مخالفات في رمضان


مخالفات في رمضان

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ , وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا , مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ , وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ , وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)


أَمَّا بَعْدُ :عباد الله :َ الصَّوْمِ كغيره من العبادات يقع فيه الغلط والمخالفة والشطط, بِسَبَبِ الْجَهْلِ , وَالتَّقْلِيدِ الأَعْمَى , وَغَفْلَةِ النَّاسِ عَنْ تعلم سنة نبينا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , زد على ذلك ضعف استشعار أهمية هذا الشهر وفضله فاستقبالهم له كاستقبال غيره من الشهور إلا أن يكون تزيدا في مأكول أو تنوعا من مشروب ،وفي الحديث الذي رَوَاهُ ابْنُ مَاجَه وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ(رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلَّا الْجُوعُ , وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلَّا السَّهَرُ) وَفِي هذا اليوم نتطرق للتنبيه والتذكير ولو بالقليل .

فمن ذلكم تضييع الأوقات وتقضيتها عن طريق اللهو واللعب بحجة تناسي الجوع.
وإهدار الوقت عباد الله يعني إهدار العمر، والمسلم مسئول عن وقته و يا ليت شعري ما أكثر المضيعين أوقاتهم!


جاء في البخاري عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ“.



فالنوم طوال النهار تفويت لخيري الدنيا والآخرة من قراءة القرآن وصلاة الجماعة والشعور بطعم العبادة من الجوع والعطش .

وأسوأ وأشر تلكم القنوات الفضائية ووسائل الإعلام والاتصال التي تنشر البرامج والتمثيليات الماجنة، والحوارات الساقطة، وتستباح فيها الأعراض، ويكثر فيها اللغط والسباب ، فأين حرمة الشهر أين قدر الشهر عند هؤلاء، وليت شرهم اقتصر عليهم بل تعدى شرهم إلى المسلمين الذين يشاهدون هذه السواقط، فعلى المسلم أن يحذر من هؤلاء المبعدون له عن ذكر الله (وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً). نسأل الله العافية .

وتعظم المصيبة أن يُسرق رمضان باسم الدين والدعوة إلى الله، من قوم كان من المفترض فيهم أن يكونوا عونا للمسلمين على المزيد من التقرب إلى الله عز وجل في هذا الشهر، بمواعظ القرآن والسنة، وبيان أحكام الصيام والقيام، ولكنهم عدلوا عن ذلك إلى برامج فكاهية، مستغرقة في الضحك، والهزل، والسخرية، والوقاحة، والخفة، والطيش، والتصابي، والحركات التي لا تليق بالعامي فضلا عن المنتسب إلى العلم الشرعي والدعوة إلى الله؛ مما يُسبب رقّة الدين، ومرض القلوب ،

وتفويت فضيلة شهر رمضان ،مع ما اشتملت عليه هذه البرامج من طريقة محدثة في الدعوة إلى الله ـ وهي الدعوة إلى الله بالهزل ــ وتضمنها تشويه صورة أهل العلم والفضل؛ لما قد يتوهمه بعضهم من هذه المشاهد بأن هذه هي حالهم ،ومن لم يسعه منهج محمد صلى الله عليه وسلم فلا وسع الله له (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) وما أجمل قول ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ (لن يهدوكم وقد ضلوا)

ومن الأخطاءِ وهو نزول محتم من السابق أيضا الفتورُ والانقطاعُ عن العملِ الصالحِ، فإنه من الملاحظ أن كثيراً من الناس يُقبِلون في أولِ هذا الشهرِ الكريمِ على العبادةِ ثم ما يبرح الواحد منهم في الضعف، ولا ريبَ أن هذا من الحرمانِ، وعدم صبرِ النفسِ على الطاعة، وقد أمر اللهُ تعالى نبيَّه صلى الله عليه وسلم بالصبرِ على الطاعة، فقال:﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾

عباد الله : ومما فرط فيه الكثير الجهل بمفطرات ومفسدات الصيام ، وكان الواجب على الصائم أن يتعلمها قبيل رمضان، حتى يتحرز الوقوع فيها.

فمِنْ أَعْظَمِها: الْفِطْرُ بِغَيْرِ عُذْرٍ , قَالَ أَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ أَتَانِي رَجُلَانِ فَأَخَذَا بِضُبْعَيَّ فَأَتَيَا بِي جَبَلًا وَعْراً فَقَالَا لِي : اصْعَدْ ! .. وفيه : ثُمَّ انْطُلِقَ بِي فَإِذَا أَنَا بِقَوْمٍ مُعَلَّقِينَ بِعَرَاقِيبِهِمْ , مُشَقَّقَةً أَشْدَاقُهُمْ , تَسِيلُ أَشْدَاقُهُمْ دَمًا ! فَقُلْتُ : مَنْ هَؤُلَاءِ ؟ فَقِيلَ : هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُفْطِرُوْنَ قَبْلَ تَحِلَّةِ صَوْمِهِمْ) رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحَيْهِمَا وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ



عباد الله : ومما ينبغي التنبيه عليه أن بعض الصائمين إذا نام في نَهار رمضان، ثُمَّ احتلم، يعني: رأى المني بعد يقظته على لباسه ظن أنَّ صومه فاسد، وهذا غير صحيح؛ فإنَّ الماء إذا خرج من الرجل بغير استدعاء منه، فصومه صحيح، وإنما المفطر الاستمناء وهو استدعاء المني باليد او الاحتكاك وهو حرام في رمضان وغيره قال الله تعالى: ” والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون

وفي رمضان الخطب أشد. ففي الصحيحين عن أبي هريرة في الحديث القدسي يقول الله: “يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي )

ومن الأخطاء: تحرج بعص الصائمين من بلع الريق في نهار رمضان وما يصاحب ذلك من كثرة البصق بحجة عدم إفساد صومه، وتأذي المسلمين بهذا.

والصحيح :أنه لا بأس من ابتلاع الريق ولو كثر ذلك ، وأما إذا كان بلغماً غليظاً كالنخامة فإنه يبصق في منديل ونحوه، وبصوت لا يؤذي من حوله.

أَما فيما يَتَعَلَّقُ بالتراويح فمن الخطأ: الإِطَالَةُ فِي دُعَاءِ الْقُنُوتِ فقد جاءت السنة بالحثّ على الاقتصار على الجوامع من الدعاء, وكذا رَفْعُ الصَّوْتِ فِيهِ وَالْمُبَالَغَةُ فِي ذَلِكَ ! وَهَذَا كُلُّهُ َمُخَالَفَةٌ لِلْهَدْيِ الْوَاجِبِ , قَالَ اللهُ تَعَالَى (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ)

ومن صور الاعتداء في الدعاء: التغني بالدعاء والتطريب والتلحين كقراءة القرآن وهو أمر مُحدَث لأن الأصل في العبادات المنع ولم يكن من هدي السلف كما أفتت بذلك اللجنة الدائمة .

ومن السنن التي يغفل عنها البعض:أن يقول بعد السلام من الوتر (سبحان الملك القدوس) ثلاث مرات،يطيل في الثالثة ويرفع بها صوته، وينبغي لأئمة المساجد تذكير الناس بها .

فاتقوا الله عباد الله وتفقهوا في دينكم والزموا سنة نبيكم واحذروا من البدع، لتكون أعمالكم حسنة مقبولة عند ربكم .

أقول ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم .

الخطبة الثانية :

الحمد لله وحده والصلاة على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أما بعد :

من شنيع الخطأ عباد الله تأخير بعض الصائمين صلاتي الظهر والعصر عن وقتيهما لغلبة النوم، والله تعالى يقول: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ} قال بعض أهل العلم: هم الذين يؤخرونها عن وقتها.

ومن الأخطاء تفويت صلاة العشاء مع الجماعة، وذلك من أجل إدراك إمام معين ليصلي معه التراويح .

أما ما يتعلق بالنساء فمن ذلك ذهاب المرأة إلى المسجد وهي متعطرة ومتبرجة، وقد قال صلى الله عليه وسلم( أيما امراة استعطرت ثم خرجت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية وكل عين زانية)رواه الترمذي .

عباد الله :احفظوا صيامكم من اللغو والرفث وقول الزور وفعله فمن تجرأ على المحرمات أو تهاون بالواجبات في صيامه نقص ذلك من أجره.

اللهم أصلح أحوال المسلمين والطف بهم يارب العالمين، اللهم ردهم اليك ردا جميلا .اللهم لا تفرح علينا عدوا ولا تشمت بنا حاسدا ولا تسلط علينا حاقداً .


اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم إنا نسألك أن تحفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا وعن أيماننا وعن شمائلنا، اللهم من أراد بلدنا هذا بسوء فأشغله بنفسه، ورد كيده في نحره يا رب العالمين .

عباد الله : المرابطون على ثغور بلاد الحرمين ، عسكر الإسلام ، والأشاوس الصوام لهم منا حق الذكر والدعاء.

فاللَّهُمَّ بقوتك يا جبار اهْزِمْ عدوهم وعجل نْصُرْهِم ،

اللَّهُمَّ ثَبِّتْهم وَأَيَّدْهُمْ بِتَأْيِيدِكَ وَأَنْزِلِ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ ، اللَّهُمَّ سَدِّدْ رَمْيِهُمْ وَارْبِطْ عَلَى قُلُوبِهِمْ ، اللَّهُمَّ كُنْ مَعَهُمْ وَلا تَكُنْ عَلَيْهِمْ .

رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .

أحمد آل عبد الله


شارك المحتوى: