البيان في بطلان تقسيم الإخوان المسلمين إلى بناويين و قطبيين


البيان في بطلان تقسيم الإخوان المسلمين إلى بناويين و قطبيين

الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله ، أما بعد :

لقد طلب مني أحد الأفاضل من طلبة العلم الشرعي أن ألقي الضوء على دعوى أن الإخوان المسلمين ينقسمون إلى قسمين أحدهما بناوي نسبة إلى حسن البنا ، و الأخر قطبي نسبة إلى سيد قطب .

و سأجيب على وجه الاختصار ببيان بطلان هذه الدعوى ، و أنها نوع من تقية الإخوان المسلمين المتواترة عنهم ، و هو ما يسميه أتباعهم عندنا في السعودية بـ ( فقه المرحلة ) التي ينكرون فيها ما يعتقدونه في وقت القوة و الظهور و يتخلصون من بعض أتباعهم ممن لم يعلموا بهذا الفقه الباطني .

وقد جعلت الجواب في ثلاثة عشر برهاناً .

الأول : اتفاق حسن البنا و سيد قطب في عدم وجود دولة إسلامية في هذا الزمن ، وهذا هو أصل التكفير عند جماعة الإخوان المسلمين و عليه تفرعت سائر عقائدهم و دعوتهم .

فحسن البنا عندما بين موقفه من الخلافات الحادثة بين المسلمين قال : ( فان لم يقتنع فقولوا له ما دام صادق النية محباً للخير إن الحكم بيننا و بينك في الفصل في هذا الخلاف هو ” الإمام ” ، لأننا مستعبدون فتعال ” للإمام ” و ليس للمسلمين الآن ” إمام ” فتعال ننسى كل شيء الآن و نعطل كل شيء أمام القضية الكبرى قضية تحرير الأرض الإسلامية ، فلنجعل هذه غايتنا الأولى حتى نستطيع أن نأتم بحكم الله و نفصل في هذه الخلافات إذ أنه بدون هذه الحكومة الإسلامية التي تحمي شرع الله فلا نظام ولا أحكام ) راجع كتاب في قافلة الإخوان المسلمين لعباس السيسي ج1/ ص266 .

و يقول سيد قطب : ( إنه ليس على وجه الأرض اليوم دولة مسلمة ولا مجتمع مسلم ، قاعدة التعامل فيه هي شريعة الله و الفقه الإسلامي ) في ظلال القران ج4 / ص 2122 .

قلت : و لالتزامي بالاختصار فلن أكثر من النقل عن سيد قطب أو حسن البنا في هذه المسألة ولن أبين بطلان هذه المقولة مما هو معلوم عند طلبة العلم .

الثاني : إقرار حسن البنا لما كتبه سيد قطب في كتابه ” العدالة الاجتماعية ” و تأييده له .

ينقل لنا هذا الإقرار أحد ثقات الإخوان المسلمين و كبارهم حيث يقول صلاح شادي : ( وتعجب أكثر حين تعلم أن الشهيد سيد قطب قد كتب مؤلفه في ” العدالة الاجتماعية في الإسلام ” سنة 1948 ، وسافر إلى أمريكا قبل أن يعرف شيئاًً عن جماعة الإخوان المسلمين وإنما كان يراها في ضمير الغيب و يأمل أن يشهد رجالها في دنيا الواقع ) ، ثم يقول بعد ذلك بأسطر : ( و كان تعليق الشهيد حسن البناء على هذا الكتاب حين قرأه : ” هذه أفكارنا و كان ينبغي أن يكون صاحبها وحداً منا ” ،و تحققت آمال الشهيد حسن البنا ) راجع كتاب الشهيدان حسن البنا و سيد قطب لصلاح شادي ص 6 ـ7

قلت : وسوف انقل مقتطفات من كتاب العدالة الاجتماعية التي يقرر حسن البنا أن الأفكار الواردة في العدالة الاجتماعية أفكاره و كان ينبغي أن يكون صاحبها سيد قطب من حزبه .

يقول سيد قطب عن قتلة عثمان بن عفان رضي الله عنه و ثورتهم الخارجية ما يلي : ( و أخيراً ثارت الثائرة على عثمان ، و اختلط فيها الحق بالباطل ، و الخير بالشر . و لكن لابد لمن ينظر إلى الأمور بعين الإسلام ، و يستشعر الأمور بروح الإسلام أن يقرر أن تلك الثورة في عمومها كانت فورة من روح الإسلام . و ذلك دون إغفال لما كان وراءها من كيد اليهودي ابن سبأ عليه لعنة الله ) العدالة الاجتماعية ص 160 ـ 161 .

قلت : يا عجباً الكيد كيد اليهود و يحكم سيد قطب على الثورة التي أدت إلى مقتل الخليفة الراشد أنها فورة من روح الإسلام ، و أن هذا حكم من ينظر بعين الإسلام و يستشعر بروحه ، و الأعجب من ذلك من جعلوه إماماً يُقتدى به و يوالى و يعادى عليه .

فإلى الله وحده المشتكى من غربة السنة و أهلها .

و يقول سيد قطب تحت عنوان حاضر الإسلام و مستقبله ما نصه : ( نحن ندعو إلى استئناف حياة إسلامية ، في مجتمع إسلامي تحكمه العقيدة الإسلامية و التصور الإسلامي ، كما تحكمه الشريعة الإسلامية والنظام الإسلامي . و نحن نعلم أن الحياة الإسلامية ـ على هذا النحو ـ قد توقفت منذ فترة طويلة في جميع أنحاء الأرض ؛ و أن ” وجود ” الإسلام ذاته من ثم توقف كذلك ؛ و نحن نجهر بهذه الحقيقة الأخيرة على الرغم مما قد تحدثه من صدمة و ذعر و خيبة أمل للكثيرين ممن لا يزالون يحبون أن يكونوا ” مسلمين ” و نجهر بها على هذا النحو في الوقت الذي ندعو فيه إلى استئناف حياة إسلامية ) . العدالة الاجتماعية ص 182 .

و يقول كذلك : ( و حين نستعرض وجه الأرض كله اليوم ـ على ضوء هذا التقرير الإلهي لمفهوم الدين و الإسلام ـ لا نرى لهذا الدين ” وجوداً ” ، إن هذا الوجود قد توقف منذ أن تخلت أخر مجموعة من المسلمين عن إفراد الله سبحانه بالحاكمية في حياة البشر وذلك يوم أن تخلت عن الحكم بشريعته وحدها في كل شؤون الحياة .

و يجب أن نقرر هذه الحقيقة الأليمة ، و أن نجهر بها و ألا نخشى خيبة الأمل التي تحدثها في قلوب الكثيرين الذين يحبون أن يكونوا ” مسلمين ” . فهؤلاء من حقهم أن يستيقنوا كيف يكونون مسلمين ! ) . العدالة الاجتماعية ص 183 .

و يقول كذلك : ( و إعادة النظر في دعوى مئات الملايين من الناس أنهم مسلمون ) . العدالة الاجتماعية ص 183 .

قلت : و من خلال الاطلاع على كتب حسن البنا و رسائله فإنه لا يشارك سيد قطب في تكفير المجتمعات الإسلامية و إنما يشاركه في تكفير الحكومات الإسلامية و الدعوة للخروج على الحكام و جواز قتل من يقف في وجه هذا الخروج و استحلال دمه كما هو معلوم من كتب الإخوان المسلمين ككتاب ” حقيقة التنظيم الخاص ” لمحمود الصباغ و غيره مما لا يسع جواب السؤال لذكره مفصلاً .

الثالث : أن كتاب العدالة الاجتماعية لسيد قطب من الكتب المعتمدة عند الإخوان المسلمين التي تمثل معتقدهم الخارجي للأدلة التالية :

1 ـ قال حسن البنا بعدما قرأ كتاب ” العدالة الاجتماعية ” : ( هذه أفكارنا و كان ينبغي أن يكون صاحبها وحداً منا ) الشهيدان لصلاح شادي ص 6 _ 7 .

2 ـ أكد صلاح شادي في كتابه ” الشهيدان حسن البنا و سيد قطب ” أن العدالة الاجتماعية في طبعتها الثانية كانت بعد دخول سيد قطب و انضمامه لجماعة الإخوان المسلمين و لذلك أشار صلاح شادي إلى تغيير سيد قطب للمقدمة حيث في الطبعة الأولى قال : ( إلى الفتية الذين ألمحهم في خيالي قادمين يردون هذا الدين جديداً كما بدأ ) .

وأما عندما انضم سيد قطب إلى الإخوان المسلمين رسمياً قال في المقدمة للطبعة الثانية للعدالة الاجتماعية : ( إلى الفتية الذين كنت ألمحهم بعين الخيال قادمين . فوجدتهم في واقع الحياة قائمين ).الشهيدان لصلاح شادي ص 6ـ 7 .

وليُعلم أن الطبعة الثانية وضع مقدمتها سيد قطب بتأريخ رجب 1373 هـ الموافق مارس سنة 1954م ، كما هو في مقدمة ” العدالة الاجتماعية ” ص 5 .

و كلٌ يعلم أن سيد قطب بايع حسن الهضيبي بعد رجوعه من أمريكا . أي قبل هذا التأريخ بسنوات .

3 ـ ثناء عمر التلمساني على كتاب العدالة الاجتماعية كما في كتابه ” ذكريات لا مذكرات ” ص 280 .

4 ـ أن ما قرره سيد قطب من كفر الحكومات الإسلامية هو ما قام عليه فكر الإخوان المسلمين .

5 ـ أن حسن البنا يثني في رسائله على ابن الأشعث و يؤيده في خروجه على الدولة الأموية ، فلا غرابة في تأييده لكتاب العدالة الاجتماعية و تقبله لما ورد فيه من طعن في بني أمية حيث يقول حسن البنا : ( و هل تمليه سيرة الأجلاء الأفاضل من علماء الأمة الإسلامية الذين كانوا يقتحمون على الملوك و الأمراء أبوابهم وسدودهم ، فيقرّعونهم و يأمرونهم وينهونهم و يرفضون أعطياتهم و يبينون لهم الحق و يتقدمون إليهم بمطالب الأمة ، بل ويحملون السلاح في وجوه الجور و الظلم و ما نسي التأريخ بعد كتيبة الفقهاء في صف ابن الأشعث في شرق الدولة الإسلامية ، و لا ثورة القاضي ابن يحيى الليثي المالكي في غربها ) مجموعة رسائل حسن البنا ص288ـ289 .

و يقول سيد قطب عن الدولة الأموية في كتابه العدالة الاجتماعية ما نصه : ( مضى عثمان إلى رحمة ربه و قد خلف الدولة الأموية قائمة بفضل ما مكن لها في الأرض و بخاصة في الشام و بفضل ما مكن للمبادئ الأموية المجافية لروح الإسلام ) العدالة الاجتماعية ص 161 .

قلت : و لا أدري بماذا يحكم دعاة ” أصحاب سلفية المعتقد إخوانية المنهج ” على المبادئ البدعية والضلالات الكثيرة و المتنوعة التي مكن لها سيد قطب في كتبه المعتمدة لديهم .

ولكن الذي أعلمه و يعلمه غيري أنهم لموافقتهم سيد قطب في عقيدة الخوارج و تكفير الحكومات الإسلامية و للمحافظة على مرجعية كتبه كـ ” الظلال ” و ” معالم في الطريق ” عند أتباعهم جعلتهم يتغاضون عن كل تلك البدع و الضلالات و يجندون أنفسهم للقضاء على دعاة التوحيد السلفيين ، و إحداث أصولٍ دعوية بدعية لحماية سيد قطب و فكره الخارجي الذي فُتنوا به و لو كان ذلك على حساب الكتاب و السنة .

الرابع : أن حسن البنا أسس التنظيم الخاص و هو ما يسمى بالجيش المسلم و جعله جناحاً عسكرياً لحزب الإخوان المسلمين و الذي قام بالدور الأساسي في الخروج على الملك فاروق في مصر ، و قام حسن البنا بالمشاركة عن طريق بعض أتباعه بالخروج على الإمام يحيى في اليمن و هذا متواتر ذكره محمود عبد الحليم في كتابه ” الإخوان المسلمين أحداث صنعت التأريخ ” و كذلك عباس السيسي في كتابه ” في قافلة الإخوان المسلمين ” و كتاب محمود الصباغ ” حقيقة التنظيم الخاص ” و غيرها من الكتب .

و هذا يوافق ما قرره سيد قطب بقوله : ( و هذه المهمة ، مهمة إحداث انقلاب إسلامي عام غير منحصرة في قطر دون قطر ، بل ما يريده الإسلام و يضعه نصب عينيه أن يحدث هذا الانقلاب الشامل في جميع أنحاء المعمورة ، هذه هي غايته العليا و مقصده الأسمى الذي يطمح إليه ببصره إلا أنه لا مندوحة للمسلمين ، أو أعضاء ” الحزب الإسلامي ” عن الشروع في مهمتهم بإحداث الانقلاب المنشود و السعي وراء تغيير نظم الحكم في بلادهم التي يسكنونها ) في ظلال القرآن لسيد قطب ج3 / ص 1451 .

بل إن سيد قطب شارك في إعداد التنظيم الخاص للإخوان المسلمين و تربية أفراده على عقيدة التكفير الخارجية و تجويز العمليات الإرهابية التي يقوم بها هذا الجناح العسكري بموافقة من مرشد الإخوان المسلمين حسن الهضيبي كما هو مذكور في” قافلة الإخوان المسلمين ” لعباس السيسي ، و كتاب ” لماذا أعدموني ” لسيد قطب ، و كتاب ” التأريخ السري للإخوان المسلمين ” لعلي العشماوي .و لولا الاختصار في الجواب لبسطت ذلك ، و لكن من أراد التوسع فليرجع إلى الكتب السابقة الذكر .

الخامس : إقرار حسن الهضيبي المرشد الثاني لحزب الإخوان المسلمين لفكر سيد قطب و أنه لا يغاير فكر الإخوان المسلمين .

يقول عباس السيسي : ( و في خطاب ورد من الأستاذ حسن الهضيبي يقول فيه : ” إنه لا يعلم أن للأستاذ سيد قطب فكراً يغاير فكر الإخوان المسلمين الذي يتفق مع الكتاب و السنة ” ) . انظر كتاب في قافلة الإخوان المسلمين ج4/ص 205 .

قلت : رسالة حسن الهضيبي أرسلها إلى عباس السيسي و مجموعة الإخوان المسلمين في السجن عندما بدأ الخلاف بينهم على قضية التكفير . راجع المصدر السابق ج4/204ـ205 . و هذا من حسن الهضيبي تأييد لكتاب ” معالم في الطريق ” و ” في ظلال القرآن ” ، و ما ورد فيها من أفكار سيد قطب التكفيرية الخارجية . و هو بهذه المقولة تابع مقولة إمامه حسن البنا الذي قال عند قراءته لكتاب ” العدالة الاجتماعية ” لسيد قطب : ( هذه أفكارنا و كان ينبغي أن يكون صاحبها واحداً منا ) .

السادس : المناصب التي شغلها سيد قطب في فترة رئاسة حسن الهضيبي للإخوان المسلمين تبين مدى مكانة سيد قطب في حزب الإخوان المسلمين و إليك بيان ذلك :

1 ـ يقول صلاح شادي : ( و في عام 1952م انتخب الأستاذ سيد قطب عضواً في مكتب الإرشاد للجماعة ) .

2 ـ و يقول صلاح شادي عن سيد قطب : ( و عين رئيساً لقسم نشر الدعوة في المركز العام لجماعة الإخوان المسلمين ) .

3 ـ و يقول صلاح شادي : ( و في شهر يوليو سنة 1954م عين رئيساً لتحرير جريدة ” الإخوان المسلمين” ) . انظر كتاب الشهيدان لصلاح شادي ص 55ـ56 .

و يقول عباس السيسي : ( في 18 نوفمبر 1954م تم القبض على الأستاذ سيد قطب رئيس تحرير مجلة الإخوان المسلمين ) . في قافلة الإخوان المسلمين ج3/ص 71 .

4 ـ و لقد قُرِّر كتاب ” معالم في الطريق ” لسيد قطب ضمن برامج التوعية للإخوان المسلمين.

يقول عباس السيسي و هو ممن بايعوا حسن البنا في الثلاثينيات ميلادية ما نصه : ( ” كتاب معالم في الطريق ” نزل هذا الكتاب إلى السوق بعد كتاب ” جاهلية القرن العشرين ” للأستاذ محمد قطب . و لكن كتاب ” معالم في الطريق ” ما إن انتشر بين الشباب المتلهف و المحترق شوقاً للعمل للإسلام حتى أثار ضجة هائلة في نفوسهم و مشاعرهم حتى أن الكثير من الشباب قد حفظ أبواباً من الكتاب يتحدث بها إلى الناس . وظل الكتاب يحرك كوامن الشباب و أفكارهم و همتهم ـ و الحكومة كأنها لا تعرف عنه شيئاً أو ربما كانت تريد أن تتحسس أثره و تتعرف على مدى الشعور العام بالنسبة لما جاء في مضمون الكتاب .و صار هذا الكتاب من الكتب الهامة التي تُدّرس في برنامج التوعية ) . في قافلة الإخوان المسلمين ج3/ص 171 .

قلت : فتبين أن كتاب ” معالم في الطريق ” الذي يعتبر دستور الخوارج و التكفيريين في هذا العصر من الكتب التي اعتمدها الإخوان المسلمين ضمن برامجهم التعليمية و التربوية كما نص على ذلك عباس السيسي آنفاً و كما هو مشاهد في جميع التجمعات التي تنتمي لحزب الإخوان المسلمين في جميع أنحاء العالم .

5 ـ نجد أن الإخوان المسلمين يقومون بمخاطرة في نشر كتاب ” في ظلال القرآن ” لسيد قطب في سجون جمال عبد الناصر أيام حسن الهضيبي و ذلك لكي يبقى الإخوان المسلمين على الفكر التكفيري الخارجي الذي ملأ سيد قطب الظلال منه ، و لا يتأثرون بالمؤثرات الموجودة داخل السجون مما يؤدي إلى تغير قناعاتهم التي تربوا عليها في تنظيم الإخوان المسلمين . راجع كتاب في قافلة الإخوان المسلمين ج4/ص206 .

السابع : إقرار المرشد الثالث للإخوان المسلمين عمر التلمساني لكتب سيد قطب التي قرر فيها سيد عقيدة الخوارج و التكفير و الدعوة للانقلابات كـ ” العدالة الاجتماعية ” و ” في ظلال القرآن ” و ” معالم في الطريق” .

يقول عمر التلمساني في كتابه ” ذكريات لا مذكرات ” تحت عنوان ” حقيقة معالم في الطريق : ( أذكر أن الشهيد ” سيد قطب ” له مؤلفات عدة و جيدة على مستوى رفيع منها : ” في ظلال القرآن ” و ” العدالة الاجتماعية ” و ” معالم في الطريق ” .

و تمتاز هذه المؤلفات بالنقمة على الظلم في كل مظاهره و الحرص على رفع المعاناة عن كل الطبقات ) انظر كتاب ذكريات لا مذكرات لعمر التلمساني ص280 .

قلت : فانظر رحمك الله إلى ثناء و موافقة المرشد الثالث للإخوان المسلمين على كتب سيد قطب السابقة الذكر و التي تُعتبر أصولاً في عقيدة الخوارج و التكفير ، و التي قام عليها حزب الإخوان المسلمين في جميع أنحاء العالم .

و يقول عمر التلمساني في سيد قطب : ( و الذين يعرفون الشهيد سيد قطب و دماثة خلقه و جم أدبه و تواضعه و رقة مشاعره يعرفون أنه لا يكفر أحداً ، إنه داعية إسلامي من عيون دعاة المسلمين ، ظلمه من أخد كلامه على غير مقاصده ، و من هاجموه متجنين لما رأوه من عميق تأثير كلماته و كتاباته على الشباب الطاهر النظيف ) .

و بعد أن دافع عمر التلمساني عن سيد قطب بالكذب و تزوير الحقائق بشكل مفضوح قال : ( هذا موجز مقتضب للمبادئ التي قام عليها كتاب ” معالم في الطريق ” ، و قد كان لي شرف الاطلاع عليه قبل طبعه ) . انظر كتاب ذكريات لا مذكرات لعمر التلمساني ص280 .

قلت : و بعد هذه النقولات التي قمت بنقلها عن حسن البنا و حسن الهضيبي و عمر التلمساني فهل لمبطل أن يقول أن الإخوان المسلمين ينقسمون إلى قسمين أحدهما بناوي و الآخر قطبي .

الثامن : يقول صلاح شادي في كتابه ” الشهيدان حسن البنا و سيد قطب ” ما نصه : ( و عندما تحركت أشواق الشهيد سيد قطب ليخدم الحركة الإسلامية في إطار جماعة ـ هي جماعة الإخوان المسلمين ـ قدم للإسلام هذا التراث الخالد : ـ

1 ـ هذا الدين .

2 ـ المستقبل لهذا الدين .

3 ـ خصائص التصور الإسلامي و مقوماته .

4 ـ الإسلام و مشكلات الحضارة .

5 ـ في ظلال القرآن .

6 ـ معالم في الطريق .

إن كتب الشهيد سيد قطب لا يغني بعضها عن الآخر ، و لكن إذا أردنا تلخيص معطياته للأمة الإسلامية في مجال الحركة ، استطعنا أن نجدها في كتابيه ” في ظلال القرآن ” و ” معالم في الطريق ” ، فما عجز عن نشره في مضمون التحرك الإسلامي في الكتاب الأول استطاع بعد ذلك أن يقدمه في كتابه ” المعالم ” ) . راجع كتاب الشهيدان لصلاح شادي ص 69ـ70 .

قلت : و هذه شهادة من أحد كبار الإخوان المسلمين الذين بايعوا حسن البنا في أوائل الأربعينات ميلادية ، و عيّنه حسن البنا رئيساً لقسم ” الوحدات ” ضمن الجهاز السري الذي يعتبر الجناح العسكري لحزب الإخوان المسلمين ، و هو صاحب كتاب ” صفحات من التأريخ حصاد العمر ” ، و الذي ذكر فيه كل ما يتعلق بالتنظيمات السرية في حزب الإخوان المسلمين و ما قام به من أعمال إرهابية .

التاسع : أينما وجد حزب الإخوان المسلمين تجد أن كتب حسن البنا و رسائله و كتب سيد قطب و بخاصة “في ظلال القرآن ” و ” معالم في الطريق ” تُدّرس ضمن برامج التوعية ، و يتربى عليها الأفراد المنضمين لحزب الإخوان المسلمين .

العاشر : كل من ألف في تراجم و سير دعاة الإخوان المسلمين يبرز حسن البنا كمُؤسس و سيد قطب كمُنظّر و لذلك يسمونه المفكّر الإسلامي و هو في الحقيقة المُنظّر لعقائد الخوارج التكفيرية عند الإخوان المسلمين .

الحادي عشر : كل من ينتمي لحزب الإخوان المسلمين يعتقد ما قرره حسن البنا و سيد قطب في تكفير الحكومات الإسلامية القائمة و السعي للانقلابات عليها و إعداد العدة لذلك عقائدياً و تربوياً و حزبياً و إعلامياً .

الثاني عشر : ما من شخصٍ ينتقد سيد قطب أو حسن البنا و يحذّر من بدعهم و عقائدهم الخارجية إلا و يقف في وجهه و يحذّر منه كل من ينتمي لحزب الإخوان المسلمين أو من تأثر ببدعهم .

الثالث عشر : لم نقرأ و لم نسمع أن هناك كتباً تمثل الفكر البناوي قامت بالرد و التحذير من سيد قطب و فكره ، و كذلك العكس .

الخاتمة

وختاماً أقول و بالله التوفيق : أن حسن البنا أسس حزب الإخوان المسلمين على عقيدة الخوارج في تكفير حكام المسلمين و الدعوة للخروج على الحكومات الإسلامية ، و أنشأ دعوته و شكّلها وفق تنظيمات هرمية و محاضن تربوية ذات طابع حزبي متعصب أعمى .

و أما سيد قطب فتكفّل بتأصيل الجانب العقدي الخارجي لهذا الحزب و ألف الشُبه في التكفير ، و ألبس العمليات الإرهابية لباس الجهاد الشرعي كذباً و زوراً وفق المنهج الخارجي في الاستدلال .

فحسن البنا قام ببناء صرح الخوارج في هذا العصر ؛ و سيد قطب بمؤلفاته كان قطب هذا البناء و عليه تدور رحى عقائدهم و نظرياتهم و تربيتهم الفكرية .

و لأن البعض رأى تركيز دعاة الإخوان المسلمين على كتب سيد قطب عندنا في السعودية دون كتب حسن البنا ظن أنهما قسمان ؛ و الحقيقة أنهما مرحلتان اكتفى الأوائل من حزب الإخوان المسلمين بكتب حسن البنا كتأسيس لهذا الفكر في بلادنا الحبيبة كمرحلة أولى ، ثم نتاجهم رُبوا على كتب سيد قطب كمرحلة ثانية وهي مرحلة التكوين التي يتبعها التنفيذ ، و لحاجة الجيل الثاني إلى إدخال أكبر عدد ممكن في هذه المرحلة قاموا بنشر كتب سيد قطب في التكفير علناً و ساقوا أتباعهم في هذه المرحلة إلى ” حتمية المواجهة ” و ” أسباب سقوط الدول ” .

و عندما أيقنوا بفشل ” المواجهة ” رجعوا إلى المرحلة الأولى علناً فطرحوا الأطروحات السياسية و إلى المرحلة الثانية سراً و تربيتاً و إعداداً .

قلت : و الذي لا يعرف طرائق القوم ضل في متاهات و دهاليز التقية و فقه المراحل الباطني .

اللهم أنصر عبادك الموحدين و دعوتهم السلفية وعلمائهم و ولاة أمرهم ، و احفظ أمن بلادهم و رد كيد من كاد بهذه الدعوة السلفية و أهلها ، و اكشف زيف دعوتهم و طرائق مكرهم .

كتبه / المعتز بربه القوي

عايد بن خليف الشمري

المدرس بالمعهد العلمي في حائل

في مساء الثلاثاء 20/4/1425هـ


شارك المحتوى: