الاغترار بالرؤى والأحلام سعيد بن زعير أنموذجاً


الاغترار بالرؤى والأحلام سعيد بن زعير أنموذجاً

بسم الله الرحمن الرحيم

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ……. أما بعد:

فإن من نعمة الله على عبده أن يعرِّفه قدر نفسه، وألا يغتر بثناء الناس عليه، كما لا يحزن لذم الناس له إذا كان عارفًا حاله مع شرع الله، وهل يستحق المدح أو الذم.

وإن مما دعاني إلى كتابة هذا المقال ما انتشر في المجالس من تناقل لبعض رؤى حكاها الدكتور سعيد الزعير – رده الله لرشده – عن نفسه لما كان في السجن .

وفي هذا المقال لن أتكلم بإسهاب عن آراء الدكتور سعيد بن زعير الثورية المخالفة للأدلة الشرعية ، وإنما أنبه على طامتين هما استهلالتان لهذا المقال المختصر :

الطامة الأولى/ دافع عن المفجرين في بلاد المسلمين الذين أرادوا قتل الأمريكان ولو قتل مع ذلك بعض المسلمين.

وهذا تقرير باطل مخالف لإجماع أهل العلم يعرفه صغار أهل العلم ممن طلبوا علم الوحي عند أهله المتخصصين لا المفكرين والثوريين .

أيها الناس بأي عقل ودين يهون الدكتور الزعير من دماء رجال أمن المسلمين كرجال أمن بلادنا بحجة قتل الأمريكان !!

أما له قلب يعتصر على أطفال يتموا ونساء رملوا وأمهات أفزعن بقتل ولدها رجل الأمن بدون ذنب ولا خطيئة .

وإليك مقاطع من بعض أبناء رجال الأمن المفجوعيين الذين قتل أباؤهم بلا جرم سوى أنهم قاموا على أمن المسلمين، وأمن أعراضهم وأموالهم، وعلى أمن المعاهدين من الكافرين الذين حرم قتلهم رسولنا صلى الله عليه وسلم؛ أخرج البخاري عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما : عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال:” من قتل معاهدًا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عامًا “. هذا دين الله لا العواطف الحماسية التي يتلاعب بها الشياطين .

http://www.youtube.com/user/b7111ar?ob=0&feature=results_main#p/u/10/VPfQJvJWBlM

الطامة الثانية/ تأييده لأسامة بن لادن ووصفه بأنه صاحب قيم فاضلة وشجاعة الخ …

مع أن أسامة بن لادن أقر بأن المفجرين في السعودية عام 1416هـ قد استجابوا لتحريضه ، ورجا أن يكونوا مجاهدين ، بل إن أسامة تكفيري جلد كفر كل من لم يوافق على تفجير البرجين في أمريكا – عجل الله بكسرها وجعل العاقبة لأهل التوحيد والسنة – وقد حذر منه شيخنا العلامة عبد العزيز بن باز – رحمه الله-

ولتوثيق ما تقدم ومعرفة حقيقة حاله استمع لردي عليه بعنوان : وقفات مع حدث وفاة أسامة ابن لادن

http://islamancient.com/play.php?catsmktba=945

ورسالة لي بعنوان : أقوال ( أسامة ابن لادن عرض و نقد

http://www.islamancient.com/play.php?catsmktba=969

ورسالة للشيخ حمد العتيق بعنوان: ابن لادن أسامة في ميزان أهل السنة والجماعة

http://www.islamancient.com/play.php?catsmktba=974

وهذا توثيق أقوال الزعير – رده الله إلى رشده –

http://www.islamancient.com/play.php?catsmktba=101664

إن هذه الأقوال كافية في بيان ضلال فكر الدكتور الزعير وأنه ثوري جلد لا يجعل الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة حكماً في منهاجه وطريقته ، وليس الغرابة من شناعة هذه الأفكار فحسب ، ولكن الغرابة أشد في تطبيل أناس محسوبين على العلم والدعوة له مع أن هذه بعض حاله .

فإن قيل إن الزعير قد تاب : فيقال إن التوبة لا تقبل شرعاً في أمثال هذه الأمور إلا بشروط ثلاثة ذكرها الله بقوله: ( إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا )

قال ابن القيم في عدة الصابرين ص55: ولهذا كان من توبة الداعى إلى البدعة أن يبين أن ما كان يدعو اليه بدعة وضلالة وأن الهدى في ضده كما شرط تعالى في توبة أهل الكتاب الذين كان ذنبهم كتمان ماأنزل الله من البينات والهدى ليضلوا الناس بذلك أن يصلحوا العمل في نفوسهم ويبينوا للناس ما كانوا يكتمونهم اياه فقال ان الذين يكتمون ما انزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون الا الذين تابوا واصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم ا.هـ

ومع حدث خروج الدكتور سعيد الزعير من السجن أنبه إلى أمور باختصار:

الأمر الأول/ طار بعض الجاهلين بالرؤى التي يحكي سعيد الزعير أنه رآها، ومنها أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام الخ …

ومن تمسك بهذا فهو كالغريق المتعلق بالقشة، وذلك أن من كان على باطل لم تنفعه الرؤى مهما كانت؛ لأن الحكم بالصلاح والفساد والصحة والبطلان للكتاب والسنة بفهم السلف لا للرؤى ولا غيرها، قال يونس في مناقب الشافعي، قلت للشافعي: صاحبنا الليث – يعني ابن سعد- يقول: لو رأيت صاحب هوى يمشي على الماء ما قبلته.

قال: قصر، لو رأيته يمشي في الهواء لما قبلته .

وفي تاريخ الإسلام قال الشافعي: كل متكلم على الكتاب والسنة فهو الجد، وما سواه، فهو هذيان.

بل وحتى رؤيا من يقول إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنه لا يغتر بها ولا تجعل ميزاناً وحكماً على صلاح رجل أو فساده عند أهل السنة خلافاً للصوفية .

فإن قيل: أليس قد ثبت عن أبي هريرة في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثل بي ” وفي صحيح مسلم عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:” لا ينبغي للشيطان أن يتمثل في صورتي “

فيقال: قد بيًن علماء الإسلام ومنهم إمام التابعين محمد بن سيرين أن هذا إذا كان على صورته الحقيقية لا على صورة مخالفة لصورته الحقيقية ولو قليلاً وادعى أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعلق البخاري بصيغة الجزم عن محمد بن سيرين – رحمه الله – أنه قال: إذا رآه في صورته . وصححه الحافظ ابن حجر ، فإن الشيطان لشدة غوايته قد يتمثل برجل غير النبي صلى الله عليه وسلم، فيدعي أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد يكون هذا الرجل مشابهاً للنبي صلى الله عليه وسلم في بعض صفاته الخلقية وليس صورة النبي صلى الله عليه وسلم المنعوتة لنا كاملة فيغتر به، ثم أؤكد أن هذه الرؤى لا يقام عليها حكم بصلاح ولا فساد؛ لأن الحكم والفيصل في الأدلة الشرعية فحسب .

ويقال أيضاً إن ما يراه النائم محتمل أن يكون رؤيا وحلماً، وما كان محتملاً بين حق وباطل فلا يحتج به فقد أخرج الشيخان عن أبي قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:” الرؤيا الصادقة من الله والحلم من الشيطان ” .

وللشاطبي كلام عظيم على هذا في كتابه الاعتصام

وانظر للاستزادة كتابي المقدمات العشر في نقض صوفية العصر، قدم لي فيه شيخنا العلامة صالح الفوزان – حفظه الله-

http://islamancient.com/play.php?catsmktba=956

ومن أيد الخارجي الجلد أسامة بن لادن وأيد التفجيرات في السعودية وغيرها من دول العالم الإسلامي فهو ضال ولو رأى ما رأى في منامه .

سئل شيخنا العلامة عبد العزيز ابن باز:

بعضنا يفكر بل ويحب أن يرى الرسول – صلى الله عليه وسلم – في المنام، وقد قرأت في كتاب أن من صلى على النبي – صلى الله عليه وسلم – سبعين مرة فإنه يرى الرسول – صلى الله عليه وسلم -، فهل هذا صحيح؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً.

ليس لهذا أصل ، رؤية النبي – صلى الله عليه وسلم – ليست شرطاً للصلاح ، فقد يراه المسلم ، وقد لا يراه – عليه الصلاة والسلام -، وقد يراه ثم لا يوفق ولا يهتدي بعد ذلك ، – نسأل الله العافية -. فالمهم إتباع شريعته ، وتعظيم أمره ونهيه ، وإن لم تره في النوم ، فكم من مؤمن تقي من الصحابة وغير الصحابة لم يره – عليه الصلاة والسلام – في النوم. فالحاصل أن رؤيته في النوم ليست دليلاً على أنك تقي أو على أنك شقي، وإنما المعيار إتباع شريعته – عليه الصلاة والسلام – والاستقامة على دينه ، هذا هو الدليل على صلاحك أو عدمه ، إن استقمت على دينه وتابعت شريعته فأنت ولي الله ، وأنت من أحباب رسول الله ، ومن أحباب الله -عز وجل – ، وإذا ضيعت أمره ونهيه ، ولم تستقم على شريعته ، ولم تؤمن به – عليه الصلاة والسلام – فأنت عدوه وعدو الله – عز وجل – ، يقول الله – سبحانه وتعالى -: قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ) فمن أحب الله وأحب رسوله – عليه الصلاة والسلام – فليتبع الرسول ، وليستقم على دينه ، وليخلص لله العبادة ، وليؤدي الواجبات ، وليحذر السيئات ، وليقف عند الحدود ، فهذا هو الدليل على أنك تقي ، وعلى أنك تحب الله ورسوله ، وإن لم ترَ الرسول – عليه الصلاة والسلام -، وفق الله الجميع. جزاكم الله خيراً.

http://www.binbaz.org.sa/mat/17954

أخرج ابن الجوزي في مناقب الإمام أحمد ص 379 عن المروذي قال: أدخلت إبراهيم الحُصَري على أبي عبد الله – وكان رجلاً صالحاً – فقال: إن أمي رأت لك مناما، هو كذا وكذا. وذكرت الجنة،

فقال: يا أخي، إن سهل بن سلامة كان الناس يخبرونه بمثل هذا، وخرج سهل إلى سفك الدماء.

وقال: الرؤيا تسر المؤمن ولا تغره. (وهو في الآداب الشرعية 3/436 السير 11/227)

والعجيب أن الموقف الشرعي من الرؤى من المسلمات عند من تربوا على تراث الإمام محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله – وكان أهل السنة يردون به على الصوفية، واليوم يراد إدخال التصوف علينا من باب الحزبيين الحركيين أتباع حسن البنا وسيد قطب ومحمد سرور زين العابدين.

وهذا الذي استدلوا به يذكرنا باستدلالهم على صحة مذهب الخوارج الذين كفروا وفجروا، بأنهم قتلوا وهم يتبسمون أو يضحكون، وهذا وذاك من أدلة الشيطان التي يصد بها الخلق عن الحق

الأمر الثاني/ أثنى الحركيون السذج كإبراهيم السكران وأمثاله على صبر الدكتور الزعير في السجن. وكأن ثبات الرجل وصبره على مبدئه علامة كافية لصدق أو صلاح رجل!!!

يا قوم إن صدق الرجل وصلاحه في متابعته للكتاب والسنة بفهم سلف الأمة ، لا بأمثال هذه الأمور .

نعم إذا كان الرجل على حق وتجلد وصبر ، فهذه محمدة ، لكن الصبر والتجلد وحده غير كاف في الدلالة على صلاح الرجل .

ألا ترى إلى تجلد وصبر وشجاعة الخوارج كالخارجي الكبير عبد الرحمن بن ملجم قاتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب – رضي الله عنه- ، وصبر الحلاج على كفره وادعائه الربوبية حتى قتل صلباً، وصبر الجعد بن درهم على تجهمه حتى قتله خالد القسري!!!

فهل دل ذلك على صدقهم وحسن طريقتهم ؟ كلا فإنهم مع ذلك كله أئمة ضلالة.

لذا أدعو الصادقين الذين جعلوا الكتاب والسنة قدوتهم ألا يجعلوا أمثال هذه العواطف الطائشة برهانا .

الأمر الثالث/ غرد سلمان العودة في تويتر تغريدة فيها فرح بالدكتور سعيد الزعير، وإني لأعلم أن الحرباء سلمان العودة يدري أن سعيداً الزعير وأمثاله مخالفون له وغير راضين عن طريقته ، ومنهجه القرضاوي البنائي أو إن شئت أن تقول على منهجه الليبرالي المغلف بالإسلام لأسباب كثيرة منها: إنكار الحرباء العودة جهاد الطلب .، لكنه يحاول أن يكسب سعيداً الزعير أو يحيده ، كما فعل مع المسكين ناصر العمر وأمثاله فهل سينجح في مخططه أم لا؟!

ولمعرفة ليبرالية الحرباء سلمان العودة طالع ما يلي : من جرّأ الليبراليين على القدح والطعن في علمائنا

http://islamancient.com/play.php?catsmktba=101656

الأمر الرابع/ أن علماءنا أهل السنة كثيراً ما يرددون أن الحزبيين دعاة حزب لا دعاة دين وإسلام وأن مواقفهم مواقف حزبية لا شرعية ، والأدلة على ذلك كثيرة، لكن منها مواقفهم المخزية من دولة السنة الدولة السعودية – أدام الله عزها ونصرها للتوحيد والسنة – وإليك أمثلة على ذلك :

المثال الأول/ أن الدولة السعودية وقفت وقفة مشرفة مع إخواننا المنكوبين والمظلومين في سوريا على النصيري بشار النعجة ، ابتداء بخادم الحرمين الشريفين، الذي لم يقبل اعتذار روسيا ومروراً بوزير الخارجية سعود الفيصل الذي نافح عن القضية السورية بكل قوة وشجاعة قل نظيرها هذه الأيام.

يا ترى أين الحركيون والحزبيون عن أمثال هذه المواقف المشرفة، لماذا لا يرددونها ويشيدون بها كما طاروا فرحاً بمواقف أردوغان السابقة تجاه سوريا مع أنه لم يفعل شيئاً مما وعد به، بل وتخاذل عن سوريا مؤخراً تخاذلاً مريباً، بل واستمرت تركيا في صفقاتها التجارية مع النصيري بشار .

أتدرون لماذا لأن آل سعود حكام سلفيون وأردغان من الحركيين .

المثال الثاني/ وقفت الدولة السعودية موقفاً دينياً مشرفاً من حمزة كاشغري ساب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد أشرت إليه في مقال بعنوان : تناقضات الحركيين ناصر العمر أنموذجاً

http://islamancient.com/play.php?catsmktba=101652

وكان الحركيون قبل أن تقف الدولة وقفتها الشرعية المشرفة يعيبون على الدولة سكوتها عن حمزة كاشغري، فلما وقفت الدولة وقفتها السلفية المشرفة لم نر ناصراً العمر وأشباهه شكروها على صنيعها الديني الذي ليس غريباً عليها، فإنهم من سلالة أئمة توحيد وسنة، بل سكت الحزبيون وكأن شيئاً لم يكن !!

والأمثلة على هذا كثيرة وكثيرة جداً فلا زال الحزبيون مستمرين على بغيهم على الدولة السعودية لا أفرحهم الله بما يتمنون في هذه الدولة المباركة .

أسأل الله أن يرد المسلمين أجمعين إلى دينه دين الحق ويحيينا على التوحيد والسنة ويميتنا على ذلك ، وأن يهدي سعيد بن زعير للحق، وأن يجعل حاله بعد السجن خيرا من قبله، إنه سميع قريب..

د. عبد العزيز بن ريس الريس

المشرف على موقع الإسلام العتيق

http://www.islamancient.com

5 / 4 / 1433هـ


شارك المحتوى: