حكم إثارة تقسيم المجتمع إلى قبائل ومجنسين وما يصحبه من انتقصاص


يقول السائل: يُثار بين الناس تقسيم المجتمع إلى قبائل ومُجنسين، وكلٌ يُخطئ الآخر ويُعيب عليه، تصدر من مثل هذه الإثارات استنقاص وعبارات سيئة تصل للشتم أحيانًا، ما الحكم في مثل هذا؟

الجواب:
إن التفاخر بين الناس في كل شيء محرم شرعًا، وفي المقابل الطعن في المسلم محرم شرعًا، وهي من أمور الجاهلية التي يستمر عليها كثير من ضعفاء الدين والإيمان والتقوى، فإن أول من افتخر بأصله هو إبليس قال: ﴿ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ﴾ [الأعراف: 12].

وقد تكاثرت الأدلة في النهي عن ذلك، من ذلك ما روى البخاري عن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: خلالٌ من خلال الجاهلية، الطعن في الأنساب والنياحة. وقوله: “خِلال” أي: صفات.
وأخرج الإمام مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «أربعٌ في أمتي من أمر الجاهلية لن يدعها الناس: النياحة، والطعن في الأنساب … » الحديث، وفي رواية قال: «اثنتان في الناس هما بهم كفر، الطعن في النسب والنياحة على الميت».

وأخرج مسلم عن أبي مالك الأشعري أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر بالأحساب والطعن في الأنساب».
وأخرج الإمام مسلم من حديث عياض بن حمار أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن الله أوحى إليَّ ألا يفخر بعضكم على بعض، وألا يبغ بعضكم على بعض» إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة.

وكل هذه الأحاديث دالة على أن الطعن في أنساب الآخرين أو الفخر من الكبائر -أسأل الله أن يعافيني وإياكم- لذا ينبغي أن نكون حذرين، وإن مثل هذا قبيح، ويزداد قبحه إذا خرج من أهل الدين، ثم يزداد قبحه على قبحه إذا خرج من أهل العلم، فأسأل الله أن يُعيذني وإياكم.

فإن قيل: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يتركونهن» فهل يدل هذا على الجواز؟
يُقال: كلا، بل يدل على أنه أمر مستشرٍ في النفوس فينبغي أن تُجاهد، فالنفوس الضعيفة يستشري فيها مثل هذا، فينبغي أن تجاهد نفسها حتى تخلصها، ومن الكلمات العظيمة ما ذكر يحيى بن معين -رحمه الله تعالى- قال: ما رأيت مثل أحمد، ما افتخر علينا يومًا بعربيته. أي أن الإمام أحمد كان عربيًا وكان يحيى بن معين أعجميًا، فما افتخر الإمام أحمد يومًا ما على ابن معين وعلى أمثاله بأنه كان عربيًا.

أسأل الله أن يصلحنا وأن يتوب علينا، وأن يصفي قلوبنا من كل ما يسخطه، إنه الرحمن الرحيم.

935_1


شارك المحتوى: