حادث الطرفية


حادث الطرفية

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله،صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين .

أما بعد ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾ .

عباد الله إنه مما يسوء كل مسلم وكل ذي عقل سليم إصرار خوارج زماننا على الإفساد في الأرض بغير حق باسم الدين، قال تعالى 🙁 قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً * أولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً).

عباد الله : صلاح الظاهر وفساد المعتقد والباطن، (تحقرون صلاتكم مع صلاتهم وقراءتكم مع قراءتهم وصيامكم مع صيامهم) لكنهم والعياذ بالله (يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية)، فلا تغتروا بزهدهم المزعوم وتشددهم في أمور، ودعواهم نصرة الدين والدعوة والجهاد، فإن العبرة بموافقة الرجل للسنة وتمسكه بالمنهج السلفي؛ ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه و سلم في الخوارج مع شدة عبادتهم: (هم شر الخلق والخليقة) أخرجه مسلم ، وفيه أيضاً: (أنهم من أبغض خلق الله إليه).

ومن صفاتهم: إظهار شيء من الحق للتوصل إلى الباطل، فيظهرون الإصلاح والمطالبة بتحكيم الشريعة ـ مع أنها محكّمة ـ ليتوصلوا بذلك إلى حمل السلاح وإسقاط الدولة . ففي صحيح مسلم من حديث عبيد الله بن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن الحرورية – يعني الخوارج – لما خرجت وهو مع علي ابن أبي طالب ، قالوا : لا حكم إلا لله . قال على رضي الله عنه : كلمة حق أريد بها باطل.

لما عزم علي ومن معه من الجيش على البداءة بالخوارج، نادى مناديه في الناس بالرحيل ، فسار الجيش فاصطفوا للقتال وتأهبوا للنزال ، وقال لأصحابه: كفوا عنهم حتى يبدؤكم.

وأقبلت الخوارج يقولون: لا حكم إلا لله، الرواح الرواح إلى الجنة، طفت عليهم الخيالة من الميمنة والميسرة ونهض إليهم الرجال بالرماح والسيوف فأناموا الخوارج فصاروا صرعى تحت سنابك الخيول، ال أبو أيوب: وطعنت رجلا من الخوارج بالرمح فأنفذته من ظهره وقلت له: أبشر يا عدو الله بالنار.

فقال: ستعلم أينا أولى بها صليا.

وكان من جملة من قتلته الخوارج تقربا الى الله عبد الله بن خباب صاحب رسول الله ﷺ، أسروه وامرأته معه وهي حامل، فقالوا: من أنت؟ قال: أنا عبد الله بن خباب صاحب رسول الله ﷺ، وإنكم قد روعتموني. فقالوا: لا بأس عليك، حدثنا ما سمعت من أبيك.

فقال: سمعت أبي يقول: سمعت رسول الله ﷺ يقول: « ستكون فتنة القاعد فيها خير من القائم، والقائم خير من الماشي، والماشي خير من الساعي » فاقتادوه بيده فبينما هو يسير معهم إذ لقي بعضهم خنزيرا لبعض أهل الذمة فضربه بعضهم فشق جلده.

فقال له آخر: لم فعلت هذا وهو لذمي؟

فذهب إلى ذلك الذمي فاستحله وأرضاه وبينا هو معهم إذ سقطت تمرة من نخلة فأخذها أحدهم فألقاها في فمه.

فقال له آخر: بغير إذن ولا ثمن؟

فألقاها ذاك من فمه، ومع هذا قدموا عبد الله بن خباب فذبحوه، وجاؤوا إلى امرأته فقالت: إني امرأة حبلى، ألا تتقون الله؟ فذبحوها وبقروا بطنها عن ولدها.

عباد الله : لما ذهب ابن عباس رضي الله عنه لمناظرتهم ورأى شدة اجتهادهم في العبادة قال: “فأتيتهم فدخلت على قوم لم أر أشد اجتهاداً منهم، أيديهم كأنها ثفن الإبل، ووجوههم معلمة من أثر السجود”.

لقد جاء في السنَّة ذمُّ الخوارج وبيانُ سماتهِم مما لم يأت في الشريعة بيانٌ مثلُه في أحدٍ من أهل البدع، وما ذاك إلا لعظم فتنتهم، الاغترار بهم لما يظهرونه من الغيرة على دين الله، ولظاهر دعوتهم التي يمتطون بها كتاب الله، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم اتباعاً لمتشابه القول، وإعراضاً عن المحكم من البيان.

ومن صفات الخوارج : الطعن في العلماء وصرف الشباب عن مجالسهم ؛ بدعوى عدم فهم كلامهم ، أو لصغر سنهم بالنسبة لهؤلاء العلماء ، لأن الشباب إذا أخذوا عن العلماء السلفيين والتفوا حولهم كان ذلك سبباً في سلامتهم ، وبغضهم للخوارج ؛ لأن العلماء يحذرون من فكر هؤلاء الضلال؛ و تحجب فتاوى العلماء عن الشاب في التحذير من هذه الجماعات الضالة وكتبها، وتحجب فتاواهم في أئمة الضلالة في زماننا ورموز الحزبية ، وكثير من الناس لم يعلم بكلام علمائنا وتحذيرهم من هذه الجماعات الضالة ، وما تفرع منها من الفِرق الغالية في التكفير كداعش والنصرة والقاعدة وتنظيم الإخوان المسلمين والسرورية وغيرهم ، والتي ما عادت على المسلمين إلا بالشر والصد عن سبيل الله ، وفي التحريش بينهم، والعمل على إحداث الفتن والقلاقل .

ومن صفاتهم عدم قبول الحوار، بدعوى أن محاورهم لسن ومجادل روى أحمد أن علياً رضي الله عنه بعث عبد الله بن عباس إلى الخوارج ، فلما توسط عسكرهم ، قام ابن الكواء وكان آنذاك خارجياً ، قام يخطب الناس ويحذرهم من ابن عباس ، فقال : يا حملة القرآن ، إن هذا عبد الله بن عباس ، فمن لم يكن يعرفه فأنا أعرفه ، هذا ممن نزل فيه وفي قومه :[ بل هم قوم خصِمون] ، فردوه إلى صاحبه ولا تواضعوه كتاب الله.

إِنَّ لِوُجُودِ هَذَا الْفِكْرِ الدَّخِيلِ الْخَطِيرِ أَسْبَابًا كَثِيرَةً ، وَلَكِنْ مِنْ أَبْرَزِهَا وَأَخْطَرِهَا وَأَهَمِّهَا: وُجُودُ بَعْضِ الْمُتَأَثِّرِينَ بِهِ ، وَالْمُعْجَبِينَ بِمَنْ تَوَلَّى كِبْرَهُ، وَبَعْضُ السُّفَهَاءِ، الَّذِينَ لَا يُدْرِكُونَ عَوَاقِبَ الْأُمُورِ، وَلَا يُفَكِّرُونَ بِمَا تَؤُولُ إِلَيْهِ الشُّرُورُ، هَذِهِ حَقِيقَةٌ أَيُّهَا الْإِخْوَةُ ، وَمَنْ كَانَ فِي شَكٍّ مِنْ ذَلِكَ ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْأَلَ نَفْسَهُ: مِنْ أَيْنَ أَتَى هَؤُلَاءِ ؟ أَنَزَلُوا عَلَيْنَا مِنَ السَّمَاءِ، أَمْ خَرَجُوا لَنَا مِنَ الْأَرْضِ؟ إِنَّهُمْ مِنَّا وَمِنْ بَيْنِنَا وَمِنْ بَنِي جِلْدَتِنَا، دَرَسُوا فِي مَدَارِسِنَا وَصَلَّوْا فِي مَسَاجِدِنَا، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ لِحُذَيْفَةَ:( هُمْ مِنْ بَنِي جِلْدَتِنَا، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا )، فَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَسْتَهْدِفُونَ بِلَادَنَا أَكْثَرُهُمْ مِنَّا، وَهَذَا مِمَّا يَزِيدُ فِي مَسْؤُولِيَّتِنَا، وَيُؤَكِّدُ وَاجِبَنَا، فَالْأَمْنُ أَمْنُنَا، وَالْبِلَادُ بِلَادُنَا.

الْمُحَافَظَةُ عَلَى أَمْنِ هَذِهِ الْبِلَادِ -أَيُّهَا الْإِخْوَةُ- مَسْئُولِيَّةُ الْجَمِيعِ، وَقَطْعُ الطَّرِيقِ أَمَامَ هَؤُلَاءِ الْخَوَنَةِ لِدِينِهِمْ وَلِبِلَادِهِمْ وَلِإِخْوَانِهِمُ الْآمِنِينَ، وَاجِبُ كُلِّ مَنْ يَخْشَى عَلَى عَقِيدَتِهِ وَعِبَادَتِهِ وَعِرْضِهِ وَدَمِهِ، بَلْ وَاجِبُ كُلِّ مُسْلِمٍ يَخْشَى عَلَى قِبْلَتِهِ وَمُقَدَّسَاتِهِ .

أسأل الله أن يحفظ بلادنا وشبابنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن .

أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم إنه هو الغفورُ الرحيم.

الخطبة الثانية :

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده

عباد الله : إن بذرة الخروج والتكفير وسفك الدم المعصوم إنما كان ظهورها وانتشارها لأمور :

أولها : الطعن العلني في الحاكم ” اعدل يا محمد …” ، بدعوى النصيحة والإصلاح والذي هو طريق الى التدين بالخروج على ولاة الأمر وعدم السمع والطاعة لهم بالمعروف ، وما هذا طريق المصلحين .

ثالثا : مرض ابتلي به بعض الناس كما قال الشيخ ابن عثيمين :(وهو عدم احترام أعراض ولاة الأمور فتجد فاكهة مجالسهم نسأل الله العافية الكلام في أعراض ولاة الأمور … ثم قال الشيخ ابن عثيمين :والعجب أن بعض الناس من أهل الدين لو أردت أن تتكلم في شخص عادي من الناس قالوا لا تغتبه هذا حرام لكن لو تكلمت في واحد من ولاة الأمور تكيف …) .

وقال الشيخ العلامة ابن عثيمين: فإشاعة مساويء الحكومة بين الناس يوغر الصدور عليها ، ويلزم من عمله هذا أن يكره الناس ولاة أمورهم ، والحقيقة أن هذه جادة خاطئة جداً ومخالفة للشرع وخطيرة على المجتمع وسبب للفتن ) فإذا كان هذا ديدن المجالس والمحادثات فبربك على ماذا سينشأ الابن ، بغضوه في دولته وصوروها له بأنها دولة لا تحكم بالشريعة وتحارب الدعاة وتوالي أعداء الله ، انشحنت نفسه وصارت مروضة لأي عمل ضد بلدهاومجتمعها ، وسهل عليهم تجنيده وتحويله أداة تدمير وتخريب بدعوى أنه يجاهد في سبيل الله.

ثالثها : أن هذه الأفكار الإرهابية إنما هي بذرة لأولئك الدعاة والذين سقوها بالأسلوب غير المباشر وأصلوا هذا الأمر في كتبهم وأشرطتهم منذ سنين ومهدوا لمن جاء بعدهم في تكفير الدولة من قبل رموز تسمو بمشايخ الصحوة فهذا أحدهم يقول 🙁 فشوقنا كبيرٌ أن تكون أفغانستان النواة واللبنة الأولى للدولة الإسلامية ) اللبنة الأولى ! واين بلاد التوحيد السعودية ؟ والآخر يقول 🙁 الرايات المرفوعة اليوم في طول العالم وعرضه إنما هي رايات علمانيـة ) كلها دول كافرة! هكذا تكفير بالجملة .


شارك المحتوى: