نصيحة حول ما يحصل من خلافات ومناقشات بين المشايخ وطلبة العلم السلفيين


نصيحة حول ما يحصل من خلافات ومناقشات

بين المشايخ وطلبة العلم السلفيين

للعلامة صالح بن سعد السحيمي – حفظه الله –

المقطع الصوتي:

http://islamancient.com/ressources/audios/1506.mp3

الكلام مفرغاً:

السؤال:

ما توجيهكم يا شيخ للشباب السلفي فيما يجري من اختلافات أو خلافات أو مناقشات بين مشايخنا السلفيين ؟ بارك الله فيكم.

الجواب:

وفيكم بارك.

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.

هذه المسألة لا شك أنها أحدثت شيئاً من الشرخ، لا نشك في ذلك، ولكن سبب ذلك أن بعض الشباب يتسرع في نقل الأخبار بين المشايخ، فيسيء إليهم أو إلى أحدهم، فنتج عن هذا شيء من الجفاء نحو بعضهم، أو شيء من الغلو في البعض الآخر.

والحل في ذلك: هو أن نكف عن الخوض فيما يجري بين بعض المشايخ وطلبة العلم الكبار من مسائل قد يستغلها البعض في توسيع الهوة، ويجعل منها خلافاً في المنهج، وهذا غير صحيح.

وواجب طلبة العلم تجاه هذا الأمر: هو الكف عن الخوض في هذه الخلافات، وعدم الإصغاء إلى ما يترتب عليها من تقسيم أو فرقة، وعدم تكبير الأمور وتضخيم المشاكل، بل يجب أن نترك هذه الأمور للمشايخ وطلبة العلم الكبار يتفاهمون فيها، وأسأل الله أن يجمع شملهم على الخير.

أما واجب طلبة العلم الصغار الشباب وسائر الإخوة السلفيين؛ أن يطلبوا العلم، وأن يشتغلوا بطلب العلم، خيرٌ لهم من هذا الخوض، وخيرٌ لهم من تضخيم الأمور، وخير لهم من توسيع الدائرة، وخير لهم من أن يَدخلوا في هذه المتاهات التي ربما تؤدي إلى فرقة يستغلها أعداء السلفيين، ويستغلها أعداء أهل السنة والجماعة ويستغلها الحزبيون.

ولقد سمعتُ بأذني من بعض الحزبيين – وقد كتبوا هذا في بعض المواقع وهم يتهكمون ويسخرون مما يجري بين بعض السلفيين – ويقولون: النار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله.

فيجب أن نسد عليهم الطريق، وأن نقطع عليهم الطريق، وأن نكل الأمر إلى كبار أشياخنا الذين يُرجع إليهم في هذه الأمور، مثل:

أعضاء اللجنة الدائمة.

شيخنا عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ.

وشيخنا الشيخ صالح بن فوزان الفوزان.

وشيخنا الشيخ صالح بن محمد اللحيدان.

وشيخنا الشيخ ربيع بن هادي المدخلي.

وشيخنا الشيخ زيد بن هادي المدخلي.

ومعالي الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد.

وشيخنا الشيخ علي بن ناصر بن محمد فقيهي.

وشيخنا الشيخ عبد المحسن بن حمد العباد.

وفق الله الجميع لما يحب ويرضا، وجزى مشايخنا عنا خير الجزاء.

فنترك علاج هذه الأمور التي تدور بين طلبة العلم – وهم على خير وإلى خير – وقد يحصل فيها شيء من الشطط، وقد يحصل فيها شيء من التحامل، وقد يحصل فيها شيء المبالغات، وقد يحصل فيها أحيانًا شيء من تنافس الأقران، وقد يحصل فيها شيء من تلبيس الشيطان ودخوله للتحريش بين المسلمين، وقد يحصل فيه شيء من المندسين بين طلبة العلم الذين يصطادون في الماء العكر.

فعلى طلبة العلم ألا يخوضوا في هذه الأمور، وأن يتجنبوها، وأن يتركوا علاجها للمشايخ الكبار الذين ذكرتُ بعض أسمائهم، وأن يجتهدوا في رأب الصدع، وأن يجتهدوا في علاج الأمور.

والصلح خير – كما قال تبارك وتعالى – ، فإن لم نتوصل إلى الصلح؛ فأقل ما نملك أن نكف عما جرى بين المشايخ، وألا نوقد النار، وألا نزيد الطين بلة، وألا نزيد النار أوارًا، بل نكف عن ذلك، وندعوا لهم بالتوفيق والسداد، وأن يصلح الله أمورهم، وأن يوفقهم لاجتماع الكلمة على الوجه الذي يرضيه.

لأننا لا نشك أن هؤلاء المشايخ التي جرت بينهم بعض الأمور على قضايا بعضها، أنا شخصيا أرى أنها وهمية، أو أنها مبالغ فيها، أقول: لا نشك في سلفيتهم جميعًا، الراد والمردود عليه، ولا نشك في استقامتهم، ولا نشك في عقيدتهم، ولا نشك في إرادتهم الخير، ولا نشك في أنهم يؤخَذ عنهم العلم، كل هذا أمر لا يُختلف عليه، ولكن لا يجوز أن نخوض فيما جرى بينهم من خلاف في مسائل تُنوزِع فيها، وربما بعضها إلزامات، وربما كان بعضها استحسان أمر، وربما كان بعضها طلب تكميل أمرٍ، وربما كان بعضها خطأ قابلاً للعلاج، وربما كان بعضها نتيجة لقول قيل في مكان في مناسبة معينة وقد جاء ما يبيّن تفصيله في مكان آخر عن الشخص نفسه.

فالحل هو: الكف عما يجري بين بعض المشايخ وبين بعض طلبة العلم، الذين لا نشك في استقامتهم وفي سلامتهم وفي سلفيتهم وفي أخوتهم وفي إرادتهم الحق، لكن يجب علينا أن نكف عن إيقاد النار وعن إشعال الفتيل؛ حتى لا تتحول إلى فتن.

وأحذِّر الشباب الصغار من أن يتصدروا فيشعلوا الفتنة بين المشايخ، كما هو ملاحظ، كالتحذير من بعض المشايخ ومن بعض طلبة العلم الأفاضل الذين هم على منهج مشايخنا بسبب مقال كتب أو بسبب ردود جرت بين المشايخ، أرى أن نكف عنها وألا نشعل بسببها النار.

فاحذروا فإنها قد تؤدي إلى فتن، وكما قال الإمام البخاري في الفتن التي تموج كموج البحر، فيما رواه عن ابن عيينة عن خلف بن حوشب:

الحرب اول ما تكون فتية تسعى بزينتها لكل جهول

حتى إذا اشتعلت وشَبَّ أُوارها صارت عجوزا غير ذات حليل

شمطاء يُنكر لونها وتغيّرت مكروهة للشَّم والتقبيل.

فلنحذر يا شباب الإسلام، يا شباب السلفيين، يا شباب أهل السنة، يا إخواننا الذين لا نشك في حرصكم على اجتماع الكلمة، {واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا}، {يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم}،{وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تَتَّبعوا السبل فَتَفَرَّق بكم عن سبيله}.

فاستقيموا على طاعة الله، واطلبوا العلم، واشتغلوا بالعبادة، اشتغلوا بما يقربكم إلى الله.

إنّ البعض من الناس قد يخوض في هذه الأمور وهو لا يحسنها؛ في الوقت الذي تجده قد يتأخر حتى عن صلاة الفجر ولا يصليها مع الجماعة، والبعض من الناس يوقدها وهو لا يشعر، والبعض من الناس يأخذه الحماس والتعصب، والبعض من الناس يأخذه طلب الثأر من زيد أو عمر، والبعض من الناس يأخذه طلب الانتقام، والبعض من الناس مندس يصطاد في الماء العكر.

فاجتهدوا – رحمني الله وإياكم – في جمع الكلمة على التوحيد، وفي اجتماع الكلمة على منهج مشايخنا وعلمائنا الأفاضل، الذين قام بهم الحق وبه قاموا ونطقوا به وبه نطقوا، والذين يسيرون على هدي النبي – صلى الله عليه وسلم – قولاً وعملاً واعتقاداً، أولئك الأشاوس الذين ينفون عن كتاب الله تعالى تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين.

فاسلكوا هذا المسلك، وكفوا ألسنتكم عن الخوض فيما يجري بين بعض المشايخ أو بين بعض طلبة العلم؛ يكن خير لكم في الدنيا والآخرة.

وإياكم والمصطادين في الماء العكر، وإياكم ومرضى القلوب الذين يشعلون الفتنة بين أهل العلم، وإياكم وصغار الطلاب الذين لا هَمَّ لهم إلا القيل والقال، دونَما تَرَوِّي، ودونَما تفكير، ودونما أناة، فإن الرفق ما يكون في شيء إلا زانة، والعنف ما يكون في شيء إلا شانه، وإن الله ليثيب على الرفق أعظم مما يثيب على العنف، فاجتهد يا عبد الله، ترفق في أمورك كلها قبل فوات الآوان، واجتهد في معالجة الأمور بهدوء.

واجتنبوا الشائعات، وإياك أن تحدث بكل ما سمعت، {يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم}، {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فَتَبَيَّنوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين}، {يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتَبَيَّنوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لستَ مؤمناً تبتغون عرض الحياة الدنيا}.

وقول النبي – صلى الله عليه وسلم – : ((كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع))، ويقول: ((إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث)).

فاجتهد يا رعاك الله أيها الشاب المسلم، اجتهد في السير على هدي العلماء الربانيين، الذين يقضون بالحق وبه يعدلون.

وإياك أن تتبع أولئك الذين يستغلون بعض ما يجري بين المشايخ من سوء تفاهم، أو خلاف في تضخيم الأمور وتهويلها، وإضفاء هالة عليها، وجعل ريش وأجنحة لها، حتى تكون أمثال الجبال – والعياذ بالله – ، فمعظم النار من مستصغر الشرر.

فانتبهوا – رحمني الله وإياكم – وقولوا بقول الحق، والزموا الحق أينما وُجد، واتق الله حيثما كنت، في قولك، وفي فعلك، وفي معتقدك، وفي توجهك، وفي أحكامك على الآخرين، وفيما تسمع، وفيما تروي، اتقِ الله حيثما كنت.

واجتهد فيما يقربك إلى الله، عليك بالعبادة، الجأ إلى الله عز وجل، ادعوا الله – تبارك وتعالى – أن يجمع الشمل على طاعته، وأن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه.

ولا تصغي إلى الشائعات، ولا تستمع إلى بعض العبارات.

وإذا صدر من بعض مشايخنا أو إخواننا كلمة غير مقصودة؛ فاحمله على المحمل الحسن، واصفح واعفُ.

ألم نُؤمَر بالصفح والعفو عن الكافرين وعن المجرمين حتى يسمعوا كلام الله؟

ألم نؤمر بالصفح عن بعض المخالفين؟

ألم يصفح النبي – صلى الله عليه وسلم – عن كفار قريش ويقول لهم: اذهبوا فانتم الطلقاء، أقول لكم كما قال يوسف لإخوته: لا تثريب عليكم اليوم؟

ألم يترك النبي – صلى الله عليه وسلم – المنافقين مداراة – ولا أقول مداهنة – ، مداراة فقط، لألا يقال أن محمدا يقتل أصحابه؟

فما بالك بأخيك إذا صدرت منه هفوة أو خطأ ما أو زلة ما؟!

أيها الإخوة في الله، إني أضرب لكم تعامل علمائنا مع بعض المشايخ الأفاضل الذين عندهم بعض الهنات وبعض الأمور، لكنهم خدموا السنة، من أمثال الإمام النووي – رحمه الله – ، ومن أمثال الإمام ابن حجر – رحمه الله – ، ومثل ابن عقيل، وأبي يعلى، وغيرهم، فإن عندهم من التأويلات ما تعلمون أو ما يعلمه كبار طلاب العلم، ولكن مع ذلك نبهوا على أخطائهم، ولم يشنوا الغارة عليهم.

أليس إخوانكم الذين هم معكم على المنهج أولى بهذا المسلك وبهذا التعامل؟!

أليس إخوانكم والمشايخ الذين ربما تُوهِّم أنهم أخطؤوا في كذا وكذا، أليس الأولى أن نعامله على الأقل بنفس المعاملة؟!

ثم أوصيكم بعدم استخدام بعض الالفاظ: كلمة خبيث، زنديق، كذا كذا، فلان كذا.. حتى إذا أردت ترد على أحد مخالف، يا أخي تجنب هذه الألفاظ، واجتهد في اختيار الألفاظ الطيبة التي بها تُقبل دعوتك، يقول الله – عز وجل- واصفًا نبيه – صلى الله عليه وسلم – : {فَبِما رحمة من الله لِنْتَ لهم ولو كنتَ فَظّاً غليظ القلب لانفضوا من حولك}، ويقول – تبارك وتعالى – : {ادعوا إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن}، ويقول – تبارك وتعالى – : {وإنك لعلى خلق عظيم}، ويقول – تبارك وتعالى – : {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عَنِتُّم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم}.

هذا ما يتعلق بتعاملك مع إخوانك، وبتعاملك مع بعض ما يجري من ردود بين بعض المشايخ وبعض طلبة العلم الكبار، احترمهم، وأحبهم، واجتهد في الذب عن أعراضهم، وإياك أن تستغل الفرصة للنيل من بعضهم تعصبا للآخر، وإياك أن تستغل الفرصة للنيل من بعضهم تعصبا للآخر، ولا تأخذك الحمية ولا العصبية.

وأقل ما يجب أن تفعل: هو أن تقف على الحياد، وأن تسكت عن الخوض في هذه الأمور، لعل الله أن يطفئها، ولعل الله أن يحسمها، ولعل الله أن يصلح بين إخواننا.

وأنا عندما أقول أدعو إلى هذا؛ لا يفهمني أحد خطأ، لا يفهم أحد أنني أقول بالموازنات في المنهج في التعامل مع المبتدعة، لكن الكلام أعني به إخواني السلفيين، أوجهه لإخواني طلبة العلم من أتباع السلف الصالح، هم الذين أعنيهم، لا أعني أصحاب الموازنات الذين يقولون: لا ترد على المبتدع حتى تمجِّده وتمدحه، لا والله، معاذ الله!

هذا مبدأ خطير استخدمه الإخوانيون وغيرهم من الحزبيين، ولا نقره بحال من الاحوال، ولكن أعني ما يجري بين الإخوة السلفيين بين المشايخ السلفيين بين طلبة العلم السلفيين، يجب أن يُضيَّق الخلاف، يجب أن يُعفى ويًصفح، يجب أن نتفاهم بالتي هي أحسن، يجب أن نتحاكم إلى مشايخنا الكبار، يجب أن نرجع إلى الحق، يجب ألا يأخذنا الحماس والعاطفة، فينتقم بعضنا من بعض.

يجب أن نتنازل عن حظوظ النفس، يجب أن نتنازل عن حظوظ النفس، يجب أن نتنازل عن حظوظ النفس؛ لأن البعض قد أوتي من قِبل حظوظ النفس.

وإن كان وُجِدَ أحد من إخواننا لم يرد على بعض المبتدعة، وقد كفانا المؤونة بعض مشايخنا؛ أليس الرد على هؤلاء المبتدعة فرض كفاية؟ هذا أمر واضح، الرد على المبتدعة فرض كفاية، فإذا قام به من يكفي سقط عن الآخرين، أما أن آتي وأُلزم بعض المشايخ وأقول: إن لم ترد على فلان، وإلا فلستَ مني ولستُ منك!! هذا لا يقول به عاقل فضلًا عن شيخ أو طالب علم، لا يجوز، ولا يجوز امتحان الناس بذلك، لا يجوز امتحان الناس بالرد على بعض المبتدعة، لاسيما من لا يقدر، ربما أنه لا يستطيع، ما عنده الآلة التي يرد بها، وليس كل الناس مخاطبين بالردود، وليس كل الناس قادرين على الردود، وليس كل الناس مؤهلين ليردوا على المبتدعة، تلك تحتاج إلى رجال مطلعين، يعرفون كيف يدحضون الشبه، يعرفون كيف يردون، وإذا قام بذلك من يكفي ومن يرد من مشايخنا ويدحض الشبه؛ فذلك كافٍ والله، والله يكفي.

أما أن يتحوّل هذا إذا لم أرد أنا على فلان، وقد كفاني إياه أخي أو شيخي، بعد ذلك أُتهم أنا بالتمييع، أو بالتضييع، أو أتهم بترك المنهج، أو أتهم بالخروج من المنهج؛ فهذا حكم جائر، حكم جائر، يجب أن نَخلص منه، ويجب أن نبتعد عنه، ويجب أن نحيد عنه، ويجب أن نلتزم ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت)).

ثم إني أوصي الجميع بالإخلاص، فيما يقول وفيما يعمل، فإن الإخلاص أمر عزيز، أمر قلبي، الإخلاص والمتابعة في دعوتنا وفي مسيرتنا وفي منهجنا وفي جميع أمورنا، نتأسى برسولنا – صلى الله عليه وسلم – وبالصحابة الكرام الذين بعده، وبالسلف الصالح الذين جاؤوا بعدهم، {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه}، وقال – تبارك وتعالى – : {أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده}، وقال – جل وعلا – : {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ةيتبع غير سبيل المؤمنين نُوَلِّه ما تَوَلَّى ونًصله جهنم وساءت مصيراً}.

وإني أختم كلمتي هذه بذكر ما يتعلق بالخوف من زلات اللسان ومن فلتات اللسان،

يقول الله – تبارك وتعالى – : {ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد . إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد . ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد}، ويقول – تبارك وتعالى – : {ولا تقفً ما ليس لك به علم إنَّ السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً}، ويقول – جل وعلا – : {قل إنما حرَّم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير حق وأن تشركوا بالله ما لم يُنَزِّل به سلطاناً وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون}، ويقول – جل وعلا – : {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً}.

ويقول النبي – صلى الله عليه وسلم – : ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت))، ويقول – صلى الله عليه وسلم – لمعاذ: ((أمسك عليك هذا))ويمسك بلسان نفسه – صلى الله عليه وسلم – . ويقول صلى الله عليه وسلم – : ((إن المرء ليتكلم بالكلمة لا يلقي بها على بال تهوي به في جهنم سبعين خريفا)).

أسأل الله الكريم، رب العرش العظيم، بأسمائه الحسنى وصفاته العلا؛ أن يرزقنا وإياكم الاستقامة على طاعته، والعمل بما يرضيه، كما أسأله – تبارك وتعالى – أن يجمع شمل إخواننا على البر والتقوى، وأن يوحد صفوفهم على التوحيد، وأن يوحد صفوفهم على منهج النبي – صلى الله عليه وسلم – ، منهج الأنبياء والمرسلين، منهج علمائنا الصالحين المصلحين، الذين ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين.

وفق الله الجميع للعلم النافع والعمل الصالح، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

سُجِّل هذا الجواب عن هذا السؤال في يوم الجمعة، الموافق 21 من شهر جمادى الاولى سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة من الهجرة النبوية، ونحن في الطريق مع بعض الرفقة الأفاضل من طنجة إلى الدار البيضاء.

أسأل اللهَ للجميع الإخلاص والصواب والتوفيق، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

المقال بصيغة pdf

http://islamancient.com/ressources/docs/688.pdf


شارك المحتوى: