مختصر عقيدة الفرقة الناجية


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على نبينا المصطفى وآله وأصحابه ومن اقتفى.
أما بعد،،،

من هي الفرقة الناجية ؟

عن مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ رضي الله عنه قال: قال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” إِنَّ أَهْلَ الْكِتَابَيْنِ افْتَرَقُوا فِي دِينِهِمْ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، وَإِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً – يَعْنِي الْأَهْوَاءَ – كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا وَاحِدَةً، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ، وَإِنَّهُ سَيَخْرُجُ فِي أُمَّتِي أَقْوَامٌ تَجَارَى بِهِمْ تِلْكَ الْأَهْوَاءُ كَمَا يَتَجَارَى الْكَلَبُ بِصَاحِبِهِ، لَا يَبْقَى مِنْهُ عِرْقٌ وَلَا مَفْصِلٌ إِلَّا دَخَلَهُ .”
الكَلَب : هو داء السعار الذي يصيب الإنسان بسبب عضة الكلب المسعور له.

رواه أحمد وأبو داوود والدارمي والحاكم
وروي هذا الحديث عن جمع من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم :
أنس بن مالك وأبو هريرة وعوف بن مالك وعبدالله بن عمرو وسعد بن أبي وقاص وأبو أمامة الباهلي وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين

وقد صحح هذا الحديث مع ما له من الطرق المتعددة الحفاظ والمحققين من أهل العلم منهم :
الترمذي والحاكم وابن تيمية والشاطبي وابن حجر وابن كثير والألباني

فالفرقة الناجية في الحديث السابق هم الطائفة المنصورة السلفيون أهل السنة والجماعة أهل الحديث والأثر ، فهم من اقتفى سنة المصطفى وسار على هديه وهدي سلف الأمة من القرون الثلاثة التي فضلها الله عز وجل على سائر الأمة.

ما عقيدة الفرقة الناجية؟
أساس عقيدتهم : القرآن والسنة وإجماع السلف.

فهم الذين يعتقدون أن الإسلام : هو الإستسلام لله عز وجل بالوحدانية والانقياد له بالطاعة والبراءة من الشرك وأهله.

وهم الذين آمنوا بالله وحده إيماناً يتضمن الإيمان بوجوده والإيمان بربوبيته والإيمان بألوهيته وحده لا شريك له وأنه هو وحده الإله المستحق للعبادة وهذا معنى “لا إله إلا الله ” أي : لا معبود بحق إلا الله ،والإيمان بأسمائه وصفاته اللائقة به سبحانه وتعالى من غير تمثيل وتكييف ومن غير تعطيل وتحريف.

وهم الذين يؤمنون أن الله متصف بصفات كمال ونعوت جلال فهو سبحانه متصف بصفاتٍ ذاتية معنوية كالعلم والقدرة والحكمة والعلو والإرادة والسمع والبصر وغيرها، ومتصف بصفاتٍ ذاتية خبرية كالوجه واليدين والعينين والكف والأصابع والساق والقدم ،ومتصف بصفات فعلية كالإستواء على العرش والنزول الى السماء الدنيا في ثلث الليل الآخر والضحك والغضب والانتقام والمحبة والعجب وغير ذلك.

وهم الذين يؤمنون بأن الله عالٍ على خلقه فوق عباده بائن منهم ،فعلوه علو ذات وعلو قهر وعلو قدر.

وهم الذين يؤمنون بأن الله مستوٍ على عرشه استواءً يليق بجلاله وعظمته في سبع آيات في كتاب الله ومعناه كما جاء عن السلف: ارتفع وصعد وعلى واستقر.
وأن العرش وجميع المخلوقات فقيرة محتاجة إليه سبحانه وتعالى وأنه لا يحتاج أحداً فهو الغني بذاته عز وجل.

وهم الذين يؤمنون أن الله عز وجل يتكلم ويقول وينادي على الحقيقة وكلامه قديم النوع حادث الآحاد والقرآن كلام الله غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود، تكلم الله به وسمعه جبريل من الله بصوت وحرف ونزل به على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فحفظه ووعاه وبلغه إلى الأمة.

وهم الذين يؤمنون بملائكته وكتبه ورسله على سبيل الإجمال والتفصيل.

وهم الذين يؤمنون باليوم الآخر والبعث والنشور وأهوال يوم القيامة والحشر والصراط والحوض والميزان والشفاعة لمن أذن الله له ورضي عنه.

ويؤمنون بالجنة وأنها مخلوقة موجودة الآن ومن دخلها لا يخرج منها أبدا ،ويؤمنون بالنار وأنها مخلوقة موجودة الآن وأن نار الموحدين تفنى بعد أن يخرجوا منها ويدخلون الجنة وأما نار الكافرين فإنها لا تفنى بل هي باقية أبد الآبدين.
ويؤمنون بأن المؤمنين سيرون ربهم يوم القيامة رؤية بصرية كما يرون القمر ليلة البدر لا يضامون في رؤيته وأن رؤيته أعظم نعيم الجنة.

ويعتقدون أن الإيمان قول وعمل ونية، وأنه اعتقادٌ بالجنان وقول باللسان وعمل بالجوارح يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية.

ويعتقدون أن فاعل الكبيرة ليس بكافر بل هو مؤمن بإيمانه عاص بكبيرته أو هو مؤمن ناقص الإيمان وهو يوم القيامة تحت مشيئة الله عز وجل إنا شاء عذبه وإن شاء غفر له.

ويؤمنون بالقدر خيره وشره وأن الله عز وجل قدر المقادير قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، فأول ما خلق القلم قال له : اكتب ،فكتب مقادير كل شيء إلى يوم القيامة.
وأن القدر أربع مراتب : العلم والكتابة والمشيئة والخلق.
وأنه سبحانه خالقٌ لأفعال العباد خيرها وشرها فلا يقع في ملكه وسلطانه إلا ما يريد فأفعال العباد هي من الله خلقٌ ومن العبد فعلٌ.

ويؤمنون أن الله فعال لما يريد، وأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وأن ما أراده كوناً حتما يقع وما أراده شرعاً قد يقع وقد لا يقع لحكمة يعلمها سبحانه وتعالى.

ويعتقدون أن نبينا محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي نسباً المكي مولداً المديني مهاجراً هو خاتم النبيين والمرسلين وهو سيد ولد آدم ولا فخر بلغ الرسالة وأدى الأمانة وأتم الله عز وجل على يديه الدين وأكمله.

ويؤمنون أن أفضل الأمة بعد نبيها هو خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم شيخ قريش أبو بكر الصديق رضي الله عنه ثم أول أميرٍ للمؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب ثم أمير المؤمنين ذو النورين زوج البنتين عثمان بن عفان ثم أمير المؤمنين ابن عم رسول الله علي بن أبي طالب رضي الله عنهم ثم بقية العشرة المبشرين بالجنة ثم أهل بدر ثم أهل بيعة الرضوان ثم سائر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

ويؤمنون بمحبة آل بيت النبي صلى الله وسلم ويحفظون لهم حقهم من القرابة والمودة والتوقير.

ويؤمنون أن زوجات نبينا صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين بنص كتاب الله الطاهرات العفيفات أولات الفضائل والمناقب ،زوجاته في الدنيا وزوجاته في الجنة رضي الله عنهن.

ويؤمنون بعدالة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن الله قد زكاهم وعدلهم فلهم من الفضائل والمحاسن والمقامات مالا يكون لمن بعدهم.

ويؤمنون بوجوب الكف عما شجر بين الصحابة من الفتن وأنهم مأجورون على اجتهاداتهم فتجب محبتهم والترضي عنهم جميعاً فلا يذكرون إلا بالقول الطيب والجميل.

ويؤمنون بوجوب السمع والطاعة للأمراء أبراراً كانوا أو فجاراً ،وأنه لا إسلام إلا بجماعة ولا جماعة إلا بإمامة ولا إمامة إلا بسمع وطاعة.

ويؤمنون بوجوب إقامة أركان الإسلام الخمسة، الشهادتين والصلاة والزكاة وصيام رمضان والحج لمن استطاع إليه سبيلا.

ويؤمنون بوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،
ويأمرون بالأخلاق الحسنة الفاضلة وينهون عن الاخلاق السيئة وعن الفواحش والمنكرات.

ويأمرون بالسنة والدعوة إليها وإقامتها ونشرها بين الناس وتعليم الناس العلم النافع وإرشادهم إلى العمل الصالح.

وينهون عن البدع والأهواء كلها ولا يرون شيئا منها حسن بل كلها ضلالة وسبيل إلى النار.

فهم ينهون عن الغلو في أصحاب القبور وعبادتهم من دون الله كدعاءهم كشف الضر أو جلب الخير وكالنذر لهم والذبح والاعتكاف والطواف حول قبورهم فكل هذا من الشرك الأكبر.

وهم ينهون عن البناء على القبور وإسراجها وتجصيصها وشد الرحال إليها ودفن الأموات في المساجد فكل ذلك من البدع ومن وسائل الشرك وذرائعه.

وينهون عن كل محدث في الدين وعن الأفكار الهدامة والمباديء الباطلة كالشيوعية والعلمانية والأشتراكية والديمقراطية وغيرها

وهم كذلك لا يرون مجالسة أهل البدع ولا الاستماع إلى أقوالهم إلا للرد عليها ولا مناظرتهم ولا مجادلتهم بل يرون الذم لهم وعيبهم وتحذير الناس منهم ومن أقوالهم وأفعالهم حتى يحذرهم الناس نصحاً لله ورسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم.

هذا مجمل ومختصر اعتقاد الفرقة الناجية فمن أراد الاستزادة فليراجع كتاب العقيدة الواسطية لشيخ الاسلام ابن تيمية وكتاب الأصول الثلاثة وكتاب التوحيد كلاهما لشيخ الاسلام محمد بن عبد الوهاب وغيرها من كتب عقيدة أهل السنة والجماعة مع شروحها.

هل الثنتين والسبعين فرقة في النار؟

هذا الحديث من أحاديث الوعيد ولا يلزم أن يكون كل فرد من هذه الفرق في النار أو خالدا فيها.

هل كل مسلم من الفرقة الناجية؟

ليس كل مسلم يكون من الفرقة الناجية لأن الفرق الهالكة مبتدعة متوعدة بالنار قد خالفت سبيل السلف الصالح ،فهذه الفرق المبتدعة إما أن تكون بدعها بدع كفرية كالنصيرية والجهمية فهذه ليس المنتمي لها بمسلم أصلاً ،وإن كانت هذه الفرق بدعها ليست كفرية فصاحبها داخل في دائرة الإسلام إلا أنه متوعد بالنار لأنه خالف اعتقاد الفرقة الناجية وخالف سبيل المؤمنين ،قال تعالى
(وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا)
وإلا ما فائدة أن يذكر لنا النبي صلى الله عليه وسلم هذا الإفتراق ويبين لنا من هو الناجي ومن هو الهالك من هذه الفرق؟!! ،فمعيار النجاة قوله صلى الله عليه وسلم في رواية “من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي” فمن خالف الصحابة في عقيدتهم ومنهجهم فليس منهم وهو من المتوعدين بالهلاك سواء كان: جهميا أو معتزليا أو أشعريا أو صوفيا أو ماتريديا أو خارجيا أو مرجئا أو من السبابة للصحابة المكفرة لهم أو من الغلاة في آل البيت أو من عباد القبور أو غيرهم.

نسأل الله أن يجعلنا من أهل الفرقة الناجية وأن يحشرنا في زمرتهم يوم نلقاه ومن يقرأ
اللهم آمين

والحمد لله رب العالمين.

بندر بن محمد الميموني


شارك المحتوى: