الرد على قنوات ودعاة الفتنة ( لا تدفعوا غضب الله بغضب الله)


بسم الله الرحمن الرحيم

الرد على قنوات ودعاة الفتنة

( لا تدفعوا غضب الله بغضب الله)

_______________________________________________

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد, وعلى آله وأصحابه أجمعين, أما بعد:

فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن الفتن, أعاذنا الله منها وعموم المسلمين, كقوله صلى الله عليه وسلم: « سَتَكُونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ, وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي, وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي, مَنْ تَشَرَّفَ لَهَا تَسْتَشْرِفُهُ, وَمَنْ وَجَدَ فِيهَا مَلْجَأً فَلْيَعُذْ بِهِ » متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وغيره.

وعن حذيفة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:” تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا, فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ, وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ, حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ, عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا فَلاَ تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ, وَالآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا لاَ يَعْرِفُ مَعْرُوفًا وَلاَ يُنْكِرُ مُنْكَرًا إِلاَّ مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ». رواه مسلم .

وفي رواية عند مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: « بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا, أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا ».

وفي رواية عند البخاري ومسلم من حديث أبي بكرة: « إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتَنٌ, أَلاَ ثُمَّ تَكُونُ فِتْنَةٌ, الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي فِيهَا, وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي إِلَيْهَا, أَلاَ فَإِذَا نَزَلَتْ أَوْ وَقَعَتْ؛ فَمَنْ كَانَ لَهُ إِبِلٌ فَلْيَلْحَقْ بِإِبِلِهِ, وَمَنْ كَانَتْ لَهُ غَنَمٌ فَلْيَلْحَقْ بِغَنَمِهِ, وَمَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَلْحَقْ بِأَرْضِهِ ». قَالَ: فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِبِلٌ وَلاَ غَنَمٌ وَلاَ أَرْضٌ قَالَ: « يَعْمِدُ إِلَى سَيْفِهِ فَيَدُقُّ عَلَى حَدِّهِ بِحَجَرٍ ثُمَّ ليَنْجُ إِنِ اسْتَطَاعَ النَّجَاءَ, اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ, اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ, اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ ». قَالَ فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ أُكْرِهْتُ حَتَّى يُنْطَلَقَ بِي إِلَى أَحَدِ الصَّفَّيْنِ أَوْ إِحْدَى الْفِئَتَيْنِ فَضَرَبَنِي رَجُلٌ بِسَيْفِهِ أَوْ يَجِيءُ سَهْمٌ فَيَقْتُلُنِي؟ قَالَ: « يَبُوءُ بِإِثْمِهِ وَإِثْمِكَ وَيَكُونُ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ».

و عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ : ” تَكُونُ فِتَنٌ عَلَى أَبْوَابِهَا دُعَاةٌ إِلَى النَّارِ ، فَأَنْ تَمُوتَ وَأَنْتَ عَاضٌّ عَلَى جِذْلِ شَجَرَةٍ ، خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَتْبَعَ أَحَدًا مِنْهُمْ “. رواه أبو داود، والنسائي في الكبرى, وابن ماجه واللفظ له وصححه الإمام الألباني رحمه الله في الصحيحة.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه, عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:” أظلتكم فتن كقطع الليل المظلم, أنجى الناس منها صاحب شاهقة يأكل من رسل غنمه, أو رجل من وراء الدروب آخذ بعنان فرسه يأكل من فيء سيفه”

أخرجه الحاكم وصححه الإمام الألباني رحمه الله في الصحيحة.

وبين عليه الصلاة والسلام الموقف الصحيح للمؤمن عند حدوث هذه الفتن؛ فقال عليه الصلاة والسلام : ” تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلأَمِيرِ, وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ؛ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ ». رواه مسلم.

وعن حذيفة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم:” فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ “. متفق عليه

وقَالَ عليه الصلاة والسلام في شأن الفتن التي بين المسلمين: « يَعْمِدُ إِلَى سَيْفِهِ فَيَدُقُّ عَلَى حَدِّهِ بِحَجَرٍ ثُمَّ ليَنْجُ إِنِ اسْتَطَاعَ النَّجَاءَ, اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ, اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ, اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ ». رواه مسلم.

وقال عليه الصلاة والسلام: « سَتَكُونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ, وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي, وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي, مَنْ تَشَرَّفَ لَهَا تَسْتَشْرِفُهُ, وَمَنْ وَجَدَ فِيهَا مَلْجَأً فَلْيَعُذْ بِهِ ». متفق عليه

ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع السلاح في الفتنة, وأكد عليه الصلاة والسلام على السمع والطاعة لولاة الجور؛ لما في بقائهم من المصالح العامة للأمة, وفي الخروج عليهم من المفاسد العظيمة, كقوله :” اسْمَعَ وَأطِيعَ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا مُجَدَّعَ الأَطْرَافِ ” رواه مسلم والبخاري في الأدب المفرد.

وقوله :” اسمع وأطع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك”.

وكان يبايع الناس على السمع والطاعة مع الأثرة, كما في حديث عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي الْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ, وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ, وَأَنْ نَقُومَ أَوْ نَقُولَ بِالْحَقِّ حَيْثُمَا كُنَّا لَا نَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ”. رواه البخاري ومسلم.

وذلك لحفظ بيضة الأمة وقوتها, وإلا كيف يتصور قول النبي صلى الله عليه وسلم: ” اسْمَعَ وَأطِيعَ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا مُجَدَّعَ الأَطْرَافِ “؛ بأن هذه الوصية لصالح هذا العبد الناقص الأعضاء, بل هو ورب البيت لصالح هذه الأمة, لأن بقاءها متماسكة آمنة مع وجوده على ما فيه من العيوب خير لها من انفلاتها وتناحرها وتفرقها, وتسلط شرارها على خيارها عند فقده.

وكما قيل:( إذا غاب السلطان خرجت الفويسقة, واستنسر البغاث, واستأسد الثعلب ).

ولكن خلفت خلوف أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله :” إِنَّ اللَّهَ لا يَنْزِعُ الْعِلْمَ بَعْدَ أَنْ أَعْطَاكُمُوهُ انْتِزَاعًا, وَلَكِنْ يَنْتَزِعُهُ مِنْهُمْ مَعَ قَبْضِ الْعُلَمَاءِ بِعِلْمِهِمْ فَيَبْقَى نَاسٌ جُهَّالٌ يُسْتَفْتَوْنَ فَيُفْتُونَ بِرَأْيِهِمْ فَيُضِلُّونَ وَيَضِلُّونَ” متفق عليه.

فأخذوا يؤججون الفتنة ويدعون للثورة وينادون بها ويحثون عليها, حتى قال القرضاوي: ( من لم يتظاهر فهو آثم), ورد بعضهم على سماحة المفتي عندما حرمها.

وقال الآخر: ( أنا أناديكم من ميدان التحرير ).

وقال الآخر: ( أحيي الثورة المباركة) _ وأي بركة في الثورة_.

وقال الآخر: (أطعموا شعوبكم قبل أن تأكلكم!).

فاتفق غالب الحزبيين والحركيين والمفكرين والليبراليين على إحياء هذه الجذوة الملتهبة في بلاد الإسلام و مأرز السنة والمآذن, حتى مزقوهم كل ممزق, وأفرحوا أعداء الملة بضعف الأمة, فإنا لله وإنا إليه راجعون.

وهذه الخلوف تملي على الأمة جهلها وضلالها وآراءها الفاسدة, وزبالة أفكارها الخالية من الشرع , فأطاعتهم الدهماء والغوغاء وأهل الفوضى, فساروا كقطعان البهائم في أسواقهم ينادون بسقوط سلاطينهم, وتفريق شملهم وخراب بيوتهم بأيديهم, حتى حصل لهم ما أرادوا, ولما أفاقوا فإذا هم كقول القائل:

ستعلمن إذا انجلى الــــغبارُ أفـرسٌ تحـــتــكَ أم حـمارُ

وإذا هم كما قيل: ( للوراء سر ), الدين رق, والأمن انفلت, واللص تسلط, والفقير زاد فقراً, والشرير زاد شراً, فخرج ما ذكر سابقاً؛ خرجت الفويسقة واستنسر البغاث, وزادت مطالب الأعداء عليهم, حتى سمعنا من ينادي بإسقاط المادة الثانية من النظام المصري, وهي كون الإسلام هو مصدر التشريع, وهذه أول المكاسب التي جلبها لنا الثائرون في مصر.

وأثناء متابعتي للأحداث سمعت تصريحات لبعض قادة الإخوان المسلمون الذين كانوا يؤَمل فيهم الخير عند من يجهل حالهم؛ وإذا بـ(عصام العريان ) المتحدث باسم الجماعة يقول لإذاعة الـ( بي بي سي) البريطانية: ( لو حكم الشارع بقبطي _ أي نصراني _ رضينا به).

وإذا جميع من يخرجون بالإعلام ينادون بالحرية والديمقراطية والتعددية, ولم أسمع للشريعة ذكراً.

وإذا بأحد قادة الإخوان يقول عندما قيل له: (لو حكمتم ستغلقون محلات الخمور وما يخالف الشريعة )؛ فقال: ( بل نفتح المصانع).

ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وكل عالِم بالشرع يسمع تصريحات هؤلاء يجدها مخالفة تماماً لشرع الله مباينة له, فلا أدري ما هو الدين الذي سيحكمون به.

وممن ساند هذا الشر المستطير على الأمة [ قناة الجزيرة ] المأجورة لجهات مشبوهة, حيث نصبت العداء للأمة, وزرعت الضغينة في قلوب الناس على سلاطينهم وعلمائهم, منذ تأسيسها وهي تؤجج المشاعر والعواطف بمكرٍ عظيم وخداع جسيم, فالجاهل يغتر بما ينشر من خلالها, والعالم يعلم أنها أسست كتأسيس مسجد الضرار الذي قال الله عز وجل فيه : وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ) [التوبة : 107]

وهي كإبليس عندما جاء لقريش فقال 🙁 وإني جار لكم), كما قال الله عز وجل: (وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ )

فلما وقع الفأس في الرأس, تركتهم فتفرقوا كأيدي سبأ؛ في تونس ومصر وغيرها, ثم أخذت تتوجه لبعض الدول الإسلامية الأخرى, لإنهاء المخطط الذي رسم لها, وقد ساعدتها قناة المجد في ذلك, وإن كانت على حذر في تمرير هذه الأفعال الشنيعة في العالم الإسلامي, وتأجيج هذه الثورات من خلال برامجها.

ومن برامجها المثيرة للشغب والخروج, والتحرك؛ برنامج يديره الموظف بقناة المجد ( فهد السنيدي ), فقد عمل حلقتين من أسوأ حلقات برامجه, وإن كان الغالب على حواراته الغثائية.

فالحوار الأول أجراه مع مفكرين _ هكذا زعموا _ من الإمارات, أو من أحد دول الخليج العربي _الغني الثري الآمن المطمئن _ بتاريخ 26/2/1432 هـ.

وقد بدأ السنيدي بثلاثة أسئلة يتبجح بها ويرفع عقيرته بلا خجل ولا وجل, لعله يحظى بالإثارة الإعلامية كما يقولون, ولكنه حظى بالازدراء عند كل ذي بصيرة.

والأسئلة التي ابتدأ بها:

-لماذا غضب الشارع العربي بعد سنوات من القمع الذي كان يلقاه ؟

-لماذا غضب الشارع مع وجود سياسات أمنية كانت تهيمن عليه؟

-لماذا غضب الشارع العربي ووسائل إعلامه تتحدث باسم أعلى رمز فيه (قيادات البلاد وباسم الفقراء أنهم يعيشون أهنى عيش) ؟

-هل تحرك الشارع العربي ليقول لكل هؤلاء: لا؟ أم هناك أيد خارجية كما يزعم البعض؟

ومن أقواله وأقوال محاوريه في هذا اللقاء: ( القمع الأمني على مر العصور أثبت أنه لا يجدي نفعاً).

وقال أحد ضيوفه( القاسمي ): المجتمع العربي وصل إلى طريق مسدود, يرى العالم يتقدم, يرى الديمقراطية … إلى أن قال: ينقصها الحرية … القبضة الحديدية حتى الخطباء والمفكرين لا يقولون إلا ما هو مكتوب لهم؛ وانهي شي اسمه فكر, شي اسمه كرامه وحرية للناس…

الناس يساقون بالحديد والنار.

وأصبح الإنسان يخاف من ذكر وزارة الداخلية…

ما حصل هو رفع وانكسار الأسطورة…

الشعب العربي المذلول… )

حتى قال أحد ضيوفه: ( أنا قبل يومين كنت في سويسرا, وجدت أن أغلب رؤساء الأحزاب هم شباب…) يلمز بعض القادة.

قال القاسمي: ( الثالوث المظلم؛ نجد هذا 30 سنة, والآخر 23 سنة _ الانسداد السياسي الرأس, لا أحد يستطيع الوصول إليه_…).

وقال ضيفه المدعو محمد الركن: ( للأسف جميع الدول تقول: الديمقراطية هي الحل. والدول العربية تقول : الأمن هو الحل).

إلى أن قال : ( الشعب كله يتضارب وكل الأصوات خرجت [ الناصريين, والإسلاميين ]_ هكذا قال_, إلى أن قال: بدأنا اليوم نشم الحرية).!؟

ومما قال السنيدي: ( دعني أوضح لك الصورة؛ شعوب جلست 20 سنة على الأغاني, وعندما يسافر القادة ويرجعون نجد الصورة على الثياب واللافتات, وبغمضة عين نرى اللافتة الحقيقية؛ معنى هذا أنهم لا يستطيعوا أن يزرعوا الحب في قلوب الشعب) .؟!

وقال ضيفه محمد الركن: ( الأنظمة الراسخة؛ تجد أنه لا يوجد تزاوج بين السلطة والمال).

السنيدي: ( بينما الآن عيالهم وأقاربهم, وأقارب سيداتهم…).

قال ضيفه القاسمي: ( الآن كلامنا للشباب الذين تحركوا, إن الطريقة التي قمتم بها ومن أجلها فهي هي الطريقة الصحيحة).

إلى أن ختم, اللقاء ضيفه محمد الركن بقوله: ( وما زالت المسيرة مستمرة, والانتفاضة المباركة).

وختم بتحزيب الشعب. فقال: ( وأنا أقول للشعب العربي المبارك ليفرز الآن, من ينحاز إلى الشعب, ومن ينحاز إلى النظام من العلماء والخطباء والمفكرين).

واتفق السنيدي وضيوفه على أن الإعلام الصادق هو [ قناة الجزيرة ].

هذا مقتطف يسير من تلك الحلقة المشؤومة التي خلِيت بتاتاً من كلام الله, ورسوله صلى الله عليه وسلم, وكلام السلف الصالح, وهكذا تكون حلقات أولئك الثوريين, الذين لا يحسنون إلا سفسطة الكلام, والآراء والتحاليل, وزبائل الأفكار.

والمتكلمون الثلاثة يصدق عليهم قول الله عز وجل: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ )

وقد داخلهم أحد الناصحين بكلمة قال فيها كلمة حق, ولكنهم تجاهلوها جميعاً, وذكر لهم مقولة أحد السلف المستمدة من الكتاب والسنة والأثر : (حاكم ظلوم ولا فتنة تدوم).

ولكنهم كانوا في سكرة الهوى, فلم يعلقوا على كلامه مطلقاً؛ بل تجاهلوه وكأنما نقل باطلاً.

وتوالت الأحداث حتى سقطت حكومة مصر, ففرح بذلك كل عدوٍ للسنة, حتى أقامت بعض القنوات الرافضية حفلات احتفالية بسقوط النظام المناهض للرفض والمناصر لقضايا المسلمين على ضعفه.

فتنحى رئيسها حقناً للدماء, وحفظاً للأعراض والأموال واستتباباً للأمن, فعم الفرح أهل الشغب والفوضى, أما العقلاء فأيديهم على قلوبهم, خوفاً على بلد السنة من الانقسامات الطائفية والعرقية وتجاذب الأحزاب وبقاء مصير هذا البلد إلى غائب مجهول لا يعلمه إلا عالم الغيب والشهادة.

وكنت أظن أن المذيع السنيدي ومن كان على شاكلته سيحذرون الأمة الإسلامية من هذا المنزلق الخطير, الذي دخله هذان البلدان الإسلامييان السنييان, ويدعون عقلاءها وعلماءها وحكماءها وشعبها إلى قول الله عز وجل: (وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ )

ويقول الله عز وجل (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ )

وقوله تعالى: (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ )

وقول الله عز وجل : (فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ)

وقول النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه لما شكوا إليه ما يلقوه من أمر المشركين, عن خَبَّاب بن الأرت رضي الله عنه قال:( أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً وَهُوَ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ, وَقَدْ لَقِينَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ شِدَّةً, فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلا تَدْعُو اللَّهَ؟ فَقَعَدَ وَهُوَ مُحْمَرٌّ وَجْهُهُ فَقَالَ :” لَقَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ لَيُمْشَطُ بِمِشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ عِظَامِهِ مِنْ لَحْمٍ أَوْ عَصَبٍ مَا يَصْرِفُهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ وَيُوضَعُ الْمِنْشَارُ عَلَى مَفْرِقِ رَأْسِهِ فَيُشَقُّ بِاثْنَيْنِ مَا يَصْرِفُهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ وَلَيُتِمَّنَّ اللَّهُ هَذَا الْأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ مَا يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ زَادَ بَيَانٌ وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ”. رواه البخاري.

وبما جاء عن السلف الصالح من الصحابة والتابعين وأهل العلم والفضل والدين بالوصية بالصبر على الجور والظلم والأثرة عملاً بوصايا النبي صلى الله عليه وسلم لأمته حتى يستريح بر , أو يستراح من فاجر, كما قال الإمام أحمد, وإذا بأولئك يؤججون الفتنة ويشعلون النار بالأمة ويسعون لتمزيق الوحدة ونشر الفرقة من خلال محاوراتهم المنحرفة ولقاءاتهم المضللة, وإذا هم كما قال القائل:

والمستجير بعمرو عند كربته كالمستجير من الرمضاء بالنار

حيث عقد السنيدي حواراً آخر مع أحد الدكاترة, فخصصوا الحوار لتوجيه شباب الأمة للاستفادة من القتل والسلب والشغب والفوضى التي حلت بتونس ومصر, ولم تؤثر فيهم تلك المناظر المبكية في هذه الدول السنية التي كانت قائمة والتي طال ما مدحوها قبل سقوطها ولم يتأثروا بمجموع المهاجرين من تونس المسلمة طلباً للقمة على شواطئ إيطاليا الكافرة.

وكذلك ظهور الصلبان بجوار القرآن, وأعلام الفتنة في كل مكان, وتلك المناظر القبيحة التي تعرض في الميدان لم تزد هؤلاء إلا إصراراً في الإضلال ودعوة إلى الاختلال, وحثاً للشعوب للخروج على سلاطينهم بكل مكان, ومما جاء في ذلك الحوار المسمى بـ(الإصلاح) وحقه أن يسمى بحوار ( الإفساد والإضلال ), قال السنيدي في مقدمته:

الشأن العربي يعيش حالةً خاصةً بامتياز , صحوة من نوع جديد., شعارات واضحة وجماهير متناغمة ._ قلت: تناغمت على الباطل _, وأنظمة مندهشة _ سماها أنظمة … ولم يخصص _ , احتفل الناس جميعاً, أما ميدان التحرير فبدأت مظاهر الفرح عليه, _ قلت: ولكنها تحولت إلى مظاهر غضب وأسف وندم, لكن بعدما فات الأوان_.

وانتقل الحوار إلى محاوره وضيفه الدكتور ( حسن الحميد) الذي توسمت في مظهره الصلاح وإذا هو يقول: ( والعالم الغربي دخل للديمقراطية بعد تضحيات وتجارب وبنى عليها ديمقراطيات عريقة قامت بفصل السلطات بعضها عن بعض ).

فاعتبروا يا أولى الأبصار ؛ ابن التوحيد والسنة يتفوه بمثل هذا الكلام, مع علمه ما في الديمقراطية من الكفر والإلحاد والزندقة

وقال أيضاً: ( الدول العربية خرجت من الاستعمار إلى عملاء الاستعمار).

وقال السنيدي: ( هناك بعض الإسلاميين ).

إذن هو غير إسلامي ؟؟؟.

وقال الحميد أيضاً ملبساً على العامة والطغام : ( أن ندرك أن الحرية والعدالة هي من أهم قيم الإسلام ويجب أن نتذكر أنهما من حقوق الإنسان أياً كان ولذلك كانت من متعلقات الربوبية وليست من متعلقات الإلوهية).

وقال أيضاً: (أنا أصبحت أنظر إلى الإنسان المصري والتونسي على أنه مختلف , أنا أحترمه).

قلت: يحترمه لأنه أشاع الفوضى والقتل والنهب والسلب , وكثرة الجنائز والإصابات في الشوارع, وبكت الثكالى, وهام الأيتام على وجوههم ولزم الضعيف الخوف.

وقال أيضاً: ( ظهر ما يسمى بعالم السلطان ).

قلت وهذا الهمز واللمز في علماء السلف الذين يعرفون الفتن إذا أقبلت, وهؤلاء لا يعرفونها حتى إذا أدبرت.

وقال أيضاً: ( لو أخذنا اثنين من أفريقيا ووضعناهم في ألمانيا سيخربون, ولو وضعنا ألمان في أفريقيا سيصلحون).

أقول: كم في أفريقيا من صالح تقي تفضله على هؤلاء الكفرة الذين ما حلوا في بلد إلا وحل فيه الشر.

ويقول السنيدي مستهتراً بالإمارة الشرعية: ( في العالم الغربي نسمع بالرئيس السابق والرئيس الأسبق, أما عندنا فالريس الراحل, الرئيس الراحل ).

ثم عقد جلسة ثالثة, فكانت ثالثة الأثافى, تحت عنوان ( أموال العرب إلى أين), وانتهى المطاف إلى كيفية سحب أموال الرؤساء في سويسرا إذا أسقطتهم شعوبهم.

فاستمر الحوار يدغدغ عواطف ضعفاء العقل والسذج والهمج من الرعاع, لإثارتهم عاجلاً أو آجلاً.

وشأن هؤلاء شأن القرضاوي الذي رقص طرباً عند اختلال الأمن في بلده, وحلول الفوضى في مهبط رأسه, وصدق الله القائل: (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ )

وقوله عز وجل: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ )

وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن ظهور أمثال هؤلاء في آخر الزمان ولا شك أن هذا الخبر من دلائل نبوته عليه الصلاة والسلام, ففي الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْزِعُ الْعِلْمَ بَعْدَ أَنْ أَعْطَاكُمُوهُ انْتِزَاعًا وَلَكِنْ يَنْتَزِعُهُ مِنْهُمْ مَعَ قَبْضِ الْعُلَمَاءِ بِعِلْمِهِمْ فَيَبْقَى نَاسٌ جُهَّالٌ يُسْتَفْتَوْنَ فَيُفْتُونَ بِرَأْيِهِمْ فَيُضِلُّونَ وَيَضِلُّونَ”. متفق عليه.

فظهر مصداق قوله عليه الصلاة والسلام .

فهذا يبارك الثورة, وهذا يحيي الثورة, وهذا يؤثم من لا يتظاهر, وهذا يدعو شباب أمته للإقتداء؛ تشابهت قلوبهم فتوافقت مواقفهم ضد هذه الأمة.

ولقد سمعت بأذني من أحد المنتسبين لجماعة الأخوان المسلمين _ وصدق الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله الذي سماهم [ الإخوان المفلسون] _, سمعته يقول:( نرضى بحكم الشارع ولو حكم بحاكم قبطي _ أي نصراني_).

والآخر يقول: ( لو استلمتم الحكم ستقفلون محلات الخمور؟ قال: بل نفتح مصانع لها ).

أما الدعوات والنعرات الجاهلية فحدث ولا حرج, فهل يرجى من هؤلاء إقامة دولة إسلامية؟ وهل يرجى منهم عدل في الرعية؟ أو معرفة للسياسة الشرعية؟.

وصدق النبي صلى الله عليه وسلم القائل: ” كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمْ الْأَنْبِيَاءُ, كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ ,وَإِنَّهُ لا نَبِيَّ بَعْدِي, وَسَيَكُونُ خُلَفَاءُ فَيَكْثُرُونَ. قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: فُوا بِبَيْعَةِ الأَوَّلِ فَالأَوَّلِ أَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ, فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ ” متفق عليه.

وقد تقرر في الشريعة أن الشر لا يدفع بشر أعظم , وأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح, وأن الإصلاح في الإسلام لا يقوم على الفساد, والسابر لأحوال الأمم يجد أنه لم تقم طائفة على سلطانها بحجة الإصلاح إلا وجاءوا بفساد أعظم مما يرجون من الإصلاح .

وهكذا تؤول الأمور إذا تحدث في أمر الأمة السفهاء وسكت العقلاء , كما قال البغدادي :

مــتــى يـصـل العـطاشـى إلى ارتــواء إذا استــــقـــت الــبحـــارُ من الركايا

ومــن يُــثــنــي الأصاغــرَ عــن مــراد وقــــد جلـــــس الأكـابـرُ في الزوايــا

وإنّ تــــــرفــع الـوضـــعــاء يـــــومــــا عـلـى الرفـعـاء مـــن إحـدى الـرزايــا

إذا اســتـوت الأســــافــلُ والأعــالـــي فـقــد طـــابـت مـــنــادمــة المـــنـايـا

وصدق شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة (4/187) حيث قال: ( الفتنة إذا وقعت عجز العقلاء فيها عن دفع السفهاء فصار الأكابر رضي الله عنهم عاجزين عن إطفاء الفتنة وكف أهلها وهذا شأن الفتن كما قال تعالى: (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة). وإذا وقعت الفتنة لم يسلم من التلوث بها إلا من عصمه الله).

لذا على علماء الأمة وحكمائها أن يردوا سفهاءها عن غييهم, وأن ينظروا في عامة أمرهم, وأن يصلحوا شأنهم, على وفق ما صلح عليه صدر هذه الأمة, وليعلموا علم اليقين أن هذه النعرات والثورات والدعوات لن تزيد الأمة إلا وهناً على وهن, وضعفاً على ضعف, ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وصلى الله وسلم على نبينا ورسولنا محمد

كتبه

سعيد بن هليل العمر

مدير المعهد العلمي في حائل

17/3/1432هـ

 


شارك المحتوى: