وقفات مع طاعة الحاكم الزاني


 

كثر الكلام حول مسألة زنا الحاكم وحكم الخروج عليه وذلك أن أحد المشايخ الفضلاء ضرب بذلك مثالا على عدم جواز الخروج على الحاكم الفاسق

وحتى تتضح الصورة تماما وفقا لمعتقد أهل السنة والجماعة هذه بعض الوقفات :

أولا / ما ذكره الشيخ من عدم الخروج في هذه الصورة هو مسبوق إليه ولم ينفرد بهذا المثال بل سبقه في ذلك أئمة في الدين كالشيخ ابن عثيمين رحمه الله بل زاد الشيخ ابن عثيمين حتى وإن كان يلوط ويشرب الخمر ويزني بمومس في الحج !!

قال الشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله قال في (شرح الواسطية/الشرح الثاني/الشريط18):”لو فرضنا أن الأمير فاجر وفاسق كل ليلة مع مومس -والعياذ بالله- فإن أهل السنة يرون الجهاد معه، ولا يعصون الله فيه”. انتهى

وهذا كلامه في موضع آخر

ثانيا /
أن عدم الخروج في هذه الصور هو عين معتقد أهل السنة والجماعة الذي نطقت به النصوص صراحة والتي قيدت الخروج بالكفر البواح الذي عندنا فيه من الله برهان.

عن عبادة بن الصامت: دَعانا رَسولُ اللهِ ﷺ فَبايَعْناهُ، فَكانَ فِيما أَخَذَ عَلَيْنا: أَنْ بايَعَنا على السَّمْعِ والطّاعَةِ في مَنْشَطِنا وَمَكْرَهِنا، وَعُسْرِنا وَيُسْرِنا، وَأَثَرَةٍ عَلَيْنا، وَأَنْ لا نُنازِعَ الأمْرَ أَهْلَهُ، قالَ: إلّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَواحًا عِنْدَكُمْ مِنَ اللهِ فيه بُرْهانٌ.”

مسلم (٢٦١ هـ)، صحيح مسلم ١٧٠٩

ثالثا :
لو قلتُ:
لو أن الحاكم فعل كل معصية دون الشرك وأتى بقراب الأرض معاصي زنا ربا خمر قتل … إلخ مما هو دون الكفر فإنه لايجوز الخروج عليه .

فأيهما أشد هذا أم ذاك ؟!!!

قال ﷺ :
“ألا مَن ولِيَ عليه والٍ، فَرَآهُ يَأْتي شيئًا مِن مَعْصِيَةِ اللهِ، فَلْيَكْرَهْ ما يَأْتي مِن مَعْصِيَةِ اللهِ، ولا يَنْزِعَنَّ يَدًا مِن طاعَةٍ”

مسلم (٢٦١ هـ)، صحيح مسلم

وقال ﷺ أيضا :
” إنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أثَرَةً وأُمُورًا تُنْكِرُونَها قالوا: فَما تَأْمُرُنا يا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ: أدُّوا إليهِم حَقَّهُمْ، وسَلُوا اللَّهَ حَقَّكُمْ.”

البخاري (٢٥٦ هـ)، صحيح البخاري ٧٠٥٢ •

رابعا :
ليس معنى قول أهل السنة أنه لايجوز الخروج عليه إقرارا لمعاصيه ولارضا بها وإذا كان لايجوز إقراره على الصغائر فمن باب أولى هذه الكبائر ولكن يجب الإنكار عليه في حضرته وأمامه لمن استطاع وترجحت مصلحة الإنكار على مفسدته ومن لم يستطع فعليه مناصحته سرا فيما بينه وبينه ولايفتح على الناس باب شر بالإنكار في مجامع الناس ومنتدياتهم مع غيبة الإمام على طريقة ابن سبأ وكذا مثلها وسائل التواصل ونحوها .

عن عياض بن غنم: ” مَن أرادَ أن ينصحَ لذي سلطانٍ في أمرٍ فلا يُبدِهِ عَلانيةً ولَكِن ليأخذْ بيدِهِ فيَخلوَ بهِ فإن قبِلَ منهُ فذاكَ وإلّا كانَ قد أدّى الَّذي علَيهِ لَهُ”

الألباني (١٤٢٠ هـ)، تخريج كتاب السنة ١٠٩٧ • صحيح

وعن أسامة بن زيد: قِيلَ له: أَلا تَدْخُلُ على عُثْمانَ فَتُكَلِّمَهُ؟ فَقالَ: أَتَرَوْنَ أَنِّي لا أُكَلِّمُهُ إلّا أُسْمِعُكُمْ؟ واللَّهِ لقَدْ كَلَّمْتُهُ فِيما بَيْنِي وبيْنَهُ، ما دُونَ أَنْ أَفْتَتِحَ أَمْرًا لا أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَن فَتَحَهُ، وَلا أَقُولُ لأَحَدٍ، يَكونُ عَلَيَّ أَمِيرًا: إنَّه خَيْرُ النّاسِ بَعْدَ ما سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ ﷺ يقولُ: يُؤْتى بالرَّجُلِ يَومَ القِيامَةِ، فيُلْقى في النّارِ، فَتَنْدَلِقُ أَقْتابُ بَطْنِهِ، فَيَدُورُ بها كما يَدُورُ الحِمارُ بالرَّحى، فَيَجْتَمِعُ إلَيْهِ أَهْلُ النّارِ، فيَقولونَ: يا فُلانُ ما لَكَ؟ أَلَمْ تَكُنْ تَأْمُرُ بالمَعروفِ، وَتَنْهى عَنِ المُنْكَرِ؟ فيَقولُ: بَلى، قدْ كُنْتُ آمُرُ بالمَعروفِ وَلا آتِيهِ، وَأَنْهى عَنِ المُنْكَرِ وَآتِيهِ. وفي روايةٍ: كُنّا عِنْدَ أُسامَةَ بنِ زَيْدٍ، فَقالَ رَجُلٌ: ما يَمْنَعُكَ أَنْ تَدْخُلَ على عُثْمانَ فَتُكَلِّمَهُ فِيما يَصْنَعُ؟ وَساقَ الحَدِيثَ، بمِثْلِهِ.

مسلم (٢٦١ هـ)، صحيح مسلم ٢٩٨٩ • أخرجه البخاري (٣٢٦٧)، ومسلم (٢٩٨٩) واللفظ له •

خامسا :

هذه المسائل لاتحكمها العواطف والاستحسانات والأذواق بل يحكمها شرع رب العالمين وقد علمتم شرعه فيما نقلت من نصوص وفيما هو محل إجماع عند أهل السنة فاتقوا الله في دينكم ولايحملنكم ضغط المجتمع وقوة إعلام أهل الأهواء من الليبراليين والإخوانيين على مخالفة شرع الله .

سادسا :
أكثر من أنكر ذلك وشنع به ونشره في وسائل التواصل هو الإعلام الإخواني والليبرالي وهؤلاء الخلاف معهم في أصول الدين وليس في هذا المثال بل كلهم لا يرون مبدأ السمع والطاعة إلا لمن كان منهم .

حوار تويتري:

يوجد بعض الناس ما يفهم ما المقصود بقول يجب طاعة ولي الأمر وإن كان زانيا عاصيا ظالما …

يستدرك عليك عندما تنقل كلام العلماء يقول لك : يعني لو يزني بأهلي أطيعه وأرضى!!

ومن قال لك هذا القصد؟! هذا فهمك السقيم ..

القصد لو كان الحاكم يزني بفاجرة ما تقول طالما أنه يزني أجل ما نطيعه

‏الآن لو مديرك في العمل تعلم عنه يشرب الخمر وتعلم عنه يكلم نساء ويعمل معهن الفاحشة ..

هل سوف تقول لن أطيعه إذا أمرني بأمر في العمل بحجة يشرب الخمر ويزني؟

فهمت الحين لما العلماء يقولون : يجب طاعة الحاكم وإن زنى وشرب الخمر؟

متى يستوعب اللي مسوي نفسه فاهم ويضرب مثال بأهله ؟

‏طيب عندك جار يشرب الخمر ويعاكس النساء خرج ذات يوم من بيته وركب سيارته ولم تشتغل سيارته .. وصدفة خرجت أنت من بيتك وواجهته وسلم عليك وقال: يا أبا فلان عندك اشتراك للسيارة؟

هل سوف تقول: لن أطيعه ولا أنفذ طلبه بحجة شارب للخمر ويعاكس النساء؟

‏كذلك الحاكم لو كان يشرب الخمر ويعاكس النساء ويزني بالفاجرات ثم أصدر قانونا وقال: يجب على الشعب تطبيقه …

هل سوف تقول لن أطبق لأنه يشرب الخمر ويعاكس النساء ويزني بالفاجرات؟

الذي لا تطيعه عندما يقول لك يا فلاااان اشرب الخمر أو اعمل لي كأس من الخمر …

هنا لا تطيعه بهذه المعصية

‏طيب دخل عليك الحاكم في بيتك مع جنوده ويريد يعمل الفاحشة مع أهلك ماذا تعمل؟

هل تطيعة وتقول: والله العلماء يقولون يجب السمع والطاعة لك!!

كذبت ما قالوا لك بهذه الصوره .. وإنما أنت من حللت بهذا التحليل وكذب عليك الجهال …

المهم العمل أن ترفض وتقاوم وتدافع عن شرفك بقدر ما تستطيع

‏طيب قدر الله والعياذ بالله أن الحاكم استطاع أن يزني بأهلك بقوة جنوده ولم تستطيع الدفاع عن عرضك ..

ثم حصل بعد ذلك ثورة وخروج على الحاكم فهل يجوز تخرج عليه بحجة أنه قبل كم كذا من الزمن زنى بأهلك؟

الجواب: لا يجوز الخروج بهذه الحجة والسبب في ذلك: أن الخروج يكون عند الكفر فقط ..

‏طيب سؤال : لو قال لك الحاكم لا تسجن فلان إلا إذا كفر ..

هذا فلان شرب الخمر هل تسجنه؟

سوف تقول: لا … لأنه لم يكفر ..

طيب زنى؟ طيب ظلم؟ طيب سرق؟

سوف تقول: لن أسجنه لأنه لم يكفر ..

هكذا الخروج على الحاكم لا نخرج عليه إلا إذا كفر .

وضحت الصوره؟

لذلك لا يلعب عليك دعاة السوء

‏النبي صلى الله عليه وسلم حدد الخروج على الحاكم عند الكفر المخرج من الملة فقط لا غير ..

والذي يحدد الكفر والخروج هم العلماء وليس الجهال ودعاة الأحزاب .

ولا يوجد حديث صحيح صريح أمر النبي صلى الله عليه وسلم بمنازعة الحاكم والخروج عليه عند فعل الكبائر مهما عظمت مالم تصل الكفر.

كل أدلتهم عامة أو عدم فهم

‏عندما تناقش البعض عن الخروج يستدل ومن ضمن أستدلالاته في آيات وأحاديث الظلم!

آيات وأحاديث الظلم .. ليس فيها دليل على الخروج وإنما فيها بيان الحكم الشرعي في تحريم الظلم .. والنقاش هو عن الخروج وليس عن تحريم الظلم ..

تحريم الظلم متفقين على التحريم من الحاكم وغير الحاكم

‏وكذلك يستدلون في جواز الخروج على الحاكم بآيات وأحاديث الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر!!

ما علاقة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مسألة الخروج؟

لذلك كل أدلتهم عامة .. ويتركون الأدلة الواضحه وبالنص على أن الخروج يكون بالكفر .. ويبحثون عن أشياء ليس لها علاقة بالخروج …

اللهم اهدنا لسنة نبيك محمد ﷺ وصحبه رضوان الله عليهم واسلك بنا سبيلهم وألزمنا طريقهم واحشرنا معهم .

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


شارك المحتوى: