هل يصح أن أقول “وحياتك” ولا أقصد القسم؟ وهل يصح الاستدلال على ذلك بقاعدة الأمور بمقاصدها؟


يقول السائل: هل يصح أن أقول: وحياتك، وأنا لا أقصد القسم، وإنما لكي أبين لشخص مكانته عندي، ولا يصح الاستدلال هنا بقاعدة الأمور بمقاصدها؟

يُقال جوابًا عن هذا السؤال: إن القسم والحلف بغير الله محرم، والحلف خاص بالله، وجعله لغير شركًا أصغر، أخرج الشيخان من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجل يحلف بأبيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم «ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم»، الحديث يرويه ابن عمر، روى ابن عمر أنه سمع رجل يحلف بأبيه فقال: «إنّ اللّهِ يَنْهاَكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، مَنْ كَانَ حَالِفاً فَلْيَحْلِفْ بِاللّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ».

فلذا الحلف بغير الله شرك أصغر.

وقول السائل: أنه لا يقصد إلا ليبين مكانة الشخص عنده.

فيقال: إن معنى الحلف من حيث الأصل هو تعظيم المحلوف ببيان مكانته ومنزلته إلى غير ذلك، فلذلك الحلف بشيء يدل على عظمه وعظم مكانته ومنزلته.

فلذا من حلف بغير الله على أي وجه كان فإنه شرك أصغر، عافاني الله وإياكم، وقد يكون شركًا إذا عظم المخلوق كتعظيم الله، وساواه بالله في التعظيم، كما ذكر هذا الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى، وذكر أئمة الدعوة كالشيخ عبد اللطيف عبد اللطيف بن الحسن، وكشيخنا محمد بن صالح العثيمين وغيرهم من علمائنا.

أما قوله: هل يصح الاستدلال هنا بقاعدة: “الأمور بمقاصدها”؟

فيقال: كلا، إن الخطأ من كل وجه لا يرجع فيه إلى المقاصد، بل يعامل بلفظه، أو بفعله، وإنما يرجع للمقاصد إذا كان اللفظ أو الفعل يحتمل أكثر من معنى فيرجع إلى المقاصد.

أما الكلام أو الفعل الذي هو خطأ من كل وجه كالحلف بغير الله، أو غير ذلك من الألفاظ الشركية والمحرمة، فلا ينظر فيها إلى المقاصد.

فلو أن رجلًا لعن رجلًا بغير حق، وقال أنا ما قصدت هذا، وإنما قصدت المزاح إلى غير ذلك، والأمور بمقاصدها.

فيقال: كلا، إن اللفظ الخطأ من كل وجه لا يرجع فيه إلى المقاصد، وربنا سبحانه لما ذكر الذين استهزئوا كفَّرهم باستهزائهم بالنبي صلى الله عليه وسلم، مع أنهم كانوا يمزحون، وما كانوا جادين، قال سبحانه: {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ۚ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة: 65- 66]، وهم قالوا قبل ذلك: { إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ }

فرد الله عليهم بقوله: { قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه “الصارم المسلول”: وهؤلاء ذكروا هذا الاستهزاء لعبًا، والله لم يكذبهم في ذلك، بل صدَّقهم، ودلَّ على أنهم كانوا يلعبون، ويمزحون، ومع ذلك كفرهم الله -عز وجل-.

فإذًا، اللفظ الخطأ من كل وجه لا ينظر فيه إلى المقاصد، بل يعامل بظاهر القول أو الفعل.

وأنبه هنا إلى أن بعض المسلمين تساهلوا في أمر الحلف بغير الله، وما أكثر الذين يحلفون بالنبي، وبحياة فلان، أو بالنعمة أو بغير ذلك، فيجب أن نتقي الله؛ فإن الحلف بغير الله شرك أصغر، والشرك الأصغر أكبر من الكبائر، عافاني الله وإياكم.

أسأل الله الذي لا إله إلا هو أن يعلِّمَنا ما يَنْفَعَنَا، وأن يَنْفَعَنَا بما عَلَّمنا، وجزاكم الله خيرًا.

dsadsdsdsdsads

شارك المحتوى: