْمَلاً حسنا إن وجد إلى ذلك سبيلا وقد جاء بهذا المعنى أثرٌ عند الشيعةِ عن أهل البيت عن أبي عبدالله عليه السلام قال قال أمير المؤمنين عليه السلام : ضع أمر أخيك على أحسنه ولا تظُنَ بكلمة خرجت من أخيك سوءاً وأنت تجدُ لها في الخير مَحْمَلاً ) أخرجها الكليني في كتابه الكافي والحر العاملي في كتابه وسائل الشيعة وبحار الأنوار ، وهذا هو التأويلُ الحسنُ المطلوبُ تجاهَ كلامِ المسلمِ ولا يحمل على تأويل باطل وعلى سوء ابتغاء الطعن وابتغاء الفتنة كما قال تعالى (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ) ، فالعلماء وأهل السنة حملوا نهي عمر على أنه خشي من الأحاديث التي يذكرها أبو هريرة أن يضعها الناس على غير مواضعها، فيتكلون على ما فيها من أحاديث الرخص ، وربما سرد أبو هريرة رضي الله عنه سردا في المجلس الواحد من الأحاديث ، وكان عمر رضي الله عنه ، قصد بزجره لأبي هريرة لكي يشتغل الناس بالقرآن ، وأن يقلوا الرواية عن رسول الله في غير أحاديث العمل ولكي لا يكذب الله ورسوله ، والذي دفع أبوهريرة أن يحدث الناس بما سمعه من رسول الله – صلى الله عليه وسلم هو الخوف من إثم كِتْمان العلم وعمر رضي الله عنه رأى أن المجالس العامة تجمع العالم والجاهل والأحمق وسيء الفَهم فليس كل حديث يقال لعامة الناس فراعى عمر المصلحة العامة وذلك لأمرين ، الأمر الأول : كونُه خليفةَ المسلمين وهو المسؤلُ الأولُ عن رعيته والأمر الثاني : أن عمر يدركُ أن قوله ملزمٌ لأن الخليفة والأمير يتعلق فيه أمران الأمر الأول : الإرشاد والدلالة والبيان ، والأمر الثاني : الإلزام والتنفيذ بخلاف العلماء فيتعلق فيهم أمر واحد وهو الإرشاد والبيان والدلالة .
الوقفة الثالثة : عمر رضي الله عنه لم يمنعْ أباهريرة من التحدث بأحاديث رسول الله بين أهل العلم وبين من يفهمُ حديثَ رسول الله والدليل على ذلك من وجهين :

الوجه الأولُ : إن عمر استعمل أبا هريرة في منتصف أو أواخر خلافته وجعله واليا على البحرين ، والوالي سيحكمُ وسيقضي بينهم بكتاب الله وسنة رسوله وسيُفْتي ((بما يناسِبُ واقعَ الحال)) ويحدثُهم وهذا دليل واضح على أن نهي عمر وزجرَه لأبي هريرة ليس على الإطلاق وكان أيضا لظرف معين .

الوجه الثاني : عمر رضي الله عنه ممن نشر حديث رسول الله بين الناس وقد روى أكثر من خمسِمائةِ حديثٍ أتفق البخاري ومسلمٌ منها على ستةٍ وعشرين حديثا وانفرد البخاري على أربعةٍ وثلاثين حديثا ومسلم بواحدٍ وعشرين حديثا والباقي منتشر في السنن والمسانيد ، فلا يعقل من عمر أن ينهى أباهريرة عن الكف عن الحديث ثم هو بنفسه يحدث حديث رسول الله بين الناس .

وكيف يَصِحُ في الأذهان شيءٌ – إذا احتاجَ النهارُ إلى دليل .

فهل يقال بعد ذلك أن عمر ينهى أبا هريرة عن الحديث على وجه الإطلاق ويعاقبُ كل من تحدث بحديث رسول الله !!! لا يقول ذلك إلا أعداءُ الإسلام ، فعمر يرى ، ليس كل حديث يقال للناس حتى لا يكذب الله ورسوله ، وأن يقلوا الرواية عن رسول الله في المجالس العامةِ وفي غير أحاديث العمل وأن يشتغل الناس بالقرآن ، وإليك بعضُ الأحاديث التي عند الشيعة والتي تُظِهرُ مقصِدَ عمرَ من منع أبا هريرة رضي الله عنهم أجمعين .

الحديث الأول : عند الشيعة قال عمر ( جردوا القرآن ولا تفسروه وأقلوا الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا شريكُكُم ) كتاب نهج البلاغة وهو كتاب معتمد عند الشيعة .

الحديث الثاني : عن محمد بن عبيد قال دخلت على الرضا عليه السلام فقال لي قل للعباسي يكفُّ عن الكلام في التوحيد وغيره ويكلم الناس بما يعرفون ويكفْ عما ينكرون ) المستدرك وبحار الأنوار كتاب التوحيد .

الحديث الثالث : عند الشيعة قال أنس بن مالك سمعت رسول الله يقول ( لا تحدثوا الناس بما لا يَعْرفون أتُحِبُون أن يُكَذَبَ اللهُ ورسولُه ) المستدرك

الحديث الرابع : قال الصادق عليه السلام يامُفضَّلُ إن رسول الله قال اللهم حملني ذنوب شيعة أخي وأولادي الأوصياء ما تقدم منها وما تأخر إلى يوم القيامة ولا تفضحني بين النبيين والمرسلين من شيعتنا فحمَّلها الله إياه وغفر جميعها … ثم قال الصادق عليه السلام لا تحدثْ بهذا الحديثِ أصحابَ الرُخَصِ من شيعتنا فيتكلوا على هذا الفضل ويتركوا العمل فلا يغني عنهم من الله شيئا ) كتاب بحار الأنوار(بغض النظر عن صحة الرواية ولكن من باب إلزام الخصم وإلا نحن نعلم أن هذه الرواية كذب على أهل البيت )) .

الحديث الخامس : عن عاِمِر بن وائِلًةَ قال : قال أميرُ المؤمنين عليه السلام : اتُحِبُون أن يُكذبَ اللهُ ورسولُهُ حَدِثوا الناس بما يعرفون وأمِسكوا عما يُنكِرون ) المستدرك على الوسائل – بحار الأنوار – غيبة النعماني .

الحديث السادس : قال علي بن الحسين عليه السلام حدثوا الناس بما يعرفون ) في المستدرك

الحديث السابع : قال علي بن الحسين عليه السلام أنه قال لقوم من شيعته اجتمعوا إليه وتذاكروا وما يتكلمون به عنده فقال لهم حدثوا الناس بما يعرفون ودعوا ما ينكرون أتحبون أن يسب الله ورسوله ) المستدرك – دعائم الإسلام .

الحديث الثامن : قال الرضا عليه السلام : حدثوا الناس بما يعرفون ولا تحدثوهم بما ينكرون ) جامع الأخبار .

الحديث التاسع : وكان ابن مسعود يقول ما كنت محدثا قوما حديثا لا يبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنةً … وكان ابن عباس يقول أيضا ) بحار الأنوار .

الوقفة الرابعة: أبو هريرة رضي الله عنه لم يكن موضع اتهام أو نزاع أوشك أبدا عند الصحابة ولا من بعدهم من التابعين في صدقه فالكل مجمعون على صدقه وأمانته إلا أحفاد وخدام أبي لؤلؤة المجوسي الفارسي وعبدالله بن سبأ اليهودي فهولاء قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ والكراهة للصحابة مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ . عن مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ : يَا أَبَا مُحَمَّدٍ وَاللَّهِ مَا نَدْرِي هَذَا الْيَمَانِيَّ ، أَعْلَمُ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مِنْكُمْ أَوْ هُوَ يَقُولُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَمْ يَقُلْ يَعْنِي أَبَا هُرَيْرَةَ فَقَالَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ : وَاللَّهِ مَا نَشُكُّ أَنَّهُ قَدْ سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مَا لَمْ نَسْمَعْ وَعَلِمَ مَا لَمْ نَعْلَمْ , إِنَّا كُنَّا أَقْوَامًا أَغْنِيَاءَ وَلَنَا بُيُوتَاتٌ وَأَهْلُونَ ، وَكُنَّا نَأْتِي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَرَفَيِ النَّهَارِ , وَكَانَ مِسْكِينًا لاَ مَالَ لَهُ وَلاَ أَهْلَ , إِنَّمَا كَانَتْ يَدُهُ مَعَ يَدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكَانَ يَدُورُ مَعَهُ حَيْثُ مَا دَارَ , وَلاَ نَشُكُّ أَنَّهُ قَدْ عَلِمَ مَا لَمْ نَعْلَمْ وَسَمِعَ مَا لَمْ نَسْمَعْ ، وَلَمْ نَجِدْ أَحَدًا فِيهِ خَيْرٌ : يَقُولُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَمْ يَقُلْ. وهذا الأثر في مسند أبي يعلى ومسند البزار وهو صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه . وعَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ قَالَ لأبي هريرة: أَنْتَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ كُنْتَ أَلْزَمَنَا لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَعْلَمَنَا بِحَدِيثِهِ . أخرجه الترمذي وقَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ وأخرجه أحمد في ” المسند ” والحاكم في المستدرك على الصحيحين )وقال شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط مسلم .
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ يَقُولُونَ إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَدْ أَكْثَرَ وَاللَّهُ الْمَوْعِدُ وَيَقُولُونَ مَا بَالُ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ لَا يَتَحَدَّثُونَ مِثْلَ أَحَادِيثِهِ وَسَأُخْبِرُكُمْ عَنْ ذَلِكَ إِنَّ إِخْوَانِي مِنْ الْأَنْصَارِ كَانَ يَشْغَلُهُمْ عَمَلُ أَرَضِيهِمْ وَإِنَّ إِخْوَانِي مِنْ الْمُهَاجِرِينَ كَانَ يَشْغَلُهُمْ الصَّفْقُ بِالْأَسْوَاقِ وَكُنْتُ أَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مِلْءِ بَطْنِي فَأَشْهَدُ إِذَا غَابُوا وَأَحْفَظُ إِذَا نَسُوا وَلَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا أَيُّكُمْ يَبْسُطُ ثَوْبَهُ فَيَأْخُذُ مِنْ حَدِيثِي هَذَا ثُمَّ يَجْمَعُهُ إِلَى صَدْرِهِ فَإِنَّهُ لَمْ يَنْسَ شَيْئًا سَمِعَهُ فَبَسَطْتُ بُرْدَةً عَلَيَّ حَتَّى فَرَغَ مِنْ حَدِيثِهِ ثُمَّ جَمَعْتُهَا إِلَى صَدْرِي فَمَا نَسِيتُ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ شَيْئًا حَدَّثَنِي بِهِ وَلَوْلَا آيَتَانِ أَنْزَلَهُمَا اللَّهُ فِي كِتَابِهِ مَا حَدَّثْتُ شَيْئًا أَبَدًا { إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ } إِلَى آخِرِ الْآيَتَيْنِ . أخرجه مسلم في صحيحه وغيره ، ولذلك كان أبو هريرة أكثرَ الصحابةِ روايةً للأحاديث رضي الله عنهم أجمعين .
قال البُخَارِيِّ رحمه الله في صحيحه) بابُ مَنْ خَصَّ بِالْعِلْمِ قَوْمًا دُونَ قَوْمٍ كَرَاهِيَةَ أَنْ لَا يَفْهَمُوا :قَوْلُ الإِمَامِ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-:حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُوْنَ، وَدَعُوا مَا يُنْكِرُوْنَ، أَتُحِبُّوْنَ أَنْ يُكَذَّبَ اللهُ وَرَسُوْلُهُ. قال ابن حجر معلِّقاً عليه : ( فيه دليل على أن المتشابَهَ لا ينبغي أن يذكر عند العامة ) .) وهَكَذَا كَانَ عُمَرُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- يَقُوْلُ: أَقِلُّوا الحَدِيْثَ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.فالعلماء وأهل السنة لسلامة قلوبهم للصحابة حملوا هذا الأثرَ على مَحْمَلٍ حسنٍ بخلاف الرافضةِ لحقدهم وكراهيتهم للصحابة حملوا قوله على أسوء المحامِلِ .

الوقفة الخامسة والأخيرة : سأذكر بعض الروايات التي عند الشيعة ونريد أن نجيب على القزويني وخادمِ المجوس بنفسِ العقليةِ والأسلوبِ التي أجابوا عليها أثرَ عمر ، الحديث الأول : عن جابر الْجُعْفِيِّ قال حدثني أبو جعفر عليه السلام سبعين ألف حديثا لم أحدثْ بها أحدا قطُّ ولا أحدثْ بها أحدا أبدا ) كتاب الإختصاص للشيخ المفيد .
أليس في هذا كتمٌ للعلم وضياعٌ للأحاديث والأحكام ، سبعون ألف حديثٍ لا يحدث بها أحدا أبدا لاعالم ولا جاهل ألا يعد هذا طعناً في حكمة الله كونُها لا تُبلَغُ وكأنها لا تصلحُ للناس حتى العلماء إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ . 
الحديث الثاني : قال ابو عبدالله عليه السلام : لو أخبرت الناس بما فيها لمن زار الحسين عليه السلام لقامت ذكور الرجال على الخشب ) للحر العاملي في كتابه وسائل الشيعة وكذلك بحار الأنوار للمجلسي وكتاب كامل الزيارات . فما هذه الأحاديث التي كتمها وهي من الوحي بزعمهم ولم يخبرْ بها أحدا ، ولو قالها وأخبر بها أحدا لقامت وانتصبت ذكور الرجال زوار الحسين على الخشب ، فهل يقال أن هذه الأحاديث التي أوحى الله للأئمة في فضل زيارة الحسين لا تصلح أن تقال للزائرين حتى لا تقومُ ذكورهم وتنتصب فيعاشرون الخشب وربما جر ذلك إلى أمور لا تحمد عقباها فيكون قد كتمها لأنها غير لائقة فلا تصلح فيكون تشريعا عبثا من الله تعالى الله عما يقولون، مع أن زيارة القبور شرعها الله لأمرين : الأول لكي ندعوا للأموات بالرحمة والأمر الثاني : للإتعاظ ولكي نتذكر الآخرة ، أما حديثُ الشيعةِ فالزيارة لكي تقوم وتنتفخ ذكور الرجال على الخشب .

الحديث الثالث : قال زرارة والله لو حدثت بكلمات سمعتها من أبي عبدالله عليه السلام لأنتفخت ذكور الرجال على الخشب ) رجال الكشي ، ما هذه الأحاديث التي كتمها ولم يخبرْ بها أحدا ولو أخبر بها أحدا لنتفخت وانتصبت ذكور زوار الحسين .

الحديث الرابع : المجلسي وهو من علماء الشيعة ويطلقون عليه العلامة قال في كتابه بحار الأنوار ( باب العلةِ التي من أجلها كتم الأئمةُ عليهم السلام بعضَ العلوم والأحكام ) ثم ذكر الأحاديثَ في ذلك فالأئمة كتموا الأحاديث وأمروا غيرهم بكتمانها ، فهل يقال كما يقال في عمر أن هولاء الأئمة يحاربون أحاديث رسول الله ولا يريدونا أن تنتشر بين الناس لأنهم يبغضون الرسول ولا يعتمدون على السنة ويعاقبون كل من يحدث بها؟!!!

الحديث الخامس : عن محمد بن عبيد قال دخلت على الرضا عليه السلام فقال لي قل للعباسي يكفْ عن الكلام في التوحيد وغيره ويكلمُ الناس بما يعرفون ويكف عما ينكرون ) المستدرك وبحار الأنوار كتاب التوحيد 0 فهل يقال للرضا عليه السلام كما يقال لعمر بأن الرضا عليه السلام يعاقب كل من تكلم في التوحيد وقام بنشره وبهذا يحارب التوحيد ولا يحارب الشرك ؟ 

بوب الكليني وهو من علماء الشيعة في كتابه الكافي بابا فقال بابُ دينٍ من كتمه أعزه الله ومن أذاعه أذله الله ) عجبٌ دين من كتمه أعزه الله ومن نشره وأذاعه أذله الله فإذن فما الحكمة من إرسال الرسل وإنزال الكتب إذا كان في نشره (يذله الله وفي كتمه يعزه الله ) ، إذن لماذا تنكرون على عمر إذا كنتم ترون أنه يأمرُ أبا هريرة بكتم الأحاديث وعدم نشرها ، لماذا لم تحمّلوا قوله لأبي هريرة أن عمر إلتزم بدين الإئمة الأثناعشر لقولهم ( نحن على دين من كتمه أعزه الله ومن أذاعه أذله الله ) فلماذا هذا النكير ؟

وأخيرا مقارنة بين أبي هريرة وبين راوة الشيعة فإن أبا هريرة رضي الله عنه لم يكتم الحديث وقد حدث به خوفا من كتم العلم ولكن لكل مقام مقال وهذا الذي أراده عمر رضي الله عنه من أبي هريرة ،ولكن لو رأيت أحد رواة الشيعة وأعظمَهم روايةً يدفن الأحاديث في حفرة ويطمها ولا يحدث بها أحدا حتى من لا يَخشى عليه الفتنةَ أو تكذيبُ اللهَ ورسولَه .

عن جابر الجعفي قال حدثني محمد بن علي عليه السلام سبعين حديثا لم أحدث بها أحدا قط ولا أُحدِّثْ بها أحدا أبدا فلما ثَقُلتْ علي عُنقُي وضاق بها صدري فأتيت أبا عبدالله عليه السلام فقلت جُعِلتُ فِداك إن أباك حدثني سبعين حديثا لم يخرج مني شيءٌ منها ولا يخرج شيءٌ منها إلى أحد فأمرني بسترها وقد ثقلت على عنقي وضاق بها صدري فما تأمُرُني فقال ياجابرُ إذا ضاق بك من ذلك شيءٌ فاخرج إلى الجَبَّانَةِ فاحْفِرْ حَفِيرَةً ثم دلِّ رأسَكَ فيها وقل حدثني محمد بن علي بكذا وكذا ثم طُمَّهُ فإن الأرض تَستُرُ عليك قال جابر فقلتُ ذلك فخف عني ما كنت أجِدُهُ ، كتاب الكافي للكليني ، حدثه بسبعين حديثا ثم لم يخبر بها أحدا من الناس إذن مالحكمة من وحيها ألا يعد هذا من باب العبث كيف بأحاديث تتضمن أحكاماً ومسائلَ تتعلق بالمكلفين ثم تدفن في حفرة إذن فما الحكمةُ من ذلك ؟! 

روى الكشي عن جابر الجعفي قال حدثني أبو جعفر (ع) بسبعين ألف حديث!! لم أحدث بها أحداً قط ولا أُحدِّثْ بها أحدا أبدا ، قال جابر فقلت لأبي جعفر (ع) جُعِلتُ فِداك إنك قد حَملتَني وِقْراً عَظيماً بما حدثتني به من سِرِّكُم!! الذي لا أُحَدِّثُ به أحداً!! ، فرُبَّما جَاشَ في صَدرِي حتى يأخُذَنِي منه شِبُه الجُنُونِ !! قال يا جابرُ فإذا كان ذلك فاخْرُج إلى الجَبَّانِ فاحْفِرْ حَفِيرَةً وادْلُ رأسَكَ فيها ثم قل حدثني محمد بن علي بكذا وكذا (رجال الكشي ص194 ).وفي كتاب بحار الأنوار ( تسعين ألفَ حديثٍ ) سبحان الله ينكرون على فعل عمر رضي الله عنه إن صح ولا ينكرون على أحد رواة الشيعة وهو جابر الجعفي بأمْر من أحد أئمتهم يحدثه بسبعين ألف حديث وفي رواية تسعين ألف حديث وفيها من الأحكام ما فيها وهي من الشرع ولم يحدث بها أحدا قط ثم يأمره بأن يخرج ويحفر حَفِيرَةً ثم يدلي برأسه فتخرج هذه الأحاديث إلى تلك الحفرة ثم يأمره بدفنها إذن ما الحكمة من وحيها إذا لم تبلغ للناس أليس هذا من باب العبث وطعن في حكمة الله أليس هذا كتم للعلم على وجه الإطلاق ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ) .

كتبه الشيخ / فيحان الجرمان


شارك المحتوى: