وقفات مهمة بعد انكشاف الغمة


وقفات مهمة بعد انكشاف الغمة

بسم الرحمن الرحيم

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ……………. أما بعد:

فقال تعالى ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا )، وقال (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُون )، وقال (إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ )، وقال(وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ )، وقال (فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )، وقال ( لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ )، وقال ( قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ) وقال: (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلا قَلِيلا)

بيان الله في هذه الآيات أن التمسك بالدين، وأعظمه التوحيد والسنة (الذي يقابل الشرك الأكبر والبدعة)، وتدريسهما الصغار قبل الكبار في المدارس النظامية، مع القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإجلال وتوقير علماء التوحيد والسنة هو أعظم أسباب التمكين، والأمن، ورغد العيش ممن بيده كل شيء، القوي العزيز سبحانه، وهذا ما منّ الله به على البلاد السعودية، في وقت تحارب فيه كثير من الدول السلفيين المتدينين وتضيق عليهم، فضلاً عن علمائهم؛ لأنهم سلفيون أهل سنة، بل وتمكن فكر التشيع أو التصوف أو العلمنة.

وبين سبحانه أن من أراد المكر بأوليائه السلفيين رجع مكره عليه، وصارت العاقبة لأنصار التوحيد والسنة.

وبين سبحانه أن من اختصه الله وأنعم عليه بهذه النعم، وأعظمها نعمة الدين، فالواجب عليه البدار إلى أسباب ثبات النعم وهو شكر المنعم سبحانه بالقيام بدينه، وأعظمه التوحيد والسنة، فمن وفق لذلك فليحمد الله، وليفرح بفضله عليه .

ومن أعظم نعم الله في هذه الأزمان المتأخرة وجود الدولة السعودية القائمة على التوحيد والسنة، الرافعة لشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، المفتخرة بأنها دولة دينية سنية قائمة على منهج السلف الصالح دون جميع دول العالم بلا استثناء .

ولأجل هذا جمع الله شملها على إثر فرقة وشتات، وقبائل يأكل بعضهم بعضاً، وثبّت أمنها على إثر خوف ورعب، قد دب في نفوس أهلها، وأدرّ لها خيرات الأرض بأن صارت تحوي ربع احتياط العالم كله في البترول، عدا المعادن الغنية التي بأرضها بعد فقر شديد حدا بأهلها أن يتتبعوا الجيف، و يسافروا سنين إلى بلاد الهند والسند ؛ للبحث عن لقمة العيش.

بل ومن آثار فضل التوحيد والسنة تطويع الرعية للراعي، والمحكومين للحكام، والتأليف بينهم في وقت انقلبت الشعوب على حكامها، يعيثون في أرضهم فساداً ودماراً.

ومن فضائل التوحيد والسنة خيب الله ظنون كثيرين من كفار ومشركين يتربصون بنا الدوائر؛ لتجريدنا من ديننا، وسلب ثرواتنا، ورافضة يمكرون مكر الليل والنهار، وعلمانية مكبوتين ينتظرون ساعة الصفر؛ للإفساد باسم التغيير، وحزبية يترقبون متى يقطفون الثمرة، ويعتلون عرش الحكم.

ومع اتساع أرضنا وتنوع عادات وطبائع شعبنا، إلا أن الله سلّم وقلب المحنة منحة فزادت اللحمة بين الراعي والرعية، وزادت عزة علماء السنة، وكسر الله العلمانيين، وخيب مساعي الحركيين الحزبيين، فمات الأعداء بغيضهم، وصدق الله القائل (قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ )، ولأجل هذا أقف وقفات مختصرة:

الوقفة الأولى/ إن ملخص اعتقاد أهل السنة الذين هم السلفيون أتباع السلف الصالح، والذي جاء من الوحي، وأجمع عليه الصحابة والتابعون لهم بإحسان تجاه ولاة أمرهم ما يلي:

1- السمع والطاعة لكل حاكم مسلم، إن فسق وجار، لكن في غير معصية الله . أخرج مسلم عن عوف بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” ألا من ولى عليه وال فرآه يأتى شيئا من معصية الله فليكره ما يأتى من معصية الله ولا ينزعن يدا من طاعة “

2- إن نصيحة الوالي واجبة إذا أخطأ كما أخرج مسلم عن أبي رقية تميم بن أوس الداري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:” الدين النصيحة” قال الصحابة : لمن يا رسول الله ؟ قال:” لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم “. ففي هذا الحديث حث على نصحهم لكن بين أن نصحهم مغاير لنصح عامة الناس، وذلك أنهم لا ينصحون من ورائهم، ولا ينكر عليهم من خلفهم، بل لا يكون النصح إلا أمامهم كما أخرج الشيخان عن أسامة بن زيد لما طلب منه أن يكلم عثمان بن عفان قال: أترون أني لا أكلمه إلا أسمعكم والله لقد كلمته فيما بينى وبينه ما دون أن أفتتح أمرا لا أحب أن أكون أول من فتحه ” وأخرج سعيد بن منصور عن سعيد بن جبير قال : قلت لابن عباس : آمر إمامي بالمعروف ؟ قال : ” إن خشيت أن يقتلك فلا ، فإن كنت ولا بد فاعلا ففيما بينك وبينه، ولا تغتب إمامك “

مع التنبه أن ذات المنكر كالربا ينكر ولو كان من ولي الأمر، لكن لا يذكر اسم ولي الأمر، بل يكون الإنكار على الفعل دون الفاعل، وهذا كله خاص بولاة الأمور دون غيرهم على تفصيل في هذه المسألة .

إذا عرفت هذا عرفت الخطأ الشنيع الذي وقع فيه الحماسيون من التشهير بأخطاء ولاة الأمر – الذي كثير منه لا يُسلّم أنه خطأ – كما فعل كثير من الحركيين في هذه الأيام كيوسف الأحمد في كلماته باليوتيوب، وعصام بن صالح العويد ( المدرس بجامعة الإمام ) في مقاله ( الإسلام وعلاقة الشعوب بالحكام ) حتى غلا ودعا إلى ما دعا إليه الخارجي البغيض محمد المسعري ( لجنة الحقوق الشرعية ) والتي أنكرها أئمة عصرنا، ومنهم الإمام عبد العزيز بن باز والإمام محمد بن صالح العثيمين – رحمهما الله رحمة واسعة –

3- إن القيام بعقيدة السمع والطاعة لولاة الأمور دين يتدين به، لا مبني على المصالح الدنيوية إن أعطي أقر بها وإلا كفرها، أخرج الشيخان عن عبادة بن الصامت قال: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر، والمنشط والمكره وعلى أثرة علينا، وعلى أن لا ننازع الأمر أهله، وعلى أن نقول بالحق أينما كنا لا نخاف في الله لومة لائم.

وأخرج الشيخان عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:” ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم ولهم عذاب – ثم قال – ورجل بايع إماما لا يبايعه إلا لدنيا، فإن أعطاه منها وفى، وإن لم يعطه منها لم يف “

فخسر خسراناً مبيناً من جعل دينه وعقيدته تابعة لمصالحه الدنيوية .

الوقفة الثانية/ إن عاقبة الصبر على ما يريده الله لا تكون إلا خيراً، فلما وفق الله الشعب في دولة التوحيد والسنة للصبر على ما يريده من عدم الاستماع للحركيين في الافتيات على ولاتهم، سواء لدافع الدين أو الدنيا كانت عاقبة ذلك عزاً للدين بما صدر من قرارات من خادم الحرمين الشريفين لحفظ مكانة علماء السنة، والدعم بالملايين للحسبة ومكاتب الدعوة، وحلقات تحفيظ القرآن .

ومن عاقبة ذلك أمن في الوطن، ورغد في العيش، وعز للدين، وقارنوا هذا بمن لم يصبروا، بل اتبعوا الحركيين الحزبيين، كالإخوان المسلمين كما فعل المستضعفون – هداهم الله- في مصر وتونس واليمن – أسأل الله أن يوفقهم لما يحبه ويرضاه.

فانظروا كيف خسروا دينهم ودنياهم، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي جعل من سبل النجاة في الفتن لزوم ولاة الأمور كما أخرج الشيخان عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :” تلزم جماعة المسلمين وإمامهم “

الوقفة الثالثة/ أكدت هذه الأزمة التي كشفها الله برحمته وفضله أمرين:

الأمر الأول: أن هذه الدولة دولة سلفية؛ لذا ردد ملكنا خادم الحرمين الشريفين في قراراته اتباع السلف ونهج الوسطية التي على منهج السلف الصالح، وذم البدع …الخ ، وهذا تماماً امتداد لدعوة آبائه وإخوانه – جزاه الله عنا كل خير – .

الأمر الثاني: أن الحزبيين الحركيين أعداء الدعوة السلفية أعداء لهذه الدولة السلفية؛ لذا كشروا عن أنيابهم فطائفة طالبت بالدولة الدستورية كسلمان العودة وسعود الفنيسان، وطائفة أيدتهم كمحمد السحيباني مدرس بالحرم المدني – وللأسف -، وعبد العزيز آل عبد اللطيف الدكتور بجامعة الإمام ، ومن التناقض الشديد أن حكم الدولة الدستورية حكم بغير ما أنزل الله؛ لأنه من تحكيم الشعب بالشعب، وقد فصلت هذا في ردي المسموع : صد عدوان الخطابات الجماعية ضد خادم الحرمين

http://islamancient.com/play.php?catsmktba=926

فكيف يطالبون به، وقد كان أظهر شعاراتهم – فيما سبق- المناداة لتحكيم الشريعة .

وطائفة صارت توجه خطابات ظاهرها النصح، وباطنها تحريض على الدولة عن طريق اليوتيوب إلى بعض الأمراء كالأمير سلمان والأمير محمد بن نايف – وفقه الله لهداه –

وبينت هذه الأزمة العلمانيين والليبراليين الذين يبطنون عداء هذه الدولة وعداء ما قامت عليه، مظهرين ذلك في صورة الإصلاح وتطوير الدولة، إذ تحالف طائفة منهم مع بعض الإسلاميين، فكتبوا خطابات لخادم الحرمين الشريفين يطالبون بالدولة الدستورية ظانين أنه سيستجاب لهم لما نعايشه من أحداث وأزمات .

ومما بينته هذه الأحداث مواقف السلفيين الناصحين ظاهراً وباطناً، ومن ذلك وقفتهم مع دولتهم تجاه جميع هؤلاء المخالفين كل بما يستطيعون حتى غزوا الشبكات العنكبوتية في المواقع بعامة والفيس بوك وتويتر واليوتيوب بخاصة، فهزموا المناوئين المخالفين، سواء الرافضة أو الحركيين أو الليبراليين التغريبيين، وهذا ليس خاصاً بالسلفيين من أبناء هذا الوطن، بل والسلفيين من الخارج ، فإنهم يحبون هذه الدولة حباً دينياً عقدياً وإن لم يستفيدوا من خيراتها بخلاف الحزبيين الإسلاميين والليبراليين الضالين فإنهم أعداء هذه الدولة وليسوا من أبنائها حقيقة وإن انتسبوا إليها نظامياً ونهلوا من خيراتها ، فلله در إخواننا السلفيين ما أصدقهم، وأقوى تضحيتهم، وأشد غيرتهم على هذه الدولة وولاتها وعلمائها .

الوقفة الرابعة/ أدعو السلفيين علماء وطلاب علم، بل وحتى العوام الغيورين أن يزوروا الولاة والأمراء والمسئولين؛ ليبينوا لهم حقيقة دعوتهم، وخطر دعوة الحركيين الحزبيين، وخطر قنواتهم كقناة المجد مدعمين وموثقين كلامهم عن الحركيين من أطروحاتهم التي فضحتهم هذه الأيام . الله الله أن تهتبلوا الفرصة وتتداركوا ما فيه تمكين للدعوة السلفية .

وفي الختام أبشروا أيها السلفيون بوعد الله لكم، وإياكم إن رأيتم تمكيناً للمخالفين أو صولة لهم أن تفتروا عن التعلم والتعليم والدعوة إلى الله وإيصال دعوتكم لكل أحد، كبيراً كان أو صغيراً، حاكماً أو محكوماً، فإن الله ناصر دينه وأهله ولو بعد حين.

واعتبروا بما جرى في هذه السنيات من تمكين الحزبيين، ومنهم سلمان العودة الحرباء المتقلب بحسب مصالحه الشخصية والحزبية، فكم علا وارتفع وتقلد قنوات فضائية، فإذا علوه من مكر الله به حتى تكون سقطته أقوى وأشد، إذ أسقطه الله بعد ذلك ففضحه عند الحكام والمحكومين وأقفلت في وجهه منافذ كبيرة كان ينفذ منها .

ومن أواخر أخباره أنه سيسافر سفراً طويلاً عن السعودية – دولة التوحيد والسنة – إلى جنوب أفريقيا؛ متحججاً في ذلك – بما يستحى التحجج منه- وهو إرادة التفرغ لتأليف كتاب له عن التغيير، ولا يصدق عاقلٌ أن هذا دافعه، لكن لعله لما فضح خاف على نفسه وأراد الهروب حتى لا يعاد إلى سجنه الذي قضى فيه خمس سنوات، أو غير ذلك… لكن الذي يهمني الفرح والابتهاج بخروجه وأمثاله عن أرض التوحيد والسنة، وأن يكفي الله برحمته المسلمين شره وفساده .

فالحمد لله أولاً وآخراً على إعزازه دينه وحفظه لدولة التوحيد الدولة السعودية .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عبد العزيز بن ريس الريس

المشرف على موقع الإسلام العتيق

http://islamancient.com/

15 / 4 / 1432هـ


شارك المحتوى: