الاستغماية.. والانتصار على الأشباح 


الاستغماية.. والانتصار على الأشباح
لقد غزت الألعاب الإلكترونية أسواقنا، وسيطرت على عقول أبنائنا وحملت إلينا عادات وثقافات، بل عقائد مخالفة للإسلام، وذلك مع ضعف الرقابة على هذه الألعاب وكثرتها، وما تميزت به من تقنية عالية سواء في الأحداث أو في الرسوم أو في الإثارة عن طريق الخيال في الإغراق العلمي وغير العلمي، فقد كثرت في الآونة الأخيرة الطلب على شراء هذه الأجهزة، حتى لا يكاد يخلو بيت من جهاز أو أكثر من تلك الأجهزة

ويذكر أن رجلاً ذهب إلى محلات بيع أشرطة الألعاب الإلكترونية وطلب من البائع مجموعة منها لأبنائه فأعطاه البائع ألبوماً فيه صور لكل لعبة من هذه الألعاب، فما كان من الأب إلا أن قال للبائع: اختر لي أنت أفضل الألعاب، فإني في عجلة من أمري!

أهكذا تكون المسؤولية في تربية الأبناء.

لهذا أشعر بالحزن على أبنائنا رغم توفر وسائل الترفيه وتنوعها لكنهم حرموا من متعة الطفولة، وأشعر أنهم لم يشعروا بها فاللعب في حياة الطفل مهم جداً، وأهم بكثير من توفير الكماليات والألعاب الإلكترونية فقد كانت ألعابنا في السابق رغم بساطتها تشعرنا بالمتعة والإشباع وتحرك مكامن التفكير والنشاط الذهني والجسدي ولها أثرها في توليد الأفكار والطاقات المتعددة جسدياً وفكرياً وحركياً، في حين أن ألعاب أطفالنا اليوم تحبس كل الطاقات وتجمدها.

إذاً نحن كمربين تقع علينا مسؤولية تنمية وإعادة تلك الألعاب التي يحتاجها الطفل، والتي من أهمها اللعب بالتراب والركض والألعاب الذهنية التي تعتمد على التفكير كلعبة (الاستغماية) فيفكر الطفل ويبحث عن الآخر بوسائل تجعله يستخدم جميع ملكاته التي خلقها الله له، وبالتالي تسهم في شعوره بالمتعة وعدم الملل، عكس الألعاب الإلكترونية التي سريعاً ما يملها الطفل، ويبحث عن بديل، ليشبع حاجته للعب.

وهناك قطاع كبير من الآباء والأمهات يعلمون ما تحويه هذه الألعاب!! ولكنهم مع ذلك يتساهلون في جلبها لأبنائهم بحجة أنهم صغار لا يعلمون شيئا!! فأين هم من قول الشاعر:

وينشأ ناشئ الفتيان منا

على ما كان عوده أبوه

هل بالفعل تخطت هذه الألعاب مرحلة التسلية البريئة إلى مرحلة الإدمان، بحيث أن الطفل لا يستطيع أن يمر يوم بدون الجلوس أمام شاشات هذه الألعاب مبدداً فيها جزءاً كبيراً من ساعات يومه.

إني أرى أطفالنا منكبين على هذه الألعاب وأتأملهم بألم، فعل نضع أيدينا في أيدي بعضنا، لنحررهم من هذه القيود. فمتى نغرس مكارم الأخلاق في نفوس أبنائنا، إذا كان لا هم لهم سوى متابعة الفتيات العاريات، أو الانتصار على الأشباح.

هذه دعوى للتعقل في ممارسة تلك الألعاب والحد منها.

وفق الله الجميع لكل خير.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

كتبته الأخصائية الاجتماعية الأستاذة : وفاء بنت ناصر العجمي.

جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

كلية العلوم الاجتماعية(قسم علم الاجتماع والخدمة الاجتماعية

 


شارك المحتوى: