(موت القرضاوي أبانَ أنَّ في بعض السلفيين خللًا فأدركوهم)
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فإنه لما هلَكَ القرضاوي -عليه من الله ما يستحق- تعالت أصوات الحزبيين في الترحُّم عليه والإشادة بجهوده …إلخ، من الإخوانيين والسروريين وهذا ليس غريبًا، لكن أبانت وفاته أنَّ في سلفية بعض السلفيين ضعفًا، إما لضعف تأصيلهم السلفي أو لردةِ فعلٍ لأقوامٍ سلفيين غلوا وشدوا على إخوانهم السلفيين بغير حق.
فاجتمعت كلمة هؤلاء المميعين -وهم متفاوتون في ذلك- على الترحم على القرضاوي علانيةً، وذِكرِ بعض جهوده مع الإقرار بأخطائه وعدم موافقته، ومنهم من يُضمِّن كلامه تشنيعًا على إخوانه السلفيين، ومن السلفيين الضعفاء في سلفيته(المميعين) من أمسك عن الكلام عليه بحجة أنه قد أفضى إلى ما قدم، وأن الكلام عليه لا فائدة منه كما يزعم، كيف لا ينفع وركام آثاره الفاسد المضل شائع ومنتشر وله من ينصره وينشره؟
أيها المشايخ السلفيون الأفاضل، أدركوا طلابكم ومن حولكم، أدركوا من تميَّع قبل أن يقفزوا في صفوف السرورين فيَضِلوا ويُضلِوا، إنَّ هذا الضعف المنهجي في صفوف بعض السلفيين نذير شر، ومرضٌ لابد أن يُسارع في علاجه، إذا كان هذا موقف هؤلاء المميعة من رأسٍ من رؤوس الضلالة كالقرضاوي فكيف بغيره؟
أين الأدلة وكلام السلف في هجر أهل البدع واحتقارهم؟!
أين الأدلة وكلام السلف في الفرح بموت المفسدين؟!
والله لو أنَّ الميت مُغَنٍّ صاحب فجور من شرب خمرٍ ومعاقرة النساء لرأيت أقلام هؤلاء الضعفاء منهجيًّا تتسابق في الفرح بهلاكه -وحُقَّ لهم- لكن إذا ماتَ رأسٌ من رؤوس البدعة والضلالة تماوتوا وعن الواجب تكاتموا؟؟
لتعرف ضعف هؤلاء السلفيين منهجيًّا قارن تماوتهم عند وفاة رأس البدعة (القرضاوي) مع حماستهم تجاه أخطاء بعض الحكام المسلمين، إنهم عكسوا الأدلة والآثار السلفية تمامًا، فيلمزون ويغمزون حكام المسلمين الذين عندهم معاصٍ وأخطاء ويتخاذلون مع رؤوس أهل البدع كالقرضاوي وأمثاله.
ومما يكشف منهج هؤلاء المميعة أنه كثيرًا ما يحذرون تصريحًا وتلميحًا من السلفيين الذين عادوا الحزبيين والحركيين والذين يردون على المخالفين من الحركيين وأذنابهم وفي المقابل تجدهم ساكتين خرساء عن دعاة الحزبية من السروريين وأذنابهم؛ بل بعض هؤلاء المميعة يشارك الحزبيين في المناشط الدعوية والدورات العلمية ويتهرب من مشاركة السلفيين الواضحين لئلا ينفر منه الحزبيون وشبابهم !
أيها السلفيون، تذكروا سلفيتكم وإياكم وردود الأفعال، وراجعوا منهجكم وكلام سلف الأمة في تأصيل المنهج السلفي وتقريره، راجعوا صنيع أئمة السنة، راجعوا آثار سلفكم التي ذكرها ابن بطة في (الإبانة الكبرى) والآجري في (الشريعة) واللالكائي في (شرح أصول اعتقاد أهل السنة) راجعوا عقيدة سلفكم التي قررها أئمة السنة كالإمام أحمد في (أصول السنة) والرازيين في عقيدتهما، وأبي عثمان الصابوني في (عقيدة السلف وأصحاب الحديث).
اتقوا الله واعلموا أنَّ السلفية دين، وهي داخلة في الأمانة التي أخذها الله في قوله تعالى: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا﴾ [الأحزاب: 72] فاتقوا الله إنكم مسؤولون عن هذه السلفية -التي هي غريبة في أهل الإسلام-، ثم تزداد غربتها بتماوت وضعف بعض أصحابها عن القيام بها، واعلموا أن أول من يتضرر بضعفكم وتميعكم أنتم أنفسكم؛ وذلك بمعصية ربكم في مخالفة منهج سلفكم ثم في إضعاف السنة وتقوية البدعة ثم إن هذا الضعف يهوي من دركة إلى دركة أبعد، فالأمر شديد.
إننا في زمن قد نشطت فيه الأشعرية والصوفية ونشطت الحركية بلباس جديد ومنهم من بدأ يحيي علم الكلام- الذي كسره أئمة الإسلام بعد جهاد عظيم- باسم صناعة الحوار كما يفعل العجيري وأحمد السيد، وفتن بهم كثير من الشباب بل بعض الشباب السلفي!!
واعلموا أن فتنة المميعة شديدة فهم ردء لكثير من الحركيين لا سيما من خرجوا بلباس جديد، ويتضرر بهم السلفيون أكثر من غيرهم.
اللهم اهدنا وللحق سددنا وعلى السلفية ثبِّتنا واجمعنا وإخواننا على ما يرضيك!
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوكم: د. عبد العزيز بن ريس الريس