فضل الأشهر الحرم


الخطبة الأولى:

الحمدُ للهِ الذي خلقَ السماواتِ والأرضَ في ستةِ أيامٍ وما مَسَّهُ مِن لُغوبٍ، يُضِلُّ مَن يشاءُ ويهدي من يشاءُ ويُقلبُ الأبصارَ والقلوبَ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ ذو المقامِ الموهوبِ، مَن أطاعهُ فقد أطاعَ اللهَ، ومن تَبِعَ نَهْجَهُ أرضاهُ ومن عصاهُ ففي النارِ مكبوبٌ.

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 21-22].

أما بعد:

فإننا نعيشُ هذهِ الأيامِ أيَّامًا مِن أفضلِ أيامِ السنةِ، وقيلَ: إنَّها أفضلُ أيامِ السنةِ، إنها الأشهُرُ الحُرُم، قالَ سبحانهُ: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ﴾ [التوبة: 36].

وثبتَ في الصحيحينِ عن أبي بكرةَ نُفيعِ بنِ الحارثِ -رضي الله عنه- أنَّ النبيَّ ﷺ عَدَّ هذهِ الأشهرُ الحُرُم الأربعة، وذكرَ ذا القِعدة، وذا الحِجَّة، ومُحرَّمًا، ثم قالَ: «شهرُ رجَبِ مُضَر، بين جُمادى وشعبان».

فهيَ أربعةُ أشهرٍ، ثلاثُ أشهرٍ مُتتالياتٍ، وهيَ ذو القِعدةِ وذو الحِجَّةِ ومُحرَّمٌ، والشهرُ الرابِعُ شهرُ رجَبٍ، وهوَ بينَ جُمادَى وبينَ شعبانَ، كما تقدَّمَ في الحديثِ عن رسولِ اللهِ ﷺ.

ومِن أشهرِ الحُرُم شهرُ ذي الحِجَّة، وفي هذا الشهرِ العشرُ الأوائلُ، وهيَ أفضلُ أيامِ السنةِ، ثبتَ في البخاري عَن ابنِ عباسٍ -رضي الله عنه- أنَّ النبيَّ ﷺ قالَ: «ما العمل في أيام أفضل منها في هذه؟» 0 يعني عشر ذي الحجة- قالوا: ولا الجهاد؟ قال: «ولا الجهاد، إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله، فلم يرجع بشيء»

وفي ذي الحِجَّة يومُ النحرِ، ثم يومُ القَرِّ، وقد ثبتَ عندَ أبي داود عَن عبدِ اللهِ بنِ قُرْطٍ -رضي الله عنه- أنَّ النبيَّ ﷺ قالَ: «أن أعظم الأيامِ عِندَ اللهِ تبارك وتعالى يومُ النحرِ، ثم يومُ القَرِّ»، وهو اليومُ الحادِي عَشَر، إلى غيرِ ذلكَ مِن الفضائلِ في شهرِ ذي الحِجَّةِ.

ومِن الأشهرِ الحُرُمِ شهرُ اللهِ المُحرَّمُ، وصيامهُ أفضلُ الصيامِ بعدَ صيامِ رمضان، ثبتَ في صحيحِ مسلمٍ عَن أبي هريرةَ -رضي الله عنه- أنَّ النبيَّ ﷺ سُئلَ عن أفضلِ الصيامِ بعدَ رمضان، قالَ: «شهرُ اللهِ المُحرَّمِ».

ومِن أشهرِ الحُرُم شهرُ ذي القِعدةِ كما تقدَّم، ولم يثبُتْ فيهِ فضلٌ خاصٍّ، وقَد ذهبَ جماهيرُ أهلِ العلمِ -بَلْ هوَ كلامُ العلماءِ الأولينَ- أنهُ لا يُستحبُّ أن يُتقصَّدَ شهرُ ذي القِعدةِ بعمرةٍ، وإن كانَ النبيُّ ﷺ اعتمرَ فيهِ، فإنَّ عُمَرَهُ فيهِ ﷺ قدْ يكونُ وِفاقًا، وقد يكونُ لردِّ اعتقادٍ عندَ الجاهليةِ، أما تخصيصُ شهرِ ذي القعدةِ بعمرةٍ واعتقادُ الفضيلةِ في ذلكَ، فلَمْ يفهَم هذا أهلُ العلمِ السابقونَ، ونحنُ مأمورونَ أن نفهمَ الكتابَ والسنةَ بفهمِ أهلِ العلمِ، وألَّا نتقدَّمَ بينَ أيديهِم.

أما شهرُ رجبٍ، فكانَ شهرًا تُعظِّمهُ الجاهليةُ، فقَدْ ثبتَ عِندَ ابنِ أبي شيبةَ، أنَّ عمرَ بنَ الخطابِ -رضي الله عنه- كانَ يضعُ الطعامَ، فإذا رأى الأيدي تُرفَع عَن الجِفانِ يضرِبُهَا ويقولُ: كُلوا، فإنه شهرٌ كانتْ تصومهُ وتعظمه أهلُ الجاهليةِ.

ولم يثبتْ فضلٌ ولا عملٌ في شهرِ رجبٍ إلا ما ذهبَ إليهِ بعضُ الصحابةِ، كما ثبتَ عِندَ الخلَّالِ عَن ابنِ عمرَ -رضي الله عنه- أنه كانَ يتقصَّدُ شهرَ رجبٍ بعمرةٍ.

هذهِ جُملةُ الأعمالِ التي تُفعَل في الأشهرِ الحُرُم، أما اعتقادُ ما سِوَى ذلكَ فإنهُ خلافُ السنةِ، إلَّا أنهُ ثبتَ عند عبد الرزاق عَن عبدِ اللهِ بنِ عمر، وهو قولُ الحسنُ البصريِّ، أنهم كانوا يصومونَ أشهُرُ الحُرُمِ كاملةً، لا يخصُّونَ شهرَ رجبٍ ولا غيرَهُ من أشهرِ الحُرُم، وإنما كانوا يصومونها كاملًا أو يصومونَ أكثرَ شهرِ اللهِ المُحرَّم، لِما تقدَّمَ ذِكرهُ مِن الدليلِ.

ثُمَّ اعلموا أنَّ القِتالَ كانُ مُحرَّمًا في أشهرِ الحُرُم، قالَ سبحانهُ: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنْ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ﴾ [البقرة: 217] فقدْ كانَ القِتالُ محرمًا فيهِ، إلَّا أنهُ نُسِخَ، لِذا كان الصحابةُ -رضي الله عنهم- في الفتوحاتِ يُقاتِلونَ في الأشهرِ الحُرُمِ وغيرها قالَ ابنُ رجبٍ: وهذا إجماعٌ على أنَّ الحُكمَ قَدْ نُسِخَ، وإنما كانَ قبلُ.

اللهُمَّ يا مَن لا إلهَ إلَّا أنتَ، يا رحمنُ يا رحيمُ، اللهُمَّ اجعلنا للطاعاتِ مُسابقينَ، اللهُمَّ اجعلنا في فعلِ الخيراتِ مُسارعينَ، اللهُمَّ خُذْ بنواصينا للبرِّ والتقوى يا أرحمَ الراحمينَ.

أقولُ ما قلتُ، وأستغفِرُ اللهَ لي ولكُمْ فاستغفروهُ، إنهُ هوَ الغفورُ الرحيمُ.

 

الخطبة الثانية:

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، أما بعدُ:

فإنَّ الذنوبَ والمعاصي شُؤمٌ وفسادٌ في الدنيا والدِّينِ، إنَّ كُلَّ فسادٍ عامٍّ أو خاصٍّ، وكُلَّ فسادٍ في الدِّينِ والدُّنيا فهوَ بسببِ الذنوبِ والمعاصي -عافاني اللهُ وإيَّاكُمْ-.

قالَ سبحانهُ: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ [الروم: 41] وقالَ سبحانهُ: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ﴾ [الرعد: 11].

قالَ سبحانهُ للصحابةِ في يومِ أحُدٍ، وهم الصحابةُ الكِرامِ الذين يقاتلون معَ رسولِ اللهِ ﷺ أعداءَ اللهِ المشركينَ، الذينَ أخرجوا الصحابةَ مِن بيوتهم وديارهِمْ، قالَ اللهُ عزَّ وجلَّ عنهُم حاكيًا حالَهَمْ: ﴿أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [آل عمران: 165].

وإنَّ الذنوبَ والمعاصي تعظُمُ ويعظُمُ إثمُهَا إذا احتفَّ بِها زمانٌ أو مكانٌ أو حالٌ يكونُ سببًا لتعظيمِ الإثمِ، ومِن ذلكُم معصيةُ اللهِ في أشهرِ الحرُمِ كشهرِ ذي القِعدةِ، وهو شهرُنا هذا، أو شهرِ ذي الحِجَّةِ، أو شهرِ محرمٍ، أو شهرِ رجبٍ، لقولهِ تعالى: ﴿فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾ [التوبة: 36].

ثبتَ عِندَ ابنِ جريرٍ وابنِ أبي حاتمٍ عَن قتادةَ -رضي الله عنه- أنهُ قالَ: “فإن الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئة ووزرا”

فإذَنْ الصغيرةُ تُعظَّم، والكبيرةُ تزدادُ إثمًا وتعظيمًا، وليتَّقِ اللهُ كُلُّ واحدٍ مِنَّا وليتأمَّل عقوبةَ اللهِ، وضررَ الذنوبَ والمعاصي، قالَ سبحانهُ: ﴿وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾ [النساء: 14]

وإنَّ مِمَّا ابتُلينَا بهِ أنَّ قلوبَنَا قَدْ ماتَتْ، فصارَ أحدُنَا لا يتأثَّر بالذنبِ، إنْ كان صغيرًا تحجَّجَ بصغْرِهِ، وإنْ كانَ كبيرًا تحجَّجَ بسَعَةِ رحمةِ اللهِ، فيُقارِفُ الذنبَ وهو يرجو مغفِرَةَ اللهِ، وهذا مِن مَكرِ اللهِ بعبدهِ، كما قالهُ بعضُ السلفِ، فاتَّقوا الله وراجِعوا أنفُسَكُمْ.

روَى البيهقيُّ في (شُعَبِ الإيمانِ) عَن بلالِ بنِ سعدٍ -رحمه الله تعالى- أنهُ قالَ: لا تنظر إلى صِغَرِ الخطيئةِ، ولكن انظر إلى مَن عصيت.

وروَى البخاريُّ ومسلمٌ عَن ابنِ مسعودٍ -رضي الله عنه-قال:” إنَّ المؤمنَ إذا عصَى اللهَ، فكأنَّ جبلًا وقعَ عليهِ، وإنَّ المنافِقَ إذا عصَى اللهَ فكأنَّهَا ذُبابةٌ قَدْ أقبَلَتْ عليهِ فهشَّهَا بيدهِ”. واللهِ إنَّ هذا حالُ كثيرٍ مِنَّا، نسألُ اللهَ أنْ يتوبَ علينا، إنهُ أرحمُ الراحمينَ.

نُقارِفُ الذنبَ تِلوَ الذنبَ، ولا نجِدُ لذلكَ أثرًا في نفوسِنَا، كَم واحدٍ مِنَّا يتأوَّلُ ويأكلُ المالَ الحرامَ غِشًّا أو رِبًا أو تساهُلًا، كم واحدٍ مِنَّا يعُقُّ أمَّهُ وأباهُ، ويُقدِّمُ زوجَهُ وأولادَهُ وأصدقاءَهُ، كم واحدٍ مِنَّا قَدْ قطعَ رَحِمهُ، لا يَصِلُ العَمَّ والعَمَّةَ، والخالَ والخالةَ، ولا مَن لهُم حقُّ صِلَةِ الأرحامِ.

كم واحدٍ مِنَّا قَدْ فرَّطَ في الصلاةِ، وما أدراكَ ما الصلاةُ، فكثيرونَ يتركونَ الصلاةَ حتى يخرجُ وقتُهَا، واللهُ يقولُ: ﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا﴾ [مريم: 59].

روَى ابنُ جريرٍ وغيرهُ، عَن عبد اللهِ بنِ مسعودٍ أنه قيلَ لهُ: أكانوا تاركينَ لها؟ قالَ: لو تركوهَا لكفروا، ولكن كانوا يُؤخِّرونَ الصلاةَ عَن وقتِهَا.

كَم من المسلمينَ مَن لا يُصلي صلاةَ الفجرِ في المساجدِ، إنَّ المساجِدَ تَئنُّ وتبكي لِقِلَّةِ المُصلينَ، قارِنوا عَدَدَ المُصلينَ في صلاةِ المغربِ بصلاةِ الفجرِ، لا أقولُ قارِنوا صلاةَ المغرِبِ في رمضان، وإنما في عمومِ السنةِ بصلاةِ الفجرِ في المساجِدِ، قَدْ هجرَ كثيرٌ مِن المسلمينَ الصلاةَ في المساجدِ، فبيتهُ قريبٌ وهو قويٌّ قادرٌ، ومعَ ذلِكَ يُفرِّطُ ويُقدِّمُ ملذَّاتِ النفسِ وهواهَا والكسلَ وغيرَ ذلكَ، فيُضيِّعُ صلاتَهُ.

واللهِ لو كانَتْ دنيا، أو مالًا، أو وظيفةً، أو رِزقًا، لرأيتهُ مُسارِعًا مُسابقًا، أما إذا جاءَ الدِّينُ والصلاةُ للهِ ربِّ العالمينَ، رأيتَ التقصيرَ الكثيرَ مِن كثيرٍ من المسلمينَ -عافاني الله وإياكم-.

ثبتَ في البخاريِّ ومسلمٍ عن أبي هريرةَ -رضي الله عنه- أنَّ النبيَّ ﷺ قال: «إن أثقلَ صلاة على المنافقينَ صلاةُ العِشاءِ وصلاةُ الفجرِ، ولو يعلمونَ ما فيهما لأتوهُمَا ولو حَبوًا».

سهرٌ بالليلِ، وتضييعٌ للصلواتِ في النهارِ، وبعضُ الآباءِ لا يقومُ بواجبهِ في إيقاظِ ولدهِ، بحجة أن الولدَ مسؤولٌ عَن نفسهِ، لكن لا يقولُ هذا القولَ فيما يتعلَّقُ بدراستهِ وعمَلَهِ، بَلْ يوقظه المرَّةَ تِلوَ المرةِ حتى لدِراستهِ وعَمَلهِ، أمَّا الصلاةُ فيخرُجُ للمسجدِ تارِكًا الأمانةَ خلفَ ظهرهِ وقَدْ قالَ سبحانهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ [التحريم: 6].

وروَى البخاريُّ ومسلمٌ عَن ابنِ عمَرَ أنَّ النبيَّ ﷺ قالَ: «… والرجل راعٍ في بيتهِ مسؤولٌ عَن رعيَّتهِ».

وكذا تقصيرُ الأباءِ فيما تحته من النساءِ، مِن التبرُّجِ والسُّفورِ، واللهِ إنَّ ممن الغرائبِ ِأنْ ترى رجلًا سَويًّا عاقِلًا يسيرُ في الطريقِ ومعه زوجتهُ قَدْ تبرَّجَتْ وتزيَّنَتْ، أينَ عقلُكَ؟ أينَ دينُكَ؟ أينَ غيرَتُكَ؟ ألم تسألَ نفسَكَ لِمَنْ تتبرَّج؟ هل تتبرَّج للرجالِ حتَّى يُحدِّقوا فيها الأبصار؟ ويتلذذوا بالنظر إليها؟

مِنهُنَّ مَن تكشِفُ الوجهَ، ومِنهُنَّ مَن تتجمَّلْ في وجهِها بالمساحيق، ومنهُنَّ مَن تُخرِجُ شعرهَا، ثُمِّ منهُنَّ من تزيدُ على ذلِكَ، وإخراجُ الشعرِ مُحرَّمٌ بإجماعِ أهلِ العلمِ فلا خلاف فيه، حكى الإجماعٌ جَمعٌ مِن أهلِ العلمِ.

فاتَّقوا اللهَ وراجِعوا أنفُسَكُم، وسَلُوا أنفُسَكُم: إذا خرجتَ مِن البيتِ وزوجَتُكَ مُتبرِّجةٌ، يا تُرَى لِمَن تتبرَّج؟ ولِمَن تتجمَّل؟ ولِمَن تتحسَّن؟

اتَّقوا اللهَ وراجِعُوا أنفُسَكُم، واعلَموا أنَّ الغلاءَ وتغيُّرَ الحالِ بسَبِبنَا واللهِ، بسَببِ الذنوبِ والمعاصي، إنَّ اللهَ لا يُغيِّرُ ما بقومٍ حتَّى يُغيِّروا ما بِأنفُسِهِم، تجِدُ شكاوَى في المجالِسِ مِن الغلاءِ وتغيُّرِ الحالِ، قيلٌ وقالٌ وكلامٌ بلا فائدةٍ، وترَى هذا الرجلَ الذي اضطجَعَ على أريكتِهِ واتَّكأَ عليهَا يُرِددُ المشاكِلَ في المجتمعِ، وهو عُضوٌ مِن المجتمعِ، لو صلَحْتَ أنتَ وأنا وزوجي وزوجُكْ، وولدي وولدُك، صلَحَتِ العائلةُ، ثُمَّ المجتمعُ، ثُمَّ الدولةُ، ثُمَّ لنَبْشِر بالخيرِ العظيمِ في الدنيا قبلَ الآخرةِ.

اللهم اهدنا فيمن هديت، اللهم اعز الإسلام والمسلمين.

نسخة للطباعة
تنزيل الكتاب
نسخة للجوال
تنزيل الكتاب

شارك المحتوى:
0