الرؤى و المنامات


( الرؤى و المنامات )

الخطبة الأولى

إنَّ الْحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، ومِنْ َسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ له، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ, وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صلي الله عليه وعلى آله وسلم.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}. أَمَّا بَعْدُ:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم, وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة, وكل بدعة ضلالة, وكل ضلالة في النار.وعليكم بجماعة المسلمين وإمامكم خادم الحرمين فإن يد الله مع الجماعة ومن شذ في النار .

أيها المسلمون! اتقوا الله، وكونوا مع الصادقين، وأطيعوا الله ورسوله لعلكم ترحمون.

يقول ربنا سبحانه وتعالى :{ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَالَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرَىٰ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ } ، قال عدد من الصحابة والتابعين: إن المراد بالبشرى هي الرؤيا الصالحة عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله : «لم يبق بعدي من النبوة إلا المبشرات» . قالوا: وما المبشرات؟ قال: «الرؤيا الصالحة»البخاري .

عباد الله!

أمر الرؤيا في المنام من الأمور التي اعتنى بها نبينا صلى الله عليه وسلم فكان إذا صلى الصبح أقبل عليهم بوجهه وقال : «هل رأى أحد منكم البارحة رؤيا؟» .رواه مسلم .

ولكننا هذا الزمن اختلط على كثير من الناس أمر الرؤيا بأضغاث الأحلام للجهل وتصدر اللئام للتفسير ، واختلط صحيحها بسقيمها، فظن بعض الناس أن كل ما يرى في المنام؛ أنه حق فذهب إلى كل من هب ودب ليفسرها له .

فنبيّنا صلوات ربي وسلامه عليه قسم الرؤى ثلاثة أقسام ففي الحديث الذي رواه مسلم قال: «والرؤيا ثلاثة؛ فرؤيا الصالحة بشرى من الله، ورؤيا تحزين من الشيطان، ورؤيا مما يحدث به المرء نفسه؛ فإذا رأى أحدكم ما يكره؛ فليقم، فليصل، ولا يحدث بها الناس» .

وقال عليه الصلاة والسلام: «الرؤيا من الله، والحلم من الشيطان» البخاري ومسلم .

ومن الناس من إذا رأى شيئاً في منامه؛ حدث كل أحد وطلب تفسيرها منه ! فقد يضيق صدره ويبيت مهموما بالوساوس والأوهام فتمرضه .

فعن أبي سلمة قال: إن كنت لأرى الرؤيا، فتمرضني، حتى سمعت رسول اللهيقول: «الرؤيا الصالحة من الله؛ فإذا رأى أحدكم ما يحب؛ فلا يحدث بها إلا من يحب، وإن رأى ما يكره؛ فليتفل عن يساره ثلاثاً، وليتعوذ بالله من شر الشيطان وشرها، ولا يحدث بها أحداً؛ فإنها لن تضره» . رواه مسلم .

عباد الله! قد يتساءل البعض عن السبب في الرخصة بالتحديث الرؤيا الصالحة للمحب وعدم التحديث بالرؤيا السيئة؟!

أجاب النبي عن ذلك، فقال: «رؤيا المؤمن جزء من ست وأربعين جزء من النبوة، وهي على رجل طائر، مالم يحدث بها؛ فإذا حدث بها؛ وقعت» .أبوداود وصححه الألباني .

عباد الله!

من الناس من يتلاعب به الشيطان في منامه فعن جابر؛ قال: جاء أعرابي إلى النبي فقال: يا رسول الله! رأيت في المنام كأن رأسي ضرب، فتدحرج، فاشتددت على أثره. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم- : «لا تحدث الناس بتلاعب الشيطان بك في منامك» رواه مسلم .

ومن الناس من يكذب في الرؤيا والكذب في الرؤيا مصيبة عظيمة وعاقبته وخيمة فقد أخبـر النبي بعظم إثم من كذب فيها ويشتد حرمة إذا استخدمه في الدعوة إلى الله، كمن يكذب ويخترع رؤيا لكي نقنع شخصاً عاصياً ليستقيمفالغاية لا تبرر الوسيلة عند أهل السنة والجماعة .

قال صلوات ربي وسلامه عليه: «من تحلم بحلم لم يره؛ كلف أن يعقد بين شعيرتين يوم القيامة، ولن يفعل» . رواه البخاري .

ومن المبشرات عبادالله رؤية النبي في المنام فهي حق وبشرى خيرقال رسول الله : «من رآني في المنام؛ فقد رآني؛ فإن الشيطان لا يتمثل بي» .

ولكن قد يتصور الشيطان بصورة ما ليوهم الرآئي أن من رآه هو النبي ليضله عن السراط المستقيم لذا لابد من معرفة صفاته الخلقية عليه الصلاة والسلام كما جاءت به السنة ليتحقق أنه رآه ..

واعلموا أنه لا يؤخذ منه عند رؤيته صلى الله عليه وسلم أحكاما شرعية أو عبادات عملية كما هو حال الصوفية وأهل لبدع مع الرؤى والمنامات لأن الدين اكتمل بموته صلى الله عليه وسلم .

الخطبة الثانية

الحمدلله الذي خلق فهدى وأصلي على نبيه المصطفى وعلى آله وصحبه ومن اقتفى أما بعد:

فاتقوا الله فيما تأتون وما تذرون، فإن بعض الناس كثير الاهتمام بالرؤى والمنامات ويتابعها وينقلها ، دون أن يتحقق من صحتها، فالتحقق أمر مهم، لأن آثارها على النفس شديد وتصديقها من الناس عجيب لتلاعب الشيطان بهم .

وفيما ورد في الكتاب السنة من الرؤى غنية لأخذ العظة والعبرة بل كان للأنبياء مع الرؤى مواقف ورؤى الأنبياء كم نعلم حق ومن ذلك موقف الخليل إبراهيم عليه السلام فإنه رأى أن الله يأمره بذبح ابنه مختبرا لإيمانه فوصفه بأنه كان صديقا نبيا .

وكذلك الرؤيا شغلت جزءاً كبيراً من قصة يوسف عليه السلام وإخوته ، وفي سورة الأنفال ذكرت رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم للمشركين في غزوة بدر وتقليلهم في عينه بل إنه أري مصارع القوم فبشر بها الصحابة ليثبتهم ويشد من عزائمهم .

ومما رآه نبينا في منامه عذاب العصاة فرأى عقوبة الذي ينام عن الصلاة بأنه يثلغ رأسه بصخرة ثم يعود الرأس سليما ثم يثلغ رأسه مرة أخرى ..وهكذا .

ورأى رجلا يشرشر شدقاه إي جانبا فمه ثم يعودا سليمين ثم يشرشران وهكذا وهو الرجل الذي يكذب الكذبة تبلغ الأفاق وأري رجالا ونساء عراة، يأتيهم لهب من أسفل منهم فيصرخون، وهم الزناة والعياذ بالله ورأى رجلا يسبح في نهر دم وعلى شاطئه رجل كلما أتاه السابح وفغر فاه القمه حجرا ثم يعود للسباحة ثم يرجع للرجل ليلقمه حجرا آخر وهكذا وهو عقاب آكل الربا عصمني اله وإياكم من المنكرات والموبقات وجنبنا الكفر والفسوق والعصيان وجعلنا من الراشدين .

اللهم تب على التائبين واغفر ذنوب المذنبين يا غفور يا رحيم برحمتك نستغيثفأغث قلوبنا بالإيمان وبلادنا بالأمطار وتوفنا وأنت راض عنا برحمتك يا أرحم الراحمين وصل وسلم على نبيك محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة والتسليم.


شارك المحتوى: