بين إجماعٍ واجتهاد (زكاةُ الفِطر)


 

الحمدُ لله والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِ اللهِ ٬ وبعد :

💡 فقد أجمعتِ الأمَّةُ على أنَّ النُّقودَ كانت موجودةً في العهدِ النَّبويِّ ٬ وتعلَّقت بها أحكامٌ شرعيَّةٌ :

🔹 فنَهى النَّبيُّ ﷺ عن بيعِ الثَّمرِ حتَّى يطيبَ ، ولا يُباع شيءٌ منه إلَّا بالدِّينار والدِّرهمِ ؛ إلَّا العَرايا .*
[ صحيح البخاري (٢١٨٩) ]

🔹 وقال ﷺ : لا تَبيعوا الدِّينارَ بالدَّينارينِ ، ولا الدِّرهم بالدِّرهمينِ .
[ صحيح مسلم (١٥٨٥) ]

🔹 وحثَّ ﷺ أصحابَهُ على الصَّدقة الماليَّة والعينيَّةِ ٬ فقال عندما جاءَهُ فقراءُ من مُضرَ : تَصدَّقَ رجلٌ من دينارِهِ ، من درهمِهِ ، من ثوبِهِ ، من صاعِ بُرِّهِ ، من صاعِ تمرِهِ ، حتَّى قال : ولو بشِقِّ تَمرةٍ ..
[ صحيح مسلم (١٠١٧) ]

وغير ذلك كثيرٌ من الأحكام المرتبةِ بالنقد .

💡 وأجمعتِ الأمَّةُ على أن الفقرَ في العهد النَّبويِّ كان أشدَّ ممَّا نراهُ من فقراءِ اليومِ ٬ وأشد فاقةً من فاقتِهم .

🔹 وقد خرجَ رسولُ اللَّهِ ﷺ ذاتَ يومٍ -أو ليلةٍ- فإذا هو بأبي بكرٍ وعمرَ ، فقال : ما أخرجكُما من بيوتِكما هذه السَّاعةَ ؟ قالا : الجوعُ يا رسول اللهِ ، قال : وأنا – والَّذي نَفْسي بيدِهِ – لأخرجَني الَّذي أخرجَكُما .
[ صحيح مسلم (٢٠٣٨) ]

🔹 وهذا أكثر الرواة عن النبي ﷺ يقول : بخٍ بخٍ ، أبو هريرةَ يتمخَّطُ في الكتَّانِ ، رأيتُني أُصرعُ بين حُجرةِ عائشةَ والمِنبرِ ، يقولُ النَّاسُ : “مجنونٌ” ، وما بيَ إلَّا الجوعُ .
[ صحيح الادب المفرد (٩٦٩) ]

💡 فمع وجودِ المالِ بين يَدي النَّاسِ في ذاكَ الزَّمانِ ٬ وكثرةِ الفقراءِ (أهلُ الصُّفَّةِ وغيرهم) ٬ وكون الصَّدقةِ بالمالِ أوسعَ للفقيرِ من صدقةِ الطَّعامِ ٬ أوجبَ النَّبيُّ ﷺ الأضيقَ – وهو الطَّعامُ – على الأوسعِ – وهو المالُ – ٬ وهو ﷺ أعلمُ بالمصلحةِ ٬ وأرحمُ بالأمَّةِ من غيرِهِ .. وعلى ذلك سار أصحابُهُ من بعدِه :

🔹 ففَرَضَ رسولُ اللَّه ﷺ زكاةَ الفِطر صاعًا من تَمر ، أو صاعًا من شعير ، على العبد والحُرِّ ٬ والذَّكَر والأنثى ٬ والصَّغير والكبير من المسلمين .
[ متفق عليه (١٥٠٤) (٩٨٤) ]

🔹 وقال ﷺ : زكاةُ الفِطر طُهرةٌ للصَّائمِ من اللَّغو والرَّفَثِ ٬ وطُعمةٌ للمساكين .
[ صحيح سنن ابن ماجه (١٤٩٢) ]

🔹 وقال أبو سعيد الخدري رضي اللهُ عنه : كنا نُخرجُ في عهد رسولِ اللهِ ﷺ يومَ الفِطر صاعًا من طعامٍ ، وكان طعامُنا الشَّعيرَ والزَّبيبَ والأَقِطَ والتَّمرَ .
[ صحيح البخاري (١٥١٠) ]

✊🏻 فإيَّاكَ – أخي في اللهِ – أن تكون ممَّن بدَّلَ سنَّةَ نبيِّهِ ٬ فتُذادَ عن حوضِهِ ٬ ويقول لكَ النَّبيُّ ﷺ : سُحقًا سُحقًا لِمن بدَّلَ بَعدي .
[ متفق عليه (٧٠٥٠) (٢٢٩١) ]

أسألُ اللهَ أن يوفِّقَ المسلمينَ لأداءَ زكاةِ الفِطرِ – وكلِّ عبادةٍ – على وَفقِ ما أمرَ اللهُ ورسولُهُ ﷺ ٬ والحمدُ للهِ ربِّ العالَمين .

أخوكم فراس الرفاعي
٢٨ رمضان ١٤٤٥هـ


شارك المحتوى:
1