ما السُّبُل الشرعية التي يُعرَف بها دخول الشهر، وهل يُعتدُّ بالحساب الفلكي؟


يقول السائل: ما السُّبُل الشرعية التي يُعرَف بها دخول الشهر، وهل يُعتدُّ بالحساب الفلكي؟

يُقَالُ جوابًا عن هذا السؤال: إن دخول شهر رمضان يُعرَف بأمرين:

الأمر الأول: برؤية الهلال؛ لما ثبت في الصحيحين من حديث ابن عمر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا » أي: إذا رأيتم الهلال.

وقد أجمع العلماء على ذلك، وحكى الإجماع ابن قدامة رحمه الله تعالى.

فإذًا، إذا تراءى الناس الهلال، ورآه بعضهم، وعلى الصحيح حتى لو رآه واحد؛ فإن المسلمين يصومون بصومه، كما ذهب إلى هذا الإمام أحمد في رواية، وهو قول عطاء، ويدل لذلك ما ثبت عند أبي داود عن ابن عمر -رضي الله عنه- أنه قال: تراءى الناس الهلال، فأخبرت النبي -صلى الله عليه وسلم- أني رأيته، فصام، وأمر الناس بصيامه.

فإذًا دخول الشهر يثبت ولو برؤية واحد من المسلمين، وعلى الصحيح أن يكون عدلًا، فإن غير العدل لا يُعتدُّ برؤيته إلى غير ذلك مما يتعلق برؤية الواحد.

فإذًا إذا رأى واحد مِن المسلمين الهلال، واعتد ولِيُّ الأمر أو نائبه وهم القضاة وجب على المسلمين أن يصوموا برؤية هذا الواحد، ويكون الشهر قد دخل.

الأمر الثاني: يدخل الشهر بأن يتراءى المسلمون الهلال فلا يروه، أو أن يحول دون رؤية الهلال غيم أو قطر أو غير ذلك، فلا يرى المسلمون الهلال، ففي مثل هذا الحال يُكمِل المسلمون شعبان ثلاثين يومًا، ويدل لذلك ما أخرج البخاري من حديث أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «فإن غُمَّ عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يومًا» هذا حديث أبي هريرة عند البخاري.

وقد حكى ابن المنذر الإجماع على أن المسلمين إذا لم يروا الهلال؛ فإنهم يُكمِلوا شعبان ثلاثين يومًا، وبهذَين الأمرين يدخل الشهر عند المسلمين.

أما ما يفعله كثيرٌ من المسلمين اليوم، وهو الاعتداد بالحساب الفلكي؛ فإن هذا خطأ، ولا يُعتدُّ به شرعًا، ومما يدل على عدم الاعتداد به ما يلي:

– الأمر الأول: أنه خلاف الأحاديث النبوية؛ فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- علَّق الأمر على الرؤية، فإذا لم يَرَ المسلمون؛ فإنهم يُكمِلون شعبان ثلاثين يومًا كما تقدَّم.

– الأمر الثاني: أن العلماء مُجمِعون على عدم الاعتداد بالحساب الفلكي، حكى الإجماع ابن عبد البر وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن حجر، ويكفي هذا دليلًا.

فبهذا يُعلَم أن الاعتداد بالحساب الفلكي قول شاذ مخالف للسنة والإجماع، فلا يجوز أن يعتمد المسلمون على ذلك.

فلو قُدِّر أن بلدًا من بلاد المسلمين اعتمدوا على الحساب الفلكي فإن المسلمين لا يُتابِعون حاكم هذا البلد بناء على اعتماده على الحساب الفلكي؛ لأن الاعتماد على الحساب الفلكي طريقة شاذة مخالفة لإجماع أهل العلم، فلا يجوز أن يُتَّبَع الحاكم في ذلك، بل يُكمِل المسلمون شعبان ثلاثين يومًا.

وهكذا الحال في بعض الأقليات الإسلامية، بعض الأقليات في دول الكفر، ترى بعض المسلمين يعتمدون الحساب الفلكي، ومثل هذا لا يجوز أن يُتابَعوا؛ بل يَتَراءى الناس الهلال، فإن لم يَرَوه، أو لو قُدِّر أنهم قَصَّروا ولم يتراءوا الهلال، فيكفي أن يُكمِلوا شعبان ثلاثين يومًا، فإذًا الاعتداد بالحساب الفلكي لا يجوز في الشريعة وهو من المنكَرات.

ومما تُشَكر عليه الدولة السعودية – أعزها الله بالتوحيد والسنة وجميع دول المسلمين- أنهم لا يعتدون بالحساب الفلكي، ولا يرجعون إليه.

ومما يشوِّش على ذلك بعض العامة أو بعض المتأثرين بالأفكار الغربية من قولهم: الحساب الفلكي أضبط إلى غير ذلك.

فيقال: لو قُدِّر بأنه أضبط فإننا عبيد لله، ونتعبد الله بما يريد، والذي أراده الله سبحانه هو اعتماد الرؤية أو الإكمال كما تقدَّم، أما الحساب الفلكي فلا يُعتدُّ به، وليعلم أن الحساب الفكي كان موجودًا في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومع ذلك لم يعتمده رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا صحابته، فدل على أنه مُنكَرٌ، وأن اتخاذه طريقة لدخول الشهر بدعة؛ لأن هذه الوسيلة وُجِدت في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحابته، ولم يفعلوه، ولو كان الخير لسبقونا إليه.

أسأل الله الذي لا إله إلا هو أن يعلِّمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علَّمنا، وجزاكم الله خيرًا.

dsadsdsdsdsads

شارك المحتوى: