الرد على الصحفي عثمان مرغني


كتب الصحفي عثمان ميرغني مقالاً عن الدين جرّده فيه عن حقيقته التي يأبى جميع أهل الأديان كاليهودية والنصرانية دعك عن الإسلام الدين الحق الذي لا يقبل الله من أحد دينا سواه أن يُفَسرَ بغيرها
لا يقبل أحدٌ من أهل الملل ـ ولا دين حق سوي ما أرسل الله به نبيه محمداً ﷺ ـ
أن يُفرّغ من الحلال والحرام فضلاً عن الشعائر التعبدية التي لم تبخل بعض الإتجاهات العلمانية من أن تجود بها على الملل ! ويريد عثمان ميرغني أن يُحدد طبيعة الدين في الأخلاق وربما قصرها على أخلاق النفع العام فجاء بمفهوم للدين يرفضه حتى بعض الكفار!
من المهم التمييز بين الإسلام العام وهو دين جميع الرسل وبين الإسلام الخاص وهو رسالة نبينا محمد ﷺ التي نسخت جميع الأديان والرسالات السابقة
الإسلام بالمعنى العام هو : التعبد لله بما شرع منذ أن أرسل الله الرسل إلى أن تقوم الساعة، كما ذكر عز وجل ذلك في آيات كثيرة، تدل على أن الشرائع السابقة كلها إسلام لله عز وجل، قال الله تعالى عن إبراهيم: (رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً).

والإسلام بالمعنى الخاص ، بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم : يُختص بما بُعث به محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأن ما بعث به النبي صلى الله عليه وسلم نسخ جميع الأديان السابقة، فصار من اتبعه مسلماً ومن خالفه ليس بمسلم، فأتباع الرسل مسلمون في زمن رسلهم، فاليهود مسلمون في زمن موسى صلى الله عليه وسلم، والنصارى مسلمون في زمن عيسى صلى الله عليه وسلم . وأما حين بعث النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، فكفروا به : فليسوا بمسلمين.
وهذا الدين الإسلامي هو الدين المقبول عند الله النافع لصاحبه، قال الله عز وجل: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْأِسْلامُ) ، وقال: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) .
وهذا الإسلام هو الإسلام الذي امتن به على محمد صلى الله عليه وسلم وأمته، قال الله تَعَالَى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً)

والأدلة على أن الدين الإسلامي هو الحق وأن ما سواه هو الكفر كثيرة من الكتاب والسنة والإجماع :

أما الكتاب : فقوله جل وعلا: ( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَام) [آل عمران:19]، وقوله سبحانه: ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [آل عمران:85] وقوله تعالى في سورة المائدة: ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِينًا) [المائدة:3] والآيات في هذا المعنى كثيرة.

وأما السنة: فمنها قوله ﷺ: ” والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أهل النار” أخرجه مسلم في صحيحه.
وفي الصحيحين عن جابر بن عبدالله الأنصاري رضي الله عنهما عن النبي ﷺ أنه قال: ” أعطيت خمساً لم يعطهن أحد قبلي، ذكر منها …وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة ” ويدل على هذا المعنى من القرآن الكريم قوله سبحانه: ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا) [سبأ:28] وقوله تعالى : ( وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ) [الأنعام:19] وقوله سبحانه: ( هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ) الآية [إبراهيم:52]، وقوله تعالى في سورة الأعراف في شأن نبيه محمد ﷺ: ( فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [الأعراف:157] ثم قال سبحانه بعد ذلك: ( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) [الأعراف:158].

وقد أجمع العلماء على أن رسالة محمد ﷺ عامة لجميع الثقلين، وأن من لم يؤمن به ويتبع ما جاء به فهو من أهل النار ومن الكفار، سواء كان يهوديا أو نصرانيا أو هندوكيا أو بوذيا أو شيوعيا أو غير ذلك.
فالواجب على جميع الثقلين من الجن والإنس أن يؤمنوا بالله ورسوله، وأن يعبدوا الله وحده دون ما سواه، وأن يتبعوا رسوله محمدا ﷺ حتى الموت، وبذلك تحصل لهم السعادة والنجاة والفوز في الدنيا والآخرة كما تقدم ذلك في الآيات السابقة والحديث الشريف.

وكما قال الله تعالى : ( إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ۝ يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ [غافر:51-52] وقال سبحانه: وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ۝ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) [الحج:40-41] وقال تعالى في سورة النور: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) [النور:55] والآيات في هذا المعنى كثيرة.

وجميع الديانات المخالفة للإسلام فيها من الشرك والكفر بالله ما يخالف دين الإسلام الذي بعث الله به الرسل وأنزل به الكتب وبعث به محمدا ﷺ خاتم الأنبياء وأفضلهم.. وفيها عدم الإيمان بمحمد ﷺ وعدم اتباعه، وذلك كاف في كفرهم واستحقاقهم غضب الله وعقابه وحرمانهم من دخول الجنة واستحقاقهم لدخول النار إلا من لم تبلغه دعوة الرسول ﷺ، فهذا أمره إلى الله تعالى ، والصحيح: أنه يمتحن يوم القيامة؛ فإن أجاب لما طلب منه دخل الجنة، وإن عصا دخل النار
وزعمُ عثمان ميرغني أن الدين قيمة صفرية ليس لها ذات تتمثل في عقيدة وشريعة كاملة تسوس الدنيا بالدين وبما أباحه ولم يمنع منه يؤكد أنّه يجهل حقيقة دين الإسلام ـ بل الدين ـ ولا ينفعه أن يذكر بعض معاني كلمة الدين فما أسهل ذلك في عصر الإنترنت!
الصبيان في المدارس يعلمون أن دين الإسلام عقيدة وشريعة ونظام حياة وجهاد ويكفي أنهم يؤمنون بأركان الإسلام ويؤدون بعضها كالصلاة والصوم ويُريد هذا الصحفي أن يختزل الإسلام في قيمٍ مشتركةٍ ليُصبح دينا لا حقيقة له لا مفهوم له ليس له معنى محدد يتسع ليشمل الكفرة باختلاف صنوفهم فماذا بقي من الإسلام؟

أن من أضر الناس على الإسلام الذين يتكلمون عن الإسلام وهم يستبطنون المفاهيم العلمانية الكافرة ليُخادعوا المسلمين حتى يُقربوهم من قيم الحداثة الغربية المجرمة فيخرجونهم من الدين ولا سبيل لهم الي ولوج الفردوس الارضي لانه لا وجود له! وإن وُجد فهو حكرٌ على الرجل الأبيض !

وكتبه أبو محمد حسن بن حامد

مستفيداً من كلام الإمامين ابن باز والعثيمين رحمهما الله


شارك المحتوى:
0