التبليغيين وسماتهم – فيه حوار جيد مع بعض المؤيدين للتبليغ


بسم الله الرحمن الرحيم


كنتُ قد شاركتُ بعدد من المشاركات في هذا الأمر، الأولى: بعنوان «كلمة في جماعة التبليغ» وهي للشيخ صالح الفوزان، وألحقت بها تعليقات مع ذكر أقوال بعض أهل العلم. والثانية: «الفحص عن موقع بعض مقالات «قصيمي 2008» من السنة» أشرتُ فيها إلى أمرين مهمين: موقف دعاةِ التبليغ من «النهي عن المنكر»، و«إهمالهم النهيَ عن الشرك»، وبقيت مهماتٌ في سماتِهم، وإحداثهم في منهج الدعوة إلى الله، وما إلى ذلك.

وليس المنتمون لهذه الفِرقة على درجة واحدة؛ بل هم على دركات، منهم من بايع على بعض الطُرق الصوفيَّة، وتلطخ بأوشاب
«تبليغي نصاب»
(1) -وما في معناه!-، ومنهم دون ذلك.

والشر كلما خفي التباسُه بالحق صار أخطر، لسهولة دخوله على أهل الخير.
وإني ذاكرٌ بإذن الله تعالى شيئا من سماتِ هؤلاء الذين كثرت جولاتهم في بلدتنا بلدة العلماء.

1- من سماتهم إخراج الناس من المعصية إلى البدعة. قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة رحمه الله، وغيرُه: «البدعة أحب إلى إبليس من المعصية، لأن العاصي يعلمُ أنه عاصٍ فيتوب، والمبتدع يحسب أن ما هو عليه طاعة فلا يتوب»(2) .
ومعلوم أن البدعة: استدراك على الشريعة، وتحريف في الدين.
وإن السرور ليبهج قلبَك حين تعلم انفكاك أهل الفجور عن فجورهم وإقبالهم على العبادة والخير. لكن لن تكتمل الفرحة حين تعلم أن بعض هؤلاء يتأثر منهج محدَثٍ في الدعوة، بعد أن يصاحب من كانوا سببا من توبتِهِ، ليخرج إلى الناس «داعية» فرغ وِفاضُه من العلم الشرعي فتصدر للدعوة بـ«قصصه» أيام فسقه، وغرائب ما وقف عليه في حياتِه.

2- إهمالهم الواضح للكلام في التوحيد والشرك، والسنة والبدعة؛ مما يؤدي إلى ضعف تمييز أتباعهم والمتأثرين بهم وسهولة إغوائهم. وقد أشرتُ إلى هذا في مقالة: «الفحص عن موقع بعض مقالات «قصيمي 2008» من السنة» وأزيد: إنَّ لهما كلاما في أمور من التوحيد يعتنون بها كالتوكل، وتوحيد الربوبية. أما شرح التوحيد وما يناقضه من خطير المسالك فهذا بابٌ مهملٌ عندهم، بل لو حاورتَ بعض عتاتهم من أبناء هذا الوطن لوجدت بينه وبين ذلك الباب الشريفِ أغشية!
وقد حكى الشيخ صالح الفوزان عن نفسه أنه ألقى محاضرة عن التوحيد في مسجد من مساجدهم في الرياض فقاموا عنه
(3) .

والناظر في كتاب الله تعالى يجده زاخرا بالهدايات العظيمة للتوحيد؛ حتى حُق لبعض العلماء -ومنهم ابن القيم رحمه الله- أن يقول: «القرآن كله في التوحيد».

والتوحيد: هو حق الله على العبيد. ففي البخاري (7374) عن معاذ بن جبل رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يا معاذ، لأتدري ما حق الله على العباد؟»، قال: الله ورسوله أعلم، قال «أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا»… الحديث.

فأين «الأحبابُ» وهم يرون أصحابهم هناك متلطخين بأشياء تقدح في التوحيد؟! فلا يكتفون بالسكوت؛ بل يغضبون لهم من أن ينالهم ذمٌّ!

آلله أعظم حقا أم تلك الفِرْقة الهندية الصوفية؟!

وقال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: 36].
أشار العلماء إلى أنَّ هذه الآية مفسِّرَةٌ لمعنى «لا إله إلا الله»؛ إذ تضمنت النَّفيَ والإثباتَ؛ نفي الشرك، وإثبات التوحيد.
وفي الآية بيان عظم شأن التوحيد، فالتوحيد هو المعترك بين الأنبياء وأقوامهم.

3- انشغالهم بالقصص والحكايات، قال الشيخ حمود رحمه الله: «ولهم شَبَهٌ بالشيعة في قربِهم للحكايات والخرافات»(4) . ولو نظرتَ أخي القارئ في حال كثير ممن تربى على الحكايات والغرائب لوجدتَه ضعيف التمييز بين الحق والباطل.
حيث إنه إن أراد تقريرَ شيء من الشريعة حكى لك حكاية! وإن أريد جذبُه إلى أمر من الدين حُكِيَتْ له حكاية.

4- ومن سماتهم الخروج عن سمت دعاة السنة بـ«التهريج» وقد كتبَ فيه أخي الفاضل صالح بن محمد السويح -كاتب العدل في كتابة العدل بعنيزة- سلسلة مفيدة جزاه الله خيرا.
فتسمع في لقاءاتهم الضحكات العالية، صلى الله وسلم على نبينا محمد فقد كان يضحك وكان ضحكُه تبسمًّا!
وتسمع والنكات الماجنة (!) نعم الماجنة! لعل بعضكم سمِع الحكاية التي ورد فيها تشبيهُ شيءٍ -يُستحَى من ذكرِه!- بزِرِّ (الكنَب)! في أحد الأشرطة الدعويَّة! وليس عذرا لصاحبِها أن جعلها استطراده لتلك الحكاية (خارجَ النص!). ولحكايتِه تلك أخواتٌ في أشرطةٍ أخرى.

5- يترخص المشتغلون بالدعوة على ذلك المنهج بأمور يجعلون نتيجتَها مسوِّغة لما فيها؛ من باب: الغاية تبرر الوسيلة. قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: «فلا يعدلُ أحدٌ عن الطرق الشرعيَّة إلى البدعيَّة إلا لجهل، أو عجز، أو غرضٍ فاسد»(5) . وللأخ صالح السويح -أثابَه الله- مشاركة في هذه المسألة بعنوان: «حصول الغرض لبعض الأمور لا يستلزم إباحتها» أحيل عليها.

6- ومن طرائقهم الإكثار من قصص «الماضي الأسود»؛ وقد سمعت أحدهم في شريط له يحكي (بلايا) قديمة حصلت لصاحبه الذي رافقه إلى اللقاء، حتى أشفقتُ على هذا الصاحب المسكين!.

7- ومنها: الخروج؛ يسافرون إلى قطر، والهند، وغيرها.. ويجتمعون في اجتماعاتٍ يصفونها بأوصاف في أيام معدودات(6) .

أما بعد؛ فقد تحدث أكابر أهل العلم في هذا الزمان عن هذه الجماعة، وصدرَت فيها كتبٌ حوت الدلائل الشرعية والبينات الواقعيَّة على انحرافها عن جادة أهل السنة. ويرى عدد من العلماء أنها دخلَت بلادنا لمزاحمة دعوة الإمام المجدد، وإعادة الصوفيَّة المقنَّعة إلى بلاد التوحيد.

وممن تحدث عنهم وحذر منهم: العلماء الأفاضل: محمد تقي الدين الهلالي(7) ، ومحمد بن إبراهيم(8) ، وابن باز(9) ، وعبد الرزاق عفيفي(10) ، والألباني(11) ، وحمود التويجري(12) ، وابن فوزان(13) ، وعبد العزيز آل الشيخ(14) ، وابن غديان(15) ، وصالح الأطرم(16) ، واللحيدان(17) ، وعبد المحسن العبَّاد(18) ، وعبد العزيز الراجحي(19) . رحم الله ميتهم، وحفظ الحيَّ منهم.

ومن المعاني التي أشار إليها هؤلاء العلماء في كلامهم عن هذه الفرقة:
1- عندنا دعوة قائمة على الكتاب والسنة، ولسنا في حاجة إلى أفكار وافدة.
2- دعوة التبليغ دعوة صوفية.
3- تهمل التوحيد، وأي دعوة هذا شأنها فانفض يديك منها.
4- تريد أن تزاحم دعوة الإمام المجدد وهذا دال على سوء طوية زعمائها.

وفي دروس علماء السنة ومواعظهم ما يغني عن ما يدخله هؤلاء علينا

1) وهو كتاب يحوي ضلالات وخرافات صوفيّة. وقد تكلم فيه المؤلفون عن جماعة التبليغ، وقد سألتُ (هنديا) مشتغلا بالدعوة عنه، فأقر بوجود الضلالات -المشهورة عنه- فيه.
(2) الطرق الشرعيَّة والطرق البدعيَّة في المسائل الدعوية، فتوى لشيخ الإسلام نشرها مستقلة : يوسف العتيق: 32، دار الصميعي. وأصلها في مجموع الفتاوى: (11/ 620- 635).
(3) قارن هذا بما أورد العالم داعية السنة الشيخ حمود التويجري رحمه الله في «القول البليغ»: آخر ص/ 45، من الطبعة الثانية لدار الصميعي.
(4) السابق: 19 ومن لطيف ما يُذكَر هنا ما قال الشيخ أ.د. عبد الرزاق البدر -المدرس في الحرم النبوي- في محاضرة نافعة بعنوان «وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى» أو محاضرة «الأصول الستة» -نسيت الآن-: «حدثني أحد الراجعين عن التصوف إلى السنة، عن مشايخ التصوف أنهم يحذرون القادمين إلى بلاد التوحيد من (الوهابيين) وأنَّ علامتَهم -يعني الوهابيين-: كثرة إيرادهم للنصوص الشرعيَّة!!» اهـ، وأنعم بها من علامة!.
(5) الطرق الشرعيَّة: 19
(6) انظر «القول البليغ» للشيخ حمود: 222، وما بعدها.
(7) ألف فيهم كتابه: «السراج المنير في تنبيه جماعة التبليغ على أخطائِهم».
(8) انظر: القول البليغ للشيخ التويجري: 289
(9) راجع: شريط: لقاء طلاب العلم من حائل بهيئة كبار العلماء، وكتاب: «إتحاف القاري بالتعليقات على شرح السنة» للشيخ الفوزان: (2/ 231) ط: مكتبة الرشد.
(10) فتاوى ورسائل سماحة الشيخ عبد الرزاق عفيفي رحمه الله تعالى: 372، ط: دار الفضيلة ودار الهدي النبوي.
(11) في فتاوى وكلمات عديدة، ومن شهير ما قال رحمه الله: «التبيلغ: صوفيَّةٌ عصريَّة».
(12) ألف فيهم كتابَه الشهير الذي حوى الكثير من التنبيهات والتأصيلات المفيدة: «القول البليغ في التحذير من جماعة التبليغ». وقد أثنى على هذا الكتاب الشيخُ صالح الفوزان وغيرُه من أهل العلم.
(13) وجهوده في دفع ما أدخلتْه هذه الجماعةُ على أهل هذا البلد معروفة.
(14) صدرَت له فتوى في «نور على الدرب» فيها بيان بعض ما عند هذه الجماعة.
(15) بجوابه المشهور: «لا تمشِ معهم، امشِ مع الرسول». وله فتاوى أخرى، وهي موجودة في عدة كتب وأشرطة.
(16) في أجوبة مسجَّلة. تجدها في شريط بعنوان: «القول البليغ في ذم جماعة التبليغ»، وشريط: «فتاوى العلماء في الجماعات». وغيرها.
(17) في أجوبة مسجَّلة. تجدها في شريط: «فتاوى العلماء في الجماعات». وغيره.
(18) رفقا أهلَ السنَّة بالسنة، الطبعة الثانية: 7، ط: دار المغني.
(19) شريط: اغتم خمسا قبل خمس، للشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي.


شارك المحتوى: