اليقين والتوكل


“اليقين والتوكل”

كثير من الآيات والأحاديث يأمرنا فيها الله ورسوله بالتوكل على الله في تصريف امورنا ومعلوم ان التوكل هو من اعمال القلوب قال ابن عباس”التوكل هو الثقة بالله. وصدق التوكل أن تثق في الله وفيما عند الله فإنه أعظم وأبقى مما لديك في دنياك،

ومعنى التوكل لغة”التوكل من مادة (وكل) يقالوكل بالله وتوكل عليه واتكل : استسلم له،، ووكلت أمري إلى فلان إذا اعتمدت عليه ، ووكّل فلان فلاناً إذا استكفاه أمره ثقةً بكفايته. وقال الله تعالىالَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ”17سورة آل عمران.عَنْ اِبْن عَبَّاس ” حَسْبُنَا اللَّه وَنِعْمَ الْوَكِيل ” قَالَهَا إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام حِين أُلْقِيَ فِي النَّار وَقَالَهَا مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِين قَالَ لَهُمْ النَّاس إِنَّ النَّاس قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّه وَنِعْمَ الْوَكِيل.‏عن ‏ ‏أبي هريرة ‏ عن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال ‏ ‏يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير ‏”قيل معناه: متوكلون ، وقيل : قلوبهم رقيقه.

وفي الحث على طلب الرزق والتوكل على الله فيه مع الأخذ بالأسباب لأن كما قال العلامه صالح الفوزان حفظه الله في شرحه كتاب التوحيد باب من تبرك بشجره أو حجركما قال بعض العلماء: “الاعتماد على السبب شرك، وترك السبب قدح في الشرع” لأن الشرع أمرك باتخاذ الأسباب، و”الاعتماد على الأسباب شرك” لأنه اعتماد على غير الله.

وعن عمر بن الخطاب قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “ لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصاً – جياعاً – وتروح بطاناً – شباعاً رواه الترمذي وقال: حديث حسن.ومعناه تذهب أول النهار خماصا : أي ضامرة البطون من الجوع ، وترجع آخر النهار بِطانا : أي ممتلة البطون.عن أنس :قَالَ : كَانَ أَخَوَانِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ أَحَدُهُمَا يَأْتِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَالآخَرُ يَحْتَرِفُ , فَشَكَا الْمُحْتَرِفُ أَخَاهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : ” لَعَلَّكَ تُرْزَقُ بِهِ“رواه مسلم. ومعنى “يخترف” : يكتسب ويتسبب.

وهذه أقوال لسلفنا الصالح تعرف معنى التوكل :قال الحسن: “إن توكل العبد على ربه أن يعلم أن الله هو ثقته” .
قال سعيد بن جبير: ” التوكل جماع الإيمان. ”
وقال بعض السلف: “من سرّه أن يكون أقوى الناس، فليتوكل على الله“.

الناس مع التوكل على ثلاثة أنواع

1- من تواكل وقعد عن العمل ولم يأخذ بالأسباب وهذا مخالف لسنة الله عز وجل في الكون

.2- من قام بالأسباب وترك التوكل وهؤلاء الماديون وأتباعهم.من قاموا بالأسباب وتوكلوا على الله عز وجل،وهذا هو طريق الرسل والأنبياء ومن تبعهم بإحسان، فهم يعملون للجنة ويتوكلون على الله،ويعملون في مصالحهم وهم متوكلون على الله، ويجاهدون وهم مستعدون متوكلون، وهؤلاء أهل الحق .”مطويه من دار القاسم”من قوادح التوكل على الله التفات القلب إلى الأسباب وتعلقه بغير الله تعالى التعلق بسبب لا تأثير له كالأموات والغائبين والطواغيت فيما لا يقدر عليه إلا الله اعتقاد أن السبب سواء المشروع أو المحرم فاعل بنفسه دون الله فذلك شرك أكبر . ومما ينافي كمال التوكل الواجب التوكل في الأسباب الظاهرة العادية على أي شخص قادر حي فيما يقدر عليه. الاعتماد على أمر ليس سبباً شرعاً مع اعتقاد أن الضرّوالنفع بيد الله وحده كالتطير والتمائم والتولة .

وهناك الوكالة الجائزة وهي: توكيل الإنسان في فعل ما يقدر عليه نيابة عنه لكن ليس له أن يعتمد عليه في حصول ما وُوكل فيه بل يتوكل على الله في تيسير أمره الذي يطلبه بنفسه أو نائبه . وهناك أمور عدها العلماء منافية لكمال التوكل المستحب كالكي و الاسترقاء. فهناك علاقة بين إثبات النفع والضر لله تعالى من جهة ، والتوكل عليه والاستعانة من جهة أخرى ، فلا يُتصور توكل العبد إلا بمن يعتقد فيه الضر والنفع قال تعالى (قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته قل حسبي الله عليه يتوكل المتوكلون). ومما ينافي التوكل والتوحيد تعليق النجاح بالأسباب فقط .والتطير قادح في التوكل ، وذلك أن المتوكل على الله يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم ليكن ليصيبه قال تعالى (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون) ، و أما المتطير فهو في خوف وفزع دائم الاضطراب والقلق من أمور مخلوقة لا تملك لنفسها ضرا و لانفعاً.قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه اللّه: ( وما رجا أحدٌ مخلوقاً ولا توكل عليه إلا خاب ظنه فيه، فإنه مشرك، قال تعالى:وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ [الحج:31وأما من وكل أموره لغير اللّه، وتعلق قلبه به، فهو مخذول غافل عن ربه جل وعلا عن ابن مسعود رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:” من أصابتْه فاقة فأنزلها بالناس لم تُسدَّ فاقته ، ومن أنزلها بالله فيوشك الله له برزق عاجلٍ أو آجل”

ميثه مفتاح الشامسي

الامارات العربية المتحدة

3-5-1431هـ


شارك المحتوى: