خطبة عيد الأضحى


اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ (تسع تكبيرات)

نَحْمَدُ اللهَ على مَا مَنَّ بِهِ عَلَيْنَا مِن مَوَاسِمِ الخَيْرَاتِ، وَمَا تَفَضَّلَ بِهِ مِن جَزِيلِ العَطَايَا والهِبَاتِ، وَأَشْهَدُ ألَا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، مُسْبِغُ النِّعَمِ وَدَافِعُ النِّقَمِ وَفَارِجُ الكُرُبَاتِ، وَأَشْهَدُ أنَّ محمدًا عبدُهُ وَرَسُولُهُ، أَكْمَلُ الخَلْقِ وَأَفْضَلُ البَرِيَّاتِ، صَلَّى اللهُ عليهِ وَعَلى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بإحسانٍ مَا دامَت الأرضُ والسَّماواتِ، وَسَلَّمَ تَسْليمًا.

أمَّا بعدُ:

فإنَّ العيدَ يومُ فَرَحٍ للمسلمينَ، روى البخاريُ ومسلمٌ عَن عائشةَ -رضيَ اللهُ عنهَا- أنَّ النبيَّ ﷺ قالَ: «إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا وَهَذَا عِيدُنَا» لِذَا حَرُمَ صومُهُمَا، عَن أبي سعيدٍ -رضيَ اللهُ عنهُ- قال: ” نَهَى النَّبِيُّ ﷺ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الفِطْرِ وَالنَّحْرِ” متفقٌ عليهِ.

وَيَوْمُكُمْ هذا هُوَ يومُ النَّحْرِ، وَسُمِّيَ بذلِكَ لأنَّ نَحْرَ الأَضَاحِي والهَديَ يبدأُ فيهِ، وَهُوَ أعظَمُ الأيامِ عِندَ اللهِ، عَن عبدِ اللهِ بنِ قُرْطٍ -رضيَ اللهُ عنهُ- قالَ: قالَ رسولُ اللهِ ﷺ: «إِنَّ أَعْظَمَ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَوْمُ النَّحْرِ، ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ»، أخرَجَهُ أحمدُ وأبو داودَ، والمُرَادُ بِيومِ القَرِّ اليومَ الحادِيَ عَشَرَ.

وَإِنَّ مِن أَجَلِّ الأعمالِ التَّقَرُّبَ إلى اللهِ فيهِ بِذَبْحِ الأَضَاحِي، وَهِيَ أفضَلُ مِن الصَّدَقةِ بِثَمَنِها؛ لِذَا ضَحَّى النَّبِيُّ ﷺ بِكَبْشَيْنِ كَمَا أخرَجَهُ الشَّيخانِ، وَمَن زَهَدَ فِيها داعِيًا للتَّصَدُّقِ بِثَمِنِها فَقَدْ أخْطَأَ وَرَدَّ النَّصوصَ الشَّرعِيَّةَ بِعَقْلِهِ البَشَرِيِّ الضَّعيفِ، فَلَا يُلْتَفَتُ لِقولِهِ.

اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لَا إلهَ إلَّا اللهُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وللهِ الحمدُ.

إنَّ أعظمَ شَرْطٍ لِقَبُولِ الأعمالِ الصَّالِحَةِ وَمِنْها ذَبْحُ الأضَاحِي: ابْتِغَاءُ وَجْهِ اللهِ وَحْدَهُ بِلَا رياءٍ وَلَا مُفَاخَرَةٍ، قال تعالى: ﴿لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ﴾، فَلَا يَصِلُ للهِ إِلَّا العَمَلُ الخالِصُ لَهُ وَحْدَهُ.

عن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ -رضيَ اللهُ عنهُ- أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ، أَقْرَنَيْنِ، وَيُسَمِّي، وَيُكَبِّرُ، وَيَضَعُ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا. وَفِي لَفْظٍ: ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

فيَنْبَغِي الحِرْصُ عَلَيْها والاجْتِهَادُ في فِعْلِها، قالَ أبو هريرةَ -رضيَ اللهُ عنهُ-: ” مَنْ وَجَدَ سَعَةً وَلَمْ يُضَحِّ فَلَا يَقْرَبْنَا فِي مَسَاجِدِنَا “، رواهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.

وَالأَفْضَلُ أَنْ يُضَحِّى بالسَّمِينَةِ الثَّمينَةِ، عَن أبى ذَرٍّ -رضيَ اللهُ عنهُ- قالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ ﷺ أَيُّ العَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «إِيمَانٌ بِاللَّهِ، وَجِهَادٌ فِي سَبِيلِهِ»، قُلْتُ: فَأَيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «أَعْلاَهَا ثَمَنًا، وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا».

وَتَكُونُ بَيْضَاءَ أَوْ أَكْثَرُهَا بَيَاضًا، فَقَد تَقَدَّمَ أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ وَهُوَ الأبيَضُ أَو الذِي أكْثَرُهُ بَيَاضًا.

والأَفْضَلُ أَنْ يَذْبَحَهَا بِيَدِهِ كَمَا فَعَلَ الرَّسُولُ ﷺ فإنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ فَلْيُحْضَرْ وَلْيَشْهَدْ ذَبْحَهَا.

وَطَريقَةُ ذَبْحِ الشَّاةِ أنَّهُ يُوَجِّهُهَا لِلْقِبْلَةِ، فَقَدْ كانَ ابنُ عُمَرَ -رضيَ اللهُ عنهُمَا- يَكْرَهُ أَنْ تُذْبَحَ لِغيرِ القِبْلَةِ، رواهُ عبدُ الرَّزَّاقِ، وأَنْ تُوضَعَ عَلَى جَنْبِهَا الأيْسَرِ بإجماعِ أهلِ العِلْمِ، حكاهُ النَّوَوِيُّ وابنُ حَجَرٍ.

ويقولُ عِندَ ذَبْحِهَا: (بسمِ اللهِ واللهُ أَكْبَرُ) لِفِعْلِ رسولِ اللهِ ﷺ في الحديثِ المُتَقَدِّمِ.

وَيَقُولُ: (اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنِّي وَمِنْ فُلانٍ) أَي: وَمَنْ أَشْرَكَهُمْ في أَجْرِهِا مِنْ زَوْجِهِ وَوَلَدِهِ، عَن عائشةَ -رضيَ اللهُ عَنْهَا- أنَّ النبيَّ ﷺ قالَ: «بِاسْمِ اللهِ، اللهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ، وَآلِ مُحَمَّدٍ …» رواهُ مسلمٌ.

وَيَقولُ: (اللهُمَّ مِنْكَ وَلَكَ)، كَمَا ثَبَتَ عَن ابنِ عباسٍ عندَ البيهقِيِّ.

فيكونُ ترتيبُ القولِ هكذا: اللهُ أكبرُ، اللهم منكَ ولكَ قبلَ ابتداءِ الذبحِ، وعندَ الذبحِ يقولُ: بسمِ اللهِ، اللهم تقبلْ منْ فلانٍ وفلانٍ.

وَيُستَحَبُّ أنْ تُحَدَّ الشَّفْرَةُ لِتُرَحِ الذَّبيحةُ، عَن شَدَّادِ بنِ أَوْسٍ-رضيَ اللهُ عنهُ- عن رسولِ اللهِ ﷺ قالَ «إِنَّ اللهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ» رواهُ مسلمٌ.

وَيَبْدَأُ وَقْتُ الذَّبحِ بعدَ صلاةِ العيدِ، وَمَنْ ذَبَحَ قبلَ الصَّلاةِ لَمْ تُجْزِئهُ، عَن جُندُبِ بنِ سفيانَ -رضيَ اللهُ عنهُ- قالَ: شَهِدْتُ الْأَضْحَى مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ بِالنَّاسِ نَظَرَ إِلَى غَنَمٍ قَدْ ذُبِحَتْ، فَقَالَ: «مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَلْيَذْبَحْ شَاةً مَكَانَهَا، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ ذَبَحَ، فَلْيَذْبَحْ عَلَى اسْمِ اللهِ» متفقٌ عليهِ.

وَيَصِحُّ الذَّبحُ ليلًا ونهارًا، وإنْ كانَ الذَّبحُ بعدَ الصَّلاةِ والخُطبةِ أفضَلَ.

اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لَا إلهَ إلَّا اللهُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وللهِ الحمدُ.

إِنَّ هناكَ عُيُوبًا تَمْنَعُ إجزاءَ الأُضْحِيَةِ، مِنْهَا أربعَةٌ وَرَدَ ذِكْرُهَا في حديثِ البَرَاءِ بنِ عازِبٍ -رضيَ اللهُ عنهُ-، قالَ رَسُولِ اللهِ ﷺ: أَرْبَعٌ لَا تَجُوزُ فِي الْأَضَاحِيِّ: الْعَوْرَاءُ بَيِّنٌ عَوَرُهَا، وَالْمَرِيضَةُ بَيِّنٌ مَرَضُهَا، وَالْعَرْجَاءُ بَيِّنٌ ظَلْعُهَا، وَالْكَسِيرُ الَّتِي لَا تَنْقَى. رواهُ الخمسةُ.

وَمَعْنَى العوراءُ البَيِّنُ عَوَرُهَا: التي انْخَسَفَتْ عَيْنُهَا.

وَمَعْنَى المَرِيضةُ البَيِّنُ مَرَضُهَا: التي مَرَضُهَا ظَاهِرٌ وَبَيِّنٌ.

وَمَعْنَى العَرْجَاءُ البَيِّنُ عَرَجُهَا: التي تَتَأَخَّرُ إذا مَشَتْ مَعَ السَّليمَةِ.

وَمَعْنَى التي لَا تُنْقِي: لا مُخَّ فيهَا لِهُزَالِهَا وَكِبَرِ سِنِّهَا.

وهذِهِ أَرْبَعَةُ عُيُوبٍ مَنْصُوصَةٌ، وَمَا كانَ أَشَدَّ مِنْهَا فَهُوَ أَوْلَى، كالعَمْيَاءِ، وَهَذا بالإجماعِ كَمَا حَكَاهُ النَّوَوِيُّ.

ومما يدخلُ في المريضةِ البينِ مرضُها -كما ذكرَهُ التابعيُ الجليلُ الزهريُ- التي قُطعَ حليمةُ ثدِيها، والتي قلَّ لبنُها، ومن باب أولى التي جَفَّ ضرعُها، والجرباءُ، والتي تساقطتْ كلُ أسنانِها.

ومن العيوبِ التي تمنعُ الإجزاءَ ما قُطعَ ثلثُ أليتِها فأكثرُ، وما قطعً ثلثُ أُذنِها فأكثرُ.

والأَكْمَلُ في التَّضْحِيَةِ أنْ تكونَ كامِلَةً في خِلْقَتِهَا، فَقَدْ كانَ ابنُ عُمَرَ -رضيَ اللهُ عنهُمَا- يَتَّقِي مِن الضَّحَايَا الَّتِي فيهَا نَقْصٌ في خِلْقَتِهَا. رواهُ مالكٌ.

والأفضَلُ في لَحْمِ الأَضَاحِي أنْ تُقَسَّم أثْلَاثًا؛ مَا بَيْنَ أَكْلٍ وَتَصَدُّقٍ وَإِهْدَاءٍ، كَمَا ثَبَتَ عِنْدَ ابنِ أبي شيبةَ عَن ابنِ مسعودٍ -رضيَ اللهُ عنهُ-.

وَلَا يُعْطَى الجَزَّارُ مِنْهَا شَيْئًا ثَمَنًا لِذَبْحِهَا، عَن عليِّ بنِ أبي طالبٍ -رضيَ اللهُ عنهُ- قالَ: ” أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ ﷺ أَنْ أَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ، وَأَنْ أَتَصَدَّقَ بِلَحْمِهَا وَجُلُودِهَا وَأَجِلَّتِهَا، وَأَنْ لَا أُعْطِيَ الْجَزَّارَ مِنْهَا“، متفقٌ عليهِ.

أقولُ ما تَسْمَعونَ، وأسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ فاسْتَغْفِروهُ، إنَّهُ هوَ الغفورُ الرَّحيمُ.

 

الخطبة الثانية:

اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ (سبع تكبيرات)

الحمدُ للهِ الذي بَعَثَ نَبِيَّهُ محمدًا ﷺ رَحْمَةً للعالمينَ، وقُدْوَةً للعاملينَ، وَحُجَّةً على العبادِ أَجْمَعِينَ، وأشهدُ ألَا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ، وَأَشْهَدُ أنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ، صَلَّى اللهُ عليهِ وَعَلى آلِهِ وأصحابِهِ وَمَن تَبِعَهُمْ بإحسانٍ إلى يومِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا، أمَّا بعدُ:

فإنَّ يومَ العيدِ يومُ شُكْرٍ وَفَرَحٍ، فأَظْهِروا الفَرَحَ والسُّرورَ فيهِ بالاجتماعِ وَصِلَةِ الأرْحَامِ، وَيُستَحَبُّ إذا لَقِيَ المسلمُ أخاهُ أنْ يهنِّئَهُ بِمَا يُهَنِّئ الصَّحابَةُ بعضُهُمْ بَعْضًا وهو قول: تقبلَ اللهُ منا ومنكم، فقدْ َذَكَر ابنُ حَجَرٍ -رحمه الله تعالى- أنهُ ثَبَتَ عَن جُبَيْرِ بنِ نُفَيْرٍ أنهُ قالَ: كانَ أصحابُ رسولِ اللهِ ﷺ إذا الْتَقَوا يومَ العيدِ يقولُ بعضُهُم لِبَعضٍ: تَقَبَّلَ اللهُ مِنَّا وَمِنْكَ.

وَلْيُهَنِّئ بِمَا جَرَتْ بِهِ العادَةُ والعُرْفُ مِن الألفاظِ الطَّيِّبَةِ، وَلْيَحْذَرِ المُسْلِمُ أنْ يَجْعَلَ يومَ العيدِ يومَ مَعْصِيَةٍ وآثامٍ مِن سماعِ الغِنَاءِ المَصْحوبِ بالمَعَازِفِ، فإنَّهُ مُحَرَّمٌ بالأدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ وإجماعِ أهلِ العِلْمِ، وَلْيَتَّقِ اللهَ وَلِيُّ الأمْرِ فيمَنْ تَحْتَهُ مِن زَوْجَةٍ أو أبناءٍ أو بَنَاتٍ، وَلْيَأخُذْ بأيدِيهِمْ عَمَّا حَرَّمَ اللهُ، وَلْيَكُنْ مُعِينًا لَهُمْ على طاعَةِ اللهِ.

أَمَةَ اللهِ، اتَّقي اللهَ في لِبَاسِكِ وَسِتْرِكِ وَحِجَابِكِ، فَلَا يَكُنْ حِجَابُكِ مُزَخْرَفًا وَلَا مُزَيَّنًا وَلَا ضَيِّقًا، وَاحْذَرِي التَّعَطُّرَ عِنْدَ المُرورِ على الرِّجالِ غيرِ المَحَارِمِ، عَن زينبَ امرأةِ عبدِ اللهِ -رضيَ اللهُ عنهَا- قالَتْ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِذَا شَهِدَتْ إِحْدَاكُنَّ الْمَسْجِدَ فَلَا تَمَسَّ طِيبًا» رواهُ مسلمٌ.

وَعَن أبي موسى -رضيَ اللهُ عنهُ- عَن النبيِّ ﷺ قالَ: «والمرأةُ إذا اسْتَعْطَرَتْ فمَرَّتْ بالْمجلِسِ فهي كذا وكذا. يعني زانِيةٌ» رواهُ أبو داودَ والتَّرْمِذِيُّ، وقالَ: حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.

وَقَدْ ذَكَرَهُ الهيتَمِيُّ -رحمهُ اللهُ- مِن الكبائِرِ، فاتَّقينَ اللهَ في هذِهِ الأمورِ، فإنَّ الموتَ سريعُ الهجمةِ عظيمُ السَّكْرَةِ والأَلَمِ، ويومَ القيامَةِ لَا يَنفَعُكِ مُتابَعَةُ الآخرينَ وتقليدُهِمْ، قالَ تعالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾.

أَمَةَ اللهِ، أَنْتِ الأُمُّ والبِنْتُ والزَّوجَةُ والأُخْتُ، بَلْ أَنْتِ الرُّكْنُ الأَسَاسُ لهذِهِ الحياةِ، وأعدَاءُ الدِّينِ يُحاوِلونُ أنْ يَسْتَغِلُّوكِ لإفسادِ المُجْتَمَعِ بِصُوَرٍ شَتَّى وَطُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ، فَاثْبُتِي عَلَى دِينِكِ وَتَقْواكِ وَسِتْرِكِ وَحِجَابِكِ وحشمتِك، وَاقْطَعِي الطَّرِيقَ عَلَيْهِمْ طاعَةً للهِ لِتَنْجَيَ يومَ القيامَةِ، وَحِفْظًا لِنَفْسِكِ والمُجْتَمَعِ.

اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لَا إلهَ إلَّا اللهُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وللهِ الحمدُ.

إنَّ نِعْمَةَ الأمْنِ والاجتماعِ نِعْمَةٌ عظيمَةٌ لَا يَسْتَشْعِرُهَا حَقًّا إِلَّا مَن فَقَدَهَا واقعًا، وَلَا يَتَحَسَّرُ عَلَيْهَا صِدْقًا إِلَّا مَن حُرِمَهَا حقيقةً، فَاحْمَدُوا اللهَ عَلَى هذِهِ النِّعْمَةِ، وإِنَّ نِعْمَةَ الأمْنِ والاجتماعِ لا تَتِمُّ إِلَّا بالالتِفَافِ على الحاكِمِ المُسْلِمِ، والسَّمْعِ والطَّاعَةِ لَهُ في غيرِ مَعْصِيةِ اللهِ، وَبِهذَا يَعْتَزُّ الدِّينُ وَتَظْهَرَ شَعَائِرُهُ، لِذَا تَكَاثَرَتْ الأدِلَّةُ في السَّمْعِ والطَّاعَةِ لِلحاكِمِ وَلَوْ كانَ ظالِمًا فاسِقًا.

عَن ابنِ مسعودٍ -رضيَ اللهُ عنهُ- عَن النبيِّ ﷺ قالَ: «سَتَكُونُ أَثَرَةٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: «تُؤَدُّونَ الحَقَّ الَّذِي عَلَيْكُمْ، وَتَسْأَلُونَ اللَّهَ الَّذِي لَكُمْ» رواهُ البخاريُّ ومسلمٌ.

وَعَن ابنِ عَبَّاسٍ -رضيَ اللهُ عنهُمَا- عَن النبيِّ ﷺ قالَ: «مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَصْبِرْ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ مَنْ فَارَقَ الجَمَاعَةَ شِبْرًا فَمَاتَ، إِلَّا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً» رواهُ البخاريُّ ومسلمٌ.

وَاعْلَمُوا أنَّ الأعداءَ يُحاوِلُونَ تَفْريقَنَا لِيَدْخُلُوا بَيْنَنَا ويُشَتِّتُوا جَمْعَنَا وَيُضْعِفُوا قُوَّتَنَا، فَكُونُوا لَهُمْ بِالمِرْصَادِ حِفْظًا لِدِينِكُمْ، وَأَمْنِكُمْ، وَأَمْنِ أُسَرِكُمْ وَمُجْتَمَعِكُمْ.

اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لَا إلهَ إلَّا اللهُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وللهِ الحمدُ.

اللهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الإيمانَ وَزِيِّنْهُ في قُلُوبِنَا، وَكَرِّهْ إِلَيْنَا الكُفْرَ والفُسُوقَ والعِصْيانَ، وَاجْعَلْنَا مِن الرَّاشِدِينَ، اللهُمَّ انْصُرْنَا عَلَى أَعْدَائِنَا وَأَصْلِحْ أُمُورِنَا وَاهْدِ وُلَاتَنَا لِمَا فيهِ الخَيْرُ والصَّلَاحُ في دِيْنِنَا وَدُنْيَانَا، إِنَّكَ جَوَادٌ كَرِيمٌ.

 

نسخة للطباعة
تنزيل الكتاب
نسخة للجوال
تنزيل الكتاب

شارك المحتوى:
0