المجموعة (1067)


يقول السائل: ما الفرق بين التوحيد والإخلاص؟ وإذا كان الإخلاص فعل العبد فكيف سميت سورة الإخلاص وهي تصف الله؟

الجواب:
الإخلاص أشمل من التوحيد، فإنَّ الإخلاص يُطلق على أحد أمرين:
الأمر الأول: ما يُقابل الشرك، وهو بمعنى التوحيد وهو إفراد الله بما يختص به.
الإطلاق الثاني: ما يُقابل الرياء وإرادة الإنسان بعمله الدنيا، وهو أن يكون دافع عمله لله وحده سبحانه.

فإذن الإخلاص أشمل، يُطلق على التوحيد ويُطلق على ما هو ضد الرياء وإرادة الإنسان بعمله الدنيا.

أما سورة الإخلاص وهي ﴿قل هو الله أحد﴾ فهي سورة التوحيد، فأُطلق الإخلاص هنا بما يُقابل الشرك، أي بالمعنى العام، أي بمعنى التوحيد، وهو إفراد الله بما يختص به -والله أعلم-.

يقول السائل: هل ساب الدين والرب يكفر بمجرد سبه أم أنه لابد من استيفاء الشروط وانتفاء الموانع؟

الجواب:
السبُّ والاستهزاء كفرٌ في ذاته، فهو كفرٌ بدلالة الكتاب والسنة والإجماع، كما قال سبحانه: ﴿لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم﴾، وكما في سبب نزول هذه الآية في قصة عوف بن مالك -رضي الله عنه- مع الرجل المنافق الذي سبَّ النبيَّ ﷺ والصحابة الكرام، والإجماع حكاهُ كثيرون كالإمام إسحاق بن راهويه، وابن المنذر، وسحنون، وابن تيمية، وغيرهم من أهل العلم، وقد بسط الكلام على هذا شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه (الصارم المسلول).

فهو كفرٌ في نفسه، وكفر مُخرج من الملة، والشروط والموانع تختلف، إن كان إكراهًا فإنَّ الإكراه الصحيح عذرٌ في عدم كفر الساب والمستهزئ، كما في قوله تعالى: ﴿من كفر بالله بعد إيمانه إلا من أُكره وقلبه مطمئن بالإيمان﴾ فإنَّ الآية نزلت في قصة عمار لما أُكره على سبّ النبيِّ ﷺ، رواه عبد الرزاق.

إلى آخر الشروط والموانع، فالشروط والموانع تختلف، إن كان الإكراه فهو عذرٌ، وإن كان سبق لسان لم يُرد القول وإنما أراد أن يقول قولًا فقال قولًا آخر هو سب، وهو لا يريده وإنما حصل له من باب سبق اللسان، كما في الصحيحين واللفظ لمسلم من حديث أنس -رضي الله عنه- أنَّ النبي ﷺ ذكر الرجل، ثم قال: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح. فهذا سبق لسان فلا يكفر به صاحبه.

أما الجهل فإنه ليس عذرًا، لو أنَّ رجلًا يعلم أن كلامه سبٌّ واستهزاء لله سبحانه أو لنبيه أو لدين الإسلام، لكنه يجهل أنه كفر مع علمه أنَّ الكلام نفسه سبّ، وسبَّ، فإنَّ الجهل ليس عذرًا؛ لأنه لا يجتمع تعظيم الله ومحبته وإجلاله مع سبه والاستهزاء به، فمثل هذا لا يُعذر فيه بالجهل.

فإن قيل: ما الفرق بين هذا وبين من قال من العلماء إنَّ من صرف عبادة لغير الله فيُعذر بجهله إن كان جاهلًا؟

يُقال: الفرق بينهما أنَّ من صرف عبادة لغير الله قد يُتصوَّر فيه الجهلة وقد يُتصوَّر أنه يريد التنزيه والتعظيم، فيقول: لست أهلًا لأن أُقبلَ على الله مباشرة وأنا مذنب وأنا مُقصِّر فأحتاج أن أفزع إلى الأولياء، إلى غير ذلك، بخلاف السب فهذا لا يُتصوَّر فيه، وقد سبق وفصلت هذا في أجوبة سابقة بتفصيل أطول، فمن شاء المزيد فليرجع، وقد أشار لهذه المعاني الإمام ابن القيم -رحمه الله تعالى- في كتابه (الجواب الكافي)، والشيخ سليمان بن عبد الله -رحمه الله تعالى- في شرحه على كتاب التوحيد، باب من هزل بشيء فيه ذكر الله أو القرآن.

أسأل الله أن يعلما ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا، وجزاكم الله خيرًا.

1067


شارك المحتوى: