يقول السائل: ما معنى الحديث: «لا عدوى، ولا طيرة، ولا هامة، ولا صفر، ولا نوء ولا غول»؟
الجواب:
أما معنى: «لا عدوى» على أصح أقوال أهل العلم -والله أعلم- أنها لا تَنفي أن تحصل العدوى بين المُصِح والمريض، لأنَّ النبي ﷺ قال: «فِر من المجذوم فِرارك من الأسد»، وإنما معناها -والله أعلم-: لا عدوى بنفسها، وإنما بتقدير الله لها.
أما قوله: «ولا طيرة» المراد بالطيرة: أي التشاؤم بما لا يصح التشاؤم منه، أي بالأسباب الوهمية غير الحقيقية، كأن يتشاءم بعضهم إذا سمع صوت غراب، أو يرى رجلًا أعرج، أو غير ذلك يتشاءم، وهذه كلها أسباب غير حقيقية، وكل من تشاءم بأسباب غير حقيقية فقد وقع في الشرك؛ لأنَّ النبي ﷺ يقول عند الترمذي من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه-: «الطيرة شرك، الطيرة شرك».
أما قوله: «ولا هامة» مما ذُكر في ذلك ما ذهب إليه الإمام مالك -رحمه الله تعالى- أنَّ الهامة هي الطير المعروف البومة، إذا نزلت على بيت فإنهم يعتقدون أنَّ أهلها يموتون أو يُصابون بمصاب، وهذا الاعتقاد اعتقادٌ شركيٌّ لأنه سببٌ وهميٌّ غير حقيقي.
وينبغي أن تعلموا أنَّ كل من اتَّخذ سببًا وهميًّا سببًا حقيقيًّا دون دليل شرعيٍّ أو بلا دليلٍ ثبتَ بالتجربة الصحيحة التي لها شروطها التي يعرفها أهل العلم، مَن فعل ذلك فقد وقع في الشرك الأصغر، ومن ذلك قوله: «ولا هامة».
وقوله: «ولا صفر» مما قيل في ذلك أنَّ أهل الجاهلية كانوا يعتقدون في شهر صفر، ويتشاءمون به، لذا الاعتقاد بمثل هذا الاعتقاد شرك؛ لأنه جعل شهر صفر سببًا للتشاؤم، ولا دليل على ذلك، وليس سببًا حقيقي لا بالشرع ولا بالتجربة الظاهرة المباشرة.
ومن أثرِ ذلك أنك ترى بعضهم يقولون: صفر الخير. وهذا أصله -والله أعلم- فيه تأثُّرٌ باعتقاد أهل الجاهلية وأنهم كانوا يتشاءمون بهذا الشهر، فصاروا يقولون: صفر الخير.
أما قوله: «ولا نوء» أنه لا تُنسب الأمطار للنجوم؛ لأنَّ النجوم أسباب وهمية لا أسباب حقيقية، فمن نسبَ نعمة المطر إلى النجوم فقد وقع في الشرك، لأنه جعلها سببًا حقيقيًّا للأمطار وهي لسيت كذلك.
وقوله: «ولا غول» الغول: واحد الغيلان، وهو جنسٌ من الجن والشياطين، والعرب تزعم أنَّ الغول في الفلاة تتراءى للناس وتتلون وتُضلهم الطريق …إلخ، فمما قيل في تفسيره أن الغول لا تضل أحدًا مع ذكر الله والتوكل عليه والاعتماد عليه، ومنهم من قال غير ذلك، والمقصود أن الواجب هو التوكل على الله عز وجل وألا نتخذ أسبابًا وهميةً كالطيرة أو التشاؤم بأسبابٍ وهميةٍ، وما أكثرها وقد شاعت عند كثير من الناس.
أسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا.