التحذير من المخدرات والإشادة بجهود المملكة في محاربتها


 

الخطبة الأولى

إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:

فعن أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال: لأحدثنكم حديثًا سمعته من رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لا يحدثكم به أحدٌ غيري: سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: «إنّ من أشراط الساعة أن يرفع العلم، ويكثر الجهل، ويكثر الزنا، ويكثر شرب الخمر، ويقل الرجال، ويكثر النساء حتى يكون لخمسين امرأة ‌القيم الواحد» رواه البخاري ومسلم، واللفظ له. قال ابن حجر – رحمه الله -: “وكأنّ هذه الأمور الخمسة خصت بالذكر؛ ‌لكونها ‌مشعرة باختلال الأمور التي يحصل بحفظها صلاح المعاش والمعاد، وهي: الدين؛ لأن رفع العلم يخل به، والعقل؛ لأن شرب الخمر يخل به، والنسب؛ لأنّ الزنا يخل به، والنفس والمال؛ لأن كثرة الفتن تخل بهما”.

قال الشاطبي – رحمه الله -: (مجموع الضروريات خمسة، وهي حفظ الدين، والنفس، والنسل، والمال ، والعقل، وقد قالوا إنها مراعاة في كل ملة).

وقال – رحمه الله – في وصفها: (هي أسس العمران المرعية في كل ملة، والتي لولاها لم تجرِ مصالح الدنيا على استقامة، ولفاتت النجاة في الآخرة).

وإنّ من أهم تلك الضروريات “العقل” الذي اتفقت الشرائع على الدعوة إلى المحافظة عليه، وحمايته من كل داءٍ وبليّة تؤثر فيه أو تعطّل فوائده؛ حفاظًا على كرامة الإنسان.

وقد ميّز الله تعالى الإنسان بهذا العقل، وجعله مناطًا للتكليف، ورفع سبحانه القلم عن فاقده، وأمر بالولاية والوصاية عليه.

عباد الله:

إنّ من أهم صور عناية الشارع الحكيم بالعقل: تحريم الخمر وكلّ مسكرٍ ومفتر.

قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ # إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالمَيْسرِ ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون}.

قال السعدي – رحمه الله -: “يذم تعالى هذه الأشياء القبيحة، ويخبر أنها من عمل الشيطان، وأنها رجس. {فَاجْتَنِبُوهُ} أي: اتركوه {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}؛ فإنّ الفلاح لا يتم إلا بترك ما حرم الله، خصوصا هذه الفواحش المذكورة، وهي الخمر وهي: كل ما خامر العقل أي: غطاه بسكره… إلخ”.

وعن عائشة عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «كل شراب أسكر فهو حرام» رواه البخاري ومسلم.

وعن ابن عمر – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «‌كل ‌مسكر ‌خمر، وكل مسكر حرام، ومن شرب الخمر في الدنيا فمات وهو يدمنها لم يتب، لم يشربها في الآخرة» رواه مسلم.

ويدخل في ذلك الحشيشة وغيرها، فقد جزم النووي وغيره بأنها مسكرة وقال آخرون إنها مخدرة. قال ابن حجر – رحمه الله -: “وعلى تقدير تسليم أنها ليست بمسكرة فقد ثبت في أبي داود النهي عن كل ‌مسكر ‌ومفتر”.

وقال سماحة الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله -: “الحشيش يراه شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ أخبث من الخمر، وهو كذلك؛ فإنّ الحشيشة تسكر، وهي شر منه؛ لأنها تؤثر على المخ أكثر مما يؤثر الخمر، ومثل ذلك ـ أيضاً ـ فيما يظهر الحبوب المخدرة؛ لأنّ مضرتها عظيمة، وهي أشد من مضرة الخمر”.

اللهم إنا نعوذ بك من منكرات الأخلاق والأعمال والأهواء.

بارك الله لي ولكم.

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإنّ بلادنا – حرسها الله – تسعى جاهدة لسد كافة المنافذ التي من طريقها تتسلل تلك السموم من المخدرات إلى هذا البلد الطاهر، وقد نشط مروجو هذه السموم لاسيما في هذه الأيام، ولكن بعون الله ثم بقوة وعزيمة رجال مكافحة المخدرات فإنهم لم يصلوا إلى ما يريدون، فالواجب علينا جميعًا أن نتعاون ونتكاتف معهم؛ للقضاء على هذا الشر وسائر أنواع الشرور.

قال سماحة الشيخ الإمام عبدالعزيز ابن باز – رحمه الله -: “لا ريب أنّ مكافحة المسكرات والمخدرات من أعظم الجهاد في سبيل الله، ومن أهم الواجبات التعاون بين أفراد المجتمع في مكافحة ذلك؛ لأن مكافحتها في مصلحة الجميع؛ ولأنّ فشوها ورواجها مضرة على الجميع”.

نسأل الله أن يهدي المروجين لهذا البلاء وأن يردهم إلى رشدهم وأن يعيذهم من شرور أنفسهم ومن مكائد الشيطان، وأن يوفق المكافحين لهم لإصابة الحق وأن يعينهم على أداء واجبهم ويسدد خطاهم وينصرهم على أعداء الإسلام وأهله.

هذا وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه، فقال سبحانه: (إنّ الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليمًا) اللهم صل وسلم عليه يا رب العالمين، وارض اللهم عن صحابة نبيك أجمعين، وعن التابعين، ومن تبعهم، وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمّر أعداء الدين.

اللهم احفظ ولاة أمرنا، ووفقهم بتوفيقك وأيدهم بتأييدك، واجعل عملهم صالحًا في رضاك، اللهم وفقهم للقيام بالدعوة إلى التوحيد والسنة، وإزالة الشرك والبدعة، ومكّن لهم من أعداء الإسلام وأهله، اللهم هيء لهم البطانة الصالحة الناصحة التي تدلهم على الخير وتعينهم عليه يا رب العالمين.

اللهم انصر جنودنا المرابطين على الحدود والثغور وفي الداخل يا قوي يا عزيز.

ربنا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النار.

ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا؛ إنك أنت التواب الرحيم.

والحمد لله رب العالمين.

 

أعدها: بدر بن خضير الشمري، للملاحظات يرجى التواصل عبر الرقم:00966533646769

 

 

التحذير من المخدرات والإشادة بجهود المملكة في محاربتها


شارك المحتوى: