من أشد ما يغيظ الكفار ..


 

سبحان من رفع ذكر نبيه عليه الصلاة والسلام القائل : (ورفعنا لك ذكرك) ، رفع ذكره في العالمين رغم ما لاقى النبي صلى الله عليه وسلم من أصناف الأذى .. وإن الأذى وجه إلى نبينا محمد عليه الصلاة والسلام لم يتوقف منذ أن بُعث ، ومعاداته بدأت من يوم أن جهر بالدعوة وقيل له تباً لك سائر هذا اليوم ألهذا جمعتنا ؟! واستمر الأذى في العهد المكي ، وقيلت في حقه أبشع الألفاظ وأسوأ التُّهَم ، وماذا بعد قول الكفار عنه : شاعر وكاهن وساحر ومجنون وكذاب أشِر ؟! وبلغ المكر غايته لأجل قتله يوم الهجرة عندما تجمع الكفار بمختلف مللهم (وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين) ..

وجاءت قريش في بدر وأحد وتجمعت مع اليهود في الخندق ومكرت في الحديبية وعقدت الصلح القاسي البنود على المسلمين .. وحاول اليهود إطفاء النور الذي بعث به محمد خير من وطئ الثرى بسحره ، وعصمه الله منه ، ووضعت له يهودية يوم خيبر سُمّاً في لحم لقتله غيظاً وحقداً وحسداً ، وقد كُسِرَت رباعيتُه وكسرت ترقوته وأُدمي في سبيل الله ، ولن يتوقف هذا الكيد والمكر والأذى من خَلَفِ هؤلاء الكفرة وأتباعهم .. (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) .. فدينه عليه الصلاة والسلام ينتشر، ويزداد انتشاره بمرور الأيام ، وسيرته في بلاد الكفار تذكر ، بل ما من بلاد إلا وبها أذان وإقامة وصلاة وفيها يذكر محمد عليه الصلاة والسلام ، وهذا ما لم يظفر بعشر معشاره أي مخلوق في هذه الدنيا مهما بلغت مكانته وكبرت إنجازاته ، وهو مصداق قول الله تعالى : (ورفعنا لك ذكرك) .. ورضي الله عن حسان بن ثابت الذي قال:

وقد ضم الإله اسم النبي إلى اسمه
إذا قال في الخمس المؤذنُ أشهدُ

وكلما رأى الكفار انتشار الإسلام وطمأنينة المسلمين بدينهم ، ووضوح عقيدتهم ، واجتماعهم في الصلوات وفي الحج على عبادات واحدة وكتاب واحد يعبدون ربا واحدا ازداد غيظهم وأخرجوا عداوتهم (قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر) ..

إن أبلغ رسالة يُرد بها على الكفار في إساءتهم لجناب النبي الكريم حبيبنا محمد عليه الصلاة والسلام هي العودة والرجوع والتمسك بسنته والاهتداء بهديه ، إن هذا هو الذي يغيظ الكفار ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ : (مَا حَسَدَتْكُمُ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ ، مَا حَسَدَتْكُمْ عَلَى قَوْلِ آمِينَ ، فَأَكْثِرُوا مِنْ قَوْلِ آمِينَ) رواه البخاري ، وهذا مثال ونموذج للجوانب التي تغيظهم من أعمالنا ، ويحسدوننا بسببها.

إن نصرتنا لنبينا محمد عليه الصلاة والسلام يجب أن تكون بعلم ، يقودها العلم ويوجهها الهدي النبوي ، لا توجهها العاطفة المجردة عن العلم الذي جاءت به النصوص الشرعية من الكتاب والسنة.
لننصر نبينا بالعلم والبصيرة ، بتعلم هديه ونشر سنته ، ونشر أخلاقه وآدابه وعقيدته ورحمته ، وبرجوع الناس لطريقته وشريعته .. هذه هي النصرة ولوازم المحبة ، فالمحبة تعني الاتباع ، والطاعة ، واقتفاء الأثر ، والاقتداء به عليه الصلاة والسلام ..

كتبها : عارف الركابي


شارك المحتوى: