مناصحة الحاكم جهرا فيما صدر منه من منكرات يفضي إلى الفوضى وتهييج العامة والرعية عليه


(مناصحة الحاكم جهرا فيما صدر منه من منكرات يفضي إلى الفوضى وتهييج العامة والرعية عليه)

……………

وقفات مع الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق وإنكاره على من قال ” لا ينصح الحاكم إلا سراً”.

http://islamancient.com/ressources/baners/23.png

الحمد الله رب العالمين.

وبعد.

لقد اطلعت على ما كتبه الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق عفى الله عنه، فتعجبت من إنكاره وتشنيعه على من قال “أنه لا يُنصح الحاكم إلا سراً ” والأدهى من ذلك أنه اعتبر أن واضع هذا الأصل غبي !.

ولي على ما كتبه عدة وقفات.

[الوقفة الأولى]:

قول الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق، أن قول لا يُنصح الحاكم إلا سراً ليس أصلاً من أصول أهل السنة، وأن واضعه غبي !!!.

قلتُ: لا شك أن هذه زلة كبيرة من الشيخ عبدالرحمن عفى الله عنه، وفتح باب شر على المسلمين، وخالف النصوص الشرعية، وأقوال السلف الصالح الذين اعتبروا أن مناصحة ولي الأمر أو الحاكم سراً واجب و ثابت جاءت به السنة وهو سبيل المؤمنين، ومن قال خلاف ذلك فقد أبعد النجعة، وولج باباً من أبواب الخوارج، وهيج الناس على ولاة الأمور، وأَذِن بفتنة عريضة.

وإليك بعض الأدلة الدالة على وجوب مناصحة الحاكم سراً لا جهراً.

أولاً: النصوص الشرعية:

الحديث الأول: عن عياض بن غنم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أراد أن ينصح لذي سلطان في أمر فلا يبده علانية، وليأخذ بيده، فإن قبل منه فذاك، وإلا كان قد أدى الذي عليه».

رواه الإمام أحمد، وابن أبي عاصم في كتاب السنة وغيرهما، وصححه الألباني.

الحديث الثاني: عن عامر بن سعد عن أبيه قال: أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم رهطا وأنا جالس فيهم قال فترك رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم رجلا لم يعطه وهو أعجبهم إلي فقمتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم “فساررته” فقلت مالك عن فلان والله إني لأراه مؤمنا؟ قال أومسلما ..الخ. والحديث في مسلم والبخاري .

قال النووي رحمه الله: فيه التأدب مع الكبار، وأنهم يسارون بما كان من باب التذكير لهم والتنبيه ونحوه، ولا يجاهرون فقد يكون في المجاهرة به مفسدة.

ثانيا: أقوال الصحابة وأفعالهم في النصيحة للحاكم.

قول ابن عباس رضي الله عنه.

ذكر الحافظ ابن رجب وابن أبي شيبة. أن ابن عباس – رضي الله عنهما – سئل عن أمر السلطان بالمعروف ونهيه عن المنكر. فقال: إن كنت فاعلاً ولا بد ففيما بينك وبينه.

قول أسامة وفعله رضي الله عنه.

قيل لأسامة بن زيد رضي الله عنهما- ألا تدخل على عثمان فتكلمه ؟ فقال: أترون أني لا أكلمه إلا أسمعكم؟! والله لقد كلمته فيما بيني وبينه ما دون أن أفتتح أمراً لا أحب أن أكون أول من فتحه).رواه البخاري ومسلم.

قول عبدالله بن عكيم الجهني رضي الله عنه.

روى هلال بن أبي حُمَيد قال: سمعتُ عبد الله بن عُكيم يقول: لا أعين على دم خليفة أبدًا بعد عثمان، فيُقال له: يا أبا معبد أوَ أعَنْتَ على دمه؟ فيقول: إنّي أعُدّ ذكرَ مَساويه عونًا على دمه.

وهذا القول من الصحابي اعتبر أن ذكر أخطاء الحاكم والإنكار عليه علنا بأنه فعل منكرا ونشر منكرا مما يعين على سفك الدماء وتحريك الدهماء وإثارة الفتنة، ويفيد هذا القول من الصحابي أن الخروج كما يكون بالسيف يكون أيضاً باللسان.فتنبه لهذا.

ثالثا: فقه العلماء واستنباطهم من الأحاديث الآنفة الذكر، وأقوال السلف من الصحابة وغيرهم في وجوب مناصحة الحاكم سراً.

أقول: ليس من منهج السلف مناصحة الحاكم جهرا على رؤوس الأشهاد ولا على المنابر فيما صدر منه من منكرات وأخطاء لأن ذلك يفضي إلى الفوضى وتهييج العامة والرعية عليه وسلب هيبته، وعدم السمع والطاعة له، والطريقة المثلى والمتبعة عند العلماء وسلف الأمة مناصحة الحاكم سراً وليس جهراً.

قال النووي – رحمه الله -:موضحا قصد أسامة في الحديث السابق الذكر قوله “أفتتح أمراً لا أحب أن أكون أول من فتحه” يعنى المجاهرة بالإنكار على الأمراء في الملأ، كما جرى لقتلة عثمان رضي الله عنه.

وقال عياض – رحمه الله -: مراد أُسامة أنه لا يَفْتح باب الْمُجاهرة بالنَّكير على الإمام لما يَخشى من عاقبة ذلك، بلْ يتلطف به وينصحه سِرًّا فذلك أجدر بالقبول. ذكره ابن حجر في فتح الباري رحمه الله.

وقال العيني على شرح البخاري تعليقا على قول أسامة بن زيد السابق: قد كلمته ما دون أَن أفتح بابا أَي: كَلمته شَيْئا دون أَن أفتح بابا من أبواب الفتن. أَي: كَلمته على سبيل المصلحة والأدب والسر دون أن يكون فيه تهييج للفتنة ونحوها، وأنه لم يرد فتح الباب بالمجاهرة بالتنكير على الإِمام لما يخشى من عاقبة ذلك من كونه فتنة رُبما تؤول إلى أن تموج كموج البحر.

وقال النووي – رحمه الله -: وأما النصيحة لأئمة المسلمين فمعاونتهم على الحق وطاعتهم فيه وأمرهم به وتنبيههم وتذكيرهم برفق ولطف وإعلامهم بما غفلوا عنه ولم يبلغهم من حقوق المسلمين وترك الخروج عليهم وتألف قلوب الناس لطاعتهم.

قال الإمام يحيى بن معين رحمه الله: ما رأيتُ على رجل خطأ إلا سترته، وأحببتُ أن أزين أمره، وما استقبلتُ رجلا في وجهه بأمر يكرهه، ولكن أبين له خطأه فيما بيني وبينه، فإن قبل ذلك وإلاَّ تركته.

قلتُ: إذا كان الإمام يحيى بن معين يسر بالنصيحة لرجل فمابلك بالحاكم المسلم فيكون من باب أولى.

وقال ابن القيم -رحمه الله-: فمخاطبة الرؤساء بالقول اللين أمر مطلوب شرعاً وعقلاً وعرفاً، ولذلك تجد الناس كالمفطورين عليه.

قال الشوكاني – رحمه الله -: ينبغي لمن ظهر له غلط الإمام في بعض المسائل أن يناصحه، ولا يظهر الشناعة عليه على رؤوس الأشهاد. بل كما ورد في الحديث: أنه يأخذ بيده ويخلو به ويبذل له النصيحة ولا يذل سلطان الله. وقد قدمنا في أول كتاب السير: أنه لا يجوز الخروج على الأئمة، وأن بلغو في الظلم أي مبلغ ما أقاموا الصلاة ولم يظهر الكفر البواح. والأحاديث الواردة في هذا المعنى متواترة. ولكن على المأموم أن يطيع الأمام في طاعة الله ويعصيه في معصية الله.فإنه لا طاعة للمخلوق في معصية الخالق.

وعلماء نجد كالشيخ محمد بن عبد الوهاب وتلاميذه قالوا: وأما ما قد يقع من ولاة الأمور من المعاصي والمخالفات التي لا توجب الكفر، والخروج من الإسلام. فالواجب فيها: مناصحتهم على الوجه الشرعي برفق، واتباع ما كان عليه السلف الصالح من عدم التشنيع عليهم في المجالس, ومجامع الناس، واعتقاد أن ذلك من إنكار المنكر الواجب إنكاره على العباد، وهذا غلط فاحش، وجهل ظاهر، لا يعلم صاحبه ما يترتب عليه من المفاسد العظام في الدين والدنيا، كما يعرف ذلك من نور الله قلبه، وعرف طريقة السلف الصالح وأئمة الدين.

راجع الدرر السنية.

وقال العلامة السعدي رحمه الله: على من رأى منهم ما لا يحل أن ينبههم سراً لا علناً بلطف وعبارة تليق بالمقام.

وقال العلامة ابن عثيمين: الواجب أن نناصح ولاة الأمور سرا كما جاء في النص ” فلا يبده علانية وليأخذ بيده”.

وقال العلامة ابن باز رحمه الله: ليس من منهج السلف التشهير بعيوب الولاة وذكر ذلك على المنابر , لأن ذلك يفضي إلى الفوضى وعدم السمع والطاعة في المعروف , ويفضي إلى الخوض الذي يضر ولا ينفع , ولكن الطريقة المتبعة عند السلف: النصيحة فيما بينهم وبين السلطان , والكتابة إليه أو الإتصال بالعلماء الذين يتصلون به حتى يوجه إلى الخير.

[الوقفة الثانية]:

المتأمل لمقال الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق بين العنوان وبين المضمون يجد التناقض وعدم التوافق بينهما، فالعنوان يخالف المحتوى.

فالشيخ عنون مقاله فقال: ورطة من قالوا لا ينصح الحاكم إلا سرا.

ثم ذكر آيات عامة في النصح وإنكار المنكر وليس فيها وجوب إنكار المنكر على الحاكم جهرا أو سراً.

فمثلا ذكر آية { فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ } وهذه الآية حجة عليه وليست له، فالسلف ردوا المسألة إلى الله والرسول صلى الله عليه وسلم فوجدوا النصوص الشرعية وأقوال الصحابة تنص على وجوب مناصحة الحاكم سرا لا جهراً، وهو سبيل المؤمنين فالآية ليست لها علاقة بالعنوان.

الآية الثانية التي ذكرها الشيخ تحت عنوان “ورطة من قالوا لا ينصح الحاكم إلا سرا” قال تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَىٰ }، من قال لك ياشيخ عبدالرحمن أكتم الحق ولا تظهره ؟!! ومن قال لك لا تبين الهدى ؟!!

ومن قال لك لا تنكر المنكر ؟!!! ومن قال أن الآية خاصة بالحاكم وأنها تأمر مناصحة الحاكم جهرا، بل اظهر الحق وانكر المنكر ولكن بضوابطه الشرعية فالحاكم نصيحته تكون سراً لا جهراً، فالآية ليست لها علاقة بعنوان مقالك ” ورطة من قالوا لا ينصح الحاكم إلا سرا”.

ثم ذكر حديثا تحت عنوان المقال: «إنَّهُ سيكونُ عليكم أئمةٌ تعرفونَ وتُنكرونَ، فمن أنكرَ فقد برئَ، ومن كرهَ فقد سَلِمَ، ولكن من رضيَ وتابعَ». ماعلاقة الحديث بالعنوان: “ورطة من قالوا لا ينصح الحاكم إلا سرا”.

ياشيخ عبدالرحمن هداك الله انكر المنكر علنا، ومن قال لك لا تنكر المنكر؟!، قل الربا حرام والزنا حرام وقل لا يجوز الحكم بغير ما أنزل الله، وهذا لا يمنع من مناصحة الحاكم سرا.

قال العلامة ابن باز رحمه الله: ولكن الطريقة المتبعة عند السلف: النصيحة فيما بينهم وبين السلطان , والكتابة إليه أو الاتصال بالعلماء الذين يتصلون به حتى يوجه إلى الخير , وإنكار المنكر يكون من دون ذكر الفاعل فينكر الزنا وينكر الخمر وينكر الربا من دون ذكر من فعله , ويكفي إنكار المعاصي والتحذير منها من غير أن يذكر أن فلانا يفعلها لا حاكم ولا غير حاكم.

فالحديث ياشيخ عبدالرحمن ليس له علاقة بعنوان مقالك: “ورطة من قالوا لا ينصح الحاكم إلا سرا”. والسلف لم يقولوا لا تنصح الحاكم، ولا تنكر عليه، ولا تنكر المنكرات “حاشا” أن يقولوا بمثل هذا، وإنما النصيحة تكون بالضوابط الشرعية.

[الوقفة الثالثة]:

قال الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق: وما درج عليه سلف الأمة وعلماءها من إنكار المنكر، ومن ذلك وقوف الإمام أحمد بن حنبل في وجه ثلاثة من خلفاء بني العباس في فتنة القرآن من تعرضه للسجن والتعذيب. انتهى كلام الشيخ.

ولي على هذا الكلام ملاحظتان.

الملاحظة الأولى: في الكلام شيء من التدليس والتمويه وهو قوله ” وما درج عليه سلف الأمة وعلماءها من إنكار المنكر ” ما علاقة هذا الكلام بالعنوان “ورطة من قالوا لا ينصح الحاكم إلا سراً ” لا شك ولا ريب أن سلف الأمة وعلماءها قاموا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على أتم وجه، ولكن ما علاقة ذلك بعنوان مقالك، حتى أسامة رضي الله عنه كان يدخل على عثمان ويناصحه، وقد درج سلف الأمة على ذلك وهو مناصحة الحاكم سرا لا جهرا، فقولك هذا فيه تمويه وتدليس على القارئ لكي يربط عنوان مقالك بقولك ” وما درج عليه سلف الأمة وعلماءها من إنكار المنكر” من غير لا يشعر القارئ فيقتنع بقولك من غير تفكير أن مقولة “لايُنصح الحاكم إلا سراً مقولة باطلة”.

الملاحظة الثانية: قولك: ومن ذلك وقوف الإمام أحمد بن حنبل في وجه ثلاثة من خلفاء بني العباس في فتنة القرآن من تعرضه للسجن والتعذيب.

سبحان الله يا شيخ عبد الرحمن هداك الله، ماعلاقة السجن والتعذيب الذي حصل للإمام أحمد بعنوان مقالك “ورطة من قالوا لا ينصح الحاكم إلا سراً”.

ثم ماهذا التدليس عفى الله عنك قولك “وقوف الإمام أحمد بن حنبل في وجه ثلاثة من خلفاء بني العباس في فتنة القرآن” ياشيخ عبدالرحمن هداك الله أوهمت القراء أن الإمام أحمد وقف في وجوههم وحاربهم وحرض الناس عليهم، وأنكر عليهم علانية !!!

وإنما الصحيح الذي لا مرية فيه، وهو بعيد عن التدليس وعن عنوان مقالك، هو أنه ثبت على القول بأن القرآن كلام الله وحاولوا أن يحملوه على القول بأن القرآن مخلوق فأبى وثبت على الحق وصبر على فتنة الحاكم، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم ” لا طاعة لمخلوق في معصية الله وإنما الطاعة بالمعروف ” فثبت على ذلك وتعرض للسجن والضرب، ولم يقف في وجوههم ياشيخ عبدالرحمن بالمعنى الذي أردت وعنونت مقالك “ورطة من قالوا لا ينصح الحاكم إلا سراً” وإنما وقف الإمام أحمد خلاف عنوان مقالك الذي فيه إهام للقراء بأنه شنع عليهم وحرض العامة على ولاة الأمر بل بالعكس صبر ولم ينابذهم أو يأجج الناس من حوله.

قال ابن مفلح، في “الآداب”: قال حنبل: اجتمع فقهاء بغداد في ولاية الواثق، إلى أبي عبد الله- يعني الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى- وقالوا له: إن الأمر قد تفاقم وفشا – يعنون إظهار القول بخلق القرآن، وغير ذلك – ولا نرضى بإمارته ولا سلطانه، فناظرهم في ذلك، وقال: عليكم بالإنكار في قلوبكم، ولاتخلعوا يدا من طاعة، ولا تشقوا عصا المسلمين، ولا تسفكوا دماءكم ودماء المسلمين معكم، وانظروا في عاقبة أمركم، واصبروا حتى يستريح بر، ويستراح من فاجر، وقال: ليس هذا- يعني نزع أيديهم من طاعته- صوابا هذا خلاف الآثار، اهـ.

الوقفة الرابعة: قال الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق: أقول للذين وضعوا ذلك الأصل الغبي المخالف للكتاب والسنة وعمل سلف الأمة.

ويقصد الشيخ عبدالرحمن أن من قال “لا ينصح الحاكم إلا سراً” فهو غبي ومخالف للكتاب والسنة وعمل سلف الأمة!!!!

قلتُ: سبحان الله لماذا لم يجعل الشيخ المسألة أقل الأحوال مسألة خلافية ؟! بدل أن يصف من يخالفه بالغبي والمخالف للكتاب والسنة، وأقول للقارئ راجع الوقفة الأولى سيتبين لك منه الغبي والمخالف للكتاب والسنة وأقوال سلف الأمة والله المستعان، قال ابن حزم رحمه الله -: وإذا نصحت فانصح سراً لا جهراً، وبتعريض لا تصريح، إلا أن لا يفهم المنصوح تعريضك، فلابد من التصريح.

فكلام ابن حزم في عامة الناس فكيف بالحاكم فيكون من باب أولى أن يكون في سرية تامة.

قال ابن النحاس وهو من علماء الشافعية: يختار الكلام مع السلطان في الخلوة على الكلام معه على رؤوس الأشهاد.

وقول ابن النحاس هذا ذكر كلامه ونصيحته للحاكم في كتابه الذي اسماه “تنبيه الغافلين عن أعمال الجاهلين، وتحذير السالكين من أفعال الهالكين.

وكأنه يشير إلى أن مناصحة الحاكم جهراً غفلة من الناصح وهو عمل صادر من جاهل بمعنى غبي وهو طريق الهالكين وليس هو سبيل المؤمنين.

الوقفة الخامسة: قال الشيخ عبد الرحمن عبدالخالق: لقد وقع الذين قالوا ” لا ينصح الحاكم إلا سراً ” في ورطة عظيمة عندما قام فضيلة الشيخ صالح الفوزان وفضيلة الشيخ عبدالمحسن العباد البدر، وهما من بقية علماء السلف بإنكار بعض المنكرات علانية.

قلتُ: ومن يقول يا شيخ عبد الرحمن لا يجوز إنكار المنكر علانية.

هناك فرق بين إنكار المنكر وتحذير الناس منه مثل أن تقول التبرج حرام والاختلاط حرام والرباء حرام، وبين الإنكار على ولي الأمر أو الأمير أو الحاكم فتسميه فهذا لا يجوز وهو ما يسمى بالإنكار العلني على الحاكم المسلم لما يترتب عليه من مفاسد.

ولذلك قال العلامة ابن باز: وإنكار المنكر يكون من دون ذكر الفاعل فينكر الزنا وينكر الخمر وينكر الربا من دون ذكر من فعله , ويكفي إنكار المعاصي والتحذير منها من غير أن يذكر أن فلانا يفعلها لا حاكم ولا غير حاكم.

والشيخ الفوزان على منهج السلف ولا زال وهو يقول النصيحة للحاكم تكون سراً بين الناصح وولي الأمر، بخلاف قولك يا شيخ عبدالرحمن الذي تدعو إلى مناصحة الحاكم علانية وجهرا.

قال الشيخ الفوزان: نصيحة ولي أمر المسلمين واجبة لقوله صلى لله عليه وسلم: الدين النصيحة، قلنا لمن يا رسول الله قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، ولكنها تكون سرًا بين الناصح وولي الأمر، بدليل حديث: من كان عنده نصيحة لولي الأمر فليأخذ بيده ولينصحه سرا، فإن قبل وإلا فقد أدى ما عليه، أو كما ورد عنه صلى الله عليه وسلم، وكان أسامة بن زيد ينصح عثمان بن عفان أمير المؤمنين رضي الله عنه سرًا ولا يظهر ذلك للناس هذا هو السنة في نصيحة ولي الأمر، أما الإنكار عليه بالمظاهرات أو في الصحف أو في الأشرطة أو في وسائل الإعلام أو في الكتب والمنشورات فكل ذلك خلاف السنة وهو يفضي إلى مفاسد وفتن وشرور وتحريض على الخروج على ولي الأمر ويفرق بين الراعي والرعية ويحدث البغضاء بين ولي الأمر والرعية وليس ذلك من هدي الإسلام الذي يحث على جمع الكلمة وطاعة ولي الأمر فهو أمر منكر وليس من النصيحة في شيء وإنما هو من الفضيحة حتى في حق أفراد الناس فكيف بولي الأمر وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه.

وقال الشيخ عبد المحسن العباد: ومن حقوق ولاة الأمر المسلمين على الرعية النصح لهم سراً وبرفق ولين والسمع والطاعة لهم في المعروف.

الوقفة السادسة: الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق وفقه الله لكل خير، منذ أن جاء للكويت وارتقى المنابر لم يطبق منهجه الذي يمليه على طلابه على نفسه، لا سيما ما يتعلق بالسياسة، ولم يعمل بما فيه، فيرى الإنكار على الحكام علنا ويحث الناس، ومن قال خلاف ذلك فهو غبي، ثم لا يعمل بما قال، ولا ينكر المنكرات التي تصدر من الحكام علنا عليهم، وهو يرى المظاهرات ولا يمكن تجد الشيخ بينهم، ويرى الثورات ولا يمكن تجده بينهم، فهو يريد فقط من الشباب ومن طلابه ينكرون على الحكام علناً، ويقومون بالثورات، ويسلم هو من تبعات الإنكار على الحكام فيطلع بما يزينه أمام رجالات الدولة، وطلابه يطلعون بما يشينهم.

وسأذكر موقفاً واحداً تدرك ما أقصده.

موقف الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق مما جرى في البلاد من طلب استجواب لرئيس مجلس الوزراء قبل أن يأخذ الجنسية الكويتية.

قام بعض أعضاء مجلس الأمة الذين يمثلون الكتلة الإسلامية آنذاك، باستجواب رئيس مجلس الوزراء على خلفية أمور حدثت في وقتهم، فقام الشيخ عبدالرحمن ووقف مع رئيس مجلس الوزراء آنذاك، وأفتى بحرمة الاستجواب وأنه يؤول إلى فتنة، وأن الاستجواب ومحاسبته فتنة، يجب درءها، وأن الإستجواب يفضي بالمساس بجناب حضرت صاحب السمو أمير البلاد، ويحذر من التنازع الذي يضيع البلد.

سبحان الله ياشيخ عبدالرحمن الآن محاسبة رئيس مجلس الوزراء والإنكار عليه يضيع البلد، وتسمح لنفسك وتحث الناس على الإنكار العلني على الحاكم والأمير المسلم ، وأن من قال لا ينصح الحاكم إلا سرا اعتبرته غبي ومخالف للكتاب والسنة وعمل السلف!!!!.

ما هذا التناقض ياشيخ عبدالرحمن أو أن المسألة ” ما أشرب من هواك “.

الإنكار على الحاكم تأتي بالآيات { إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَىٰ}، «إنَّهُ سيكونُ عليكم أئمةٌ تعرفونَ وتُنكرونَ، فمن أنكرَ فقد برئَ، ومن كرهَ فقد سَلِمَ، ولكن من رضيَ وتابعَ».

وعند رئيس مجلس الوزراء ذكرت هذه الآية { وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ }

وإليك نص الفتوى وقد وزعت على مقاعد أعضاء مجلس الأمة في البرلمان لكي لا يتم محاسبة رئيس مجلس الوزراء!!!!.

وهذه نص الفتوى ?

http://islamancient.com/ressources/baners/24.png

ونسأل الله أن يرزقنا الهدى والتقوى والعفاف إنه على كل شي قدير.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

كتبه / أبو محمد د.فيحان الجرمان

“ألمانيا”


شارك المحتوى: