كيف يحبك الله والناس


الحمد لله رب العالمين وصل اللهم وسلم وبارك على أشرف الأنبياء والمرسلين

نبينا محمد إمام الزاهدين المتقين وقائد الغُر المحجلين صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين … أما بعد:

فقد قال الله

( قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا )

وقال تعالى ( اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد )

فالدنيا أيها الإخوة المؤمنون

دار ممر ليست دار مقر

ذم الله تعالى الدنيا

بآيات عديدة كثيرة في كتابه العزيز

والذم راجع إلى أفعال

بني آدم الواقعة فيها

كما قال ابن رجب .

وإضافة إلى ذم الله تعالى للدنيا

جاءت الأحاديث المستفيضة الصحيحة

في الحث على الزهد فيها

والتقلل منها

والإقبال على الآخرة

وتظافرت أقوال السلف في

ذلك

قال عليه الصلاة و السلام لابن عمر رضي الله عنهما

كما في البخاري

( كن في الدنيا كأنك غريب

أو عابر سبيل )

وفي رواية عند الترمذي

( وعدّ نفسك من أهل القبور ) !!!

وقال عليه الصلاة و السلام

كما عند الإمام مسلم في صحيحه:

( الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر )

بالله عليكم .. يا إخواننا !

ماذا سيتزود وسيجمع وسيبني

السجين

والغريب

ومن عدّ نفسه من أهل القبور !!

قال عليه الصلاة والسلام

كما في صحيح مسلم :

( ما الدنيا في الآخرة إلا مثل

ما يجعل أحدكم أصبعه في اليم

فلينظر بم يرجع ) .

لن يرجع بشيء يُذكر أو يُنقص أبدا أبدا

وقد جاء هذاالتمثيل النبوي

في حديث موسى عليه الصلاة والسلام مع الخضر عليه

السلام لما قال الخضر لموسى

ما علمي وعلمك من علم الله

إلا كما نقر هذا العصفور

من اليم !!

وجاء هذا التمثيل كذلك

في قول الله ( حديثا قدسيا ) في صحيح مسلم :

ياعبادي لوأن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم

قاموا في صعيد واحد

فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته

مانقص ذلك مما عندي شيء

إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر

فاقْرن يا عبدالله

بين تلك المعاني السابقة

ففيها إشارة عظيمة لمن يعقل الأمثال

( وما يعقلها إلا العالمون )

جعلنا الله وإياكم منهم … آمين .

وقال علي رضي الله عنه:

من زهد في الدنيا

هانت عليه المصيبات

ومن ارتقب الموت سارع في الخيرات .

ويقول أبو واقد الليثي رضي الله عنه :

تابعنا الأعمال

ولم نجد شيئا

أبلغ في طلب الآخرة من

الزهد في الدنيا.

الله أكبرهذا استقراء من صاحب

رسول الله !

فهم الصحابة رضي الله عنهم

معنى الذم للدنيا

وأخذوا من فيّ رسول الله

تلك الأحاديث القولية

ورأو الأفعال التي تصدق

الأقوال في شخصه

الكريم عليه السلام

فاستقامت لهم الدنيا

راغمة

وأدركوا الفوز بالجنات

يقول ابن مسعود :

من أرادالآخرة أضر بالدنيا

ومن أراد الدنيا أضر بالآخرة

يا قوم

فأضروا بالفاني للباقي .

هذاقول ابن مسعود

قارئ الصحابة

الذي ساقيه في الميزان أثقل من

جبل أحد والذي هاجرالهجرتين

والذي كان يقرئه النبي عليه السلام

في الملأ ويسمع منه

ويقول ابن عمر رضي الله عنهما:

والله لا ينال أحد من الدنيا

شيئا إلا نقص من درجاته

وإن كان عند الله كريما .

وكان أبو سعيد الحسن البصري رحمه الله

إذا ذكرت عنده الدنيا يقول :

أحلام نوم أو كظل زائل

إن اللبيب بمثلها لا يُخدع !!!

ويقول واعظ زمانه

الإمام ابن الجوزي رحمه الله:

بقدر صعود الإنسان في الدنيا

تنزل مرتبته في الآخرة .

ويعني بذلك الصعود

الذي يكون سببه حرام ومن وجوه وطرق مشبوهة !!!

وذكر العلماء رحمهم الله :

أن

الزهد: ترك ما لا ينفع في الآخرة .

والوَرع : ترك ما قد يضر في الآخرة.

فالزاهد أكمل حالا من الوَرع !

لأن الأمور ثلاثة :

نافع

ضار

وليس بنافع ولاضار .

ويقول ابن القيم :

أجمع العارفون على أن الزهد

سفرالقلب من وطن الدنيا

وأخذه في منازل الآخرة .اهـ .

وليس معنى الزهد أن يرفض المرء

الدنيا وما فيها

من لباس وأموال وزوجات

وكسب حلال !!! لا !

إنما المراد أن يكون ذلك كله

في يديه لا في قلبه !

كما جاء ذلك عن الإمام أحمد رحمه الله .

واعلموا بارك الله فيكم :

أنه /

كلما تعلق المرء

بالآخرة الباقية

كلما قَصُر نظره

وقلة رغبته في الدنيا الفانية

يقول ابن القيم

رحمه الله تعالى : ( لا تتم الرغبة في الآخرة إلا بالزهد في الدنيا

فإيثار الدنيا على الآخرة إما من فساد

الإيمان وإما من فساد في العقل

أو منهما معا ) . اهـ .

وليكن لسان حالك أخي العزيز

في تقلبك

في هذه الدار الفانية البالية !!!

قول الإمام القحطاني رحمه الله :

ولأمنعن النفس عن شهواتها

ولأجعلن الزهد من أعواني

وأخيرا أخي ،،،

جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام

أنه سأله أحد الصحابة فقال : يارسول دُلني على عمل إن عملته أحبني الله وأحبني الناس؟

فقال له عليه الصلاة والسلام :

( ازهد في الدنيا يحبك الله

وازهد فيما في أيدي الناس

يحبك الناس ) حسنه الألباني .

والحمد لله

أولا وآخرا

كتبه / منصور بن عبدالله العازمي

غفر الله له ولوالديه وللمسلمين

٢٧/ ذي الحجة / ١٤٣٣هـ


شارك المحتوى: