السمع والطاعة بين السرورية والسلفية


السمع والطاعة بين السرورية والسلفية

( رد على عبد العزيز آل عبداللطيف )

بسم الله الرحمن الرحيم

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته …………….. أما بعد ،،،

فإن الخلل في باب السمع والطاعة وتكفير الحكام والولاة بغير حق هي نتيجة أول بدعة وقعت في الأمة وتحزبت عليها طائفة، وهي بدعة الخوارج كما صرح بأنهم أول فرقة بدعية خرجت في الإسلام شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه الاستقامة ومجموع الفتاوى، وابن كثير في تفسيره، وابن رجب في جامع العلوم والحكم .

وإننا نعيش مما يقرب من عشرين سنة من حرب الخليج الثانية ( وهي اعتداء صدام على دولة الكويت والسعودية ) آثار الخلل في هذا الأصل أصل السمع والطاعة لولاة أمور المسلمين .

فقد كان للسروريين والقطبيين منذ أن تكوّن حزبهم عام 1392هـ تقريباً – وكان منشأه في السعودية بالرياض على يد محمد سرور زين العابدين – الذي أقر في لقاء معه بأن عنده تنظيماً في السعودية وغيرها – ، ومعه بعض الشباب السعوديين – أثرٌ كبير في الإخلال بأصل السمع والطاعة الذي هو من أصول معتقد أهل السنة، كما هو مقرر في أكثر كتب الاعتقاد: كأصول السنة للإمام أحمد، والشريعة للآجري، والإبانة الكبرى والصغرى لابن بطة، وشرح أصول السنة للبربهاري، وعقيدة السلف وأصحاب الحديث لأبي عثمان الصابوني، ولمعة الاعتقاد لابن قدامة، ثم العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية إلى كتب أخرى كثيرة وكثيرة .

وخلاصة معتقد أهل السنة أنهم يقررون ما قررته الأدلة من القرآن والسنة وما فهم الصحابة والتابعون لهم بإحسان من السمع والطاعة للحاكم المسلم في غير معصية الله ولو متغلباً فاجراً أو فاسقاً مظهراً لفسقه بشرب الخمر وغير ذلك ما دام مسلماً ، ويعتقدون أن في أعناقهم بيعة لهم ومن نزعها ومات مات ميتة جاهلية ولقي الله لا حجة له ، ولا يناسب في مثل هذا المقال المختصر نقل نصوصهم في ذلك، لكن تجد بعض كلمات أئمة السنة في ردي المسموع على الدكتور عبد العزيز آل عبد اللطيف – هداه الله – ( البيان والإذاعة لإضعاف عبد العزيز آل عبد اللطيف لأصل السمع والطاعة )

http://islamancient.com/play.php?catsmktba=312

ومن الأطروحات الغريبة التي هي دخيلة على منهج أهل السنة المقالان اللذان أخرجهما الدكتور عبد العزيز آل عبد اللطيف الأول ضوابط ومسائل في الطاعة والثاني مقدمات في مسائل الطاعة .

وقرر في هذين المقالين تقريرات سيئة يُتألم كثيراً أن تصدر من دكتور في العقيدة قد أبرز في هذه السنيات في قناة المجد الفضائية شارحاً للعقيدة الطحاوية ( وهذا ليس غريباً على قناة المجد الفضائية عند من يعرفها ) وهو يدرس العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود والتي شهدت بعد تولي زمامها معالي الدكتور سليمان أبا الخيل – وفقه الله لهداه – إصلاحاً كبيراً في العمران والأنظمة وأهم من ذلك كله تمكين دعاة الحق الذين هم على ما عليه علماء وحكام دولة التوحيد والسنة ( السعودية ) – حرسها الله – ، وإضعاف أهل الباطل من السروريين والإخوانيين ومن تأثر بهم وإن كانت لم تتخلص الجامعة منهم بعد ، ولكنها – إن شاء الله – في طريق الخلاص منهم لأجل نصرة منهج أهل السنة الذي قامت عليه هذه البلاد المباركة .

وتقريرات الدكتور آل عبداللطيف السيئة إما أنها حق لكن أريد بها باطل أو أنها في أصلها تقريرات باطلة أشبه بأصول الخوارج والمعتزلة .

ومن تقريراته الصحيحة التي أريد بها باطل أنه لا طاعة مطلقة إلا للرسل عليهم السلام . وهذا حق لكن إدخال هذا في ضوابط وصفها بأنها مهمة واستخلصت من استقراء كلام جميل للعلماء المحققين – كما يقول – يشير أن هناك من يقول من أهل العلم – سواء كانوا علماء أو طلاب علم – إنه يسمع ويطاع للحاكم في غير معصية، لذا احتاج إلى بيانه وإفراده مع المهمات مع أنه من البدهيات ، وهذا بهتان ويشهد الله في علاه أني لا أعرف هذا – أي السمع والطاعة حتى في المعصية – عن رجل من أهل العلم أو حتى من العوام المنتسبين إلى الخير والتدين .

وكم رمى السروريون أهل السنة ( السلفيين ) بهذا لينفروا الناس عن سماع تقريراتهم السنية في أصل السمع والطاعة خلافاً لتأصيلاتهم البدعية.

وكلام أئمة السلف كثير في السمع والطاعة لولي الأمر المسلم في غير معصية الله ، ومن ولاة الأمور خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز -نصر الله به السنة – .

أما من تقريراته الباطلة أنه لا طاعة لجهلة الحكام إلا فيما يعلم أنه سائغ شرعاً وهذا على تقرير الدكتور له هو أشبه بأصول المعتزلة والخوارج منها بأصول أهل السنة وهذه الأصول الفاسدة هي أصول السروريين في هذا الأصل – نسأل الله العافية – .

وما نقله آل عبد اللطيف من كلام ابن تيمية في تعضيد كلامه راجع إلى فهمه الخطأ لكلام إمام السنة ابن تيمية – رحمه الله –

وقد رأيت الدكتور عبد العزيز آل عبد اللطيف – هداه الله – ينقل نقولات كثيرة عن أهل العلم يفهمها فهماً خطأ حتى رأيتها سمة ظاهرة له ، كما وضحت ذلك في درس لي بعنوان ( الحكم بغير ما أنزل الله ومناقشة الدكتورين المحمود والعبداللطيف )

الأول/ http://islamancient.com/play.php?catsmktba=51

الثاني/ http://islamancient.com/play.php?catsmktba=49

الثالث/ http://islamancient.com/play.php?catsmktba=50

وذلك – والله أعلم – يرجع إلى أمرين:

الأول / أن الرجل لم يطلب العلم عند أهل العلم والعلماء بل ومعروف عنه أنه لم يدرس عند عالم واحد كما صرح هو بذلك عن نفسه .

الثاني/ أن الرجل كثيراً ما يعتقد ثم يستدل ، ومن كان كذلك أخطأ وزل وعن جادة أهل العلم ضلّ – أسأل الله لي وله الهداية –

ونتيجة لتأصيلاته المبتدعة في أصل السمع والطاعة وغلوه في مسألة الحاكمية ، أصبح لا يرى دولة مسلمة ، لذا يتمنى أن يرى ولاية فاجرة تعليقاً على قول الخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه : لابد للناس من إمارة برة كانت أو فاجرة . قال: لكن في مثل هذه الأزمنة لا تكاد تعرف الإمارة الفاجرة فضلاً عن البرة والله المستعان ا.هـ[1]

وهذا شامل للدولة السعودية وإلا لاستثناها حتى لا يفهم أنه يريدها ، ثم مما أحب أن أنبه عليه وهذا مهم للغاية في معرفة طرائق الحزبيين الماكرة – وقد بينته في درس لي ينزل قريباً بإذن الله بعنوان ( أقوال ناصر العمر عرض ونقد ) – أن كثيراً من السروريين وأهل الأهواء في هذا الزمن يتكلم كلاماً يفهم منه غيره – لاسيما من شرب من مشربه – أنه يعمم ويريد الدولة السعودية أو علماءها وحكامها لكن يأتي ببعض الألفاظ التي تجعل له مخرجاً عند المحاقة والمحاكمة ، ومن أمثلة ذلك قول الدكتور آل عبد اللطيف ( لا يكاد ) حتى إذا حاقّه أحد من المسؤولين أو غيرهم قال: قد قلت ( لا يكاد ) فلم أعمم . ومثل هذا لا ينطلي على العقلاء ومن عرف حالهم ومكرهم لأنه يقال: لو أردت استثناء الدولة السعودية لأبنت ذلك ، ولعرف عنك في دروسك ومقالاتك وكتبك الدفاع عن الدولة السعودية لاسيما عند انتشار الطعن فيها خصوصاً وحكام العالم الإسلامي عموماً من الخوارج التفجيريين والمتأثرين بمنهج الخوارج من السروريين وشبابهم الذين تربوا تحت أيديهم .

ومن قبل حادثة جهيمان (1400هـ) – أي قبل ثلاثين سنة – والسروريون والإخوانيون والجهيمانيون ساعون في الإخلال بأصل السمع والطاعة لحاكم دولة التوحيد والسنة ( السعودية ) خصوصاً وبقية الحكام المسلمين عموماً .

وقد استطاع الإخوانيون والسروريون إيصال تأصيلاتهم البدعية في هذا إلى عامة الناس بدءاً بالشباب إلى كبار السن من الرجال والنساء باستغلال عواطف الناس الدينية مع قلة علمهم الشرعي بالتشهير بالمنكرات العامة وأخطاء الولاة – التي أكثرها افتراء – تماماً كما قال عبدالله بن سبأ اليهوديلأتباعه:” ابدءوا فِي الطعن على أمرائكم، وأظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ تستميلوا الناس، وادعوهم إلَى هذا الأمر “([2]).

وكان من طريقتهم استغلال حب الناس لأهل الخير وللخير فأفسدوهم في المدارس النظامية عن طريق جماعة التوعية الإسلامية وغيرها من المناشط اللاصفية والصفّية .

وعن طريق تنظيماتهم في كثير من مكتبات المساجد قديماً ثم بعد ذلك حولت إلى حلقات تحفيظ القرآن فاستغلوا حب الناس للقرآن بأن جعلوا حلقات تحفيظ القرآن محاضن لتنظيماتهم الحركية الحزبية البدعية ، وأنا واحد من مئات ألوف الشباب المسلم الذين حاولوا إفسادي بتنظيماتهم البدعية باسم مكتبات المساجد قديماً أو باسم حلقات تحفيظ القرآن حديثاً ، ولولا رحمة الله وفضله وأن منّ عليّ بأخوة ومشايخ سلفيين أنقذوني من براثين حزبيتهم فله الحمد من قبل ومن بعد .

وحذارِ أن يفهم أحد أني أحذر من جماعات التوعية الإسلامية في المدارس النظامية أو حلقات تحفيظ القرآن في المساجد بل وأيم الله إني لأراها من المحاسن العظيمة ، لكن حكيت واقع استغلال دعاة السوء لكثير من هذه المناشط الطيبة النافعة ، وأخشى بسبب استغلالهم لها استغلالاً سيئاً أن يتسببوا في إقفالها كما تسببوا في إقفال كثير من مناشط الخير فالباغض لهذه المناشط حقاً والمعادي لها صدقاً هو المتسبب في إغلاقها لا الناقد لها نقداً بناء كي تصلح ويستمر بقاؤها .

ومع شدة اللبس في مسألة السمع والطاعة عند الناس بسبب ما تقدم ذكره إلا أنه كتب غير واحد كتابات على أصول أهل البدع في هذه المسألة فزادوا اللبس والتخبط لبساً وتخبطاً كما كتب الدكتور عبدالله الطريقي كتابه ( طاعة أولي الأمر ) والدكتور عبدالله الدميجي في كتابه ( الإمامة العظمى )

وقد رددت على بعض ما فيها في كتاب ( كشف الشبهات العصرية عن الدعوة الإصلاحية السلفية )

http://islamancient.com/play.php?catsmktba=976

ودرس ( الحكم بغير ما أنزل الله ومناقشة الدكتورين المحمود والعبداللطيف )

ومما ينبغي أن يعلم أن كثيراً من السروريين ومن تأثر بهم إذا رد على أناس حركيين وما أقله مع كثرة سوئهم – ألان لهم الجانب وتميع بخلاف مواقفه مع السلفيين ، فتراه يشتد ويلقبهم بألقاب سوء ويبغي بغياً ظاهراً ويجتهد متكلفاً في إلحاقهم بفرق الباطل كما في رد الدكتور آل عبد اللطيف على سلمان العودة في إضعافه لعقيدة البراء من الكفار مع طوامه الكبيرة الكثيرة وقد جمعت بعض ذلك في درسين :

1/ بين سلمان العودة وعلي الجفري

http://islamancient.com/play.php?catsmktba=52

2/ سلمان العودة بين التيسير والتشديد والمذمومين

http://islamancient.com/play.php?catsmktba=230

ولا يزال العودة مستمراً في سوئه وإفساده ، وفي الجمعة الماضية 22/ 1/ 1431هـ في برنامج ( الحياة كلمة ) جوّز اجتماع المسلمين مع الكفار في أعيادهم ، وهذا أشد من تهنئة الكفار بأعيادهم وهو مجمع على تحريمه كما حكاه الإمام ابن القيم . وجوز قبل ذلك الأعياد المحرمة كالعيد الوطني وعيد الميلاد وعيد الزواج ، ورددت على هذا في مقال بعنوان ( حقيقة الأعياد بين الحل والتحريم ) ، وجوّز النظر إلى النساء المتبرجات في القنوات الإخبارية إذا لم يجد الناظر في نفسه شهوة وميلاً إليهن إلى غير ذلك من طوامه ومزالقه وبدعه العقدية.

وفي مقابل هذا الرد اللين على سلمان العودة يظهر آل عبد اللطيف الطعن الشديد في السلفيين المنكرين على السروريين طعنهم في الحكام وغلوهم في مسألة الحاكمية بوصفهم بأنهم مرجئة ، ولو طلب منه البرهان والتدليل الدال على أنهم مرجئة بوصف الإرجاء المعروف من إخراج العمل من الإيمان أو حصر الكفر في التكذيب لم تر إلا تكلفات ولوازم متوهمات ، فالحمد لله الذي نجى أهل السنة من بغيهم وظلمهم عند المحاقة والمجادلة .

وقد أبنت كثيراً من أصول المرجئة المبتدع والفرق بينهم وبين أهل الحق أهل السنة في كتاب بعنوان ( الإمام الألباني وموقفه من الإرجاء )

http://islamancient.com/play.php?catsmktba=983

ودرس بعنوان ( الإيمان عند أهل السنة ومخالفيهم )

http://islamancient.com/play.php?catsmktba=74

ودرس بعنوان ( مقدمة في الإيمان عند أهل السنة )

http://islamancient.com/play.php?catsmktba=583

ودرس بعنوان ( التحذير من فتنة الإرجاء )

http://islamancient.com/play.php?catsmktba=672

ومقال بعنوان ( كفر الساجد للصنم وبوذا )

http://islamancient.com/play.php?catsmktba=3028

وإني في ختام هذا المقال لأدعو أهل العلم من أهل السنة أن يشمروا ساعد الجد في الرد على المبتدعة في كتب ومقالات ودروس مسموعة قياماً بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، قال تعالى ( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ) ، وليتابعوا في ذلك سلفهم الأوائل ، قال الإمام ابن تيمية: فالراد على أهل البدع مجاهد حتى كانيحيى بن يحيى ” يقول : ” الذب عن السنة أفضل من الجهاد ” ا.هـ[3]

وقال أبو زرعة : واعلم أن هذه الطوائف كلها مجمعة على بغض أحمد بن حنبل لأنه ما من أحد إلا وفي قلبه منه سهم لا برء له ا.هـ[4]

وأخرج ابن وضاح أن أسد بن موسى كتب إلى أسد بن الفرات : « اعلم أي أخي أنما حملني على الكتاب إليك ما ذكر أهل بلادك من صالح ما أعطاك الله من إنصافك الناس وحسن حالك مما أظهرت من السنة ، وعيبك لأهل البدعة، وكثرة ذكرك لهم ، وطعنك عليهم ، فقمعهم الله بك ، وشد بك ظهر أهل السنة ، وقواك عليهم بإظهار عيبهم والطعن عليهم ، فأذلهم الله بذلك ، وصاروا ببدعتهم مستترين ، فأبشر أي أخي بثواب ذلك ، واعتد به أفضل حسناتك من الصلاة والصيام والحج والجهاد ، وأين تقع هذه الأعمال من إقامة كتاب الله وإحياء سنة رسوله ؟ … ا.هـ

أسأل الله أن يجمع أهل السنة ويقويهم في دينهم وعلى أهل البدع إنه سميع مجيب ,

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كتبه

عبد العزيز بن ريس الريس

المشرف على موقع الإسلام العتيق

http://www.islamancient.com

24/ 1 / 1431هـ

[1] في مقاله الثاني ( مقدمات في مسائل الإمامة )

([2]) تاريخ الرسل لابن جرير الطبري (4/340).

[3] مجموع الفتاوى (4 / 13)

[4] طبقات الحنابلة (1/199)


شارك المحتوى: