مناقشة القرضاوي (الإخواني) والمغامسي في إباحة سماع الغناء


مناقشة القرضاوي (الإخواني) والمغامسي في إباحة سماع الغناء

بسم الله الرحمن الرحيم

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته … أما بعد:

فقد تكاثرت الأدلة الشرعية والآثار السلفية والإجماعات العلمية على حرمة الغناء المصحوب بآلات اللهو كالموسيقى، حتى أصبح حرمته معلومًا عند المجتمعات الدينية كالمجتمع السعودي وغيره، وبات إباحته مستنكرًا شنيعًا عند عوام هؤلاء فضلًا عن أهل العلم فيهم .

ومع ذلك كله إلا أن هناك محاولات لزعزعة هذه المسلمات ، وذلك بخطوات:

الخطوة الأولى: محاولة إقناع الناس أن المسألة خلافية لئلا يشدّد فيها .

الخطوة الثانية: محاولة التشكيك في حرمته بأنه لو كان محرمًا لذكر في القرآن تحريمه بل كرر كما قال المغامسي !؟

إذن الجمع في الزواج بين المرأة وعمتها أو خالتها جائز؛ لأنه لم يذكر تحريمه في القرآن !!

وقال القرضاوي: كيف تحرم الموسيقى والشريعة تجيز السماع لأصوات الطيور !

وكأن تغريد الطيور موسيقى؟

إلى غير ذلك .

الخطوة الثالثة: التصريح بجوازه والصراخ بذلك!!

ولا أحب في هذا المقال إطالة القيل والقال في مناقشة المخالفين والأقوال ، فقد كفانا العلماء قديمًا وحديثًا، ومن ذلك على سبيل التمثيل لا الحصر :

1/ كتاب تحريم النرد والشطرنج ) الآجري (360 هـ)

2/ كتاب (الرد على من يحب الغناء ) أبو الطيب الطبري (450هـ )

3/ كتاب (الكلام على مسألة السماع ) للإمام ابن القيم ( 751هـ)

4/ كتاب ( نزهة الأسماع في مسألة السماع ) ابن رجب (795 هـ)

5/ (كف الرعاع عن محرمات اللهو والسماع) لابن حجر الهيتمي (974 هـ)

6/ كتاب ( تحريم آلات الطرب) الألباني (1420هـ)

ومن الكتب كتاب( الرد على القرضاوي والجديع في الغناء) لعبدالله رمضان بن موسى وهو من الكتب المفيدة في هذا الصدد .

وفي هذا المقال المختصر أكتفي بذكر أمرين:

أولًا/ بعض الأدلة على حرمة الغناء المصحوب بالمعازف

ثانيًا/ بيان أن المسألة إجماعية ، فمن خالف فقوله شاذ مطرح لا يلتفت إليه .

أولاً/ بعض الأدلة على حرمة الغناء المصحوب بالمعازف :

قال تعالى {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا}

فقد ثبت عند ابن أبي شيبة :في هذه الآية {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} عن عبد الله بن مسعود : أنه سئل عنها ؟ ، فقال : الغناء والذي لا إله إلا هو. ((5/ 132))

وعند ابن جرير في تفسيره عن ابن مسعود يرددها ثلاث مرات.

وثبت عند ابن جرير عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِى لَهْوَ الحَدِيثِ) قال: الغناء ، وشبهه.

قال ابن القيم :”وثبت تفسير ذلك بالغناء عن الصحابة والتابعين، وهم أعلم الناس بالقرآن وتفسيره ” (الكلام على مسألة السماع (1/ 24))

وأخرج البخاري بإسناده المعلق عن أبي عامر أو أبي مالك الأشعري والله ما كذبني سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:” ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف”.

وثبت عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله حرم الخمر، والميسر، والكوبة» رواه أحمد وأبوداود وزاد: قال سفيان الثوري : فسألت علي بن بذيمة-أحد رواة الحديث- عن الكوبة، قال: «الطبل»

وثبت عن إبراهيم، قال: «كان أصحاب عبد الله يستقبلون الجواري في الأزقة، معهن الدفوف فيشقونها» رواه ابن أبي شيبة

ثانيًا/ حكى الإجماع على حرمة الغناء المصحوب بآلات اللهو جماعة كثيرون منهم :

الأول: أبو بكر الآجري :

وعزا حكايته للإجماع ابن رجب في كتابه نزهة الاستماع ص 25حيث قال:” سماع آلات الملاهي كلها وكل منها محرم بانفراده وقد حكى أبو بكر الآجري وغيره إجماع العلماء على ذلك”.

وذكر في كتابه ( تحريم النرد والشطرنج) أن التحريم قول الصحابة.

الثاني: سليم الرازي وهو من أئمة الشافعية المتأخرين في الفقه نقله عنه ابن حجر الهيتمي في كتابه كف الرعاع (ص: 118) ووصفه بأنه من أئمة الشافعية المتأخرين في الفقه .

قال:” وممَّن نقَل الإجماعَ على ذلك أيضًا إمامُ أصحابنا المتأخِّرين أبو الفتح سليم بن أيوب الرازي ، فإنَّه قال فِي “تقريبه” بعد أنْ أورد حديثًا فِي تحريم الكُوبَة، وفي حديث آخَر: أنَّ اللهَ يَغفِرُ لكلِّ مذنبٍ إلا صاحب عَرطَبة أو كُوبةٍ، والعَرطَبة: العُود، ومع هذا فإنَّه إجماع “

الثالث: أبو الطيب الطبري في كتابه الرد على من يحب الغناء ص31

الرابع: ابن عبد البر .

قال: ” من المكاسب المجتمع على تحريمها الربا ومهور البغاء والسحت والرشاوي وأخذ الأجرة على النياحة والغناء وعلى الكهانة وادعاء الغيب وأخبار السماء وعلى الرمز واللعب والباطل كله ومن كسب الحرام المجتمع عليه ” (الكافي في فقه أهل المدينة (1/ 444))

الخامس: البغوي .

قال:” واتفقوا على تحريم المزامير والملاهي والمعازف” شرح السنة (12/ 383)

السادس: ابن قدامه .

قال:” وأما آلة اللهو كالطنبور، والمزمار، والشبابة، فلا قطع فيه…ولنا أنه آلة للمعصية بالإجماع ” (المغني (9/ 132))

السابع: أبو عمرو ابن الصلاح .

قال:” وأما اباحة هذا السماع وتحليله فليعلم أن الدف والشبابة والغناء إذا اجتمعت فاستماع ذلك حرام عند أئمة المذاهب وغيرهم من علماء المسلمين ولم يثبت عن أحد ممن يعتد بقوله في الإجماع والاخلاف أنه أباح هذا السماع والخلاف المنقول عن بعض أصحاب الشافعي إنما نقل في الشبابة منفردا والدف منفردا” (فتاوى ابن الصلاح (2/ 500))

الثامن: أبو العباس القرطبي كما سيأتي في كلام الهيتمي.

التاسع: أبو عبد الله القرطبي ، نقل الإجماع عن الطبري مقرًا له.

قال:” قال الطبري: فقد أجمع علماء الأمصار على كراهة الغناء والمنع منه. ..” (تفسير القرطبي (14/ 56))

العاشر: ابن رجب .

قال :” وأما استماع آلات الملاهي المطربة المتلقاة من وضع الأعاجم، فمحرم مجمع على تحريمه، ولا يعلم عن أحد منه الرخصة في شيء من ذَلِكَ، ومن نقل الرخصة فيه عن إمام يعتد به فقد كذب وافترى ” (فتح الباري لابن رجب (8/ 436))

وقال :” سماع آلات الملاهي كلها وكل منها محرم بانفراده وقد حكى أبو بكر الآجري وغيره إجماع العلماء على ذلك ” ( نزهة الاستماع ص 25)

الحادي عشر: البزازي الحنفي ننقله عنه ابن نجيم في كتابه البحر الرائق (7/ 88) وأقره .

قال:” ونقل البزازي في المناقب الإجماع على حرمة الغناء إذا كان على آلة كالعود”

الثاني عشر: ابن حجر الهيتمي .

قال:” الأوتار والمعازف كالطُّنْبُور والعُود والصَّنْج أي: ذي الأوتار والرباب والجَنْك والكمنجة والسنطير والدِّرِّيجُ، وغير ذلك من الآلات المشهورة عند أهل اللهو والسَّفاهة والفُسوق، وهذه كلُّها محرَّمة بلا خِلاف، ومَن حكى فيه خلافًا فقد غلط أو غلب عليه هَواه، حتى أصمَّه وأعماه، ومنعه هداه، وزلَّ به عن سنن تَقواه.

وممَّن حكَى الإجماع على تحريم ذلك كلِّه الإمام أبو العباس القرطبي وهو الثقة العدل ” (كف الرعاع (ص: 118))

فإذا تقرر أن تحريم سماع الغناء بآلات المعازف محرم إجماعًا فلا يسوغ الخلاف في هذ المسألة، ومن خالف فقوله شاذ لا يجوز أن يتابع قال ابن قدامة في روضة الناظر (1/410) :” الشذوذ يتحقق بالمخالفة بعد الوفاق”، سواء كان المخالف ابن حزم الظاهري ، أو غيره ممن عرفوا بالأقوال الشاذة والساقطة بل كلهم محجوجون بالإجماع ولا يجعل خلافهم مسوغًا للخلاف كما هو معلوم عند أهل العلم

قال ابن رجب في نزهة الأسماع ص60 :” لا يعرف عن أحد ممن سلف الرخصة فيها ( المعازف) إنما يعرف ذلك عن بعض المتأخرين من الظاهرية والصوفية ممن لا يعتد به “

أسأل الله أن يعيذنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن ، وأسأله الثبات على الحق والهدى حتى نلقاه .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

د. عبد العزيز بن ريس الريس

المشرف على موقع الإسلام العتيق

5 / 11 / 1439هـ


شارك المحتوى: