حب الوطن ليس يومًا


إن الحمد لله، جل من رب وتعالى من إله، هو سبحانه رب كل شيء ومليكه ومولاه، أشهد أن لا إله إلا هو وحده لا شريك له عالم السر والنجوى، والمؤمَّل لكشف كل بلوى، ورفع كل لأوى، وأشهد أن نبينا وقدوتنا محمداً عبد الله ورسوله النبي المصطفى، والرسول المجتبى، صلى الله عليه وعلى آله أنوار الهدى، وصحبه مصابيح الدجى، والتابعين ومن تبعهم بإحسان وسار على نهجهم واقتفى، وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد: عباد الله: خير الوصايا وصية رب البرايا:وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ  فبالتقوى العصمة من الفتن، والسلامة من المحن.

عباد الله : إن الخير والفلاح والسعادة في العاجل والآجل

هو في التمسك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه

وآله وسلم ومن ذلكم الأمر بلزوم الجماعة والسمع والطاعة في المعروف ،فإنه من أسباب الهدى في الدنيا ومن أسباب الفوز في الآخرة بالجنة.
و مصالح الأمة لا تتم إلا بجماعة ، والجماعة لا تتم إلا بإمارة ، والإمارة لا تقوم إلا على وطن .

عباد الله : إن الوطن المسلم القائم على الشرع المقيم لحكم الله جل وعلا قد اجتمع لأهله حبان :
حب فطري جبلي ، وحب شرعي وهو ذلكم الحب العظيم المبني على الصلاح والإصلاح .
وتأملوا يا رعاكم الله :حب النبي صلى الله عليه وسلم للوطن فيما رواه البخاري في صحيحه عن أَنَسٍ قال : « كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ فَأَبْصَرَ جُدُرَاتِ الْمَدِينَةِ أَوْضَعَ نَاقَتَهُ ، وَإِنْ كَانَتْ دَابَّةً حَرَّكَهَا مِنْ حُبِّهَا»

أي من حب المدينة.

ولقد دل القران الكريم على هذه المكانة لحب الأوطان وأنه أمرٌ مركوز في الفطَر جُبلت عليه النفوس، فقال سبحانه: ﴿ وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ ﴾ فقرن جل شأنه الجلاء عن الوطن بالقتل .

ومن فضل الله وكرمه؛ أن أنعم علينا في هذه البلاد بهذا الإجتماع, و الأمن, والرخاء, وبهذا التوحيد، والدين الصافي , فأذهب الله عنا عُبِّيَة الجاهلية, وقتال الجاهلية, وعصبية الجاهلية, ورزقنا الله عز وجل التوحيد والسنة, تُدَرَّس في مدارسنا, ويأخذها صغارنا عن كبارنا, فللّه الحمد أولاً وآخرًا, وظاهرًا وباطنًا, ونحن والذي نفسي بيده, في نعمة ليس فيها إلا نحن, لا تجد بلادًا كهذه البلاد ، قامت على دعوة سلفية نهض بها الشيخ المجدد محمد بن عبدالوهاب ،هي هي دعوة الإمام الأول محمد بن عبدالله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

حتى إن الإمام محمد بن سعود أول ما عاهد الإمام محمد بن عبدالوهاب وبأيام قلائل يقتل ولداه فيصل ومشاري في مغازيه لأجل التوحيد ، فكانوا فتنة له ، وبطبيعة الحال في محبة الوالد لولده وحاجة الحاكم لأولاده ، لأجله قال المرجفون هذا شؤم ابن عبدالوهاب ( وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه ) لكن الإمام صبر فداء لأجل التوحيد .

الى أن جاءت الدولة السعودية الثالثة فكان الملك عبدالعزيز رحمه الله والذي كان أول ما يدخل بلدا يهدم أضرحته والقباب المبنية على القبور ويظهر التوحيد

وتقام الصلاة وسائر شعائر الإسلام .

ثم كان ابناؤه من بعده ، فالتوحيد ظاهر والشريعة محكمة والدين قائم ؟!

ألا تعلمون أنه لا يوجد بلد في العالم من شروط منح الجنسية أن يكون الممنوح مسلما مصليا من أهل السنة ، سوى هذه البلاد ،بل وتكلف جهات مختصة تراقبه سنة كاملة قبل منح الجنسية للتأكد من صلاته وأنه ليس من الطوائف الضالة.

عباد الله : بهذا نفهم كلام إمام عصرنا الشيخ ابن باز حين قال: أن العداء لهذه الدولة عداء للحق عداء للتوحيد ، فما قام ضدها الا رافضي أو خارجي أو علماني يريد انهزام التوحيد وسقوطه .

فمن يطعن في هذه الدولة ويسيء لها إلا من ليس

للتوحيد قدر عنده .

ولهذا لما هان التوحيد عند بعض الناس وثقل على نفوسهم وتآكلت اكبادهم منه رأيت كيف يذمون حكام هذه البلاد ويرمونهم بالسرقة والظلم ، ويمدحون بل ويعظمون حكاما في بلاد أخرى مع أنهم لا يحكمون الشريعة ولا يحبون التوحيد وليسوا من أهله ، ويدافعون بل يستميتون في الدفاع عن جماعات بدعية منحرفة كالإخوان والتبليغ ، وما ذاك لأجل عدم معرفة واقعهم ، لا ، ولكن لأن جانب التوحيد ضعف عندهم، فعميت أبصارهم وقلوبهم عنه.

ولو عظم قدر التوحيد في نفوسهم ما كان نقص

دنيا أحدهم ولا حتى أخذ ماله بل ولا ضرب ظهره دافعا

للقدح في حكام ودولة نصرة التوحيد ، وأزالت الشرك

والبدع ، ولم يشتبه عليه أمر جماعات ضالة ولا دعاة ضلالة وفتنة .

العالم كله يموج ثورات ومظاهرات ، وهم يكيدون لهذا البلد ، المشرق والمغرب والدول الكبرى والصغرى ، بل إن الثورات التي حصلت في تلك البلدان مقصودها هذا البلد .

ولما عجزوا عن ذلك سخروا أولادنا علينا مرة بالتفجير ومرة بالاحزاب ومرة وأخرى لأجل أن يهدموا التوحيد بتخريب بلاده .

عباد الله :بينوا لأبنائكم وبناتكم وطلابكم ومن تجالسونهم بينوا لهم فتاوى العلماء المعتبرين الموثوقين في التحذير من هذه الأفكار والجماعات المنحرفة وخطرها على المجتمع .
نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن ، أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم إنه كان للتوابين غفورا .

الخطبة الثانية :

الحمد لله عظيم الإحسان ، واسع الفضل والجود والامتنان ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله ؛ صلى الله وسلَّم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد عباد الله : إنةحب الأوطان الصادق لا يكون إلا بالسعي فيما يُصلحها ، ولا صلاح لها إلا في دين الله تبارك وتعالى ، وكل ما عارض الشريعة فليس بإصلاح ، بل هو من الإفساد وليس من حب الوطن في شيء .
إن كل يوم تشرق علينا شمسه ونحن متمسكون بديننا فهو يوم عيد, فإن الله لا يحفظ النعمة ولا الأمن إلا بالإيمان, قال تعالى ﴿الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم

بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون﴾

كل يوم لا نعصي الله فيه فهو يوم عيد, ولا نحتاج أن نخصص يومًا من أيام السنة لهذا العيد؛بأي اسم سميتيوما وطنيا او غيره ، لأن رسولنا صلى الله عليه وسلم نهانا عن ذلك أشد النهي, فإنه لما هاجر إلى المدينة؛ وجد للأنصار يومين يلعبون فيهما, ويحتفلون فيهما ويفرحون فيهما, قد يكونان ذكرى أحداث وطنية, أو قبلية، فقال النبي عليه الصلاة والسلام «إن الله قد أبدلكم بهذين اليومين يومين خيرًا منهما الفطر والأضحى»

ولا ريب عباد الله, أن شكر الله تعالى إنما يكون بتعظيمه وحمده والثناء عليه، وإقامة دينه، لا بإحداث سنن جاهلية أو احتفالات بدعية أبطلها الإسلام ، وقامت فتاوى مرجيعة هذه البلاد العلمية من لدن علمائها السابقين والى يومنا هذا بتحريمها ، والتي من مفاسدها إضعاف الفرح بالأعياد الشرعية .
اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد صلى الله عليه وسلم ، وارض اللهم عن أصحابه أجمعين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .
اللهم أعز الإسلام والمسلمين. و أذل الشرك والمشركين ودمر أعداءك أعداء الدين .اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا. اللهم وفق إمامنا لهداك واجعل عمله في رضاك وأصلح له البطانة إنك على كل شيء قدير.

اللهم انصر جندك المرابطين على حدود بلادنا واربط على قلوبهم وسدد رميهم ورأيهم برحمتك يا أرحم الراحمين

وصل اللهم وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه اجمعين .


شارك المحتوى: