بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد:
فالفراغ نعمة إذا استُغل في الخير، وأعظم الخير طلب العلم، لكن الفراغ مزلة أقدام، فإن النفس تدعو في أيام الإجازات والفراغ إلى إضاعة الأوقات في ملذاتها وأنسها، فاقطع الطريق على نفسك الأمارة بالسوء بإلزام النفس ببرامج علمية خاصة وعامة.
فمن البرامج الخاصة: الحزم في المراجعة كل يوم بعض المحفوظات وبعض الدروس التي سبق دراستها، والازدياد من المحفوظات من القرآن والسنة ومتون أهل العلم، والتوسع في دراسة بعض العلوم الشرعية المهمة وفي مقدمها التوحيد والاعتقاد، ومتابعة الدروس المسجلة، وقراءة الشروحات في ذلك مع تقييد الفوائد ومراجعتها ما بين حين وآخر.
ومن العلوم المهمة دراسة النحو بالقدر الذي يُقوَّم به اللسان ويُعرف به الإعراب، ومن العلوم المهمة للغاية دراسة أصول الفقه العملي، فهو سهل للغاية وميسر، وقد منَّ الله عليَّ وشرحت ووضحت كثيرًا من مسائله في كتاب بعنوان: (التيسير المأمول في شرح متن الأصول من علم الأصول)، و(قواعد أصولية وتطبيقات فقهية) وهما موجودان في موقع الإسلام العتيق.
ومن البرامج العامة: اهتبال الفرص في حضور الدورات العلمية للموثوقين في اعتقادهم ومنهجهم وعلمهم، وقبل حضور هذه الدورات القراءة في العلم الذي تريد حضوره لتكون على اطلاع ومعرفة؛ لأن طبيعة الدورات العلمية العجلة والسرعة.
ومنها الاجتماع -ولو عن بعد- مع بعض الإخوة الجادين في مذاكرة علم أو قراءة كتاب مع المناقشة في مسائله، وما أشكل يُعرض على من يوثق به من أهل العلم.
وهكذا يكون طالب العلم مشغولًا في تحصيل العلم، فإنه إذا ألزم نفسه في وقت الفراغ والإجازات وغيرها ببرامج علمية خاصة وعامة فسيسابق الزمن كل يوم في إنهاء هذه البرامج وإنهاء ما ألزم نفسه به، بخلاف إذا لم يفعل ذلك فإن الأيام تذهب عليه بلا تحصيل وطلب ودراسة، وما أسرع ذهاب الأيام، فيذهب اليوم واليومان ثم الأسبوع والأسبوعان ثم الشهر والشهران.
وأختم بالتأكيد على تصحبح النية ما بين حين وآخر، وأن يبتغي طالب العلم بالعلم رضى الله سبحانه وأن يرفع الجهل عن نفسه وعن أمة محمد ﷺ، وأن ينصر دين الله بالرد على المخالفين وتنقيته من الدخيل، فإن هذا المقام مقام عظيم وهو مقام الصديقين.
اللهم استعملنا في طاعتك وارزقنا العلم النافع والعمل الصالح الذي يرضيك عنا يا أرحم الراحمين.