أزمة في العقول لا في النقول


🔹أزمة في العقول لا في النقول 🔹

📖 قال تعالى: ﴿ إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَاۤبِّ عِندَ ٱللَّهِ ٱلصُّمُّ ٱلۡبُكۡمُ ٱلَّذِینَ لَا یَعۡقِلُونَ ﴾ [الأنفال : ٢٢ ]

📖 قال تعالى: ﴿ وَمَا مَنَعَنَاۤ أَن نُّرۡسِلَ بِٱلۡـَٔایَـٰتِ إِلَّاۤ أَن كَذَّبَ بِهَا ٱلۡأَوَّلُونَۚ وَءَاتَیۡنَا ثَمُودَ ٱلنَّاقَةَ مُبۡصِرَةࣰ فَظَلَمُوا۟ بِهَاۚ وَمَا نُرۡسِلُ بِٱلۡـَٔایَـٰتِ إِلَّا تَخۡوِیفࣰا ﴾ [الإسراء : ٥٩]

📖 قال تعالى: ﴿ ٱلۡـَٔـٰنَ خَفَّفَ ٱللَّهُ عَنكُمۡ وَعَلِمَ أَنَّ فِیكُمۡ ضَعۡفࣰاۚ ﴾ [الأنفال : ٦٦ ]

📖 قال تعالى: ﴿ مَن كَفَرَ بِٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ إِیمَـٰنِهِۦۤ إِلَّا مَنۡ أُكۡرِهَ وَقَلۡبُهُۥ مُطۡمَىِٕنُّ بِٱلۡإِیمَـٰنِ ﴾ [النحل : ١٠٦ ]

📌وفيها من العلم :

📝 ” أنَّ الأوَّلِينَ شاهَدُوا هَذِهِ المُعْجِزاتِ وكَذَّبُوا بِها، فَعَلِمَ اللَّهُ مِنكم أيْضًا أنَّكم لَوْ شاهَدْتُمُوها لَكَذَّبْتُمْ فَكانَ إظْهارُها عَبَثًا، والعَبَثُ لا يَفْعَلُهُ الحَكِيمُ ” انتهى من التفسير الكبير .

📖 وفي قال تعالى: ﴿ ٱلۡـَٔـٰنَ خَفَّفَ ٱللَّهُ عَنكُمۡ وَعَلِمَ أَنَّ فِیكُمۡ ضَعۡفࣰاۚ ﴾ [الأنفال : ٦٦ ]

📚 أخْرَجَ البُخارِيُّ وابْنُ أبِي حاتِمٍ ، والبَيْهَقِيُّ في ”شُعَبِ الإيمانِ“، مِن طَرِيقِ سُفْيانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينارٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: لَمّا نَزَلَتْ: ﴿ إنْ يَكُنْ مِنكم عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وإنْ يَكُنْ مِنكم مِائَةٌ يَغْلِبُوا ألْفًا ﴾ فَكَتَبَ عَلَيْهِمْ أنْ لا يَفِرَّ واحِدٌ مِن عَشَرَةٍ، وأنْ لا يَفِرَّ عِشْرُونَ مِن مِائَتَيْنِ، ثُمَّ نَزَلَتْ: ﴿ الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ … ﴾ الآيَةَ. فَكَتَبَ أنْ لا يَفِرَّ مِائَةٌ مِن مِائَتَيْنِ. قالَ سُفْيانُ ، وقالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ: وأرى الأمْرَ بِالمَعْرُوفِ، والنَّهْيَ عَنِ المُنْكَرِ مِثْلَ هَذا؛ إنْ كانا رَجُلَيْنِ أمَرَهُما، وإنْ كانُوا ثَلاثَةً فَهو في سَعَةٍ مِن تَرْكِهِمْ ”

📖 وفي قال تعالى: ﴿ إِلَّا مَنۡ أُكۡرِهَ وَقَلۡبُهُۥ مُطۡمَىِٕنُّ بِٱلۡإِیمَـٰنِ ﴾

✍️ ترجيح المصلحة الضرورية بالحفاظ على النفس
على مفسدة النطق بكلمة الكفر مع إطمئنان القلب بالإيمان .

↩️ وفيها التنبيه ! إلى ترك إنكار المنكر باليد واللسان مع كراهته إذا ترتب عليه ضرر في النفس .

↩️ و قال شيخ الإسلام -رحمه الله- : ” ومن أنكر أن يكون للفعل صفات ذاتية لم يحسن إلا لتعلق الأمر به وأن الأحكام بمجرد نسبة الخطاب إلى الفعل فقط ، فقد أنكر ما جاءت به الشرائع من ‌المصالح والمفاسد والمعروف والمنكر وما في الشريعة من المناسبات بين الأحكام وعللها وأنكر خاصة الفقه في الدين الذي هو معرفة حكمة الشريعة ومقاصدها ومحاسنها ” المجموع .

↩️ وقال ابن القيّم -رحمه الله- : ” وَالْقُرْآن وَسنة رَسُول الله مملوآن من تَعْلِيل الْأَحْكَام بالحكم والمصالح وتعليل الْخلق بهما والتنبيه على وُجُوه الحكم الَّتِي لأَجلهَا شرع تِلْكَ الإحكام ولأجلها خلق تِلْكَ الْأَعْيَان وَلَو كَانَ هَذَا فِي الْقُرْآن وَالسّنة فِي نَحْو مائَة مَوضِع أَو مِائَتَيْنِ لسقناها وَلكنه يزِيد على ألف مَوضِع بطرق متنوعة ” إعلام الموقعين .

↩️ وقال شيخ الإسلام -رحمه الله-” فلا يجوز دفع الفساد القليل بالفساد الكثير ولا دفع أخف الضررين بتحصيل أعظم الضررين فإن الشريعة جاءت بتحصيل ‌المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها بحسب الإمكان. ومطلوبها ترجيح خير الخيرين إذا لم يمكن أن يجتمعا جميعا ودفع شر الشرين إذا لم يندفعا جميعا ” المجموع .

↩️ وقال -رحمه الله-” أن الأمر بقتال الطائفة الباغية مشروط بالقدرة والإمكان. إذ ليس قتالهم بأولى من قتال المشركين والكفار ومعلوم أن ذلك مشروط بالقدرة والإمكان فقد تكون ‌المصلحة المشروعة أحياناً هي التآلف بالمال والمسالمة والمعاهدة كما فعله النبي ﷺ غير مرة والإمام إذا اعتقد وجود القدرة ولم تكن حاصلة كان الترك في نفس الأمر أصلح ، وقد أمر الله تعالى عند التنازع بالرد إلى الله والرسول . ويشهد لذلك أن الرسول أخبر بظلم الأمراء بعده وبغيهم ونهى عن قتالهم لأن ذلك غير مقدور ؛ إذ مفسدته أعظم من مصلحته ؛ كما نهي المسلمون في أول الإسلام عن القتال كما ذكره بقوله: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ ﴾ [النساء : ٧٧ ] وكما كان النبي ﷺ وأصحابه مأمورين بالصبر على أذى المشركين والمنافقين والعفو والصفح عنهم حتى يأتي الله بأمره ” المجموع .

↩️ وقال -رحمه الله- :” فالمنهي عنه إذا زاد شره بالنهي وكان النهي مصلحة راجحة كان حسناً ، وأما إذا زاد شره وعظم وليس في مقابلته خير يفوته لم يشرع إلا أن يكون في مقابلته مصلحة زائدة فإن أدى ذلك إلى شر أعظم منه لم يشرع مثل أن يكون الآمر لا صبر له فيؤذى فيجزع جزعاً شديداً يصير به مذنباً وينتقص به إيمانه ودينه.

فهذا لم يحصل به خير لا له ولا لأولئك ؛ بخلاف ما إذا صبر واتقى الله وجاهد ولم يتعد حدود الله بل استعمل التقوى والصبر؛ فإن هذا تكون عاقبته حميدة ” المجموع .

↩️ وقال -رحمه الله- : ” وإذا كان كذلك فمعلوم أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإتمامه بالجهاد هو من أعظم المعروف الذي أمرنا به؛ ولهذا قِيل : ليكن أمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر غير منكر . وإذا كان هو من أعظم الواجبات والمستحبات فالواجبات والمستحبات لا بد أن تكون ‌المصلحة فيها راجحة على المفسدة ؛ إذ بهذا بعثت الرسل ونزلت الكتب والله لا يحب الفساد ؛ بل كل ما أمر الله به فهو صلاح. وقد أثنى الله على الصلاح والمصلحين والذين آمنوا وعملوا الصالحات وذم المفسدين في غير موضع فحيث كانت مفسدة الأمر والنهي أعظم من مصلحته لم تكن مما أمر الله به وإن كان قد ترك واجب وفعل محرم ؛ إذ المؤمن عليه أن يتقي الله في عباده وليس عليه هداهم ” المجموع .

↩️ وقال -رحمه الله- : ” والفريق الثاني : من يريد أن يأمر وينهى إما بلسانه وإما بيده مطلقا ؛ من غير فقه وحلم وصبر ونظر فيما يصلح من ذلك وما لا يصلح وما يقدر عليه وما لا يقدر كما في ” حديث أبي ثعلبة الخشني: سألت عنها رسول الله ﷺ قال : ” بل ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر حتى إذا رأيت شحاً مطاعاً وهوىً متبعاً ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأي برأيه ورأيت أمرا لا يدان لك به فعليك بنفسك ودع عنك أمر العوام ؛ فإن من ورائك أيام ، الصبر فيهن على مثل قبض على الجمر للعامل فيهن كأجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله ” .
فيأتي بالأمر والنهي معتقداً أنه مطيع في ذلك لله ورسوله وهو معتدٍ في حدوده كما انتصب كثير من أهل البدع والأهواء ؛ كالخوارج والمعتزلة والرافضة؛ وغيرهم ممن غلط فيما أتاه من الأمر والنهي والجهاد على ذلك وكان فساده أعظم من صلاحه؛ ولهذا أمر النبي ﷺ بالصبر على جور الأئمة؛ ونهى عن قتالهم ما أقاموا الصلاة وقال: ” أدوا إليهم حقوقهم وسلوا الله حقوقكم ” المجموع .

↩️ وقال -رحمه الله- : ” وعلى هذا إذا كان الشخص أو الطائفة جامعين بين معروف ومنكر بحيث لا يفرقون بينهما؛ بل إما أن يفعلوهما جميعا ؛ أو يتركوها جميعا: لم يجز أن يؤمروا بمعروف ولا أن ينهوا من منكر ؛ ينظر : فإن كان المعروف أكثر أمر به ؛ وإن استلزم ما هو دونه من المنكر. ولم ينه عن منكر يستلزم تفويت معروف أعظم منه ؛ بل يكون النهي حينئذ من باب الصد عن سبيل الله والسعي في زوال طاعته وطاعة رسوله وزوال فعل الحسنات وإن كان المنكر أغلب نهى عنه ؛ وإن استلزم فوات ما هو دونه من المعروف. ويكون الأمر بذلك المعروف المستلزم للمنكر الزائد عليه أمرا بمنكر وسعيا في معصية الله ورسوله. وإن تكافأ المعروف والمنكر المتلازمان لم يؤمر بهما ولم ينه عنهما. فتارة يصلح الأمر ؛ وتارة يصلح النهي ؛ وتارة لا يصلح لا أمر ولا نهي حيث كان المعروف والمنكر متلازمين؛ وذلك في الأمور المعينة الواقعة ” المجموع .

↩️ وقال ابن القيّم -رحمه الله- : “فَتَأمل كَيفَ جَاءَ كل حكم فِي وقته مطابقا للْمصْلحَة وَالْحكمَة شَاهدا لله بِأَنَّهُ أحكم الْحَاكِمين وأرحم الرَّاحِمِينَ الَّذِي بهرت حكمته الْعُقُول والألباب وبدا على صفحاتها بِأَن مَا خالفها هُوَ الْبَاطِل وَأَنَّهَا هِيَ عين الْمصلحَة وَالصَّوَاب وَمن هَذَا أمره سُبْحَانَهُ لَهُم بالأعراض عَن الْكَافرين وَترك آذاهم وَالصَّبْر عَلَيْهِم وَالْعَفو عَنْهُم لما كَانَ ذَلِك عين الْمصلحَة لقلَّة عدد الْمُسلمين وَضعف شوكتهم وَغَلَبَة عدوهم فَكَانَ هَذَا فِي حَقهم إِذْ ذَاك عين الْمصلحَة فَلَمَّا تحيزوا إِلَى دَار وَكثر عَددهمْ وقويت شوكتهم وتجرأت أنفسهم لمناجزة عدوهم أذن لَهُم فِي ذَلِك أذنا من غير إِيجَاب عَلَيْهِم ليذيقهم حلاوة النَّصْر وَالظفر وَعز الْغَلَبَة وَكَانَ الْجِهَاد أشق شَيْء على النُّفُوس فَجعله أَولا إِلَى اختيارهم إِذْنا لاحتما فَلَمَّا ذاقوا عز النَّصْر الظفر وَعرفُوا عواقبه الحميدة أوجبه عَلَيْهِم حتما فانقادوا لَهُ طَوْعًا ورغبة ومحبة فَلَو أَتَاهُم الْأَمر بِهِ مفاجأة على ضعف وَقلة لنفروا عَنهُ أَشد النفار ”
مفتاح دار السعادة .

📖 قال تعالى: ﴿ لَّیۡسَ عَلَى ٱلضُّعَفَاۤءِ وَلَا عَلَى ٱلۡمَرۡضَىٰ وَلَا عَلَى ٱلَّذِینَ لَا یَجِدُونَ مَا یُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا۟ لِلَّهِ وَرَسُولِهِۦۚ مَا عَلَى ٱلۡمُحۡسِنِینَ مِن سَبِیلࣲۚ وَٱللَّهُ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ ﴾
[التوبة : ٩١ ]

والله أعلم .

 

كتبه / عبد الله بن صالح العبيلان
🖊حرر في: 09-05- 1445هـ.


شارك المحتوى:
0