المجموعة (911)


يقول السائل: هل يُشرع قنوت النازلة لوباء الكرونا؟

الجواب:
أسأل الله الذي لا إله إلا هو أن يُبعد عن المسلمين هذا الوباء وغيره برحمته وهو أرحم الراحمين.
ينبغي أن يُعلم أن الصحابة -رضي الله عنهم- قد ابتُلوا بطاعون عمواس، وهذا الطاعون قد عم، والطاعون مرض شديد يفتك فتكًا ويموت على إثره المئات، فهو شديد للغاية ومع ذلك بُلي الصحابة به في عهد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ولم يُنقل أنهم قنتوا قنوت النازلة، فدل على أن قنوت النوازل لا تُشرع للوباء والأمراض كالطاعون فضلًا عما هو دونه كالكرونا، وهذا على أصح القولين، وهو المشهور عند الحنابلة وقول عند الشافعية.

وقد ذكر شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله تعالى- قاعدة نفيسة، قال: ما كان من الله كالوباء وغيره فإنه لا يُقنت له، أما ما كان من العباد كأن يعتدي بعضهم على البعض بالقتل كما حصل من الكفار لما قتلوا المسلمين، إلى غير ذلك، فإن هذا يُقنت له.

لذا لا يُقنت لهذا الوباء، وهذا لا يتنافى مع دعاء الله في الصلاة وغير ذلك، بأن يرفعه وأن يُبعده عن المسلمين.

يقول السائل: عندنا بإيطاليا منعوا صلاة الجمعة لانتشار مرض الكرونا، فهل نصلي ببيوتنا؟

الجواب:
صلاة الجمعة إنما تُشرع في الأماكن العامة، فإنها شعيرة، لذا أجمع السلف على أنها لا تُصلى في السجون، ذكر الإجماع ابن رجب -رحمه الله تعالى- في شرحه على البخاري، وذكر آثارًا عن السلف في ذلك، وقد رواها ابن أبي شيبة وغيره، وقد أفتى جمع من علمائنا أن صلاة الجمعة لا تُشرع في السجون، فلذلك هي إنما تُشرع في الأماكن العامة.

فعلى هذا إذا مُنع المسلمون من صلاة الجمعة سواء لمرض الكرونا أو لغيره فإنهم إذا امتنعوا عن الصلاة لا يُصلون ببيوتهم، بل يصلونها ظهرًا وهم معذورون ولله الحمد.

يقول السائل: بعض الناس في السعودية فيهم خوف من كرونا، فيريد ألا يُصلي الجمعة، هل يجوز له؟

الجواب:
ينبغي أن يكون المسلم ذا تقوى ويقين وحسن ظن بالله سبحانه وتعالى، وهذا المرض أسأل الله أن يرفعه عن المسلمين- ولله الحمد- لم يصل إلى حد أن يكون مرضًا قتَّالًا كالطاعون وغيره، فلذلك يفعل المسلم الأسباب الشرعية والكونية للوقاية منه، لكن لا يُبالغ في ذلك، فيصلي الجمعة مع المسلمين، ويسأل الله أن يرفع عنه وعن المسلمين أجمعين ولا يُبالغ في فعل الأسباب فيترك صلاة الجمعة وصلاة الجماعة.

إلا من كان مبتلى بهذا المرض فيخشى من صلاته أن يُؤذي المسلمين، فهذا أمر، أما رجل لم يُبتل ولله الحمد فإن مثل هذا ليس مانعًا، بل لا يكون سببًا لجواز ترك صلاة الجمعة، وهو ولله الحمد لم يكون ظاهرة فضلًا أن تُترك من أجله صلاة الجمعة، فهو وإن كان موجودا إلا أنه قليل للغاية، ثم هذا المرض ليس قتَّالًا ولله الحمد، أسأل الله أن يُبعده عن المسلمين، وأن يجمع شملهم على التوحيد والسنة.

واعلموا أن طاعة الله من صلاة الجمعة والجماعات وغير ذلك من الطاعات سبب عظيم لرفع هذا البلاء، ثم من ذلك حسن الظن بالله وأن يكون الإنسان مطمئنًا، لأن الفزع والخوف قد يُسبب أضرارًا أشد من هذا المرض.

أسأل الله أن يُعافينا وإياكم أجمعين وأن يُبعد عن المسلمين هذا الوباء إنه الرب الرحيم، وجزاكم الله خيرًا.

911_N


شارك المحتوى:
0