وقفات مع الامتحانين وتوجيهات


وقفات مع الامتحانين وتوجيهات

الخطبة الأولى:

الحمد لله فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله شهادة نرجو بها النجاة من النار يوم الحساب والمنشر.

(يأيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون)، أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله بفعل ما أمرو أعظمها التوحيد الذي هو سبيل النجاح والنجاة واجتناب ما نهى عنه وزجر وأعظمها الشرك الذي هو سبيل الخسران وأن لا يعبد الله إلا بما شرع ……

عباد الله/ مشهد يتكرر آخرَ كل فصل دراسي يستنفر له الناس ويتشوفون له بوجل عندما يدخل أبناؤنا وبناتنا قاعاتِ الامتحان فمنهم المستبشر والمتوتر ..ومع مشاهد الامتحانات ، سيكون لنا بعض الوقفات .. والتي نسأل الله أن ينفع بها البنين والبنات والآباء والأمهات والمعلمين والمعلمات .

الوقفة الأولى: ما الهدف من الدراسة هل هو مجرد تلك الشهادة وافتخار المرء بأنه من أهل الثقافة أم الهدف وظيفة مرموقة وراتب مجزي فقط ؟

سؤال يحتاج إلى وقفة ! وجوابه أن الهدف الذي يجب أن نزرعه في نفوس أبنائنا أن يكونوا لبنة صالحة في بناء مجد الأمة المسلمة، وأن يكونَوا مشعلا يستضيء به الوطن في هذا الظلام الدامس الذي انتابها في هذا العصر. فلا يكن هم الواحد منا طلابا ومربين مجردَ تحصيل الدنيا ونيل أجرها ونعيمها وخاصة من يتعلم أمور الدين فهو على خطر عظيم إن لم يخلص النية لربه الكريم.

فالعقيدة تحتاج لتلاميذ َأذكياء لحفظها وفهمها وتعليمها للناس والناس يحتاجون لعلماء شرعيين يتعلمون منهم دينهم وكيف يعبدون ربهم وكيف يواجهون شبهات أهل البدع والشركيات والعلمنة والإلحاد والجماعات الحزبية بالحجة والبيان.

والحياة الدنيا تحتاج منا أن نعلم أبناءنا كيف يبني؟ ، وكيف يصنع؟ ، وكيف يخطط وينتج؟ وكيف يحمي وطنه من الأعداء عسكريا وتقنيا وفنيا وبهذا نكون قدمنا للأمة جيلا عظيما موحدا يسهم في نهضة أمته من جهة ، ومن جهة أخرى يكون قربة وعبادة لمن احتسبه عند الله سبحانه وتعالى .

الوقفة الثانية: أبنائي الطلاب .. تذكروا وصية نبيكم العظيمة صلوات ربي وسلامه عليه .. فخذوها بقوة ،والتي يقول فيها : (احرص على ما ينفعك ، واستعن بالله ولا تعجز) رواه مسلم فخذوا بأسباب النجاح من جد واجتهاد وصبر ومثابرة لتنالوا التوفيق واعلموا أنه لا حول ولا قوة للعبد إلا بالله رب العالمين فإن أذكى الناس لا غنى له عن ربه ولهذا أوصى النبي ابنته فاطمة أن تقول: ((يَا حَيّ يَا قَيُّوم بِرَحْمَتِك أَسْتَغِيث أَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلّه وَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَة عَيْن)) صححه الألباني .

ولم يثبت أدعية مخصوصة للامتحانات فاحذر تلك النشرات واحذر رمي الكتب على الأرض وفي الممرات ففيها إهانة لكلام رب الأرض والسموات وهو ذنب عظيم لما تشتمله من آيات واحذر ما يروج في ايام الامتحانات من مخدرات بزعم أنها تعينك على المذاكرة فتقع في وحل المخدرات سلمك الله منها.

عباد الله/ من الظواهر الطيبة التي تكون في هذه الأيام حرص الطلاب على الصلاة في المساجد، وأداء النوافل وبر الوالدين ولعله لفراغهم وليس من أجل النجاح ، لكن عليهم أن لا يغفلوا قول النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه الإمام أحمد: ((تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة)) وليستمروا على ذلك بعد الاختبارات.

الوقفة الثالثة : في صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: (( َمَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا )) ، أي ليس على ديننا وهذا وعيد عظيم فالغش في الامتحان خُلُق قبيح ، وتزوير ممقوت ، بل هو جريمة في حق المجتمع، فاستعن بالله فإن الغش محرم ومعصية للرب ولا خير فيه ولا بركة .

الوقفة الرابعة: وقفة مع المعلمين والمعلمات نسأل الله أن يأجرهم على ما يبذلونه من تعب ونصب فهم المؤسس للبناء فبهم تصلح الأجيال وبهم تفشل بعد الله فجزاهم الله خيرا فهم خير معين لأبناء المسلمين والشكر موصول لولاتنا على ما يبذلونه من تيسير ودعم للتعليم وخاصة تميزهم بتعليم الدين وتوحيد رب العالمين فهي دولة سلفية وما عندهم من تقصير هو بسبب تقصيرنا في أمور الدين وكما تكونون يولى عليكم كسر الله أعداءهم وجعل كيدهم في نحورهم.

عباد الله / ما إن تدخل فترة الامتحانات إلا تُعلِنَ الأسر حالة الطواريء في البيوت ، فاللهو ليلة الامتحان مصيبة والنوم عن الامتحان جريمة ونحن لا نلوم الوالدين والأسر على هذا الحرص لكننا في المقابل نقول: أين هذا الاستنفار والحرص على الأبناء في أداء الصلوات فلا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد فهل عملنا مع أبنائنا وبناتنا لامتحان الآخرة ما نعمله معهم في امتحان الدنيا؟ قال سبحانه(يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون) .أقول ما تسمعون..

الخطبة الثانية

الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً كما أمر والشكر له وقد تأذن بالزيادة لمن شكر .. والصلاة والسلام على سيد البشر وشفيعهم في المحشر

وعلى آله وأصحابه، أما بعد:

الوقفة الخامسة والأخيرة : وقفة بين الامتحانين أبناؤنا غداً تفتح لهم أبواب قاعات الامتحانات والفصول ويُسأل الطالب عما حصله في عامه الدراسي، وحالُهُ في وجل واضطراب .. وما أهون امتحان اليوم عند امتحان الغد … أتدرون أيَّ غدٍ أعني … إنه يوم الامتحان الأكبر، يوم السؤال عن الصغير والكبير، والنقير والقطمير .

السائل هو رب العزة والجلال، والمسؤول هو أنت، ومحل السؤال كل ما عملته في حياتك، عندما يجئ الممتحِنون، وما أدراك ما الممتحِنون (مَلَكَانِ يقعدانك في قبرك فإما أن يبشرانه بمقعدك في الجنة وهذه حال الفائز الناجي،وإماأن يُضْرَبُ بِمِطْرَقَةٍ مِنْ حَدِيدٍ ضَرْبَةً بَيْنَ أُذُنَيْهِ، فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا مَنْ يَلِيهِ إِلا الثَّقَلَيْن)) البخاري.

وبعد الامتحان ذا رأيت توزيع الشهادات على الطلاب، فتذكر يا عبد الله ذلك اليوم العظيم الذي توزع فيه صحائف الأعمال، فآخذ كتابه باليمين فناج، وآخذ كتابه بالشمال فهالك.

نسأل الله تعالى أن يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ، ويجعلنا من أهل اليمين ، ويجعلنا من الفائزين المفلحين ، إنه خير مسؤول ، وأجود مأمول .ألا وصلوا وسلموا رحمكم الله على الرسول الأمين صلى عليه وعلى آله وصحبه وسلم اللهم أكرمنا بشفاعته يوم المحشر يوم الامتحان العظيم يا سميع يا عليم , اللهم احفظ علينا أمننا وإيماننا الله اجمع كلمتنا وكلمة حكامنا وعلمائنا على نصرة التوحيد وأهله وقمع أعل الشرك والبدعة واجعل ما أنزلته من خير بركة لنا ومتاعا إلى حين أقول ما تسمعون وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


شارك المحتوى: