المجموعة (913)


يقول السائل: زوجي قال: لو تخرجين من البيت لابسة بنطالًا تكونين طالقًا، فما الحكم؟

الجواب:
قد ذهب علماء المذاهب الأربعة بل حكاه أبو ثور وغيره إجماعًا على أن الطلاق المعلق يقع طلاقًا، كحال هذه السائلة، وهو أن يقول الزوج: لو فعلتِ كذا -مُهددًا زوجته- لو فعلتِ كذا لكنتِ طالقًا، فإن هذا عند هؤلاء تكون المرأة طالقًا، سواء أراد الطلاق أو لم يُرد الطلاق، لأن لفظ الطلاق يختلف عن غيره، فإن ثلاثًا جُدهن جد وهزلهن جد، ومنه الطلاق. فلذا أمر الطلاق عظيم.

وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنه يُفرق بين من يقول ذلك على وجه التهديد لا على وجه رغبة الطلاق، وإن قاله على وجه التهديد والمنع فلا يقع طلاقًا بخلاف إذا أراد به الطلاق، لكن القول الأول هو الأسلم وهو الذي عليه الأولون، وحكاه أبو ثور وغيره إجماعًا.

فلذا الأمر شديد، فينبغي للرجال أن يتقوا الله، وألا يجعلوا الطلاق سببًا لتحصيل مرادهم من منع أو فعل أو غير ذلك، بل يجعل الطلاق لما شُرع له وهو للفراق، لا لأمثال هذه الأمور، فلذا الذي يظهر لي -والله أعلم- أن هذه المرأة إذا خرجت فهي قد طُلقت، فإن كانت الطلقة الأولى فتعتد، فلزوجها أن يُرجعها ما دامت في العدة، ويُشهد على ذلك رجلين ويُرجعها، وإذا قُدر أنها قد طُلقت قبل فهذه هي الطلقة الثانية، وإذا قدر أنها قد طُلقت قبلُ طلقتين فهذه هي الطلقة الثالثة وتكون بائنًا فلا تحل لزوجها إلا أن ينكحها زوج آخر، كما قال تعالى: ﴿ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 230] والله أعلم.

يقول السائل: هل يجوز جمع الصلاة مثل المغرب والعشاء عند الوباء، كي ينقص اجتماع الناس؟

الجواب:
الجمع حكم شرعي، والأصل في الصلوات أن تُصلى في أوقاتها، كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً ﴾ [النساء: 103] ولا يوجد في الأدلة الشرعية فيما أعلم ما يُجيز الجمع للوباء وأمثاله، وإنما جاءت الأدلة بالجمع للمطر وللسفر والمرض، ونحو ذلك، أما الجمع للوباء فلا أعلم دليلًا شرعيًا يدل على ذلك.

لذا من كان مريضًا فلا يُصلي مع المسلمين حتى لا يؤذيهم، ومن علم مريضًا يصلي بالمسجد فخشي إذا صلى أن ينتقل إليه المرض فلا يصلي معهم، أما من كان سالمًا ولا يعلم من حال الناس في المسجد إلا أنهم سالمون، فليتوكل على الله وليصل مع المسلمين وليسأل الله سبحانه أن يرفع الضر عنه وعن المسلمين، بما أن الصلوات تُقام في المساجد ولم تُوقف بتوجيه من ولي الأمر.

أسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا، وجزاكم الله خيرًا.

913


Tags:

شارك المحتوى: